بريطانيا تفرض عقوبات على تاجر ماس لبناني يموّل «حزب الله»

ناظم أحمد في منزله في بيروت (صورة وزعتها وزارة الخزانة الأميركية)
ناظم أحمد في منزله في بيروت (صورة وزعتها وزارة الخزانة الأميركية)
TT

بريطانيا تفرض عقوبات على تاجر ماس لبناني يموّل «حزب الله»

ناظم أحمد في منزله في بيروت (صورة وزعتها وزارة الخزانة الأميركية)
ناظم أحمد في منزله في بيروت (صورة وزعتها وزارة الخزانة الأميركية)

فرضت وزارة الخزانة البريطانية عقوبات، أمس، على ناظم أحمد اللبناني الجنسية، بعد اتهامه بتمويل «حزب الله»، والقيام بعمليات تبييض أموال من خلال تجارته بالألماس والجواهر الثمينة والتحف واللوحات الفنية. وأكدت أن ناظم أحمد دفع كذلك أموالاً لحساب حسن نصر الله أمين عام الحزب. وتشمل العقوبات البريطانية تجميد أصول ناظم أحمد وأملاكه في بريطانيا، وتطول كل شخص بريطاني يتعامل معه. وكانت لندن قد صنّفت وحدة الأمن الخارجي في «حزب الله» منظمة إرهابية في عام 2001. وشمل الحظر الجناح العسكري للمنظمة بأكمله بعد سبعة أعوام.
وتأتي هذه العقوبات في إطار جهود بريطانيا «لوقف عملية لتمويل الإرهاب الدولي». واستخدمت صلاحيات مكافحة الإرهاب الداخلية لتجميد جميع الأصول والموارد الاقتصادية المملوكة لناظم أحمد في بريطانيا، ومنع أي شخص من التعامل معه تجارياً أو مع أي من الشركات التي يمتلكها أو يتحكم فيها.
وجاء في بيان الحكومة البريطانية أن أحمد، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات في عام 2019، يمتلك مجموعة واسعة من الأعمال الفنية في بريطانيا، ويدير أعمالاً مع الكثير من الفنانين والمعارض الفنية ودور المزادات في البلاد. كما أنه متهم بفتح صالة لعرض التحف الفنية في بيروت بغرض «تبييض أموال».
ولن يتمكن أحمد بعد الآن، بموجب العقوبات، من التجارة في سوق الفن في بريطانيا، ولن يتمكن أي تجار آخرين من التعامل معه أو مع شركاته.
ومن بين الشركات التي ذكرت الخزانة البريطانية أن ناظم أحمد يملكها أو يتعامل معها في بريطانيا ودول أوروبية أخرى، من بينها بلجيكا: «وايت ستار»، «بيكسلي واي» للتجارة: «بيت الألماس المفضل» (Best Diamond House) وسواها.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد قالت في ديسمبر (كانون الأول) 2019، إن ناظم أحمد هو «أحد أكبر المانحين لـ(حزب الله)»، ويوفّر له «الأموال من خلال صِلاته... بتجارة الألماس».
وقالت وزيرة الخزانة البريطانية جوانا بن في البيان: «الإجراءات الصارمة التي اتخذناها اليوم ستضيق الخناق على أولئك الذين يمولون الإرهاب الدولي، وستعزز الأمن الاقتصادي والوطني لبريطانيا».
وأكدت وكالة «رويترز» أنها لم تتمكن من الاتصال بناظم أحمد، كما رفض «حزب الله» الرد على طلب للتعليق على العقوبات.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

المشرق العربي «حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

كشف مصدر نيابي لبناني محسوب على «محور الممانعة»، عن أن «حزب الله»، بلسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بادر إلى تلطيف موقفه حيال السجال الدائر حول انتخاب رئيس للجمهورية، في محاولة للالتفاف على ردود الفعل المترتبة على تهديد نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم، المعارضين لانتخاب زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، بوضعهم أمام خيارين: انتخاب فرنجية أو الفراغ.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

شنَّت إسرائيل هجوماً بالصواريخ بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، استهدف مستودعاً للذخيرة لـ«حزب الله» اللبناني، في محيط مطار الضبعة العسكري بريف حمص، ما أدَّى إلى تدميره بشكل كامل وتدمير شاحنات أسلحة. جاء هذا الهجوم في سياق حملة إسرائيلية متصاعدة، جواً وبراً، لاستهداف مواقع سورية توجد فيها ميليشيات تابعة لطهران على رأسها «حزب الله». وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا)، إلى أنَّ إسرائيل استهدفت الأراضي السورية 9 مرات بين 30 مارس (آذار) الماضي و29 (أبريل) نيسان الحالي، 3 منها براً و6 جواً، متسببة في مقتل 9 من الميليشيات وإصابة 15 آخرين بجروح. وذكر أنَّ القتلى 5 ضباط في صفوف «الحرس ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي «حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

«حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

يبدو أن «حزب الله» أعاد النظر بسياسة التصعيد التي انتهجها، الأسبوع الماضي، حين خير القوى السياسية بين مرشحَيْن: رئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، أو الفراغ؛ إذ أقر رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب محمد رعد، يوم أمس، بأنه «لا سبيل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي إلا بتفاهم الجميع». وقال: «نحن دعمنا مرشحاً للرئاسة، لكن لم نغلق الأبواب، ودعونا الآخرين وحثثناهم من أجل أن يطرحوا مرشحهم، وقلنا: تعالوا لنتباحث.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن صواريخ إسرائيلية استهدفت بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، مستودعاً للذخيرة يتبع «حزب الله» اللبناني، في منطقة مطار الضبعة العسكري في ريف حمص، ما أدى لتدميره بشكل كامل، وتدمير شاحنات أسلحة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

قال مستشار الأمن الوطني الإسرائيلي تساحي هنجبي أمس (الجمعة) إن «حزب الله» اللبناني كان وراء هجوم نادر بقنبلة مزروعة على جانب طريق الشهر الماضي، مما أدى إلى إصابة قائد سيارة في شمال إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز». وقال الجيش الإسرائيلي إن قوات الأمن قتلت رجلا كان يحمل حزاما ناسفا بعد أن عبر على ما يبدو من لبنان إلى إسرائيل وفجر قنبلة في 13 مارس (آذار) بالقرب من مفترق مجيدو في شمال إسرائيل. وأوضح مسؤولون في ذلك الوقت أنه يجري التحقيق في احتمال تورط «حزب الله» المدعوم من إيران في الانفجار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

غزة: أسلحة جديدة في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة لـ«حماس»

مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

غزة: أسلحة جديدة في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة لـ«حماس»

مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي في الساعات الأخيرة، بنشر مقاطع فيديو وصور لأسلحة جديدة ظهرت في أيدي عناصر المجموعات المسلحة الموجودة في مناطق السيطرة الإسرائيلية داخل قطاع غزة، التي تعدّ نفسها البديل الذي سيحل مكان حكم «حماس» في القطاع، وباتت تطور من أساليبها الهادفة للمشارَكة في الإطاحة بالحركة.

واختلفت الآراء حول مصدر تلك الأسلحة إنْ كانت من قبل إسرائيل، وهي جديدة، أم أنها أسلحة استولت عليها القوات الإسرائيلية من عناصر «حماس» في القطاع، وسلمت جزءاً بسيطاً منها لتلك العناصر، أو أن تلك المجموعات استولت عليها من أنفاق وأماكن قتال عناصر الحركة بعد مقتل كثير من نشطائها في عمليات ملاحقة جرت خصوصاً في رفح.

الفلسطيني ياسر أبو شباب الذي يقود ميليشيا مسلحة في غزة تناوئ «حماس» والذي قُتل (صورة نشرتها «يديعوت أحرونوت»)

ونُشر مقطع فيديو وصورة، تعودان لغسان الدهيني، الذي تولى قيادة «القوات الشعبية» بدلاً من ياسر أبو شباب الذي قُتل منذ أسابيع في رفح جنوب قطاع غزة، وهو يحمل قذيفة «تاندوم» وهي قذيفة مطورة من قاذف «آر بي جي»، وكانت «حماس» تستخدمها كثيراً خلال السنوات الماضية وخلال الحرب الأخيرة، وكان في مقطع الفيديو يتفقد صندوقاً يحمل به أسلحة جديدة، ومن حوله كثير من المسلحين.

ويبدو أن الأمر لم يقتصر على الدهيني، الذي تنتشر مجموعاته في رفح جنوب قطاع غزة، حيث نُشر مقطع فيديو لعناصر تتبع مجموعات تطلق على نفسها «الجيش الشعبي» التي يقودها أشرف المنسي، في مناطق جباليا وبيت لاهيا شمال القطاع، حيث ظهر برفقتها قذائف «آر بي جي» بعدد محدود جداً.

ولا تنفي أي من المجموعات المسلحة بغزة أنها تتلقى دعماً من إسرائيل، التي كان رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، أكد ذلك في تصريحات سابقة كان أصدرها في يونيو (حزيران) الماضي.

وأقر شوقي أبو نصيرة، وهو ضابط أمن فلسطيني سابق يقود أحدث تلك المجموعات وأصغرها والتي تنتشر شرق خان يونس، جنوب القطاع، خلال مقابلة مع «قناة 14» العبرية اليمينية، قبل أيام عدة، بأن إسرائيل أمدته والمجموعات الأخرى بالسلاح والمال والطعام، وأن بينهم تنسيقاً أمنياً كبيراً.

عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)

وتتهم مصادر من «حماس» كانت تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، منذ أيام، أبو نصيرة بأنه كان يقف خلف إرسال مجموعة من المسلحين، قتلوا الضابط في جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة غزة التي تقودها الحركة، أحمد زمزم، بإطلاق النار على مركبته في مخيم المغازي وسط القطاع، وهو الأمر الذي عُدّ في القطاع بأنه تغيير في أساليب تلك المجموعات التي يبدو أنها تتنافس فيما بينها لتظهر ولاءها لإسرائيل وقدرتها على تحقيق أهداف من خلال مثل هذه الضربات التي تعدّ نوعية.

وأعلنت وزارة الداخلية التابعة لحكومة «حماس»، أنها اعتقلت أحد المنفذين، وضبطت بحوزته مسدساً كاتماً للصوت، تم استخدامه في العملية، مشيرةً إلى أن المعتقل اعترف بأنه التقى ضابط مخابرات إسرائيلياً برفقة المنفذين الآخرين، وبوجود أبو نصيرة؛ للتنسيق للعملية التي هدفت لإحداث الفوضى بغزة.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

وبيَّنت أن ضابط المخابرات الإسرائيلية سلم المنفذين 3 مسدسات مزودة بكواتم صوت، و3 دراجات كهربائية، وملابس مزودة بكاميرات صغيرة الحجم، وهواتف موصولة بسماعات لاسلكية، بالإضافة إلى إحداثيات مسار تحرك زمزم.

وبعد الحادثة، أعلنت قوة «رادع» التابعة لأمن الفصائل الفلسطينية المسلحة، وبالتنسيق مع وزارة الداخلية بغزة، فتح «باب التوبة» أمام مَن وصفتهم بـ«العملاء» الذين يخدمون تلك المجموعات المسلحة.

وقالت منصة «حارس» التابعة لأمن تلك الفصائل، الجمعة، إن عدداً من الأشخاص قاموا بتسليم أنفسهم للأجهزة الأمنية بغزة خلال فترة المهلة التي حُدِّدت بـ10 أيام، مشيرةً إلى أنه تتم حالياً معالجة ملفاتهم وفقاً للإجراءات القانونية المعمول بها، معلنةً انتهاء الحملة رسمياً.

مقاتلون من «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وأكدت المنصة استمرار سريان قرار ملاحقة المتعاونين مع الاحتلال وتفكيك شبكاتهم، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات ستتواصل دون توقف، محذرةً من التواصل مع «عملاء المرتزقة» أو المنصات الإعلامية الداعمة لهم، مشددةً على أن هذه الوسائل تستخدم أسماء متعددة بهدف التأثير على الوعي العام ومحاولة شرعنة التعاون مع الاحتلال. كما قالت.

وعلى الرغم من هذه الإعلانات من قبل «حماس»، فإن تلك المجموعات إلى جانب مجموعات أخرى تنشط في مناطق سيطرة إسرائيل خلف الخط الأصفر، وهو ما نسبته 50 في المائة من مساحة قطاع غزة، تنشر منذ أيام عدة، وباستمرار، مقاطع فيديو تظهر عمليات تدريب لما قالت عنها عناصر جديدة انضمت إليها.

وأعلنت تلك المجموعات سلسلة من الدورات الجديدة، واستحداث أقسام عسكرية لضمهم إليها، مثل قوات النخبة ومكافحة الإرهاب، وغيرها، الأمر الذي يشير إلى أنها ما زالت قادرة على مواجهة «حماس» حتى وإن كان بالحد الأدنى مما كانت تتوقعه إسرائيل منها.


«عرس دم» في غزة جراء قصف إسرائيلي

فلسطيني يبكي شقيقه البالغ من العمر 5 أشهر الذي قُتل بقصف إسرائيلي على حفل زفاف في مركز إيواء للنازحين بغزة السبت (أ.ف.ب)
فلسطيني يبكي شقيقه البالغ من العمر 5 أشهر الذي قُتل بقصف إسرائيلي على حفل زفاف في مركز إيواء للنازحين بغزة السبت (أ.ف.ب)
TT

«عرس دم» في غزة جراء قصف إسرائيلي

فلسطيني يبكي شقيقه البالغ من العمر 5 أشهر الذي قُتل بقصف إسرائيلي على حفل زفاف في مركز إيواء للنازحين بغزة السبت (أ.ف.ب)
فلسطيني يبكي شقيقه البالغ من العمر 5 أشهر الذي قُتل بقصف إسرائيلي على حفل زفاف في مركز إيواء للنازحين بغزة السبت (أ.ف.ب)

تحوّلت لحظات من الفرح المسروق من بين ثنايا الألم الذي يعيشه قطاع غزة إلى ساحة من الدماء والأشلاء، بعد أن سقطت قذيفتان مدفعيتان على عائلة فلسطينية كانت تزف ابنها عريساً، مع عروسته، في أبهى وأسعد لحظات حياتهما بعد حرب مدمرة استمرت عامين.

وتسبب القصف الإسرائيلي بمقتل 7 فلسطينيين من عائلة الندر، بينهم رضيع وسيدة، بعد أن سقطت القذيفتان بشكل مباشر على صف مدرسي كان يشهد على إقامة هذا العرس البسيط جداً، الذي كان يحضره نحو 50 شخصاً تقريباً.

ونُظم حفل الزواج في مركز إيواء مدرسة «شهداء غزة» بحي التفاح، شرق مدينة غزة، وعلى بعد لا يقل عن 500 متر من أقرب نقطة لـ«الخط الأصفر»، أي أنه في منطقة آمنة تماماً، لكن الضربات الإسرائيلية، كما كان الحال في خضم الحرب، ما زالت كما هي لا تفرق بين مدني آمن ومسلح فلسطيني، فالجميع سواسية تحت القصف.

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على حفل زفاف في مركز إيواء للنازحين بغزة السبت (رويترز)

وقع الحدث عند الساعة السابعة من مساء الجمعة، بالتوقيت المحلي الفلسطيني، كما يذكر أقارب الضحايا، في حديث للصحافيين عند مجمع الشفاء الطبي الذي نقلت إليه الجثامين، مشيرين إلى أن القصف تسبب بتحويل أجساد الضحايا إلى أشلاء، ما صعب من مهمة انتشالهم، ونقلهم للمستشفيات إلى جانب المصابين، بعد أن مرت أكثر من 3 ساعات حتى سُمح لجهاز الدفاع المدني وطواقم طبية بدخول المنطقة، بعدما استهدفت القوات الإسرائيلية تلك الطواقم كلما حاولت الوصول إلى المكان رغم أنه في منطقة تعتبر آمنة.

وتعيش في مركز الإيواء المستهدف 80 عائلة فلسطينية، لم تجد لها مأوى سوى تلك المناطق التي تصنف بعض الشيء على أنها خطيرة بفعل الخروق الإسرائيلية المستمرة يومياً، حيث اضطروا للبحث عن أماكن بديلة لهم بعد القصف الذي طال المدرسة المتضررة جزئياً بفعل الحرب.

وعمل جهاز الدفاع المدني على إخلاء المدرسة بعدما سمح له بعد 3 ساعات من وقوع الحدث بالدخول إلى المكان. وقال الجهاز في بيان له إن أفراده لم يتمكنوا من انتشال الجثث إلا بعد التنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).

مشيعون يرافقون جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على حفل زفاف في مركز إيواء للنازحين بغزة السبت (أ.ف.ب)

وقال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق النار تجاه مشتبه بهم خلال نشاط عملياتي لقواته في منطقة «الخط الأصفر»، مشيراً إلى أنه فتح تحقيقاً بالحادثة، معرباً عن أسفه لوقوع إصابات بين المدنيين وأنه يعمل قدر الإمكان على تقليل الإضرار بهم، كما زعم بيانه.

«حماس»: جريمة وحشية

اعتبرت حركة «حماس» ما جرى «جريمة وحشية» ارتكبت بحق مدنيين أبرياء، وأنها «خرق فاضح ومتجدد» لاتفاق وقف إطلاق النار، مشيرةً إلى أن هذه الخروق أدت لمقتل أكثر من 400 فلسطيني منذ التوصل إليه قبل أكثر من شهرين، مطالبةً الوسطاء الضامنين للاتفاق والإدارة الأميركية بالاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه هذه الانتهاكات، والتدخل الفوري للجم محاولات حكومة نتنياهو فرض معادلات تتناقض مع مضمون الاتفاق وتنقلب عليه بوضوح، كما قالت.

وحسب آخر إحصائية لوزارة الصحة بغزة، فإن ما وصل إلى مستشفيات القطاع حتى ظهر السبت 13 قتيلاً، ليرتفع إجمالي الضحايا منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 401، وأكثر من 1108 إصابات، ما رفع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 70925 قتيلاً و171185 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023.

البحث عن جثامين

يأتي ذلك في وقت بدأت طواقم الدفاع المدني، السبت، بالبحث عن جثامين 55 مواطناً تحت أنقاض 13 منزلاً في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وذلك بعد أيام من انتشالها أكثر من 70 جثة أخرى من تحت أنقاض منزل في حي الرمال بمدينة غزة.

وحسب التقديرات، فإن هناك نحو 9 آلاف جثة لفلسطينيين قُتلوا خلال الحرب، تحت أنقاض منازل مدمرة في القطاع.

وخلال السبت، انهارت 3 بنايات متضررة بفعل الحرب، نتيجة الأمطار السابقة والتصدعات التي نشأت نتيجةً لذلك، من بينها بناية مكونة من 4 طوابق في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، وبرج «العودة» بحي تل الهوى، جنوب غرب المدينة، ومنزل مكون من طابقين في حي الشيخ رضوان شمال المدينة.

ومنذ نحو 10 أيام، انهار أكثر من 16 منزلاً في قطاع غزة نتيجة تضررها في الحرب، وغزارة الأمطار في الأيام الأخيرة ما تسبب بتصدعات جديدة في بنيتها والبنية التحتية بشكل عام، الأمر الذي تسبب بوفاة العديد من الفلسطينيين.

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على حفل زفاف في مركز إيواء للنازحين في غزة السبت (أ.ب)

مشاركة يونانية؟

ذكرت قناة «12 العبرية»، السبت، أن اليونان تدرس إرسال قوة إلى قطاع غزة كجزء من تنفيذ خطة «اليوم التالي» للرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مشيرةً إلى أن هذا سيبحث خلال لقاء سيجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع نظيره اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، الاثنين المقبل.

ووفقاً للقناة العبرية، فإن إسرائيل تشجع اليونان على المشاركة الفعالة في مستقبل غزة، إلى جانب الدول التي تعزز العلاقات معها، في محاولة لوقف نفوذ تركيا بالمنطقة، مشيرةً إلى أن أثينا أبدت استعدادها للمشاركة في اليوم التالي بغزة.

وأكد مصدر سياسي إسرائيلي أن حكومته مهتمة بمشاركة اليونان بهذه القوة، وقال: «إسرائيل تريد وجوداً يونانياً في القوة المستقبلية التي ستنشر في القطاع، لكن لم يتم الاتفاق بعد على تفاصيل محددة».


تقرير: هل يبصر النور «مشروع شروق الشمس» لتحويل غزة إلى مدينة عصرية؟

فلسطينيون قرب مبانٍ مدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون قرب مبانٍ مدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: هل يبصر النور «مشروع شروق الشمس» لتحويل غزة إلى مدينة عصرية؟

فلسطينيون قرب مبانٍ مدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون قرب مبانٍ مدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تسوّق إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لـ«مشروع شروق الشمس» (Project Sunrise)، بين الحكومات الأجنبية والمستثمرين لتحويل ركام غزة إلى وجهة ساحلية مستقبلية، وفق تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال».

وقد أعدّ فريق يقوده جاريد كوشنر، صهر ترمب، والمبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، مسودة مقترح لتحويل القطاع المدمَّر إلى مدينة حديثة. وفي عرضٍ من 32 صفحة بصيغة «باوربوينت»، حافل بصور لأبراج ساحلية عالية إلى جانب رسوم بيانية وجداول تكاليف، يحدّد المخطط خطوات لنقل سكان غزة «من الخيام إلى الشقق الفاخرة»، و«من الفقر إلى الازدهار».

ويحمل العرض صفة «حسّاس لكنه غير سري»، ولا يتضمن تفاصيل حول الدول أو الشركات التي ستموّل إعادة إعمار غزة، كما لا يحدّد على وجه الدقة أين سيقيم نحو مليوني فلسطيني نازح خلال فترة إعادة البناء. وقال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة عرضت الشرائح على دول مانحة محتملة.

غير أن بعض المسؤولين الأميركيين الذين اطّلعوا على الخطة يبدون شكوكاً جدّيةً بشأن مدى واقعيتها. فهم يستبعدون أن توافق حركة «حماس» على نزع سلاحها لبدء تنفيذ الخطة. وحتى في حال حدوث ذلك، يشكّكون في قدرة الولايات المتحدة على إقناع دول ثرية بتحمّل تكلفة تحويل بيئة ما بعد الحرب إلى مشهد حضري عالي التقنية.

في المقابل، يرى آخرون أن الخطة تقدّم «أكثر رؤية تفصيلاً وتفاؤلاً حتى الآن» لما يمكن أن تكون عليه غزة إذا ألقت «حماس» سلاحها وطوت صفحة عقود من الصراع.

 

سلاح «حماس»

قال ستيفن كوك، الزميل لشؤون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، الذي زار إسرائيل مؤخراً دون أن يطّلع على المسودة: «يمكنهم إعداد ما يشاؤون من عروض الشرائح. لا أحد في إسرائيل يعتقد أنهم سيتجاوزون الوضع الحالي، والجميع متعايش مع ذلك»، وأضاف: «لن يحدث شيء قبل نزع سلاح (حماس). و(حماس) لن تنزع سلاحها، وبالتالي لن يحدث شيء».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مطار وست بالم بيتش بفلوريدا (أ.ب)

وعند طلب تعليق، قال متحدث باسم البيت الأبيض إن ترمب «يواصل متابعة الوضع في غزة وخطة السلام»، وأضاف: «ستواصل إدارة ترمب العمل الدؤوب مع شركائنا للحفاظ على سلام دائم ووضع الأسس لغزة مسالمة ومزدهرة».

وحسب المسودة، ستبلغ تكلفة المشروع الإجمالية 112.1 مليار دولار على مدى عشر سنوات، على أن تلتزم الولايات المتحدة بتقديم منح وضمانات ديون لـ«جميع مسارات العمل المطروحة» خلال تلك الفترة. وبعد ذلك، تتوقع الخطة أن تتمكن غزة من تمويل العديد من المشاريع ذاتياً في السنوات اللاحقة، وأن تبدأ سداد ديونها مع تطوير الصناعة المحلية والاقتصاد عموماً.

وقال مسؤولون إن كوشنر وويتكوف والمستشار في البيت الأبيض جوش غروينباوم ومسؤولين أميركيين آخرين جمعوا المقترح خلال الـ45 يوماً الماضية، مشيرين إلى أنهم تلقّوا مدخلات من مسؤولين إسرائيليين، وأطراف من القطاع الخاص، ومتعاقدين. وإذا انطلق المشروع، يعتزم القائمون عليه تحديث الأرقام ومراجعتها كل عامين تقريباً مع تقدّم التنفيذ.

ويؤكد داعمو المشروع أن ترك غزة من دون تطوير وترك أزمة إنسانية متفاقمة يتفاقم خطرها هو خيار أسوأ بكثير، معتبرين أن تحقيق رؤية ترامب لتحويل غزة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» هو البديل الأفضل.

لكن التحديات هائلة. فبعد آلاف الضربات الإسرائيلية خلال حرب إسرائيل - «حماس» التي استمرت عامين، يقدّر المسؤولون أن نحو 10 آلاف جثة لا تزال تحت 68 مليون طن من الأنقاض. والأرض ملوّثة ومليئة بذخائر غير منفجرة، فيما لا يزال مقاتلو «حماس» متحصنين.

وتقرّ الخطة، في الصفحة الثانية وبخط عريض باللون الأحمر، بأن إعادة إعمار غزة مشروطة بأن تقوم «حماس» بـ«نزع السلاح وتفكيك جميع الأسلحة والأنفاق».

 

20 عاماً

وقال مسؤولون في إدارة ترامب إنه إذا سمحت الظروف الأمنية، فقد يبدأ تنفيذ الخطة خلال شهرين فقط.

وقال وزير الخارجية ماركو روبيو، يوم الجمعة، عن الوضع العام في القطاع: «لن تقنع أحداً بالاستثمار في غزة إذا كان يعتقد أن حرباً أخرى ستندلع بعد عامين أو ثلاثة»، وأضاف: «لدينا ثقة كبيرة بأننا سنحصل على المانحين لجهود إعادة الإعمار والدعم الإنساني على المدى الطويل».

وأشار مسؤولون إلى أن كوشنر وويتكوف وغروينباوم التقوا يوم الجمعة في ميامي مسؤولين من مصر وتركيا وقطر لمناقشة التطورات في غزة.

وتعرض خريطة طريق تمتد لأكثر من 20 عاماً بدء الجهد بإزالة المباني المدمّرة والذخائر غير المنفجرة وأنفاق «حماس»، مع توفير مساكن مؤقتة ومستشفيات ميدانية وعيادات متنقلة للسكان. وبعد الانتهاء من التطهير، يبدأ تشييد المساكن الدائمة والمرافق الطبية والمدارس ودور العبادة. ثم تُعبّد الطرق وتُوصل شبكات الكهرباء وتُزرع المحاصيل. ولا تتحقق الأهداف الأطول أمداً - من ممتلكات شاطئية فاخرة ومراكز نقل حديثة - إلا في المراحل اللاحقة.

وسيُنفّذ الإعمار عبر أربع مراحل، تبدأ من الجنوب في رفح وخان يونس، ثم تتجه شمالاً إلى «مخيّمات الوسط»، وأخيراً إلى العاصمة غزة.

وتتضمن إحدى الشرائح، المعنونة «رفح الجديدة»، تصوراً لجعلها «مقرّ الحوكمة» في غزة وموطناً لأكثر من 500 ألف نسمة، يعيشون في مدينة تضم أكثر من 100 ألف وحدة سكنية، و200 مدرسة أو أكثر، وأكثر من 75 منشأة طبية، و180 مسجداً ومركزاً ثقافياً.

وتقدّر الخطة التكلفة الإجمالية بنحو 112.1 مليار دولار، بما في ذلك رواتب القطاع العام، خلال عشر سنوات، يذهب جزء كبير منها في البداية للاحتياجات الإنسانية. وسيُموَّل ما يقل قليلاً عن 60 مليار دولار عبر منح (41.9 مليار دولار) وديون جديدة (15.2 مليار دولار) خلال تلك الفترة، مع عرض الولايات المتحدة أن تكون «مرساة» بما لا يقل عن 20 في المائة من الدعم. كما سيضطلع البنك الدولي بدور تمويلي.

جاريد كوشنر وستيف ويتكوف (رويترز)

ومن المتوقع أن تتراجع التكاليف مع بدء غزة في تحقيق إيرادات خلال العقد الثاني من الخطة. وتدعو المقترحات إلى استثمار 70 في المائة من الساحل الغزّي ابتداءً من السنة العاشرة، وتقدّر أن «الريفييرا» الباذخة قد تقود إلى عوائد استثمارية طويلة الأجل تتجاوز 55 مليار دولار.

وقبل دخوله المعترك السياسي، بنى كوشنر مسيرته في مجال العقارات التجارية، مسهماً في إدارة إمبراطورية عائلته العقارية. ورغم دوره في التوسط لـ«اتفاقات أبراهام» خلال الولاية الأولى لترامب، فإن حجم وتعقيد المشروع الجاري في غزة لا يضاهيهما شيء.

ومنذ مغادرته البيت الأبيض في 2021، أعاد كوشنر تموضعه كمستثمر في طيف واسع من الأعمال، وأسّس شركة «أفينيتي بارتنرز» للاستثمار الخاص ومقرها ميامي، التي جمعت أكثر من 3.5 مليارات دولار، جاء معظمها من صناديق ثروة سيادية في الشرق الأوسط.

واستثمرت «أفينيتي» في قطاعات تشمل التكنولوجيا والبنية التحتية والطاقة وإدارة الأصول، بما في ذلك حصص في شركات للتأمين وإدارة الأصول في إسرائيل، ومشاريع تكنولوجية في الولايات المتحدة والشرق الأوسط. كما شارك كوشنر في مشاريع عقارية أخرى، بينها مشروع منتجع فاخر على جزيرة سازان في ألبانيا يهدف إلى تحويلها إلى وجهة متوسطية بارزة.

وفي الشرق الأوسط، لن يبدأ وضع حجر الأساس لـ«مشروع شروق الشمس» إلا في نهاية عملية سلام طويلة وهشّة بين إسرائيل و«حماس». ولا تزال خطة من ثلاث مراحل في «المرحلة الأولى»، إذ لم تسلّم «حماس» بعد آخر رهينة لديها؛ جثمان ران غفيلي. وإذا تم ذلك، يمكن للقوات الإسرائيلية أن تبدأ انسحابها من غزة في «المرحلة الثانية» مع نزع «حماس» سلاحها وتعهدها بعدم السعي إلى السلطة في القطاع مجدداً. وعندها فقط، ومع خلوّ غزة من مقاتلي «حماس» ومن الاحتلال الإسرائيلي، يمكن أن تبدأ عملية الإعمار متعددة السنوات في «المرحلة الثالثة».

وقد نظرت الولايات المتحدة في مقترحات أخرى مماثلة لغزة، من بينها مشروع «صندوق إعادة تكوين غزة وتسريعها الاقتصادي وتحويلها» (The GREAT Trust)، الذي يقترح تحويل القطاع إلى مدينة عملاقة عالية التقنية قائمة على الذكاء الاصطناعي، مع إدارة أميركية أولية وإتاحة انتقال طوعي للفلسطينيين. إلا أن هذا المقترح، الذي كشفت عنه صحيفة «واشنطن بوست» في سبتمبر (أيلول)، أعدّه إسرائيليون مؤيدون لخطة مثيرة للجدل لتوزيع المساعدات في غزة، بينما تولّى فريق من «بوسطن كونسلتينغ غروب» التخطيط المالي، وقد وُضع قبل وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) بين إسرائيل و«حماس».

ويقول مسؤولون أميركيون إن «مشروع شروق الشمس» يُظهر انخراط الإدارة المباشر في «بناء دولة» في غزة، حتى لو رفض كبار مساعدي ترامب هذا الوصف. وقال كوك: «إذا كررتَ القول بما يكفي سيصدّقه الناس، وإذا قالوا إنهم لا يقومون ببناء دولة، فهم يأملون أن يصدّقهم الناس. لكنهم يقومون بذلك بالفعل».