من التدخل السوري إلى الأزمة الاقتصادية... الدراما اللبنانية تتجرّأ «صراحةً» على السياسة

تيتر مسلسل النار بالنار
تيتر مسلسل النار بالنار
TT

من التدخل السوري إلى الأزمة الاقتصادية... الدراما اللبنانية تتجرّأ «صراحةً» على السياسة

تيتر مسلسل النار بالنار
تيتر مسلسل النار بالنار

برزت في المسلسلات التلفزيونية اللبنانية التي تُعرض في شهر رمضان جرعة غير مألوفة من المضامين السياسية لوحظ من خلالها أن الدراما لم تعد تكتفي بإسقاطات عامة، بل باتت تطرح المواضيع تصريحاً، ومن أبرزها التوترات في العلاقة بين اللبنانيين واللاجئين السوريين.

النار بالنار

ويشدد منتجون وكُتّاب على ضرورة أن تتطرق الأعمال الدرامية إلى المواضيع الحساسة، ومنها أيضاً الفساد وأداء السياسيين.
ويتناول مسلسل «النار بالنار» مثلا موضوع اللاجئين السوريين الذين فروا بمئات الآلاف إلى لبنان بعد بدء النزاع في بلادهم في العام 2011، وتعتبر السلطات اللبنانية أن وجودهم ساهم في الانهيار الاقتصادي المستمر منذ عام 2019.
ويُبرز المسلسل ما يكنّه قسم من اللبنانيين للسوريين من مشاعر الكراهية والعنصرية، لكنه يطرح أيضاً خلفيتها المرتبطة بتراكمات ناجمة عن دخول الجيش السوري طرفاً في الحرب التي شهدها لبنان بين 1975 و1990، ثم تحكّم دمشق بالحياة السياسية في لبنان حتى انسحاب قواتها منه عام 2005.

وتتطرق شخصيات المسلسل بعبارات غير مسبوقة بصراحتها تلفزيونياً إلى هذا الواقع الذي ساد عقوداً، فتتناول نقاطاً كان يتمركز فيها الجيش السوري والحواجز التي كان يقيمها، ومقار أجهزة استخباراته، ودخوله لبنان كجزء من قوات الردع العربية للفصل بين المتحاربين، ثم ضلوعه في النزاع مع فريق ضد آخر.
ويقول اللبناني عزيز (الممثل جورج خباز) الذي خُطف والده على حاجز سوري، في مشهد من المسلسل للاجئة مريم (الممثلة كاريس بشار): «نحن طلبنا دخولكم على أساس قوات ردع عربية فأصبحتم بحاجة لمن يردعكم، ومكثتم عندنا 30 سنة (...) وعندما انتهت الحرب بقيتم على قلوبنا كالكابوس».

وفي مشهد آخر، ينتقد مقولة «شعب واحد في بلدين» الشهيرة للرئيس الراحل حافظ الأسد.
ويوضح صادق صبّاح، صاحب شركة «سيدرز آرت برودكشن» التي أنتجت العمل، أن «هذا نقاش قائم في لبنان. إذا صورّنا أي حيّ من أحياء بيروت، نرى ما نشاهده حالياً في المسلسل».
ويحفل «النار بالنار» أيضاً بحوارات ومشاهد تعكس تبعات الانهيار الاقتصادي الذي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم.
ويصل الأمر بجميل (الممثل طارق تميم) إلى حدّ محاولة إحراق نفسه في الشارع تعبيراً عن يأسه، في حين تقتحم سارة (الممثلة زينة مكّي) مصرفاً لتحرير وديعتها بقوة السلاح، في استعادة لمشاهد حصلت فعلا في لبنان نتيجة فرض المصارف منذ بدء الانهيار قيوداً مشددة على سحب الودائع أو تحويلها إلى الخارج.

وأخيراً

مسلسل «وأخيراً» من إنتاج شركة صبّاح، شهد أيضاً مشهداً مماثلاً، إذ يقتحم ياقوت (الممثل قصيّ خولي) أحد المصارف ليتمكن أيضاً من سحب أمواله كي يطبّب والده.
ويروي المنتج صادق صبّاح «حين قرأت مشهد المصرف، لم أشأ أن أصوّره، لكنّي أدركت أنه يتكرّر في لبنان، فاعتمدناه (...) للإضاءة على مشاكل المجتمع للسياسيين الموجودين في غيبوبة».

للموت

وحمل الموسم الثالث من مسلسل «للموت» مشاهد مرتبطة بالواقع السياسي، يظهر في أحدها محمود (الممثل وسام صبّاغ) المرشّح إلى الانتخابات النيابية، وهو يتحدث عن محاربة الفساد، وينتقد «الوعود الكاذبة» للأحزاب السياسية.
وتقول كاتبة سيناريو «للموت» ندين جابر «محمود من الشعب لا ينتمي إلى أي حزب سياسي (...) يمثّل المرشح المنفرد الذي يرفض أداء كل السياسيين، ويحارب بكل ما أوتي ليتمكن» من الفوز في الانتخابات.
وتذكّر جابر بأنها صوّبت في الموسمين السابقين من المسلسل الذي أنتجته شركة «إيغل فيلمز» على الموضوع الاقتصادي «وتَلاعُب الطبقة السياسية بالبلد في وقت يعاني الناس الجوع»، وبأنها تناولت «نقص الأدوية وتهريب البنزين» وسوى ذلك.
وتضيف: «أردت في الجزء الثالث أن أتابع تسليط الضوء على هذه المواضيع ولكن بطريقة جديدة».

ويرى صبّاح أن «الدراما هي مرآة المجتمع»، ويقول «لدينا توجّه إلى تناول هموم وطننا (...). حان الوقت لأن نقول الأمور كما هي بالنسبة إلى المسائل التي نعانيها منذ أربع سنوات. لا يمكن أن نظل مختبئين خلف إصبعنا».
ويضيف: «لم أعد أتشجّع على أن أقدّم (... ) في هذا الزمن قصة حبّ أو خيانة».
ويوضح الإعلامي والناقد جمال فياض أن «المسلسلات اللبنانية كانت تتضمن دائما إسقاطات، أحيانا تكون غير مباشرة (...) لكنها باتت اليوم تتطرّق بشكل أكبر إلى الجانب السياسي».
ويرى فياض أن «الجديد» اليوم يكمن في «مواكبة هذه الأعمال على الشبكات الاجتماعية»، ما يوسّع دائرة النقاش.
وفجّرت بعض مشاهد هذه المسلسلات بالفعل سجالات على الشبكات، وأشاد البعض بإبراز «النار بالنار» مثلاً عنصرية بعض اللبنانيين حيال السوريين، في حين تناقل آخرون مقتطفات تُبرز التذكير بدور القوات السورية في لبنان.
وترى كاتبة «للموت» ندين جابر أنه «ليس من الضروري أن يكون كل المسلسل وعظاً أو رسائل، ولكن يمكننا أن نمرّر بين الخيال والتشويق آراء معينة».
وفي موازاة فرض الواقع السياسي والاجتماعي نفسه على المنتجين والكتّاب والمخرجين، بدا أنّ شيئاً ما تغيّر في تعاطي أجهزة الرقابة الحكومية التي درجت تقليدياً على تجنّب الإشارات المباشرة إلى المواضيع السياسية.
ويذكّر فياض بأن الرقابة «كانت خلال حقبات معينة أكثر تشدداً ببعض الأمور». ويوضح صبّاح أن «الرقابة تفهّمتنا. حصل نقاش (...) والرقيب لا يستطيع أن يقول إن ما يُصوّر ليس صحيحاً».
في الوقت ذاته، تفرض ضرورات التسويق نوعا من «الرقابة الذاتية» أحيانا. ويقول فياض «لا يمكن للمنتج أن يقترب مثلاً من موضوع يمس بعض دول المنطقة لأن محطاتها لن تشتريه. أما الواقع السياسي في لبنان فمباح ومتاح».



انطلاق «مسابقة المهارات الثقافية» لصقل المواهب السعودية

تعمل المسابقة على اكتشاف وتطوير المواهب الثقافية من الطلبة (وزارة التعليم)
تعمل المسابقة على اكتشاف وتطوير المواهب الثقافية من الطلبة (وزارة التعليم)
TT

انطلاق «مسابقة المهارات الثقافية» لصقل المواهب السعودية

تعمل المسابقة على اكتشاف وتطوير المواهب الثقافية من الطلبة (وزارة التعليم)
تعمل المسابقة على اكتشاف وتطوير المواهب الثقافية من الطلبة (وزارة التعليم)

أطلقت وزارتا «الثقافة» و«التعليم» في السعودية، الاثنين، «مسابقة المهارات الثقافية» الثالثة، التي تهدف إلى اكتشاف المواهب من الطلبة، وصقل مهاراتهم؛ لتمكينهم من استثمار شغفهم وأوقاتهم، وبناء جيلٍ قادر على إثراء القطاع الثقافي والفني بإبداعاته وتميّزه.

وتستهدف المسابقة طلاب وطالبات التعليم العام، وتشمل في نسختها الحالية 9 مسارات رئيسية، هي: «المسرح، والفن الرقمي، وصناعة الأفلام، والتصوير الفوتوغرافي، والحِرف اليدوية، والقصص القصيرة، والمانجا، والغناء، والعزف».

وتمرّ بثماني محطات رئيسية، تبدأ من فتح باب التسجيل، وتليها المسابقات الإبداعية، فمرحلة الفرز والتحكيم الأوليّ، وحفل الإدارات التعليمية الافتراضي، وتنظيم المقابلات الشخصية، قبل أن تنتقل إلى تطوير المواهب في معسكر تدريبي، ثم التحكيم النهائي، وانتهاءً بتكريم الفائزين.

وتسعى وزارة الثقافة عبر المسابقة لاكتشاف وتطوير مهارات الطلاب والطالبات من جميع أنحاء السعودية في القطاعات الثقافية، وتوجيه أعمالهم تجاه المحافظة على الإرث الثقافي السعودي، ورفع مستوى وعيهم به، وما يُمثّله من قيمة تاريخية وحضارية.

كما تواصل وزارة الثقافة من خلالها تحفيز الطلبة على توجيه شغفهم نحو ممارسة مختلف المجالات الثقافية والفنيّة، والاستثمار الأمثل لطاقاتهم، وتمكينهم من الأدوات الملائمة التي تُسهم في رفع جودة إنتاجهم الثقافي.

وتُعدُّ هذه المسابقة الأولى من نوعها في السعودية، وقد أطلقتها الوزارتان في تعاونٍ مشترك خلال عام 2022، ضمن استراتيجية تنمية القدرات الثقافية؛ لرفع مستوى ارتباط الطلبة بالثقافة والفنون، واستكشاف مهاراتهم وتنميتها، وخلق طاقاتٍ إبداعية جديدة تشارك بفاعلية في إثراء القطاع، وترفع من مستوى إنتاجه بمختلف مكوناته، وتسهم في خلق بيئة جاذبة لهم.