إصابة 4 جنود أتراك بتصعيد مفاجئ مع «قسد» والقوات السورية قبل رباعي موسكو

إردوغان: لا يمكن تحقيق الأمان في ظل وجود الإرهابيين على حدودنا

عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (رويترز)
عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (رويترز)
TT

إصابة 4 جنود أتراك بتصعيد مفاجئ مع «قسد» والقوات السورية قبل رباعي موسكو

عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (رويترز)
عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (رويترز)

في تصعيد مفاجئ بين القوات التركية والمسلحين الأكراد وقوات الجيش السوري أصيب 4 جنود أتراك في هجوم نفذته عناصر من وحدات حماية الشهب الكردية أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على قاعدتين عسكريتين تركيتين في ريف حلب.
في الوقت ذاته، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن ترسيخ الأمن القومي لبلاده يبدأ من خارج حدودها، وأنه لا يمكن تحقيق الأمان داخل تركيا في ظل وجود «الإرهابيين» على حدودها.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية إصابة 4 جنود من قواتها في هجوم للوحدات الكردية على نقاط عسكرية في شمال سوريا. وقالت الوزارة، في بيان ليل أمس (الأحد)، إن التنظيم الإرهابي (الوحدات الكردية التي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني في سوريا) شن هجمات متزامنة على نقاط عسكرية تركية في منطقتي عمليتي «غصن الزيتون» و«درع الفرات» (تسيطر عليها القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لها في حلب) باستخدام قذائف الهاون وراجمات الصواريخ مشيرة إلى أنه تم نقل الجنود الأربعة المصابين إلى المستشفى الحكومي بولاية كيليس جنوب تركيا للعلاج. وأكد البيان أن قوات الجيش التركي ردت بالمثل على «الإرهابيين» عبر استهداف مواقعهم بعد تحديدها.
من جانبه، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن إصابات بعض الجنود الأربعة خطيرة، وأنهم أصيبوا جرَّاء قصف صاروخي انطلق من مناطق انتشار القوات الكردية والنظام السوري بريف حلب، على قاعدتي البحوث العلمية والقاعدة العسكرية التركية بالقرب من المستشفى الوطني في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي. وأشار إلى أن القوات التركية والفصائل الموالية لها قصفت، بالمدفعية الثقيلة، محيط قرى مرعناز وحرش قرية صوغوناكه ومحيط مطار منغ العسكري والبيلونية والعلقمية وشوارغة والإرشادية وطاطمرش وأبين وعقيبة والمالكية بريف حلب الشمالي ضمن مناطق انتشار القوات الكردية والنظام السوري في ريف حلب الشمالي.
كما وقعت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين قوات النظام من جهة، وعناصر «الجيش الوطني» الموالي لتركيا من جهة أخرى، على محور مدينة تادف بريف حلب.
وانطلقت قذائف صاروخية ومدفعية من مناطق انتشار القوات الكردية وقوات النظام، وسقطت قرب مجمع «كويت الرحمة» في محيط كفر جنة، فيما قصفت القوات التركية بقذائف المدفعية محيط قريتي سوغانكي وآقيبة بريف عفرين شمال حلب.
وجاء الهجوم على القاعدتين التركيتين، بعدما قتل عنصران من «قسد»، مساء أول من أمس، نتيجة استهداف القوات التركية والفصائل الموالية لها المتمركزة في قاعدة البحوث العلمية في أعزاز، مواقع انتشار القوات الكردية وقوات النظام السوري في قرى مرعناز والمالكية بناحية شران وآقيبة وأبين بناحية شيراوا بريف عفرين بريف حلب الشمالي.
وفي كلمة له، خلال إفطار مع منكوبي زلزالي 6 فبراير (شباط) في ولاية شانلي أورفا جنب تركيا ليل أمس، أكد الرئيس إردوغان أنه «من غير الممكن الشعور بالأمن في تركيا دون أن يعم الاستقرار في المنطقة، ولا يمكن تحقيق الأمن داخل البلاد، في ظل وجود الإرهابيين على حدودها». وأضاف أنه «لا يمكن للشعب التركي الشعور بالأمان أصلاً في ظل وجود تنظيم إرهابي (العمال الكردستاني - الوحدات الكردية) شمالي سوريا والعراق، مزود بالأسلحة الجوية والبرية». واعتبر أن «هدف الأطراف (لم يحددها) التي حرمت هذين البلدين (سوريا والعراق) من الأمن والأمان والاستقرار، هو جر تركيا إلى الدوامة نفسها... لكنه وحكومته لن يسمحوا بذلك».
في السياق ذاته، أكد وزير الدفاع، خلوصي أكار، أن القوات التركية تواصل القضاء على الإرهابيين في شمال العراق، كما فعلت في الشمال السوري.
وأضاف أكار، في كلمة خلال إفطار ليل الأحد في ولاية قيصري، التي ترشح فيها للانتخابات البرلمانية، أن «الإرهابيين» في الشمال السوري (عناصر الوحدات الكردية) دفنوا في الخنادق التي حفروها بأنفسهم، والآن يتم القضاء على مخيمات الإرهابيين ومستودعاتهم في شمال العراق.
وجاء التصعيد المفاجئ، الذي بدأ بهجمات تركية على مواقع «قسد» والجيش السوي في شمال حلب، في الوقت الذي يتواصل فيه مسار محادثات التطبيع بين أنقرة ودمشق بوساطة من سوريا ومشاركة من إيران، حيث من المقرر عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الأربع في موسكو في أوائل مايو (أيار) المقبل.
وأعلنت تركيا مجدداً، على لسان وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، الجمعة، رفضها أي شروط مسبقة للمحادثات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يطالب بالانسحاب التركي من شمال سوريا.
وشدد جاويش أوغلو على أنه لا يمكن الانسحاب في ظل استمرار وجود الوحدات الكردية التي تهدد حدود تركيا وأمن شعبها.



تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
TT

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

بعيداً عن تعثر مسار التسوية في اليمن بسبب هجمات الحوثيين البحرية، أشاع الإعلان الأممي اتفاقاً بين الحكومة والحوثيين حول المصارف والطيران أجواءً من الأمل لدى قطاع عريض من اليمنيين، مثلما زرع حالة من الإحباط لدى مناهضي الجماعة المدعومة من إيران.

ومع إعلان غروندبرغ اتفاق خفض التصعيد بين الحكومة والحوثيين بشأن التعامل مع البنوك التجارية وشركة «الخطوط الجوية اليمنية»، فإن المبعوث لم يحدد موعداً لبدء هذه المحادثات ولا مكان انعقادها، واكتفى بالقول إن الطرفين اتفقا على البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خريطة الطريق.

غروندبرغ يسعى إلى تحقيق أي اختراق في مسار السلام اليمني بعد إعاقة الحوثيين خريطة الطريق (الأمم المتحدة)

بدت

آراء يمنيين في الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي متباينة في كل مضامين اتفاق التهدئة، باستثناء تمنياتهم بنجاح محادثات الملف الاقتصادي لأن من شأنها أن تعالج وفق تقديرهم جذور الأزمة الاقتصادية والانقسام المالي وانقطاع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين منذ ثمانية أعوام.

في المقابل، ناقضت تقارير يمنية نفسها، مثل ما ورد في تقرير لمركز صنعاء للدراسات كتبه نيد والي، ففي حين حاول توجيه السبب الأساسي للاتفاق نحو ضغوطات من دول في التحالف على الحكومة لصالح الحوثيين، عاد واقتبس من المبعوث الأممي قوله في رسالة لمجلس القيادة: «الانقسام الاقتصادي والمالي الذي تشهده البلاد ستترتب عليه تبعات خطيرة وربما مدمرة، وعزل البنوك وشركات الصرافة عن النظام المالي العالمي سيؤثر سلباً على الأعمال التجارية وعلى تدفق التحويلات المالية».

وكتب الباحث في التقرير نفسه: «عانى الاقتصاد اليمني من الشلل نتيجة عقد من الصراع، وأي ضغوط إضافية لن تجلب سوى أوضاع إنسانية وخيمة، ليس أقلها تعطيل القدرة على تقديم المساعدات. يتم تداول عملتين في الأسواق المالية اليمنية بسعري صرف متباينين، ورغم أن الانقسام الدائم في النظام المصرفي ومؤسسات الدولة قد يصبح أمراً لا مفر منه في نهاية المطاف، لا ينبغي التشكيك بأن تداعيات ذلك على الاقتصاد ستكون وخيمة وأليمة بصورة استثنائية».

وقالت مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط»: «إن السعودية دعمت خريطة الطريق ومشروع إنهاء الأزمة اليمنية، والخلافات والعراقيل ليست طريقة للوصول إلى السلام في كل الأحوال».

ومن خلال تعليقات حصلت عليها «الشرق الأوسط» عبر استمزاج يمنيين في قطاعات تجارية وتربوية، تتجنب المعلمة نجاة التي اكتفت بذكر اسمها الأول الخوض في الجدال المتواصل بين المؤيدين والمعارضين لاتفاق التهدئة وتعتقد أن الذهاب للمحادثات الاقتصادية بنيات صادقة ونجاحها هو البشرى الحقيقية لمئات الآلاف من الموظفين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون الذين حرموا من رواتبهم منذ نهاية العام 2016، ولكل سكان البلاد الذين يدفعون ثمن الانقسام المالي والمواجهة الاقتصادية.

وتتمنى المعلمة على ممثلي الجانبين الحكومي والحوثيين استشعار المعاناة الكبيرة للملايين من اليمنيين الذين يقاسون نتيجة الظروف الاقتصادية وتوقف المرتبات ووجود عملتين محليتين، والحرص على التوافق والخروج باتفاق على استئناف تصدير النفط والغاز ووضع آلية مرضية لصرف المرتبات، وإنهاء الانقسام المالي لأن ذلك في تقديرها سيكون المنفذ الحقيقي للسلام.

الرواتب وتوحيد العملة

يقول الموظف الحكومي رضوان عبد الله إن الأهم لديه، ومعه كثيرون، هو صرف الرواتب وإنهاء انقسام العملة، لأنهم فقدوا مصدر دخلهم الوحيد ويعيشون على المساعدات والتي توقفت منذ ستة أشهر وأصبحوا يواجهون المجاعة وغير قادرين على إلحاق بناتهم وأبنائهم في المدارس لأنهم لا يمتلكون الرسوم التي فرضها الحوثيون ولا قيمة الكتب الدراسية ومستلزمات المدارس ولا المصروف اليومي.

تعنّت الحوثيين أفشل جولات متعددة من أجل السلام في اليمن (إعلام محلي)

ويؤيده في ذلك الموظف المتقاعد عبد الحميد أحمد، إذ يقول إن الناس تريد السلام ولم يعد أحد يريد الحرب وإن السكان في مناطق سيطرة الحوثيين يواجهون مجاعة فعلية. ويزيد بالقول إن صرف المرتبات وتوحيد العملة أهم من أي اتفاق سياسي ويطلب من الحكومة والحوثيين ترحيل خلافاتهم السياسية إلى ما بعد الاتفاق الاقتصادي.

ولا يختلف الأمر لدى السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية والذين يعبر أغلبيتهم عن سخطهم من الموافقة على إلغاء الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في حق البنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين، إذ يرى عادل محمد أن إنهاء انقسام العملة واستئناف تصدير النفط سيؤدي إلى وقف تراجع سعر الريال مقابل الدولار الأميركي وسيوقف الارتفاع الكبير في أسعار السلع لأن ذلك أضر بالكثير من السكان لأن المرتبات بسبب التضخم لم تعد تكفي لشيء.

ويتفق مع هذه الرؤية الموظف في القطاع التجاري سامي محمود ويقول إن توحيد العملة واستئناف تصدير النفط سيكون له مردود إيجابي على الناس وموازنة الدولة، لأنه سيحد من انهيار الريال اليمني (حالياً الدولار بنحو 1990 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة) كما أن الموظفين والعمال الذين تعيش أسرهم في مناطق سيطرة الحوثيين سيكونون قادرين على إرسال مساعدات شهرية، لكن في ظل الانقسام وفرض الحوثيين سعراً مختلفاً فإن ما يرسلونه يساوي نصف رواتبهم.

مصلحة مشتركة

يرى الصحافي رشيد الحداد المقيم في مناطق سيطرة الحوثيين أن التوصل إلى اتفاق في هذا الملف فيه مصلحة مشتركة وإعادة تصدير النفط والغاز سيسهم في عودة أحد مصادر الدخل الوطني من العملات الصعبة، كما أن استئناف صرف مرتبات الموظفين سوف يسهم في الحد من معاناة مئات الآلاف من الموظفين.

ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين تتهددهم المجاعة (الأمم المتحدة)

ويشدد الحداد على ضرورة أن يتوجه ممثلو الجانبين إلى هذه المحادثات بصدق ومسؤولية لمفاوضات تحسم هذا الملف، ورأى أن أي اختراق يحدث في هذا الجانب سيعزز بناء الثقة وسيقود نحو تفاهمات أخرى، و سيكون له انعكاسات إيجابية على حياة كل اليمنيين.

لكن الجانب الحكومي لا يظهر الكثير من التفاؤل ويعتقد اثنان من المسؤولين سألتهم «الشرق الأوسط» أن الحوثيين غير جادين ويريدون تحقيق مكاسب اقتصادية فقط من خلال هذه الجولة، لأنهم يريدون الحصول على رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم لامتصاص النقمة الشعبية الواسعة، ويرغبون في الحصول على حصة من عائدات تصدير النفط، دون أن يكون هناك مقابل أو تقديم تنازلات فعليه تخدم مسار السلام، فيما يتعلق بتوحيد العملة والبنك المركزي.

ووفق ما أكده المسؤولان فإن الجانب الحكومي الذي قدم الكثير من التنازلات من أجل السكان في مناطق سيطرة الحوثيين بحكم مسؤوليته عن الجميع، سيشارك بإيجابية في المحادثات الاقتصادية وسيكون حريصاً على إنجاحها والتوصل إلى اتفاقات بشأنها استناداً إلى مضامين خريطة طريق السلام التي كانت حصيلة جهود وساطة قادتها السعودية وعُمان طوال العام الماضي وحتى الآن.