عمرو موسى في «منتدى أصيلة»: يستحيل أن تتزعم إيران منطقة الشرق الأوسط

مصطفى عثمان إسماعيل يدعو إلى وضع قوانين حازمة لمحاربة الطائفية

عمرو موسى في «منتدى أصيلة»: يستحيل أن تتزعم إيران منطقة الشرق الأوسط
TT

عمرو موسى في «منتدى أصيلة»: يستحيل أن تتزعم إيران منطقة الشرق الأوسط

عمرو موسى في «منتدى أصيلة»: يستحيل أن تتزعم إيران منطقة الشرق الأوسط

قال عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية السابق ووزير خارجية مصر الأسبق، إن هناك أربعة عناصر ضرورية للإجابة بنعم عن سؤال «العرب: نكون أو لا نكون»، الذي هو عنوان الندوة الختامية لموسم أصيلة الثقافي الدولي الـ37، أجمعها في ضرورة التغيير والإصلاح، والوعي بالزمن الذي نعيش فيه وارتباطاته وتداعياته ومتطلباته، وفلسفة الحكم والديمقراطية.
وذكر موسى، الذي كان يتحدث في الجلسة الختامية للندوة، في معرض حديثه عن المنطقة العربية ومستقبلها والوضع الإقليمي، أن هذا الأخير الآن مرشح لإطلاق نظام إقليمي جديد، يأخذ في اعتباره الانهيارات التي حصلت والتغيرات التي جرت، مشيرا إلى أن من سيرسم هذا النظام الجديد هو العالم العربي لأنه يشكل الأغلبية، وهو الذي يشكل البنك الرئيسي للمكونات السكانية لهذه المنطقة.
وقال موسى إن إيران لا تستطيع أن تتزعم منطقة الشرق الأوسط مهما حدث لا هي ولا تركيا ولا إسرائيل، مشيرا إلى أن العالم العربي لن يتزعمه إلا مكون عربي، ومشددا على استحالة أن تسيطر إيران على العالم العربي. وقال «مستقبلنا أن نسهم معا في تحقيق استقرار المنطقة، وليس في إثارة المنطقة واستخدام الشيعة والسنة، وهو استخدام خاطئ تماما ولا يمكن أن نقبل به».
وقال موسى إن الشيعة والسنة ليسوا أعداء، وإنما هناك من يعمل لتحقيق هذه العداوة وتعميقها وبالتالي منع الاستقرار في المنطقة.
وعاتب موسى، في معرض تعليقه على مداخلة عطاء الله مهاجراني، وزير الثقافة الإيراني الأسبق، تصريحات أحد المسؤولين الإيرانيين التي قال فيها إن إيران تسيطر على سبع عواصم عربية، وإنها تعيد بناء الدولة الفارسية وعاصمتها بغداد. وقال موسى لمهاجراني: «لم يكن من الأصح القول بذلك»، عادا تلك التصريحات إهانة كبرى، وإرهاصات سلبية، في حين أن الصحيح هو أن يكون البناء متجها نحو التعاون وليس الصدام، واستعمال الأموال التي ستأتي لخير المنطقة وشعوبها بدل أن تستعمل في سياسات سلبية ستؤدي بالضرورة إلى اصطدام.
من جهته، قال محمد الخزاعي، عضو مجلس الشورى في البحرين، إن تفشي الإرهاب وتمدده من خلال ما يسمى بتنظيم داعش يثير عدة علامات استفهام حول من يقوم بدعمها ويمولها ماديا ويزودها بالسلاح بإسقاطه من الجو أو من خلال الحدود المفتوحة، مشيرا إلى أن أحد القادة العسكريين للولايات المتحدة وتحالفها الدولي صرح بأن القضاء على «داعش» يتطلب عشرة أعوام، موضحا أن قضية ما يسمى بالشرق الأوسط لم تعد على قائمة أولويات الإدارات الأميركية، وأن الأولوية أصبحت للشرق الأوسط الجديد ولحماية دولة إسرائيل من أعدائها المحيطين بها من ناحية، وتحقيق استراتيجية الولايات المتحدة من ناحية أخرى.
وقال الخزاعي «يجب علينا أن ندرك أن هناك دولتين تحيطان بنا من الشرق والشمال لهما أطماع إقليمية تستندان فيها إلى ماضيهما الإمبراطوري التليد، وأن ورقة الدين التي تلعبانها ما هي إلا ستار للتدخل في شؤوننا الداخلية»، داعيا إلى ضرورة العمل على بناء دول حديثة تقوم على المؤسسات ومبادئ الإصلاح السياسي والاقتصادي، وتبني النظام الديمقراطي كأسلوب حياة، وتكريس مبادئ حقوق الإنسان، وإعادة النظر في المناهج التعليمية والعمل على فصل الدين عن الدولة.
من جهته، قال مصطفى عثمان إسماعيل، وزير خارجية السودان الأسبق، إن العلاقة الملتبسة والمتسمة بالتنافر بين تجاذبات الدولة والدين أضحت في المنطقة العربية مرتكزا لاستيلاد الخلاف الطائفي والاستفادة منه في التوجهات السياسية عبر اختراق مفاهيم الدولة الحديثة وأطرها المفاهيمية والمؤسسية، وعزا الأسباب التي قادت إلى التشرذم الطائفي في المنطقة العربية إلى ضمور مفهوم الدولة واكتفائه في كل تطوراته بترسيم أجنبي جعل الدولة بحدودها الاستعمارية سابقا على مفهوم الأمة وأطرها الطبيعية.
ويرى إسماعيل أن الحل يكمن في البناء الداخلي من الناحيتين السياسية والاجتماعية، ويقتضي رؤية منهجية صادعة يجتمع لها كل مثقفي ونخب البلاد، إضافة إلى اعتماد منهج يباعد بين مفهوم الدولة الدينية وبين ما لحق به من تشوهات تأتت من كلا الفريقين المؤيدين والمعارضين. وعد إسماعيل مجموعة من التوصيات في ختام مداخلته، أبرزها؛ وضع قوانين حازمة لمحاربة الطائفية وإعلاء الوطن على القبيلة والجنس واللون واللغة، واحترام أديان ومعتقدات الآخرين من دون تسفيهها والتقليل منها، وإغلاق دور العبادة المتشددة، وتجفيف مصادر تمويل الجماعات الطائفية المتطرفة عرقيا أو دينيا، وأيضا ضرورة إيجاد آلية عربية إسلامية قوية لمعالجة الخلافات وفض النزاعات الطائفية في الإقليم العربي الإسلامي.
وتحدث الكاتب التونسي حسونة المصباحي عن بعض أسباب تدهور العرب، كاشفا أن الذي ينظر إلى العرب الآن يراهم قطعانا هائمة على وجوهها لا تعرف ما سيحدث لها في حاضرها ولا في مستقبلها القريب أو البعيد، مضيفا أن النخب تشتتت وفقدت البوصلة وباتت عاجزة عن مواكبة ما يحدث، وأن «مافيات ثقافية استغلت ذلك وبرزت لتلعب أدوارا قذرة أعادت الجمود إلى الثقافة العربية وأفسدتها»، مشيرا إلى أن الأوضاع ازدادت سوءا بسبب انتشار الحركات الأصولية في جميع أنحاء العالم العربي.
وأوضح المصباحي أنه لا بد من الإقرار بأن فشل «التنويريين الجدد» في التجذر في واقع مجتمعاتهم لا تعود أسبابه إليهم فقط، وإنما أيضا للأنظمة الاستبدادية التي بتضييقها على الحريات العامة والخاصة وبقمعها الشديد للمعارضين وللمنتقدين لأساليب حكمها، أسهمت في قطع الصلة بين المثقف «الحداثي والتنويري» وبين مجتمعه، مبرزا أنه في غياب خطاب معارض يقرأ الواقع في تفاصيله، لم تجد الجماهير العريضة غذاء ثقافيا وفكريا يقيها شر الخطاب الرسمي المحنط غير خطاب آخر يروجه المتشددون الذين تكاثروا بسبب ما يمكن تسميته بـ«الجهل المعمم».
وقال المصباحي إن العرب ما داموا عاجزين عن «التحاور مع التاريخ» في مفهومه الواسع والعميق، فإنهم سيظلون سجناء ماضيهم، وبالتالي محرومين من امتلاك الأدوات الفعلية لفهم واقعهم وتغييره نحو الأفضل للتأقلم مع العالم وما يشهده من تحولات كبيرة وصغيرة.
ومن جهته، دعا الكاتب المغربي أحمد المديني الأدباء والكتاب لأن يحولوا أقلامهم إلى مشاعل إما تنير ظلمات الجهل أو تدعو إلى الإصلاح أو الكفاح من أجل طرد المحتل الأجنبي واسترجاع السيادة. وقال «إن تحقيق كينونة الكاتب الفنان والمفكر تختلف عن ذلك الذي تبحث عنه القيادات السياسية بمنظوماتها الآيديولوجية وحتى ترسانتها العسكرية، وإن التقت معه حين يخص الأمر بالتغيير والتجديد.. فهي كينونة لصيقة بإعلاء القيم الرمزية وترسيخ المبادئ الجوهرية لإقامة الإنسان في الأرض ولإطلاق أجنحة أحلامه بلا قيود».



تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

شدد عضوا مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح وسلطان العرادة على توحيد الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي وتسريع خطوات استعادة الدولة وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء، مع ضرورة إنهاء الخلافات البينية وإغلاق الملفات العالقة، وذلك قبيل انطلاق جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة والحوثيين بشأن الأسرى والمحتجزين برعاية دولية.

وفي لقاء جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وعدد من أعضاء المجلس، عرض صالح رؤية المقاومة الوطنية ومقاربتها للمعركة ضد الجماعة الحوثية، موضحاً أنها إطار وطني جامع لا يقوم على أي اعتبارات حزبية أو مناطقية، وأن معيار الانضمام إليها هو الإيمان بأولوية قتال الميليشيات واستعادة مؤسسات الدولة.

واستعرض صالح خلال اللقاء عدداً من مشاريع وبرامج المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، مؤكداً أنها موجّهة لخدمة المواطنين في كل المناطق دون تمييز. كما شدد على أن الانقسامات بين القوى المناهضة للحوثيين تُضعف الجبهات وتمنح الميليشيا مساحات للتقدم، محذراً من انعكاساتها السلبية على معنويات المقاتلين.

طارق صالح خلال لقائه قيادات برلمانية في المخا (إعلام رسمي)

وأشار صالح إلى أن توحيد مسرح العمليات العسكرية يمثّل حجر الزاوية في أي تحرك لاستعادة صنعاء، مجدداً تأكيده أن استعادة الجمهورية مرهونة بهزيمة الحوثيين. كما دعا مجلس النواب إلى مضاعفة الجهود بما يخدم المصلحة الوطنية العليا ويعزّز الثقة الإقليمية والدولية بالقوى الشرعية.

هزيمة الانقلاب

في لقاء آخر جمع طارق صالح بعدد من أمناء عموم وممثلي الأحزاب السياسية، أكد عضو مجلس القيادة أن المرحلة الراهنة تتطلّب حشد الجهود وتوحيد المعركة شمالاً لهزيمة الانقلاب وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء.

وأشار صالح إلى أن التباينات بين القوى الوطنية أمر طبيعي، لكنها لا تلغي وجود هدف جامع هو «قتال الحوثي واستعادة الدولة»، مؤكداً أن المجلس الانتقالي الجنوبي شريك في هذه المعركة منذ الحرب الأولى في صعدة، وأن تضحيات أبناء الجنوب في جبال مرّان تشكّل شاهداً حياً على دورهم الوطني.

لقاء طارق صالح مع ممثلي الأحزاب السياسية (إعلام رسمي)

وشدد صالح على ضرورة تهيئة البيئة المناسبة للمعركة القادمة، لافتاً إلى أن «دول التحالف لدعم الشرعية قدّمت الكثير من الدعم، وإذا أردنا دعماً إضافياً فعلينا أن نوحّد جهودنا نحو صنعاء». وأعاد تأكيد أن المقاومة الوطنية لن تنشغل عن هدفها في مواجهة الحوثي، ولن تعود إلى «تحرير المحرر»، في إشارة إلى عدم الدخول في صراعات جانبية.

كما عبّر عن تقديره للأحزاب والمكونات السياسية، وعدّ حضورهم دليلاً على «وعي متقدم بأهمية اللحظة الوطنية وضرورة التكاتف في مواجهة المشروع الإيراني».

استعادة الدولة

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، سلطان العرادة، خلال لقائه رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز، ووكلاء محافظة مأرب، وعدداً من القيادات العسكرية والأمنية، أن ما تمر به البلاد اليوم هو «نتيجة طبيعية لانقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني»، مشدداً على أن كل الإشكالات ستتلاشى بمجرد استعادة مؤسسات الدولة.

وقال العرادة إن القوات المسلحة والأمن يشكّلان «عماد الاستقرار والتحرير»، وإن مجلس القيادة يقدّر تضحيات منتسبي المؤسستَين ويتابع قضاياهم بشكل دائم. ودعا إلى تجاوز المشكلات الآنية والخلافات الجانبية وإرث الماضي، مؤكداً أن القضية الوطنية الكبرى هي استعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

سلطان العرادة خلال اجتماعه بقيادات عسكرية في مأرب (إعلام رسمي)

وأضاف مخاطباً القيادات العسكرية: «الناس يعلّقون عليكم آمالاً كبيرة... فاحملوا الراية لتحرير البلاد»، مشدداً على استعداد الجميع للتضحية في سبيل إنهاء الانقلاب واستعادة المجد للشعب اليمني. كما شدد على أن اليمن «لن يستعيد مكانته إلا بالتخلص من الميليشيا الحوثية الإيرانية»، معبّراً عن امتنانه لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.

وفي سياق آخر أعلنت السلطات اليمنية في محافظة مأرب عن تسليم 26 جثماناً من قتلى الحوثيين الذين قُتلوا في جبهات مأرب والجوف، بعد التعرف عليهم من قبل الجماعة.

وأوضح العميد يحيى كزمان أن العملية تمت «بوصفها مبادرة من طرف واحد لدواعٍ إنسانية»، وبإشراف من لجنة الصليب الأحمر الدولية، وبتنسيق مع رئاسة هيئة الأركان العامة والجهات المعنية.

وأكد كزمان، وهو عضو الفريق الحكومي المفاوض، أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إظهار حسن النية قبل جولة المفاوضات المرتقبة، وتهيئة الأجواء للانتقال إلى قاعدة «الكل مقابل الكل» في ملف المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً.

وأوضح أن المبادرة جاءت بناءً على توجيهات عليا ضمن جهود تهدف إلى إغلاق هذا الملف الإنساني الذي يفاقم معاناة آلاف الأسر اليمنية.


الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.