الصراع على السلطة في السودان... من يتولى زمام الأمور؟

جانب من مسيرة مطالبة بالحكم المدني في الخرطوم 30 نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)
جانب من مسيرة مطالبة بالحكم المدني في الخرطوم 30 نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)
TT

الصراع على السلطة في السودان... من يتولى زمام الأمور؟

جانب من مسيرة مطالبة بالحكم المدني في الخرطوم 30 نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)
جانب من مسيرة مطالبة بالحكم المدني في الخرطوم 30 نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

حذر الجيش السوداني، اليوم (الخميس)، من خطر حدوث مواجهة مع قوات الدعم السريع التي تتمتع بالنفوذ، فيما يشكل التوتر بين الجانبين خطراً على اتفاق معلق لاستعادة الحكم المدني.
وفيما يلي بعض الخطوط العريضة للصراع على السلطة في السودان:
من الذي يتولى زمام الأمور في السودان؟
بدأ السودان مسيرة التحول إلى الديمقراطية بعد انتفاضة شعبية أطاحت في أبريل (نيسان) عام 2019 بحكم عمر حسن البشير، الذي حكم البلاد لنحو ثلاثة عقود.
وبموجب اتفاق أُبرم في أغسطس (آب) 2019، وافق الجيش على تقاسم السلطة مع مدنيين ريثما يتم إجراء انتخابات. لكن ذلك الترتيب تعطل فجأة نتيجة حكم عسكري في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 تسبب في سلسلة من الاحتجاجات الحاشدة المطالبة بالديمقراطية في أنحاء السودان.

إلى من يميل ميزان القوى؟

يمثل الجيش قوة مهيمنة في السودان منذ استقلاله عام 1956؛ إذ خاض حروباً داخلية، وقام بانقلابات متكررة ولديه حيازات اقتصادية ضخمة.
وخلال الفترة الانتقالية التي بدأت بالإطاحة بالبشير، وانتهت بالحكم العسكري عام 2021، زاد عمق هوة انعدام الثقة بين الجيش والأحزاب المدنية.
واستمد الجانب المدني شرعيته من حركة احتجاج صامدة ودعم من أطراف من المجتمع الدولي.
وحظي الجيش بدعم داخلي من فصائل متمردة استفادت من اتفاق السلام في 2020، ومن المخضرمين في حكومة البشير الذين عادوا إلى الخدمة المدنية بعد الحكم العسكري.
وأعاد الحكم العسكري زمام الأمور إلى الجيش، لكنه واجه احتجاجات أسبوعية وتجدد العزلة وتفاقمت المتاعب الاقتصادية.
غير أن الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية أيد خطة الانتقال الجديدة، مما دفع بالتوترات مع الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم والقائد الأعلى للجيش إلى السطح.

ما أسباب الخلاف؟

أحد الأسباب الرئيسية هو ضغط المدنيين من أجل الرقابة على الجيش، ودمج قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي لها وضع قوي في الجيش النظامي.
ويطالب المدنيون أيضاً بتسليم حيازات الجيش المربحة في قطاعات الزراعة والتجارة والقطاعات المدنية الأخرى، وهي مصدر رئيسي للنفوذ لجيش طالما عهد بالأعمال العسكرية إلى الفصائل المسلحة.
وتتعلق إحدى نقاط التوتر بالسعي لتحقيق العدالة بشأن مزاعم ارتكاب الجيش السوداني وحلفائه جرائم حرب في الصراع في دارفور منذ عام 2003. وتسعى المحكمة الجنائية الدولية إلى محاكمة البشير وسودانيين آخرين مشتبه بهم.
نقطة أخرى هي التحقيق في قتل متظاهرين مطالبين بالديمقراطية في الثالث من يونيو (حزيران) 2019، في واقعة أشارت فيها أصابع الاتهام لتورط قوات الجيش. ويثير التأخر في نشر نتائج هذا التحقيق غضب الناشطين وجماعات مدنية. وتطالب القوى المدنية بتحقيق العدالة بشأن مقتل أكثر من 125 شخصاً على يد قوات الأمن خلال احتجاجات منذ الحكم العسكري.

ماذا عن الاقتصاد؟

كانت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، التي تسببت في تهاوي العملة والنقص المتكرر للخبز والوقود، بمثابة الشرارة التي أدت لسقوط البشير.
ونفذت الحكومة الانتقالية بين عامي 2019 و2021 إصلاحات قاسية وسريعة تحت إشراف صندوق النقد الدولي، في محاولة نجحت في جذب تمويل أجنبي وتخفيف الديون.
لكن تم تجميد مليارات الدولارات من الدعم الدولي وتخفيف عبء الديون بعد انقلاب 2021، مما عطل مشاريع التنمية، وأثقل كاهل الميزانية الوطنية وفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ما حقيقة تجنيد مصريين في الجيشين الروسي والأوكراني؟

فرضت السلطات المصرية قيوداً جديدة على الطلاب الراغبين بالسفر للدراسة في روسيا (الخارجية المصرية)
فرضت السلطات المصرية قيوداً جديدة على الطلاب الراغبين بالسفر للدراسة في روسيا (الخارجية المصرية)
TT

ما حقيقة تجنيد مصريين في الجيشين الروسي والأوكراني؟

فرضت السلطات المصرية قيوداً جديدة على الطلاب الراغبين بالسفر للدراسة في روسيا (الخارجية المصرية)
فرضت السلطات المصرية قيوداً جديدة على الطلاب الراغبين بالسفر للدراسة في روسيا (الخارجية المصرية)

حذر برلمانيون وخبراء مصريون من إمكانية وجود مقاتلين من بلادهم في الجيشين الروسي والأوكراني، في وقت فرضت فيه السلطات المصرية قيوداً جديدة على الطلاب الراغبين بالسفر للدراسة في البلدين.

واشترطت السلطات المصرية أخيراً «حصول الطلاب على تصريح أمني مسبق للفئة العمرية من 18 إلى 35 عاماً، للراغبين بالسفر للدراسة في روسيا وأوكرانيا خلال الفترة المقبلة»، بعد أسابيع من رصد حالات لتجنيد طلاب مصريين في الجيشين الروسي والأوكراني عقب تجنيسهم والدفع بهم للخطوط الأمامية بالقتال.

ويجري التقدم للالتحاق بالجامعات الروسية عادةً في فصل الصيف، فيما عاد غالبية الطلاب المصريين الذين كانوا يدرسون بالجامعات الأوكرانية، وجرى نقلهم إلى كليات مناظرة في مصر مع بدء الحرب قبل أكثر من 3 سنوات، بينما واصلت الجامعات الروسية استقبال الطلاب المصريين مع امتيازات جعلت بعضها أقل تكلفة من الجامعات المصرية الخاصة.

ونشر صحافي أوكراني، الشهر الماضي، مقابلة مصورة مع شاب مصري وقع في الأسر لدى القوات الأوكرانية على خطوط القتال الأمامية بعدما انخرط في الجيش الروسي للقتال بعد فترة قصيرة من سفره لدراسة الطب في روسيا وفصله من الجامعة.

وحسب روايته المصورة، التي لم يتسن تأكيدها من مصدر مستقل، فإنه واجه مشكلات مادية مع عدم قدرته على سداد رسوم الجامعة التي التحق بها، قبل أن يُفصل ويُعرض عليه التجنيد في الجيش الروسي، مقابل العفو عنه بعد إدانته بالحبس مع منحه الجنسية، لكنه وقع في الأسر بعد 4 أيام فقط من الدفع به على الجبهة الأمامية للقتال في أوكرانيا.

ووصف عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» في مجلس النواب المصري (البرلمان)، فريدي البياضي، اشتراط التصريح الأمني المسبق بـ«الضروري»، الذي يستند لقيام الدولة بدورها في حماية مواطنيها، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن هناك ضرورة لدرس أسباب إقدام الشباب على هذه «المغامرة الخطيرة».

وأوضح البياضي أن مثل هذه الوقائع تشكل أمراً خطيراً يجب التعامل معه بجدية، لكونها مرتبطةً بانخراط مواطنين مصريين للقتال في جيوش دول أخرى.

وحسب مصدر دبلوماسي مصري مطلع، فإن «بعض الشباب الذين يسافرون إلى روسيا بغرض الدراسة يلجأون لممارسة أنشطة غير قانونية من أجل البحث عن مصادر للدخل تمكنهم من الاستمرار في الإنفاق على دراستهم، مما يؤدي لملاحقتهم قانوناً وتعرضهم للحبس». وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «السلطات المصرية تتخذ إجراءات وتدابير احترازية لتوفير الحماية لشبابها الراغب في الدراسة بالجامعات الروسية، ولضمان عدم استدراجهم في أنشطة غير قانونية»، من بينها «التأكد من أن غرض السفر هو الدراسة».

ويصل عدد الطلاب المصريين في روسيا إلى 15 ألف طالب موزعين على العديد من التخصصات الطبية والهندسية والنظرية، حسب تصريحات سابقة لوزير التعليم العالي والبحث العلمي، أيمن عاشور، خلال افتتاح «منتدى خريجي الجامعات السوفياتية والروسية» نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

طلاب مصريون عادوا بعد اندلاع الحرب (أرشيفية)

ووفق الخبير المصري بالشأن الروسي، الدكتور نبيل رشوان، فإن الإجراء يأتي مع تكرار وقائع سفر طلاب جامعيين للتجنيد بحثاً عن العائد المادي، وهو أمر يتكرر ليس فقط في الجيش الروسي ولكن أيضاً الأوكراني، الأمر الذي كان يستلزم تحركاً سريعاً من الدولة بالتدقيق في هوية المسافرين وأسباب توجههم. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن المخاطر ليست فقط على حياة هؤلاء الشباب، ولكن على ما يتدربون عليه وخطورة انعكاسه على المستقبل مع عودتهم إلى البلاد، الأمر الذي يستدعي تحركاً مبكراً من السلطات المصرية لتجنب مخاطر مستقبلية تعيد تكرار تجربة العائدين من أفغانستان بالتسعينات.

لكن رئيس «لجنة العلاقات الخارجية» في البرلمان الأوكراني، أوليكساندر ميريزكو، أكد لـ«الشرق الأوسط» عدم وجود أي معلومات لديه حول هذا الأمر، نافياً «انخراط مصريين في القتال مع القوات الأوكرانية».

التشديدات المصرية مع تصاريح سفر الشباب الراغب في الدراسة في روسيا، أكدها مصدر بالسفارة الروسية بالقاهرة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «السلطات المصرية اتخذت إجراءات أمنية جديدة مع المسافرين إلى روسيا أخيراً»، مشيراً إلى أن من بين تلك الإجراءات «التشدد في إصدار تصاريح السفر بغرض الدراسة، وسفر الشباب». وأضاف المصدر أن «وزارة الدفاع الروسية تكون مسؤولة عن التعامل مع حالات الوفاة التي تحدث للجنود مزدوجي الجنسية، وعائلاتهم والتواصل معها»، لافتاً إلى أن «الأمر لا يجري من خلال السفارة بشكل مباشر».