فيزيائيون ينجحون بتوليد توهجات شمسية صغيرة في المختبر

فيزيائيون ينجحون بتوليد توهجات شمسية صغيرة في المختبر
TT

فيزيائيون ينجحون بتوليد توهجات شمسية صغيرة في المختبر

فيزيائيون ينجحون بتوليد توهجات شمسية صغيرة في المختبر

ابتكر باحثون نسخة يمكن وضعها داخل صندوق لفهم كيف تحدث الانفجارات والتوهجات الشمسية.
فباستخدام جهاز يحول الاندفاعات القوية من الكهرباء إلى حلقات من البلازما تشبه الحبال، قام فريق من الفيزيائيين بنمذجة التوهجات الشمسية لدراسة الأشعة السينية القوية والجسيمات النشطة التي تتدفق عبر النظام الشمسي؛ إذ «تكشف الملاحظات الشمسية عن الجسيمات النشطة والأشعة السينية الصلبة ولكنها لا تستطيع الكشف عن آلية التوليد لأن تسارع الجسيمات يحدث على نطاق أصغر من دقة الملاحظة. وبالتالي، فإن تفاصيل فيزياء المقياس المتقاطعة التي تشرح توليد الجسيمات النشطة و X القاسية- لا تزال لغزا »، حسب ما كتب فريق بقيادة الفيزيائي يانغ زانغ من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص نقلا عن مجلة Nature Astronomy.
فالشمس عبارة عن كرة بلازما ديناميكية للغاية ومتأخرة تعمل بالاندماج النووي، لذا فليس من المستغرب أن تصل إلى بعض الخدع. يمكن أن تؤثر الانفجارات القوية التي تقذف الضوء والجسيمات إلى الفضاء المحيط بها على النظام الشمسي عبر مسافات كبيرة؛ نحن بالتأكيد نختبر تلك التأثيرات هنا على الأرض. حيث يحمينا الغلاف المغناطيسي والغلاف الجوي من الأشعة السينية الصلبة عالية الطاقة. لكن يمكن أن تتداخل المقذوفات الشمسية مع الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية، بما في ذلك تكنولوجيا الملاحة والاتصالات، ويمكن أن تتسبب بتقلبات شبكة الطاقة وتعطلها. لذا فإن العلماء، بطبيعة الحال يريدون معرفة المزيد عن كيفية تكوين الشمس للمواد وطردها في المقام الأول. غير ان هناك الكثير الذي يمكننا استخلاصه من النظر إلى الشمس نفسها؛ فهناك حد لحجم الملاحظات التي يمكننا إجراؤها باستخدام التكنولوجيا الحالية.
ومن أجل دراسة تلك التفاصيل الأصغر، تحول علماء الفيزياء إلى أفضل شيء هو «توليد التوهجات الشمسية في المختبر».
وعليه قام الفيزيائي بول بيلان من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا بتصميم جهاز تجريبي خصيصًا لتوليد الهياكل المعروفة باسم الحلقات الإكليلية. وهي أقواس طويلة ومغلقة من البلازما المتوهجة المنبعثة من الفوتوسفير الشمسي، على طول خطوط المجال المغناطيسي التي تبرز في الإكليل الشمسي. فغالبًا ما ترتبط هذه بالنشاط الشمسي المتزايد، مثل التوهجات والانبعاثات الكتلية الإكليلية.
ويتكون الجهاز من فوهات غازية ومغناطيسات وأقطاب كهربائية في غرفة مفرغة؛ حيث يتم تشغيل المغناطيسات الكهربائية لتوليد مجال مغناطيسي داخل حجرة التفريغ. ثم يتم حقن الغاز في منطقة القطب. ثم يتم تطبيق تفريغ كهربائي قوي على نطاقات ميلي ثانية عبر الأقطاب الكهربائية؛ وهذا يؤدي إلى تأين الغاز وتحويله إلى بلازما تشكل بعد ذلك حلقة مقيدة بالمجال المغناطيسي.
ويشرح بيلان قائلاً «تستهلك كل تجربة قدرًا من الطاقة يقارب ما يتطلبه تشغيل مصباح كهربائي بقوة 100 واط لمدة دقيقة تقريبًا، ويستغرق شحن المكثف بضع دقائق فقط».
وتدوم كل حلقة 10 ميكروثانية فقط؛ وهي صغيرة جدًا يبلغ طولها حوالى 20 سم (7.9 بوصة) وقطرها سنتيمتر واحد. لكن الكاميرات عالية السرعة تسجل كل لحظة من تكوين الحلقة وانتشارها، ما يسمح لفريق البحث بتحليل تكوينها وهيكلها وتطورها بالتفصيل.
لقد تعلم العلماء أخيرًا أن الحلقات الإكليلية لا تشبه الحبل فحسب، بل إنها منظمة على هذا النحو أيضًا. فقد سمح العمل الجديد للفريق بمعرفة الدور الذي يلعبه هذا الهيكل في إنتاج مقذوفات شمسية.
وفي هذا يقول تشانغ «إذا قمت بتشريح قطعة من الحبل، فستلاحظ أنها مكونة من ضفائر من خيوط فردية. افصل تلك الخيوط الفردية عن بعضها وسترى أنها ضفائر من خيوط أصغر، وكذا حلقات البلازما يبدو أنها تعمل بنفس الطريقة». كما اتضح أن هذه الخيوط مسؤولة عن انفجارات الأشعة السينية. لأن البلازما موصل قوي، لذا فإن التيار يمر عبر الحلقات؛ لكن بين الحين والآخر، يتجاوز التيار قدرة الحلقة مثل الكثير من المياه التي تمر عبر الخرطوم. وعندما يحدث هذا، فان صور الفريق تظهر عدم استقرار يشبه المفتاح يتطور في الحلقة. فيما تبدأ الخيوط الفردية بالانكسار، ما يضع مزيدًا من الضغط على الخيوط المتبقية؛ فعندما ينكسر الخيط، ينتج عن ذلك اندفاعة من الأشعة السينية، مصحوبة بارتفاع جهد سلبي. وعلى غرار الطريقة التي ينخفض بها الضغط في خرطوم الماء الذي يحتوي على ملتوية. يؤدي انخفاض الجهد هذا إلى تسريع الجسيمات المشحونة في البلازما؛ فعندما تتباطأ هذه الجسيمات تنبعث دفقة من الأشعة السينية.
ومن خلال ذلك كله حدد الباحثون حالة عدم استقرار مشابهة لتلك التي لوحظت في المختبر والتي ارتبطت أيضًا بانفجار الأشعة السينية؛ ما يشير إلى أنه؛ على الرغم من أن أحدهما كان بحجم موزة والآخر يمكن أن يبتلعنا بشكل مريح. تم إنتاج الظاهرتين بنفس الطريقة. لذلك ستساعد الدراسات المستقبلية للشمس في كشف هذه العملية بشكل أكبر. لكن يبدو أنها تتفق مع الدراسات الأخرى التي وجدت كيف أن قطع خطوط المجال المغناطيسي وإعادة توصيلها يؤديان إلى اندفاعات قوية من الطاقة. حيث يعتزم الفريق المتابعة من خلال دراسة الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها دمج الحلقات الإكليلية وإعادة تشكيلها لمعرفة أنواع الانفجارات التي ينتجها هذا النشاط.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

علماء يعثرون على آثار أقدام ديناصورات في إنجلترا

في هذه الصورة التي قدمتها جامعة برمنغهام اليوم 2 يناير 2025 يجري العمل على اكتشاف 5 مسارات كانت تشكل جزءاً من «طريق الديناصورات» بمحجر مزرعة ديوارز بأوكسفوردشير بإنجلترا (أ.ب)
في هذه الصورة التي قدمتها جامعة برمنغهام اليوم 2 يناير 2025 يجري العمل على اكتشاف 5 مسارات كانت تشكل جزءاً من «طريق الديناصورات» بمحجر مزرعة ديوارز بأوكسفوردشير بإنجلترا (أ.ب)
TT

علماء يعثرون على آثار أقدام ديناصورات في إنجلترا

في هذه الصورة التي قدمتها جامعة برمنغهام اليوم 2 يناير 2025 يجري العمل على اكتشاف 5 مسارات كانت تشكل جزءاً من «طريق الديناصورات» بمحجر مزرعة ديوارز بأوكسفوردشير بإنجلترا (أ.ب)
في هذه الصورة التي قدمتها جامعة برمنغهام اليوم 2 يناير 2025 يجري العمل على اكتشاف 5 مسارات كانت تشكل جزءاً من «طريق الديناصورات» بمحجر مزرعة ديوارز بأوكسفوردشير بإنجلترا (أ.ب)

اكتشف باحثون مئات من آثار أقدام الديناصورات، التي يعود تاريخها إلى منتصف العصر الجوراسي، في محجر في أوكسفوردشير بجنوب إنجلترا، تُظهر أن زواحف، مثل ديناصور ميجالوصور المفترس الذي يبلغ طوله تسعة أمتار، كانت تتحرك في مسارات هائلة.

وقال باحثون من جامعتي أوكسفورد وبرمنغهام، اليوم الخميس، إن أعمال الحفر في محجر ديوارز فارم كشفت عن خمسة مسارات ممتدة زاد طول أحدها عن 150 متراً، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

أعضاء فريق التنقيب يعملون على آثار أقدام الديناصورات في محجر مزرعة ديوارز بشمال أوكسفورد بوسط إنجلترا 17 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

وقال العلماء إن أربعة من هذه المسارات صنعتها ديناصورات عملاقة عاشبة طويلة العنق تسمى سوروبودات. ومن المرجح أن هذه الديناصورات من فصيلة سيتيوصور، وهو من أقارب الديناصور ديبلودوكوس الشهير الذي يبلغ طوله 18 متراً.

وصنع المسار الخامس ديناصور من نوع ميغالوصور، آكل اللحوم الذي كانت لديه أقدام مميزة ثلاثية الأصابع وذات مخالب.

تُظهر هذه الصورة غير المؤرخة من جامعة برمنغهام بصمة قدم ديناصور عُثر عليها في محجر مزرعة ديوارز بأوكسفوردشير بإنجلترا يعود تاريخها إلى 166 مليون عام (د.ب.أ)

وقال الباحثون إن آثار أقدام الحيوانات آكلة اللحوم والعاشبة، التي يرجع تاريخها لنحو 166 مليون سنة، تتقاطع مع بعضها البعض، مما يثير تساؤلات حول مدى وكيفية تفاعل النوعين من الديناصورات.

وكان ميغالوصور أول ديناصور يسمى ويوصف علمياً في 1824 ليبدأ علم الديناصورات والاهتمام العام بها قبل 200 عام.

وقالت إيما نيكولز، عالِمة حفريات الفقاريات في متحف التاريخ الطبيعي بجامعة أوكسفورد: «عرف العلماء عن ميغالوصور ودرسوه لفترة أطول من أي ديناصور آخر على الأرض، لكن هذه الاكتشافات، في الآونة الأخيرة، تثبت أنه ما زالت هناك أدلة جديدة عن هذه الحيوانات تنتظر اكتشافها».

تُظهر هذه الصورة غير المؤرخة من جامعة برمنغهام بصمة قدم ديناصور عُثر عليها في محجر مزرعة ديوارز بأوكسفوردشير بإنجلترا يعود تاريخها إلى 166 مليون عام (د.ب.أ)

وظهرت الآثار المدفونة للنور حين شعر عامل محجر يُدعى غاري جونسون «بنتوءات غير عادية»، أثناء كشط الطين عن أرضية المحجر.

وقالت الجامعتان، في بيان، إن أكثر من 100 باحث نقّبوا بعد ذلك في الموقع، في يونيو (حزيران)، وعثروا على نحو 200 أثر قدم.