«المعرض»... فرصة فنية تأتي مرّة في العمر

برنامج تنافسي... والفائز يحصد 100 ألف دولار ومعرضاً منفرداً

بصيرة خان وشيو في الحلقة الثانية بمتحف بروكلين أثناء التصوير (باراماونت)
بصيرة خان وشيو في الحلقة الثانية بمتحف بروكلين أثناء التصوير (باراماونت)
TT

«المعرض»... فرصة فنية تأتي مرّة في العمر

بصيرة خان وشيو في الحلقة الثانية بمتحف بروكلين أثناء التصوير (باراماونت)
بصيرة خان وشيو في الحلقة الثانية بمتحف بروكلين أثناء التصوير (باراماونت)

قد تلازمك بعض العلل لكونك فناناً في القرن الحادي والعشرين. قد يسدّد هواة الاقتناء لديك ثمن الأعمال من الأموال القذرة. وربما تُرفع شعارات الشركات التجارية غالباً على واجهة معارضك الفنية. وقد يتطلب تجميل صورتك العامة قدراً من المهانة الاستراتيجية المتمثلة في الظهور على شاشات التلفزة.
أما في حالة تلفزيون الواقع، فإن برنامج «المعرض» واقعي إلى حد مريع.
المسلسل المكون من 6 أجزاء، في مشروع مشترك بين قناة «إم تي في» الترفيهية وقناة «سميثسونيان»، انتهى عرضه أول من أمس (الجمعة). تنافس 7 فنانين صاعدين للحصول على جائزة كبرى قدرها 100 ألف دولار ومعرض منفرد (يبدو الجميع ملزمين بلفظة «معرض») في متحف «هيرشورن» و«حديقة النحت» في العاصمة واشنطن. وقد خضعوا للتحكيم من قبل شخصيات فنية عالمية معروفة، بما فيهم آدم بيندلتون، وهو فنان متعدد التخصصات يجمع بين اللغويات والرسم والعمل السياسي؛ وأبيغيل ديفيل، التي تخلق بيئات نحتية من الحطام الحضري؛ وكيني شاتر، الذي قدّم البرنامج بروح فكاهية غير مقصودة باعتباره «فناناً، وكاتباً، ومعلماً، ومن رواد مجال الرموز غير القابلة للاستبدال».

يناقش جمال باربر وجنيفر وارن عملهما في الحلقة الخامسة (باراماونت)

اشتعل لهيب «الأنا» في النفوس وتدفقت الدموع، قليلاً، فهذه ليست معركة مصيرية. والواقع أنه لا توجد قرارات استبعاد أسبوعية: فالجميع، وفقاً للقاضي الرئيسي ومديرة متحف «هيرشورن»، ميليسا تشيو، يستحقون الوجود هناك. وكل شخص يظهر وكأنه إنسان محترم. فالدراما النموذجية لهذا النوع من الفنون قد صُقلت تماماً. الفنانون والمنسقون سيلاحظون، وربما يُثار اهتمام المشاهد العادي، من هذه الشريحة الصغيرة الأنيقة من صناعة الثقافة. أولئك الذين يسعون إلى صفعة سريعة للشماتة سيخيب أملهم. لعل هذا هو السبب الذي جعل برنامج «المعرض» يصل في المتوسط إلى عُشر حجم المشاهدة المحققة للموسم الأول من برنامج «وورك أوف أرت» من إنتاج قناة «برافو» الترفيهية، الذي كان الأكثر إثارة قبل عقد من الزمان.
يختلف برنامج «المعرض» كثيراً عن «وورك أوف أرت» من حيث مهنية المتنافسين. ويتراوح المرشحون المحتملون بين جنيفر وارن، الرسامة من شيكاغو التي علّمت نفسها بنفسها إلى حد كبير، والتي، وفقاً لموقعها على الإنترنت: «تستكشف التيمات الفنية حول الطبيعة، والجمال، والجسد الأسود»؛ إلى كلير كامبو، معلمة الفنون في التعليم الثانوي من نيويورك وتحمل ماجستير الفنون الجميلة من جامعة ييل، والتي تصور هياكل نظام التعليم. إن المهارة الفكرية والتقنية التي يجلبونها عبر «حضورهم» الأسبوعي في البرنامج تجعل اللوحات والمنحوتات والمطبوعات ذات إمتاع بصري ورسوخ مفاهيمي. إنهم جيدون في وصف نواياهم وقبول النقد الموجه إليهم.
يتباين حجم استوديوهات العمل لكل منهم، لكنّ هؤلاء الفنانين بارعون بدرجة كافية في إدراك ما هو على المحك في متحف هيرشورن، وما هو غير ذلك. ساهم جمال باربر، صانع المطبوعات من جورجيا، برسم إيضاحي في مشروع 1619 لمجلة نيويورك تايمز. وهناك فرانك بوفالو هايد، رسام وعضو في قبيلة أونونداغا - نيميايبو (نيز بيرس) الأصلية، لديه 13 عملاً فنياً في مجموعة متحف سميثسونيان الوطني للهنود الأميركيين.
توقف برنامج قناة «برافو» على جائزة العرض المنفرد في متحف بروكلين (في الواقع، كان معرضاً واحداً أطلقت عليه الناقدة كارين روزنبرغ اسم «خزانة أدوات التنظيف عظيمة الشأن!» في صحيفة نيويورك تايمز). وقد قدمت إحدى المتنافسات في برنامج «المعرض»، وهي باسيرا خان، عرضاً منفرداً في المؤسسة نفسها أثناء تصوير حلقات البرنامج. ولا يعني ذلك أن هؤلاء الفنانين لا يناضلون؛ وإنما نحن لا نعلم عن نضالهم ما يكفي. ذلك هو «الفيل» القائم في حديقة النحت. إن تصوير قناة «إم تي في» لعالم الفن يُجمّل اليأس الشديد وانعدام الأمن الموجودين في كل مستويات اللعبة تقريباً.

كلير كامبو إحدى المشاركات بالبرنامج في الحلقة 3 من «المعرض» (باراماونت)

من كان الرابح في أي موسم من موسمي برنامج «وورك أوف أرت»؟ لا أستطيع أن أتذكر أيضاً. حتى جائزة «تيرنر» (أرفع جائزة بريطانية في الفنون المعاصرة) لا تضمن لأحد حياة من الاعتراف الفني بالأسماء، ناهيكم عن الجوائز والعروض المنفردة التي ترعاها شركات مثل «بي إم دبليو»، و«ريد بول»، و«هوغو بوس». إن القيمة المالية للجائزة حقيقية بما فيه الكفاية. لكن الفكرة القائلة إن الفوز بمسابقة ما يضمن حياة مهنية طويلة، هي فكرة غير واقعية بالمرة، بل وربما غير مسؤولة. ليس هناك وصول، وإنما مجرد السعي فحسب. وفي الواقع، كان معرض متحف بروكلين للسيدة باسيرا خان بمثابة جائزة أيضاً في حد ذاته، تحت رعاية شركة «أوفو» لتخزين القطع الفنية وشحنها. تابع بنفسك برنامج «المعرض» جيداً، أو استعرض السير الذاتية المهنية للمتنافسين، ويمكنك وقتئذ تمييز ملامح منتصف الحياة المهنية في الفنون: مشهد متنوع بالغ الفظاظة من المنح والعمولات والجوائز الداعمة للفنانين عبر دورة السخاء والشح في عالم الفن «القائم على الجدارة الفردية».
ومن ثمّ أضف قناة «إم تي في» وقناة «سميثسونيان» (والكيان الأكبر، «باراماونت غلوبال») إلى قائمة العلامات التجارية الممولة للفنانين. على نحو ما، فإن شراكتهم «إطرائية» في المقام الأول، فالفن يمكن أن يكون مثيراً ومتمرداً (في حالة «إم تي في»)، وكذلك رفيع المستوى وعميق الأثر (في حالة «سميثسونيان»). وصف نديم أميري، نائب رئيس المسلسل في استوديوهات «إم تي في» الترفيهية، التحديات التي تواجه نقل الفن إلى تلفزيون الواقع، في رسالة إلكترونية، قائلاً: «كما هو الحال مع أي مسلسل منافس قائم على المهارات، سواء كان لتصميم الفساتين أو خبز الكعكات أو إنشاء أعمال فنية، تبقى التحديات للمنتجين هي نفسها. تكمن في تزويد الجمهور بما يكفي من المعلومات والمعرفة ليتمكنوا من الانسياق والمواكبة، والشعور بأنهم أيضاً يستطيعون تقييم الأعمال في البرنامج».
* خدمة: «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

من الخطابات الرئاسية إلى قراءة الوثائقيات... «محيطاتنا» بصوت باراك أوباما

وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
TT

من الخطابات الرئاسية إلى قراءة الوثائقيات... «محيطاتنا» بصوت باراك أوباما

وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)

ليست الوثائقيات المخصصة لاستكشاف أعماق البحار مادّةً تلفزيونية جديدة، فأول هذه الأعمال يعود إلى عام 1954. ومع مرور السنوات، توالت تلك الأفلام الوثائقية إلى أن باتت تُعَدّ بالآلاف وتملأ شاشات التلفزيون ومنصات البث. صحيح أنّها مادّة عابرة للأزمنة ولا يُملّ منها، غير أنه صار من الصعب إنتاج وثائقي آخر عن عالم ما تحت الماء، وتقديم محتوى جديد ومختلف عمّا سبق.

لعلّ التميّز والاختلاف هما أكثر ما سعى إليه فريق عمل «Our Oceans (محيطاتنا)»، السلسلة الوثائقية الجديدة التي تُعرض على «نتفليكس». وقد اجتمعت عناصر كثيرة لتحقّق هذا الهدف؛ بدءاً باللقطات الحصريّة للمخلوقات البحريّة التي جرى تصويرها بتكنولوجيا تُستَخدم للمرة الأولى ومن مسافاتٍ قريبة جداً، وليس انتهاءً بصوت الراوي... باراك أوباما شخصياً.

وما بين هاتين الميزتَين، عناصر أخرى كثيرة تجعل من مشاهَدة «Our Oceans» تجربة استثنائية، لا تختلف كثيراً عن متابعة مسلسل مشوّق وزاخرٍ بالمؤثّرات البصريّة.

تُخصَصُ كلٌ من الحلقات الـ5 لأحد محيطات هذا العالم، بدءاً بالمحيط الهادئ، وصولاً إلى الجنوبي، مروراً بالهندي والأطلسي والمتجمّد. يقول الراوي إنّ تيّاراً يسافر بين تلك المحيطات ويجعل منها عالماً واحداً. لكن بين الحلقة والحلقة، تختلف السرديّات وتتنوّع المَشاهد، لتبقى نبرة الراوي ثابتةً ومُريحة للسمع.

ليس من المنصف مقارنة موهبة أوباما الصوتيّة بأيقونة وثائقيات الطبيعة، المذيع والعالِم البريطاني ديفيد أتينبورو. فالأخير رائدٌ في مجاله وأحد مؤسسي هذا النوع من الأعمال التوثيقية، بينما أوباما حديث العهد في هذا المجال. قد يغرق الرئيس الأميركي الأسبق في السرد الرتيب أحياناً، إلا أنه يحاول جاهداً أن يجعل من صوته مرآةً للصورة المذهلة، لاجئاً إلى التلوين في النبرة، وإلى خفّة الظلّ المثيرة للابتسام، وإلى التفاعل الصوتيّ البارز مع المَشاهد المُدهشة. فأوباما، إلى جانب كونه موهبة تلفزيونية صاعدة، مدافعٌ شرس عن البيئة البَحريّة، هو الذي ترعرع في جزيرة هاواي الأميركية.

صُوّر الوثائقي بتكنولوجيا متطوّرة أتاحت الاقتراب من الكائنات البحريّة بشكل غير مسبوق (نتفليكس)

يتلاقى صوت أوباما مع نصٍّ كُتبَ بحنكةٍ وإحساسٍ عاليَين، مع لمسةٍ لافتة من الفكاهة. تتميّز السلسلة الوثائقية بسرديّتها التي لا تُشبه النصوص المرافقة عادةً لهذا النوع من المحتوى، وهي ترتكز إلى تقنية الكتابة على الصورة، أي استلهاماً ممّا تقدّمه المحيطات وكائناتها من مَشاهد مذهلة. في «Our Oceans»، تتحوّل الكائنات البَحريّة إلى شخصيات، لكلٍّ منها قصة بما فيها من كفاح وتحديات ومشاعر وعلاقات صداقة وعداوة. وأمام هكذا نص على قدرٍ عالٍ من الإنسانية، لا بدّ للمُتفرّج من أن يتماهى مع المواقف التي تواجه المخلوقات المائية والطيور البَحريّة.

في المحيط الهنديّ، يتعرّف المُشاهد إلى أنثى الحوت التي تسعى جاهدةً لأكل ما تستطيع، من أجل إرضاع صغيرها المولود حديثاً الذي يستهلك الكثير من الحليب. أمّا في المحيط الأطلسي، فيجهّز ذكور سمكة الفرّيدي الأرض لاستقبال إناثها من أجل أن تضع بيضها. تتنافس الأسماك فيما بينها لترتيب المكان وتنظيفه من كل ما قد يزعج الإناث، كالأعشاب والأصداف وحتى نجمات البحر.

يُدرك فريق «Our Oceans» أنّ المعلومات العلميّة وحدَها لا تُقنع الجمهور ولا تكفي لتُعلّقه في شرك العمل. لذلك فقد ارتأى أن يستند إلى المشاعر، من خلال ملاحقة الأسماك وسائر الحيوانات، وتصويرها ضمن مواقف يسهل التماهي البشري معها؛ كما أنثى الدب تلك في حلقة المحيط المتجمّد الشمالي، والتي تبحث بشراسة عن طريدةٍ ما من أجل إطعام صغيرها المتضوّر جوعاً.

ومن بين المَشاهد التي تذهل العين والفكر على حدٍّ سواء، ذاك الأخطبوط الصغير في المحيط الهندي، الذي يصرّ على العثور على طبقتين متجانستَين من إحدى الأصداف، كي يختبئ بينهما من عيون الأسماك المفترسة وأفواهها.

لا يعتمد الوثائقي بث المعلومات العلمية بقدر ما يرتكز إلى نص وتصوير زاخرَين بالمشاعر (نتفليكس)

ما يميّز السلسلة الوثائقية كذلك، مواكبتُها لسلوكيّات المجتمعات البَحريّة. تساعد في التقاط تلك المشاهد عن قُرب، تكنولوجيا متطوّرة جداً تُستخدم للمرة الأولى على هذا العمق. ولم تنتج عن ذلك التصوير الفريد متعة بصريّة فحسب، بل انهماكُ علماء البحار في تحضير 20 دراسة جديدة حول سلوكيّات الكائنات البحريّة، بناءً على ما شاهدوه ضمن السلسلة. مع العلم بأنّ 700 عالِم وباحث شاركوا في تحضير «Our Oceans».

من المواضيع المهمّة التي يلقي الوثائقي الضوء عليها، التلوّث البحري والآثار السلبية للتغيّر المناخي على المحيطات. يأتي ذلك انطلاقاً من الاهتمام الذي يوليه المنتجان المنفّذان، باراك وميشيل أوباما، للتوعية البيئية. وإذا كانت الحلقة الأولى مكرّسة لتصوير السِّحر البحري، فإنّ الحلقة الثانية والخاصة بالمحيط الهندي تُظهر كيف يمكن أن تتحوّل جنّة ما تحت الماء إلى حاوية نفايات ضخمة. وفي هذه الحاوية، كائناتٌ صغيرة وكبيرة تآلفت مع المواد البلاستيكية وسائر أشكال القمامة وباتت تقتات منها.

لا يغفل الوثائقي موضوع التلوّث البحري المتسببة به أيادي البشر (نتفليكس)

ليس الهدف من الوثائقي تجارياً بقَدر ما هو توعويّ إلى خطورة اليد البشريّة على جمال المحيطات. يجتاز فريق العمل 75 ألف ميل انطلاقاً من حب كبير للبحار والمياه التي تغطّي 71 في المائة من مساحة كوكب الأرض. على رأس الفريق، الثنائي الرئاسي الأميركي الأسبَق المنشغل منذ عام 2018 بمشروعٍ ترفيهيّ كبير، هو عبارة عن شركة إنتاج تُدعى Higher Ground.

اجتاز فريق العمل 75 ألف ميل واستعان بـ700 باحث وعالِم بحار (نتفليكس)

أنتجت شركة آل أوباما حتى اللحظة، أكثر من 20 مشروعاً تتنوّع ما بين أفلام روائية، ووثائقيات، ومسلسلات، وبرامج للأطفال، وبودكاست. وتُعتبر معظم تلك الإنتاجات هادفة، بما أنها تتضمّن رسائل توعويّة إنسانياً، وبيئياً، ومجتمعياً.

أمّا الموهبة الصاعدة التي يلوّن صوتُها بعض تلك الأعمال، أي باراك أوباما، فيبدو صاحبَ مستقبلٍ واعد في المجال. تُوّج مجهوده الصوتيّ بجائزة «إيمي» عام 2022 عن فئة أفضل راوٍ. وكان قد حاز سابقاً جائزتَي «غرامي» في الإطار ذاته.