المدارس الصناعية طريق جديد لـ«وظيفة مضمونة» في أميركا

أصبحت تحظى بنظرة إيجابية بعد اعتبارها «مسارًا بديلاً» لفترة طويلة

جوني مارتين المتدربة في «أميريتش» تؤكد أن حياة الطبقة الوسطى متاحة للخريجين (نيويورك تايمز)
جوني مارتين المتدربة في «أميريتش» تؤكد أن حياة الطبقة الوسطى متاحة للخريجين (نيويورك تايمز)
TT

المدارس الصناعية طريق جديد لـ«وظيفة مضمونة» في أميركا

جوني مارتين المتدربة في «أميريتش» تؤكد أن حياة الطبقة الوسطى متاحة للخريجين (نيويورك تايمز)
جوني مارتين المتدربة في «أميريتش» تؤكد أن حياة الطبقة الوسطى متاحة للخريجين (نيويورك تايمز)

مع حجراتها البراقة وفرقها الرياضية وحتى فريق المشجعات، تحمل مدرسة التلمذة الصناعية التي تخدم حوض بناء السفن التابع للبحرية هنا، في ولاية فيرجينيا الأميركية، شبها لا يكاد يذكر بأحد برامج التعليم المهني التقليدية.
وهذا بالضبط هو المغزى.. ففي حين قد يعمل المشجعون كفنيي أنابيب، وكهربائيين وفنيي عزل، إلا أنهم في عطلات نهاية الأسبوع لا يبدون مختلفين بأي شكل عن طلبة الجامعة في أي مكان وهم يهتفون من الخارج لفريق «أبرينتيس سكول بيلدرز».
ولكنه بدلا من تكديس ديون طلابية بعشرات آلاف الدولارات، يحصل طلبة المدرسة على راتب سنوي يقدر بـ54 ألف دولار بحلول السنة النهائية للبرنامج الذي مدته أربع سنوات. وعند التخرج، يحصلون على وظيفة مضمونة في «هانتنغتون إنغالز إنداستريز»، المتعاقدة مع الجيش الأميركي والمالكة لشركة «نيوبورت نيوز لبناء السفن».
قالت سارة ستاينبرغ، نائبة الرئيس لشؤون تعزيز الرفاهية العالمية في شركة «جيه بي مورغان تشيز» المصرفية: «مدرسة التلمذة الصناعية هي المعيار الذهبي لما يمكن أن يكون عليه برنامج تلمذة صناعية عالي الجودة».
إن فكرة برامج التلمذة الصناعية تتمتع الآن بنظرة جديدة في كثير من الدوائر، بعد أن ظلت تعتبر طويلا كمسار بديل عن المسار الجامعي بالنسبة إلى الآباء والطلاب وكثير من المعلمين. وقد حازت الفكرة مؤخرا على اهتمام الكثير من المرشحين الرئاسيين من كلا الحزبين (الديمقراطي والجمهوري)، في ظل نظرة على نطاق واسع إلى برامج التلمذة الصناعية المستهدفة لأصحاب العمل على أنها طريقة لاستمالة الأميركيين الغاضبين، ممن يبحثون عن مسار بديل لتأمين وظيفة متوسطة الدخل.
اقترحت هيلاري رودهام كلينتون الشهر الماضي خطة من شأنها أن تقدم للشركات إعفاء ضريبيا بقيمة 1500 دولار لكل شريحة تدريبية يملأونها. بينما سيناتور فلوريدا، ماركو روبيو، المتنافس على الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، تعهد في كلمة أوضح فيها معالم خطته الاقتصادية، بتوسيع برامج التلمذة الصناعية والتدريب المهني إذا قدر له الوصول إلى البيت الأبيض.
أما حاكم وسكونسن، الجمهوري سكوت والكر، الذي دخل سباق الانتخابات التمهيدية الرئاسية رسميا قبل أيام، فقد روج لبرامج التلمذة الصناعية في ولايته وزاد التمويل لها حتى في الوقت الذي خفض فيه المساعدات لنظامها الجامعي المرموق.
وقال توماس بيريز، وزير العمل، وهو يصف كيف دربت الشركات الكبرى الشباب لوقت طويل في ألمانيا، التي لديها 40 من التلاميذ الصناعيين لكل ألف عامل، مقارنة بواحد فقط لكل ألف عامل في الولايات المتحدة: «نحن نعرف أن الأمر هذا ناجح». وتابع: «ليس من الصعوبة بمكان أن نعرف لماذا لدى الألمان معدل بطالة بين الشباب أقل بمقدار النصف من نظيره هنا».
ولكنّ هناك جانبا سلبيا للنهج الابتكاري المستخدم في مدرسة التلمذة الصناعية، يتمثل في الجمع بين التعليم القائم على المهارات، والخبرة الجامعية وتكلفة مجانية فعليا لطلبتها الذين يصل عددهم لنحو 800 (حتى الخواتم الدراسية التذكارية والكتب مدفوعة الأجر): قلما تكرر هذا النهج في مكان آخر.
وعلى الرغم من ورود ذكرها على نحو لافت على لسان الرئيس الأميركي باراك أوباما في كثير من خطابات حالة الاتحاد والدعم من الحزبين في الكونغرس، فإن برامج التلمذة الصناعية قد ناضلت لتنال موطئ قدم بين أصحاب العمل.
وعلاوة على هذا، فقد تعرضت البرامج للتخريب بفعل الخسائر الحادة في وظائف التصنيع والبناء التي بدأت مع الركود الماضي.
فخلال الفترة ما بين 2007 و2013، تراجع عدد المتدربين الصناعيين العاملين في الولايات المتحدة بمقدار ما يزيد على الثلث، من نحو 450.000 إلى 288.000 فقط وفقا لبيانات وزارة العمل. وفي 2014، زاد هذا العدد للمرة الأولى منذ الركود، حيث ارتفع بمقدار 27.000.
أما الآن، فقد وضع السيد بيريز هدفا بمضاعفة عدد الدارسين بحلول 2018. وقد سافر في أواخر يونيو (حزيران)، إلى ولاية كارولينا الشمالية، حيث انضم إليه اثنان من أعضاء الكونغرس هناك، لتسليط الضوء على جهود واشنطن لتوسيع برامج التلمذة الصناعية بما في ذلك تقديم منح جديدة بقيمة مائة مليون دولار خلال الخريف.
وفي مورسفيل، قال السيد بيريز، وهو يتفقد عمال المصنع ويلقي كلمة في شركة «أميريتش داي آند مولد»، والتي عقدت شراكة مع مدارس ثانوية محلية وإحدى الجامعات القريبة لاستقدام وتدريب المتدربين المهنيين، قال إن المطلوب لم يكن مجرد زيادة في التمويل الحكومي أو برامج جديدة من القطاع الخاص.
وقال بيريز لمستمعيه، والذين كان من بينهم الكثير من آباء متدربين مهنيين يعملون حاليا في «أميريتش»: «على المستوى التعليمي، نحن بحاجة لاستراتيجية شاملة لتغيير قلوب وعقول الآباء.. هناك كليات بنظام الأربع سنوات وانتقائية للغاية ويعد الالتحاق بها أسهل بكثير من أي برامج أخرى للتلمذة الصناعية».
وتتلقى مدرسة التدريب المهني أكثر من أربعة آلاف طلب التحاق لنحو 230 مجالا مختلفا سنويا، مما يعطي معدل قبول يعادل نظيره في هارفارد تقريبا.
وربما كان السبب الأكبر لإظهار التلاميذ وآبائهم مزيدا من الاهتمام ببرامج التعليم المهني يكمن في المعادلة المالية. ففي حين يغادر الخريج التقليدي لإحدى الكليات الخاصة التي تعمل بنظام الأربع سنوات الحرم الجامعي في 2014 وهو مدين بنحو 45 ألف دولار عن السنة الواحدة، يتخرج طلبة المدارس المهنية من دون ديون ويمكنهم أن يربحوا ما يقرب من 10 آلاف دولار في أول وظيفة يلتحقون بها.
كما أن البرامج الأخرى واعدة بنفس القدر. فبالنسبة إلى عمال «أميريتش» مثل شين هارمون، الذي أنهى فترة تلمذة مهنية هناك في 2012 وحصل على درجة زميل في كلية «سنترال بيدمونت كوميونيتي كوليدج» ضمن البرنامج، فإن تمتعه بنمط حياة من الطبقة الوسطى أصبح في المتناول بالفعل.
وقال هارمون إن كثيرا من أصدقاءه في فترة التعليم الثانوي تخرجوا في الجامعة وعادوا للعيش مع آبائهم. لكنه في المقابل، يمتلك منزلا بالفعل وهو في عامه الـ23، ولا يتحمل أي دين دراسي ويحصل على 18 دولارا في الساعة. وقال: «لم أشأ أن أجلس في حجرة الدراسة لأربع سنوات، ولا أعرف ما إذا كنت سأحصل على وظيفة.. أنا رجل عملي».
إن المفاضلة ما بين التعليم الجامعي والمهني تثير على نحو لا مفر منه واحدا من أكثر الأسئلة إشكالية على الصعيدين التعليمي والاقتصادي اليوم: «من ينبغي - أو لا ينبغي - أن يلتحق بالجامعة؟».
لقد كان السيناتور السابق عن ولاية بنسيلفينيا، ريك سانتورم، وهو متنافس سابق في الانتخابات الرئاسية في 2012، محل سخرية في بعض الدوائر، عندما بدأ طرح هذه المسألة خلال آخر حملة له للفوز بالانتخابات التمهيدية.
كما أن البيانات الاقتصادية تظهر أن معظم حملة درجة البكالوريوس سيربحون أكثر بكثير على مدار سنوات عملهم مقارنة بخريجي التعليم الثانوي التقليدي الذين يتمتعون بتدريب تقني، وأكثر بكثير من حملة درجة الزمالة.
ولكن هذه ليست المسألة الحقيقة بالنسبة إلى كثير من الشباب، بحسب ما يقول مايك بيترز، الرئيس التنفيذي لـ«هانتنغتون إنغالز»، والتي تملك مدرسة التلمذة الصناعية وتدعمها ماليا.
يقول السيد بيترز: «إذا كنت من ثلثي الأميركيين الذين لا يحملون درجة جامعية، فما يكون شعورك لو أن شخصا ما قال إن عليك الحصول على هذه الدرجة إذا أردت النجاح؟ لا يجب أن يكون ذلك شرطا ليعيش المرء حياة في مستوى الطبقة المتوسطة. لدينا أناس في منظمتنا لا يحملون هذه الدرجة وهم عظماء، وكونوا عائلات وعاشوا حياة رائعة».
«ليس من الضروري أن تكون هذه الدرجة شرطا وإما فلا»، على حد قول إفريت جوردان، مدير مدرسة التدريب المهني. وتسمح شراكة جديدة بين مدرسة التلمذة الصناعية وجامعة «أولد دمينيون» في نورفولك القريبة، بولاية فيرجينيا، بالحصول على دراسات تلمذة صناعية لنيل درجة البكالوريوس في فترة من 5 إلى 8 سنوات، وتتحمل هانتنغتون إنغالز تكاليفها.
ويلفت السيد جوردان، وهو نفسه متخرج في مدرسة التلمذة الصناعية عام 1977، إلى أن خريجين آخرين مضوا للحصول على درجات في الطب والأعمال وغيرها من المجالات، وعملوا كتنفيذيين كبار في هانتنغتون إنغالز. وهو يقدر أن 85 في المائة من الدفعة الحالية سوف يشغلون عددا أكبر من المواقع بأجور أعلى في الشركة.
ولكنه بصرف النظر عن الجهود الكبيرة التي يبذلها السيد إفريت وغيره من المديرين لمحاولة جعل مدرسة التلمذة الصناعية مشابهة للكلية التقليدية، فإن صلتها بمتعاقد عسكري تعني أنها تعد أكثر شبها من بعض الأوجه بأكاديمية عسكرية كبرى مثل «ويست بوينت»، مقارنة بجامعة تقليدية.. ويعتبر هذا إضافة بالنسبة إلى كثير من الناس.
وعلى سبيل المثال، يحصل الطلبة على التدريب في قواعد الطهي، وكيف يشترون منزلا وكيف يستعدون للمقابلات الوظيفية.
وعلى هذه الشاكلة، فإن وجود زبون مكرس يملك جيوبا عميقة – وهو البنتاغون – يمكن «هناتنغتون إنغالز» من تغطية الـ270 ألف دولار وهي ما يتكلفه كل متدرب.
وقال السيد بيترز: «العامل صاحب المهارة هو مصلحة عامة»، وكان بحديثه هذا أشبه بالعمدة بيل دي بلاسيو، عمدة مدينة نيويورك، والسياسيين الليبراليين عنه من المسؤولين التنفيذيين المحافظين. وقال: «هل تعطي للأطفال دروسا في السباحة أم أنك تأخذهم وترمي بهم إلى قاع النهر وبعدها ترى إن كانوا يستطيعون السباحة؟ نحن نؤمن بدروس السباحة».
وأضاف: «كانت مدرسة التلمذة الصناعية وستظل إلى الأبد حجر الزاوية لما نفعله هنا. أعرف أن هناك اختلافا في الرؤى ما بين الولايات الحمراء والزرقاء (نسبة إلى الحزبين الكبيرين).. أما هذه فهي رؤية باني السفن».
* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.