البامية.. من واشنطن للخرطوم

طبق الفقراء والأغنياء

البامية.. من واشنطن للخرطوم
TT

البامية.. من واشنطن للخرطوم

البامية.. من واشنطن للخرطوم

لم يكتف بالشكر وإكرامية تتناسب وسعر الصحن الذي تناوله وإنما دفع بقشيشا وصل إلى ألفين دولار. ألف منها للطباخ فيما لم يتجاوز ثمن مأكله 95 دولارًا.
هذا ما تضمنه خبر من واشنطن نقلته وكالة «رويترز» عن زبون يعشق البامية ولا يمل من تناولها بذلك المطعم شبه المتخصص في طبخها.
فما سر البامية التي أصبحت من الأطباق التي تجد ذلك التقدير عالميا لا سيما في العاصمة الأميركية؟ هذا بجانب الحديث عن البامية كمادة تجميل تدخل في صنع «ماسكات» لشد البشرة ونضارتها وبلسمات للشعر بالإضافة لنصائح تشجع على أكل البامية وشربها كعلاج.
عرفت أفريقيا البامية منذ قديم الزمان كخضار بسيط يمكن أن ينمو عشوائيا ويمكن طهيه بأكثر من طريقة مما جعله في متناول الفقراء ويحبه الأثرياء.
من جانبهم يعتز أهل الشام بباميتهم ويقولون إنها الأطيب والأطول فيما يعشقها البرازيليون كطعام يملأ المعدة بسعرات حرارية قليلة تتناسب وهوسهن بالحميات الغذائية.
بدورهم وكما يأكل الكاريبيون الموز مجففا فإنهم يقرمشون البامية، أما في الهند فالبامية خيار المهراجات ومعشوقة الفقراء يأكلونها مقلية مع قليل من الكزبرة والطماطم.
وللبامية في السودان مكانتها الرفيعة باعتبارها أساس أكثر الأطعمة السودانية انتشارا، وغالبا ما تباع بأسعار عالية جدا قبل بدء شهر رمضان المبارك.
في العاصمة النمساوية فيينا وبسوق «الناش ماركت» أكبر أسواق المدينة للخضراوات والفواكه التي ترد يوميا من معظم دول العالم تتوفر البامية وتباع بالحبة أو القرن وليس بالكوم وقد يصل سعر 7 قرون إلى 5 يوروات.
يستورد النمساويون البامية من غانا ومن المكسيك ويبيعها تجار روس وأتراك وقال تاجر عربي الأصل لـ«الشرق الأوسط» إن عقود البامية التي كانت تصلهم مجففة وتأتي من سوريا.
وكما تتعدد فوائد البامية تتعدد أسماؤها وطرق طبخها بل وألوانها، وإن كان اللون الأخضر هو الأكثر انتشارا هناك بامية حمراء.
يسمي المصريون البامية باسم القناوية وفي تونس يقولون ملوخية وبالإنجليزية اسمها أوكرا فيما تنتشر تسميتها عندما تكون طويلة ورفيعة بـ«أصابع السيدة» أو Lady›s finger.
يطلق السودانيون على البامية الناشفة اسم «ويكة» وأجود أنواع الويكة تلك اللزجة ومع ما تشهده أسعار الخضراوات عموما والبامية من غلاء فإن اللزوجة مطلوبة جدا حتى يكفي أقل القليل حتى يغلظ قوام «الملاح» ويزداد طعامه.
تحتوي البامية على عدد من الفيتامينات ومن أهمها فيتامين «سي» ولهذا تدخل في صنع عدد من المواد التجميلية كمغذ ومرطب للبشرة. ولاحتوائها على بروتينات تصنع كبلسم للعناية بالشعر، كما يستفاد من لزوجتها كأقنعة تشد البشرة تتوفر على هيئة معجون.
كذلك تحتوي البامية على ألياف طبيعية مما يجعلها مطهرًا فعالاً للقولون وعلاجًا ناجعًا ضد الإمساك كما تساعد على حرق الدهون.
ومع زيادة الاهتمام بالصيدليات الشعبية والعلاجات الطبيعية البديلة ينصح كثيرون بشرب منقوع البامية لتنظيم نسبة السكر في الدم.
تباع البامية كقرون طازجة وتتوفر مثلجة ومعلبة ومخللة ومجففة ومسحونة وتصنف علميا في رتبة الخبازيات وشعبتها بذريات وصنفها ثنائيات الفلقة.
تتفنن الشعوب في طهي البامية وتطبخ رفيعة كشوربة، ومقلية مع البندورة والكزبرة كمقبلات. وكطاجن تضاف إلى اللحم أو الدجاج في معظم المطابخ عالميا ومع الاثنين معا في أكثر دول غرب أفريقيا.
وفي السودان يفضلون القرون الطويلة ويقطعونها حلقات ثم يضيفونها لمرق اللحم وما إن تنضج اللحم ويفركونها ومن ثم يضاف إليهما الثوم المدقوق محمصا في قليل من زيت السمسم لتؤكل غالبا كطبق رئيسي وقت الغداء مع الكسرى (نوع من الخبز). وما أطعمها بصحبة سلطة طماطم وبصل مع الفول السوداني المسحون.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».