«المركزي» المصري أمام أزمات متعددة وخيارات محدودة

9 جنيهات فرقاً بين سعر الصرف الرسمي للدولار والعقود الآجلة للجنيه

البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)
البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)
TT

«المركزي» المصري أمام أزمات متعددة وخيارات محدودة

البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)
البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)

تدخل لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري اجتماع اليوم (الخميس)، بخيارات محدودة في احتواء الصدمات المتلاحقة على الاقتصاد المصري، بينما تبقى الأزمات، سواء المحلية أو العالمية، متعددة بل تتزايد.
ويبدو أن «المركزي» المصري سيضطر إلى رفع أسعار الفائدة في اجتماع اليوم لكبح جماح التضخم، الذي ارتفع إلى أعلى مستوى على الإطلاق في البلاد. غير أن رفع الفائدة سيخفض من فرص زيادة معدلات النمو، في بلد يتخطى فيه التعداد السكاني، 100 مليون نسمة، وسيزيد من عبء خدمة الدين على الحكومة.
وبالنظر إلى أسباب ارتفاع التضخم، فسيستحوذ تراجع العملة المحلية إلى مستويات قياسية لم تشهدها من قبل، أمام الدولار، على النسبة الأكبر، يليه تراجع المعروض من السلع في السوق المحلية نتيجة عدم توافر الدولار، الأمر الذي يزيد الطلب أمام نقص المعروض، مما يرفع الأسعار.
اقترن كل هذا بالتزامن مع مواسم وأعياد يزداد فيها الطلب على السلع والخدمات، مما زاد من قيمة بعض السلع 100 ضعف، وأضاف عبئاً كبيراً على الأسر والمواطنين.
أظهر استطلاع أجرته «رويترز» يوم الاثنين، أنه من المتوقع أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة لليلة واحدة 200 نقطة أساس اليوم (الخميس)، في الوقت الذي يكافح فيه للسيطرة على التضخم المتصاعد.
وحسب متوسط التوقعات في الاستطلاع الذي شمل 15 محللاً، سيرفع البنك سعر الفائدة على الإيداع إلى 18.25 في المائة وعلى الإقراض إلى 19.25 في المائة خلال الاجتماع الدوري للجنة السياسة النقدية بالبنك. وتوقع سبعة من المحللين زيادة قدرها 300 نقطة أساس.
وخلال اجتماعه الماضي في الثاني من فبراير (شباط)، أبقى البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير على الرغم من توقعات المحللين زيادة قدرها 150 نقطة أساس، قائلاً إن الزيادات الحادة في أسعار الفائدة التي فرضها على مدى العام السابق من شأنها أن تساعد في ترويض التضخم الذي بلغ في ديسمبر (كانون الأول) 21.3 في المائة، في أعلى مستوى منذ خمس سنوات. ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة بما بلغ إجمالاً 800 نقطة أساس منذ أن غزت روسيا أوكرانيا في أوائل 2022. وخفضت مصر قيمة عملتها بشكل حاد ثلاث مرات منذ أن كشف الغزو الروسي لأوكرانيا عن نقاط الضعف في ماليتها العامة. ولكن مع كل تخفيض لقيمة العملة، كان البنك المركزي يسعى بعد ذلك إلى الحفاظ على استقرار الجنيه، غير أنه سرعان ما تتجاوز السوق السوداء والعقود الآجلة غير القابلة للتسليم السعر الجديد.
وقال جيرجي يورموشي، من بنك «سوسيتيه جنرال»، وفق «رويترز»، إنه مع تجاوز سعر الجنيه في العقود الآجلة غير القابلة للتسليم لمدة 12 شهراً 40 جنيهاً للدولار، فإن تخفيض قيمة الجنيه على نطاق واسع مسألة وقت.
وأضاف يورموشي: «لا يوجد وقت مثل الوقت الحالي لمواءمة أسعار الصرف مع الأساسيات»، مضيفاً أن الإعلان في 30 مارس (آذار) هو «أحد أكثر الأحداث المتوقعة في منطقة» أفريقيا.
كما أن ضعف العملة وارتفاع التضخم، الذي بلغ أعلى مستوى في خمسة أعوام ونصف العام في فبراير عند 31.9 في المائة، زادا من الضغط على البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة حتى لو زاد ذلك تكاليف خدمة الديون الحكومية المتصاعدة. ومن بين ديون مصر الخارجية الكبيرة، هناك 3.5 مليار دولار من المدفوعات لبرامج صندوق النقد الدولي السابقة التي تستحق بحلول نهاية العام الجاري.
وتُظهر السوق السوداء استمرار نقص العملة الصعبة الذي تعاني منه مصر منذ ما يزيد على عام.
وقال فاروق سوسة، من «غولدمان ساكس»: «الطلب على النقد الأجنبي مستمر في تجاوز المعروض مما يوفر الظروف لنمو السوق الموازية». وأضاف: «تقلصت خيارات مصر إلى خيار بسيط: إما تحسين وضع المعروض من النقد الأجنبي من خلال مبيعات الأصول والإصلاحات، وإما خفض الطلب على العملة الصعبة عبر مزيد من الإجراءات المؤلمة».
وسعت مصر إلى تجنب تلك الإجراءات عندما أعلنت عن خطة طموح لبيع الأصول الحكومية قبل عام. ومع ذلك، توقف البرنامج مع عدم وجود مبيعات كبيرة منذ أن اتفقت مصر على حزمة دعم مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر (تشرين الأول).


مقالات ذات صلة

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

الاقتصاد وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

قال وزير المالية المصري إن بلاده تتطلع إلى موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يوم 29 يوليو الحالي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية لتشديد عقوبات «سرقة الكهرباء»

وسط إجراءات مصرية مكثفة لاستمرار «تنفيذ خطة عدم قطع الكهرباء» في البلاد، تدرس الحكومة المصرية تشديد عقوبات «سرقة الكهرباء».

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عامل في محطة وقود بالعاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر ترفع أسعار الوقود محلياً قبل مراجعة من صندوق النقد

رفعت مصر، الخميس، أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود، قبل 4 أيام من إجراء صندوق النقد الدولي مراجعة لبرنامج قروض موسع للبلاد بقيمة 8 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

محللون يتوقعون نمو الاقتصاد المصري 4 % في السنة المالية الجديدة

توقع اقتصاديون أن يكون نمو الاقتصاد المصري أبطأ قليلاً في السنة المالية الجديدة، عند 4 % عما كان متوقعاً في أبريل (نيسان) الماضي، عند 4.3 %.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)

الدين الخارجي لمصر يسجل أكبر تراجع تاريخي

قال مصدر رفيع بالبنك المركزي المصري، إن الدين الخارجي يتراجع من مستوياته المرتفعة، ليسجل «أكبر تراجع تاريخي، بقيمة تتجاوز 14 مليار دولار منذ ديسمبر 2023».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)

قال وزير المالية المصري أحمد كجوك، إن بلاده تتطلع إلى موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يوم 29 يوليو (تموز) الحالي، «ونستهدف استمرار المراجعات القادمة بنجاح، والعمل على مسار الحصول على تمويل من صندوق المرونة والاستدامة».

وأكد الوزير، في بيان صحافي، السبت: «إننا نتعامل في مصر بتوازن شديد مع تداعيات جيوسياسية مركبة، في إطار برنامج شامل لتحسين الأداء الاقتصادي».

وأجرت بعثة من صندوق النقد الدولي، زيارة إلى القاهرة في مايو (أيار) الماضي، لإجراء المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي. لكنه أجّل مناقشة صرف الشريحة الثالثة من القرض الممنوح لمصر بقيمة 820 مليون دولار، إلى 29 يوليو الحالي، بعدما كانت على جدول اجتماعاته المقررة 10 يوليو.

واعتمد مجلس الصندوق في نهاية مارس (آذار) الماضي، المراجعتين الأولى والثانية، في إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر، ووافق على زيادة قيمة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار، ليصل إجماليها إلى 8 مليارات دولار، ما سمح لمصر بسحب سيولة من الصندوق بنحو 820 مليون دولار على الفور.

وخلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي، على هامش اجتماعات «مجموعة العشرين» في البرازيل، قال الوزير: «إننا ملتزمون بتحقيق الانضباط المالي من أجل وضع مسار دين أجهزة الموازنة للناتج المحلي في مسار نزولي، ونستهدف خلق مساحة مالية كافية تتيح زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، ونعمل أيضاً على خفض معدلات التضخم لضمان استقرار الأسعار لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، ومساندة تنافسية الشركات».

وأشار الوزير إلى أن أولوية الحكومة خلال الفترة المقبلة زيادة حجم استثمارات القطاع الخاص ودفع الأنشطة الإنتاجية والتصديرية، وكذلك تطوير بيئة الأعمال لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لافتاً إلى «أننا نعمل على تبسيط الإجراءات الخاصة بمنظومتي الضرائب والجمارك لإعادة بناء الثقة بين مجتمع الأعمال والإدارة الضريبية وتحسين الخدمات للممولين».

وأوضح كجوك، أن بلاده حريصة على دفع الإصلاحات الهيكلية ودفع الاستثمارات الخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا وتحلية المياه والبنية التحتية، مشيراً إلى العمل أيضاً على «اتساق السياسات الاقتصادية من خلال وضع سقف لإجمالي الاستثمارات العامة والضمانات الحكومية ونسبة دين الحكومة العامة للناتج المحلي».

على صعيد موازٍ، عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي المصرية، لقاءاتٍ مكثفة مع وزراء الاقتصاد والتنمية والتعاون الدولي، إلى جانب مسؤولي مؤسسات التمويل الدولية، المُشاركين في الاجتماع الوزاري لـ«مجموعة العشرين» بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، وذلك لبحث أولويات التعاون المشترك وتعزيز الشراكات المستقبلية في ضوء أولويات وبرنامج الحكومة.

والتقت المشاط بكل من: أحمد حسين وزير التنمية الدولية الكندي، وإيفا جرانادوس وزيرة الدولة للتعاون الدولي الإسبانية، وريم الهاشمي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي في حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، وسيفينا شولز الوزيرة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، وأنيليز جين دودز وزيرة الدولة لشؤون المرأة والمساواة في المملكة المتحدة، وخوسيه دي ليما وزير الدولة للاقتصاد الأنغولي، وكريسولا زاكاروبولو وزيرة الدولة للتعاون الإنمائي بفرنسا.

كما عقدت الوزيرة لقاءً مع جوتا أوربيلينين المفوضة الأوروبية للشراكات الدولية، وسيندي ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، وريبيكا جرينسبان الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، كما التقت أنيل كيشورا نائب الرئيس والمدير التنفيذي لبنك التنمية الجديد (NDB)، وألفارو لاريو رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد).

وخلال اللقاءات ناقشت المشاط، فُرص التعاون المستقبلي مع الاتحاد الأوروبي استمراراً للشراكة الاستراتيجية بين الجانبين وجهود تعزيز الاستثمارات من خلال آلية ضمان الاستثمار التي يجري تنفيذها، وكذلك تعزيز جهود الإصلاحات الهيكلية.