ميقاتي لن يعتكف... وجلسة للحكومة الأسبوع المقبل

موقفه الأخير «صرخة أولى» للتحذير من التشنجات والاصطفافات

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مستقبلاً  السفير السعودي وليد بخاري أمس (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مستقبلاً السفير السعودي وليد بخاري أمس (الوكالة الوطنية)
TT

ميقاتي لن يعتكف... وجلسة للحكومة الأسبوع المقبل

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مستقبلاً  السفير السعودي وليد بخاري أمس (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مستقبلاً السفير السعودي وليد بخاري أمس (الوكالة الوطنية)

في ظل التأزم السياسي الذي يعيشه لبنان في هذه المرحلة، أتى تلويح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالاعتكاف، وإعلانه أن قدرته على التحمل «قيد النفاد» ليثير علامات استفهام عن شكل المرحلة المقبلة.
وفي حين أتت صرخة ميقاتي يوم الاثنين الماضي، إثر الإشكال الذي نشأ على خلفية القرار الحكومي بتمديد التوقيت الشتوي وردود الفعل عليه التي اتخذت منحى طائفيا، فإن استياءه يرتبط بمسار سياسي يشهده لبنان في الفترة الأخيرة حيث الخلافات والتعقيدات تصب خارج الخلافات الجوهرية، وفق ما يقول مستشار ميقاتي الوزير السابق نقولا نحاس.
ويصف نحاس في حديثه لـ«الشرق الأوسط» موقف ميقاتي الأخير بـ«التنبيه والصرخة الأولى» للحد من الخلافات والابتعاد عن التشنج الذي وصل إلى مرحلة خطرة في مقاربة القرار المتعلق بالتوقيت، مشيرا إلى أنه لن يتجّه إلى الاعتكاف في الوقت الحالي إنما أطلق صرخته للقول إن الخلافات تصب خارج المشكلات الجوهرية التي يعاني منها لبنان واللبنانيون، وبالتالي استمرار مقاربة الأمور بهذه الطريقة مع الاصطفافات الطائفية سيؤدي إلى مزيد من التأزم لا سيما في ظل الأوضاع الدقيقة التي تمر بها البلاد.
ويكشف نحاس أن ميقاتي سيدعو إلى جلسة للحكومة الأسبوع المقبل، وذلك بعدما كان قد ألغى جلسة مجلس الوزراء التي دعا إليها الاثنين الماضي للبحث في بند واحد يتعلق بانعكاسات الأوضاع المالية والنقدية على الرواتب والأجور في كل القطاعات، ثم عاد وأعلن عن إلغائها على وقع الخلاف الحاصل حول التوقيت ردا منه على ما اعتبره «محاولة لجر البلاد إلى انقسام طائفي لتأجيج الصراعات وإعطاء إجراء إداري بحت منحى طائفيا بغيضا»، بحسب بيان إلغاء الجلسة.
ويرفض نحاس القول إن الضغوط السياسية تقيّد عمل ميقاتي، ويؤكد أن «رئيس الحكومة يدرك جيدا صلاحيات مجلس الوزراء في مرحلة تصريف الأعمال، بحيث تنحصر في المجالات الضيقة ولا تملك القدرة لإقرار اقتراحات قوانين وخطط مستقبلية، لكنّه يؤكد في المقابل أن استمرار عمل المرفق العام هي قضية فوق الدساتير، وتبقى الأساس بالنسبة إلى ميقاتي الذي يعمل عليها، وكل ما يقوم به يصب في هذا الاتجاه».
ومن الناحية الدستورية، يقول الخبير القانوني والدستوري سعيد مالك، لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس هناك في الدستور ما يسمى الاعتكاف، وهذه الخطوة في حال حصلت تعتبر موقفاً سياسياً ليس دستورياً أو قانونياً إنما يعكس امتعاضاً أو موقفاً من أمر معين يؤدي إلى اتخاذ قرار من قبل مسؤول بالانقطاع عن عمله».
لكنه يؤكد في الوقت عينه أن «هناك مسؤوليات ملقاة على رئيس الحكومة والوزراء وإن كانوا في مرحلة تصريف الأعمال»، مشيرا إلى أن «المادة 70 من الدستور تنص على أنهم في حال انقطعوا عن العمل أو ألحقوا ضررا أو أذى أو مخالفة للواجبات الوظيفية المترتبة عليهم، ما يؤدي إلى إلحاق الضرر بالبلاد، يصار إلى مساءلتهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فضلا عن الملاحقة الجزائية لتمنعهم عن القيام بعمل وألحقوا الضرر في المجتمع».
وفيما يعتبر مالك أنه لا يمكن القول إن حكومة تصريف الأعمال تخالف الدستور في جلساتها الأربع التي عقدتها حتى الآن، يلفت إلى أن الجلسات الثلاث الأولى كانت فضفاضة، حيث لم تكن بعض بنودها ملحة وطارئة ويمكن إرجاؤها، لكن الجلسة الرابعة كانت كل بنودها طارئة، علما بأنها اتخذت عددا من القرارات منها مساعدات إضافية إلى الأساتذة الذين أعلنوا بعدها العودة عن إضرابهم الذي استمر أكثر من شهرين.
مع العلم أن حكومة ميقاتي تحوّلت إلى تصريف الأعمال منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون وباتت صلاحياتها مقيدة وفق الدستور، لكن رغم ذلك تلقى الجلسات التي يدعو إليها ميقاتي اعتراضا من قبل بعض الأطراف ولا سيما المسيحية منها، وأبرزها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي شنّ مرات عدة هجوما على ميقاتي متهما إياه بمخالفة الدستور. وكان انعقاد الجلسات التي حضرها الوزراء التابعون لـ«حزب الله» حليف باسيل، سبباً إضافياً في توتّر العلاقة بينهما، التي وصلت إلى حد فك التحالف «غير المعلن»، إلى جانب أمور خلافية أخرى وعلى رأسها انتخابات رئاسة الجمهورية.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«تسخين» إيراني - أميركي شرق سوريا وغارات روسية مكثفة على مواقع «داعش»

حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)
حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)
TT

«تسخين» إيراني - أميركي شرق سوريا وغارات روسية مكثفة على مواقع «داعش»

حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)
حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)

بعد أقل من يومين على تحذيرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس السوري بشار الأسد من اتجاه الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط نحو التصعيد، شنَّت قوات التحالف الدولي غارات جوية على مواقع ميليشيات رديفة للقوات الحكومية السورية تابعة لإيران في شرق سوريا، ليل الجمعة - السبت، وذلك رداً على استهداف قاعدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في حقل غاز «كونيكو» بريف دير الزور، فيما أفادت مصادر إعلامية السبت بقيام طائرة استطلاع وتجسس أميركية بمسح جوي في المنطقة الجنوبية والعاصمة دمشق وريفها وحمص حتى الساحل السوري ولبنان، كما شهدت الحدود السورية - العراقية، شمال شرقي محافظة الحسكة، تحليقاً مكثفاً لطائرات التحالف الدولي.

بالتوازي، شنَّت قوات الجو الروسية غارات مكثفة على مواقع لتنظيم «داعش» في بادية تدمر والسخنة في ريف حمص الشرقي، وفق ما ذكره «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، يوم السبت، لافتاً إلى أن هذه الغارات جاءت بعد فترة من تسجيل تراجع ملحوظ في الغارات الروسية على مواقع تنظيم «داعش»، قياساً إلى أكثر من 100 غارة جوية نفذتها على مواقع «داعش»، في بادية حماة وحمص ودير الزور والرقة، خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وترافقت الغارات الجوية الروسية المكثفة السبت مع حملة التمشيط التي تقوم بها القوات الحكومية بدعم من سلاح الجو الروسي من بادية حماة الشرقية، وصولاً إلى بادية الرقة الغربية، وبادية تدمر والسخنة وجبالها في ريف حمص الشرقي وتلال البشري وكباجب والتبني ومعدان، جنوب دير الزور، وفق ما ذكرته مصادر محلية قالت إن غارات السبت تركزت على منطقة السخنة، وصولاً إلى كباجب وجبال البشري الممتدة على طول البادية، وترافقت مع تحليق طائرات استطلاع روسية.

وكان الرئيس الروسي قد حذر من أن «الوضع يزداد توتراً في الشرق الأوسط»، خلال استقباله الرئيس السوري، يوم الأربعاء الماضي، في موسكو، معتبراً «المباحثات مع الأسد فرصة لبحث كل التطورات والسيناريوهات المحتملة»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء السورية (سانا)»، لافتة إلى أن الرئيس الأسد رد بأنّ كلاً من سوريا وروسيا «مرّ بتحديات صعبة واستطاعا تجاوزها دائماً»

وتوقعت المصادر ارتفاع درجة التسخين الإيراني - الأميركي شرق سوريا، حيث مراكز وجودهما الأقوى في سوريا والمنطقة، بهدف تعزيز كل منهما مواقعه، ولفتت إلى وجود مخاوف من استغلال تنظيم «داعش» التوتر الحاصل للعودة إلى نشاطه شرق سوريا، وربما هذا ما دفع الجانب الروسي إلى تكثيف غاراته على مواقع التنظيم بالتعاون مع القوات الحكومية، وفق المصادر التي رأت أن احتمال عودة نشاط «داعش» إلى سوريا والعراق سيخلط الأوراق ويدفع الأوضاع نحو المزيد من التعقيد.

مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، قال إن الميليشيات الرديفة للقوات الحكومية السورية التي تتبع إيران تلقت أوامر بالتصعيد ضد القاعدة الأميركية في حقل كونيكو للغاز «بعينها»، وقد تم استهدافها يوم الجمعة بـعشرة صواريخ، ويوم الخميس بثلاثة.

وردَّت قوات التحالف على تلك الضربات السبت دون إيقاع خسائر بشرية، واعتبر عبد الرحمن تبادل الضربات الإيرانية - الأميركية «رسائل متبادلة بين الطرفين».

من جانبه، أفاد موقع «صوت العاصمة» بقيام طائرة استطلاع وتجسس أميركية من طراز RQ - 4B Global Hawk بمسح جوي استمر لأكثر من 21 ساعة متواصلة. وبحسب الموقع «تركز المسح في المنطقة الجنوبية والعاصمة دمشق وريفها وحمص حتى الساحل السوري ولبنان»، دون ذكر تفاصيل أخرى أو مصدر المعلومة، فيما قال موقع «الخابور» إن تحليقاً مكثفاً لطائرات التحالف الدولي جرى السبت على الحدود السورية - العراقية شمال شرقي الحسكة.