كيف تفاعل الجمهور العربي والنقاد مع الدراما الرمضانية في الأيام الأولى؟

كيف تفاعل الجمهور العربي والنقاد مع الدراما الرمضانية في الأيام الأولى؟
TT

كيف تفاعل الجمهور العربي والنقاد مع الدراما الرمضانية في الأيام الأولى؟

كيف تفاعل الجمهور العربي والنقاد مع الدراما الرمضانية في الأيام الأولى؟

باعتباره الموسم الدرامي الأكثر غزارة إنتاجياً، والأعلى مشاهدة، أثار عرض الحلقات الأولى من المسلسلات الرمضانية تفاعلاً لافتاً. وعلى الرغم من أنه من المبكر الحكم على الأعمال، فإن الأيام الماضية شهدت رواجاً لبعضها على مواقع التواصل الاجتماعي، لتترك مجموعة من المسلسلات بصماتها منذ عرض الحلقات الأولى سواء كان ذلك عبر أداء جيد، أو من خلال إثارة الجدل بشأن أحداثها.
وبات الجمهور العربي طرفاً أصيلاً في ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فكل حلقة يتم وضعها تحت «الميكروسكوب» من قبل المتفاعلين، بدءاً من تتر المسلسل، وطريقة كتابة أسماء الممثلين، حتى طلة الفنان وأدائه، والحوار وطريقة نطقه، والعناصر الفنية من تصوير ومونتاج وإخراج وموسيقى.
وانتقد متابعون مصريون بشدة ظاهرة إجراء كثير من الممثلات عمليات تجميل غيرت ملامحهن المعروفة، وشهدت طريقة كتابة أسماء الممثلين المشاركين في العمل تباينات عدة، ما بين كتابتها بشكلها المعتاد، وبين عدم كتابة أسماء كما في مسلسل «سره الباتع» الذي يشارك به ستون ممثلاً أساسياً، بينما اكتفى مسلسل «بابا المجال» بكتابة اسم بطل العمل دون بقية الممثلين، وهو ما أثار جدلاً على «السوشيال ميديا»، لا سيما مع مشاركة ممثلين كبار به مثل سوسن بدر ورياض الخولي.
بينما هاجم آخرون الأخطاء الفنية والتاريخية التي تضمنها مسلسل «سره الباتع» للمخرج خالد يوسف. ورصد الصحافي والكاتب أحمد المرسي هذه «الأخطاء التاريخية» عبر صفحته على «فيسبوك»، وتعلق بعضها بعدم مواكبة الملابس لحقبة الحملة الفرنسية، مستشهداً بصور لملابس المصريين في ذلك الوقت من كتاب «وصف مصر».
ولفت مسلسل «رسالة الإمام» لخالد النبوي، والمخرج السوري الليث حجو، الأنظار، وتراوحت التعليقات بين الإشادة، والنقد، حيث أثار تجسيد السيدة نفيسة، في مشهد جمعها بالإمام الشافعي، ضمن أحداث الحلقة الرابعة من المسلسل، جدلاً واسعاً بين من يرون عدم جواز تجسيدها، ومن يؤكدون أهمية دورها في السياق الدرامي للعمل، لكن مراجعة «الأزهر» لحلقات المسلسل كانت كافية لحسم الأمر، إضافة إلى أنه تم تجسيد السيدة نفيسة في عملين دراميين من قبل.
وعلى الرغم من تصدره «الترند» العام الماضي، فإن الجزء السابع من المسلسل الكوميدي «الكبير قوي»، نال انتقادات هذا العام، ورأى متابعون أن العمل لم يأت بجديد، وتعرضت بطلته الممثلة رحمة أحمد لانتقادات تتهمها «بتكرار الأداء نفسه».
وحاز المسلسل المصري «الهرشة السابعة» إعجاب البعض، واعتبره المخرج مجدي أحمد علي، من «أفضل الأعمال»، وكتب على حسابه بـ«فيسبوك»، أن «المسلسل مكتوب بشكل جيد، وإخراج واعٍ، وهادئ، وممثلين في حالة طيبة حتى الآن»، منتقداً «التحامل على المخرج خالد يوسف والفنانة رحمة أحمد»، ومؤكداً أنه «تحامل متعمد» عبر مواقع التواصل.
وفي لبنان انتقد متابعون مسلسلات رمضان التي اعتمدت على العنف والقتل، وعلق بعضهم: «ألا تكفينا المآسي التي نعيشها حتى تطاردنا في المسلسلات».
ورأت المخرجة الكبيرة إنعام محمد علي، أن «الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن دراما رمضان»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ظاهرة لافتة، حيث تم حشد أعداد كبيرة من الممثلين بغض النظر عن المحتوى». وقالت: «حتى الآن لا يوجد عمل كبير لافت».
واتفقت الناقدة خيرية البشلاوي معها في «عدم وجود مسلسل قوي لافت»، مؤكدة أن «اللغة البصرية في المسلسلات أعلى بكثير من المحتوى»، وانتقدت تعدد مشاهد البكاء و«اللطم» في معظم المسلسلات. وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدراما المصرية قدمت من قبل سيرة الإمام الشافعي»، متسائلة عما سيقدمه العمل الجديد.
وعلى الرغم من تعدد المسلسلات السعودية هذا الموسم، فإن الناقد أحمد العياد، يرى أن «أبرز ما يميزها عودة الثنائي ناصر القصبي، وعبد الله السدحان، في مسلسل (طاش ما طاش)، بعد غياب، وقد حقق منذ حلقاته الأولى أعلى نسبة مشاهدة لتشوق الجمهور لهما»، لكن العياد، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحلقات جاءت متفاوتة، وبدا واضحاً ضعف الإخراج».
وطالب العياد بأن تتوقف ظاهرة «حلب المسلسلات»، وأوضح «أن نجاح عمل لا يبرر صناعة أجزاء متتالية له، ضارباً المثل بمسلسل (منه ولدنا)، الذي جاء ضعيفاً في جزئه الثاني، وأداء الممثلين أقرب للتهريج»، على حد قوله.
ويرى الناقد السعودي أن «أبرز المفاجآت حققها مسلسل (سفر برلك) الذي يتناول حقبة مهمة في التاريخ السعودي العثماني لتميز مستواه من حيث الكتابة، والبحث التاريخي، والإخراج لليث حجو، وأداء الممثلين، وبشكل خاص عبد الرحمن يماني».
وشهدت الدراما العربية إنتاجات سورية - لبنانية مشتركة، ورأت الناقدة السورية د. لمى طيارة، أن «الموسم الدرامي زاخر بالأعمال المصرية والسورية والخليجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إنه «كلما زاد الكم قل الكيف، فالأعمال، سواء السورية أو المصرية، ليست بالجودة نفسها»، مشيرة إلى أن «الأعمال التاريخية مثل (سفر برلك) و(رسالة الإمام) و(الزند)، لفتت انتباهها، إلى المسلسلات المشتركة، ومن بينها مسلسل (النار بالنار) الذي تتناول أحداثه لأول مرة اللاجئين السوريين في لبنان، ومسلسل (الهرشة السابعة)».
وانتقدت مسلسل «سره الباتع»، وقالت إنها «لم تستطع متابعته، فعلى الرغم من كل البذخ في الإنتاج، ومشاركة عدد كبير من النجوم، فإن العمل به ثغرات واضحة في السيناريو والحوار».



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».