عندما تولى شي جينبينغ السلطة في 2012، توقع المراقبون أن يكون زعيم الحزب الشيوعي الأكثر تقدمية في تاريخ الصين، بسبب تكتمه وتاريخه العائلي.
بعد عشر سنوات، سقطت هذه التوقعات بالكامل؛ ما يظهر إلى أي مدى كان هذا الرجل البالغ من العمر 69 عاماً والذي فاز الجمعة بولاية ثالثة غير مسبوقة، غير معروف آنذاك.
عمل أقوى رئيس للصين منذ حكم مؤسس النظام ماو تسي تونغ، بصبر على ترسيخ سلطته وعمل على تكميم كل صوت قد يختلف معه ورغبة في السيطرة هيمنت على جميع مفاصل الحياة في الصين الحديثة تقريباً وباتت تشمل مواضيع اجتماعية - اقتصادية.
يشيد التأريخ الرسمي للحزب الشيوعي الصيني باستمرار بمسيرته من العمل القسري في الريف واختبار حياة الفلاحين القاسية إلى صعوده ببطء هرم السلطة وعمله الجاد.
لكن الرئيس الصيني لا يكافح «من أجل السلطة بسبب رغبته في السلطة وحدها»، وفق ما يعتقد ألفريد ل. تشان مؤلف كتاب عن حياة شي، بل يوضح لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه «يسعى إلى السلطة (ويستخدمها) كأداة... لتحقيق رؤيته» لمستقبل بلاده.
ويقول كاتب سيرة آخر هو أدريان غيغس لوكالة الصحافة الفرنسية «لديه فعلاً رؤية للصين ويريد أن يراها أقوى دولة في العالم»، معتبراً أن شي ليس مدفوعاً برغبة في الإثراء خلافاً لما قيل عن ثروته العائلية في وسائل الإعلام الدولية.
يقع الحزب الشيوعي في قلب هذه الرؤية التي يسميها شي «الحلم الصيني» أو «النهضة العظيمة للأمة الصينية».
لم تكن طفولته تدل على أنه سيرتقي إلى أعلى منصب في الحزب الشيوعي الصيني. كان والده شي تشونغ شون بطلاً ثورياً وأصبح نائباً لرئيس الوزراء، لكن ماو تسي تونغ عاقبه خلال الثورة الثقافية.
وقال تشان: إن «شي وعائلته تلقيا معاملة قاسية».
فقد شي جينبينغ مكانته بين ليلة وضحاها، ويبدو أن أختاً له من أبيه انتحرت بسبب الاضطهاد. وقال هو نفسه: إن زملاء المدرسة ابتعدوا عنه. وهي تجربة يقول عالم السياسة ديفيد شامبو: إنها ساهمت في منحه «إحساساً بالانفصال العاطفي والنفسي والاعتماد على الذات منذ سن مبكرة».
في سن الخامسة عشرة فقط أُرسل شي للعمل في ظروف قاسية في الريف، حيث كان ينقل الحبوب وينام في مسكن يشبه مغارة حُفر على سفح تلة، ويقول: إن «قسوة العمل صدمته» خلال هذه الفترة.
وروى لصحيفة «واشنطن بوست» في 1992 عن جلسات اضطر خلالها إلى إدانة والده. قال حينذاك «حتى إذا كنت لا تفهم أنت مجبر على الفهم». وأضاف، أن «ذلك يجعلك تنضج قبل الأوان».
يقول كاتب سيرته الفرد أل. تشان: إن هذه الطفولة القاسية حبته بذهن متقد.
اليوم صارت المغارة التي كان ينام فيها موقعاً سياحياً لإظهار اهتمامه بالأكثر فقراً. رسم أحد السكان صورة لشخصية شبه أسطورية تقرأ كتباً في فترات الراحة، مؤكداً أنه «لم يكن رجلاً عادياً».
وبسبب ما حصل لوالده، رُفض طلبه بالانضمام إلى الحزب الشيوعي مرات عدة قبل أن يقبل.
في 1974 أصبح شي زعيماً للحزب في قرية. وقد بدأ على حد قول غيغس «من مستوى منخفض جداً»، وتسلق سلم السلطة إلى أن صار حاكم مقاطعة فوجيان في 1999، ثم زعيم الحزب في تشيجيانغ في 2002، وأخيراً في شنغهاي في 2007.
في نهاية سبعينات القرن الماضي بعد وفاة ماو، رُد الاعتبار لوالده مما عزز موقعه.
بعد طلاقه زوجته الأولى، تزوج شي من مغنية الأوبرا بينغ ليوان في 1987 عندما كانت أكثر منه شهرة.
وتعتقد تساي شيا، وهي مسؤولة سابقة في الحزب الشيوعي الصيني تعيش في المنفى في الولايات المتحدة، أنه «يعاني من عقدة نقص؛ نظراً لأنه تلقى تعليماً أقل من قادة كبار آخرين في الحزب الشيوعي الصيني».
قال تشان: إن شي اعتبر نفسه دائماً «وريثاً للثورة».
في 2007، عيّن في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب.
عندما حل محل هو جينتاو بعد خمس سنوات، لم تسمح حصيلة أدائه بالتكهن بأفعاله من التضييق على الحركات الاجتماعية ووسائل الإعلام المستقلة واتهامات بانتهاك حقوق الإنسان في شينجيانغ أو الترويج لسياسة خارجية قوية.
وكتب براون، أن أهمية الحزب واضحة وكذلك مهمته، وهي أن «يعيد للصين عظمتها». لكن من الواضح أيضاً أنه يخشى أن تضعف قبضته على السلطة.
وقال غيغس «كان انهيار الاتحاد السوفياتي والاشتراكية في أوروبا الشرقية صدمة كبيرة»، موضحاً أن شي يعزو الانهيار إلى الانفتاح السياسي.
وتابع «لذلك؛ قرر أن هذا لا ينبغي أن يحدث للصين... ولهذا السبب يريد قيادة قوية للحزب الشيوعي مع زعيم قوي».
من هو الرئيس الصيني شي جينبينغ؟
من هو الرئيس الصيني شي جينبينغ؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة