الكونغو الديمقراطية: هدنة جديدة تحت «الاختبار» وسط ترقب دولي

بعد عام من القتال بين الجيش ومتمردي «إم - 23»

جنود من جمهورية الكونغو الديمقراطية في مواقعهم بتاريخ 9 يونيو 2022 (رويترز)
جنود من جمهورية الكونغو الديمقراطية في مواقعهم بتاريخ 9 يونيو 2022 (رويترز)
TT

الكونغو الديمقراطية: هدنة جديدة تحت «الاختبار» وسط ترقب دولي

جنود من جمهورية الكونغو الديمقراطية في مواقعهم بتاريخ 9 يونيو 2022 (رويترز)
جنود من جمهورية الكونغو الديمقراطية في مواقعهم بتاريخ 9 يونيو 2022 (رويترز)

بعد عام من القتال العنيف بين قوات الجيش ومتمردي حركة «إم – 23» (23 مارس)، تترقب الكونغو الديمقراطية، التزام طرفي النزاع بـ«هدنة» جديدة لوقف إطلاق النار، وسط تحذيرات دولية من تفاقم الصراع شرق البلاد، والذي خلف مئات القتلى وآلاف المشردين، بحسب منظمات أممية.
ويقاتل الجيش الكونغولي عدداً من الجماعات المسلحة المتمردة، على رأسها حركة «23 مارس»، وهي مجموعة تمرّد يهيمن عليها التوتسي الكونغوليون. وتتهم الكونغو الديمقراطية رواندا المجاورة بدعم الحركة، لكنَّ كيغالي تنفي ذلك، وتتهم كينشاسا في المقابل بالتواطؤ مع «القوات الديمقراطية لتحرير رواندا»، وهم متمردون من «الهوتو» الروانديين تمركزوا في الكونغو الديمقراطية منذ الإبادة الجماعية للتوتسي عام 1994 في رواندا.
واستولت «23 مارس» منذ العام الماضي على مساحات شاسعة من الأراضي في إقليم «شمال كيفو»، الغني بالمعادن.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حركة «23 مارس» إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار، والذي دخل حيز التنفيذ أمس (الثلاثاء). وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث الرئيسي باسم غوتيريش، إن «الأمين العام حث حركة (23 مارس) على احترام وقف إطلاق النار، لتهيئة الظروف لانسحابها الكامل والفعال من كل المناطق المحتلة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وذلك بما يتماشى مع قرارات القمة المُصغرة التي عُقدت في لواندا يوم 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي».
وأعلن زعماء أفارقة، في نوفمبر الماضي، وقف الأعمال القتالية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، لا سيما الهجمات التي تشنها حركة «23 مارس» المتمردة، حسبما ذكروا في بيان مشترك بعد محادثات في أنغولا. وبحسب الإعلان - الذي لم يتم تنفيذه على الفور - فإن قوة إقليمية لمجموعة شرق أفريقيا ستتدخل ضد حركة «23 مارس» في حالة عدم الامتثال لوقف إطلاق النار.
وفيما أدان الأمين العام «كل أعمال العنف ضد المدنيين»، جدد دعوته لكل الجماعات المسلحة الكونغولية والأجنبية إلى خفض أسلحتها ونزعها دون شروط»، وحث جميع الأطراف المتنازعة على «ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وغير مقيد إلى المتضررين، فضلاً عن ضمان حماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني».
وبموجب تجارب سابقة، فإنه من الصعوبة ضمان الالتزام بقرار وقف إطلاق النار. يقول عباس محمد صالح، الخبير السوداني في الشؤون الأفريقية، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من المبكر تأكيد التزام الأطراف الفاعلة هناك بوقف العدائيات، حيث سبق ذلك إعلانات مماثلة جميعها لم يتم الالتزام به، آخر ذلك، على سبيل المثال، حدد الاجتماع الطارئ لقمة مجموعة شرق أفريقيا في بوجمبورا (بورندي) تاريخ الرابع من فبراير (شباط) المنصرم نهايته موعداً نهائياً لانسحاب قوات حركة (23 مارس) ووقف إطلاق النار ولكن لم يتم ذلك».
ونوه الخبير السياسي بأن «الوضع في شرق الكونغو الديمقراطية شديد التعقيد؛ إذ فشلت كافة الجهود التي بذلت خلال السنوات الأخيرة في إرساء الاستقرار واستعادة السلم والأمن هناك، حيث تتداخل العوامل الخارجية مع المحلية والإقليمية»، واعتبر أن الجهود الإقليمية والدولية بشأن احتواء الأوضاع المتفجرة في شرق الكونغو في «مأزق حقيقي خاصة في ظل تعثر تلك الجهود وتسارع التطورات العسكرية على الأرض بين حركة (23 مارس) المعنية في هذا المرحلة من جهة، والقوات الحكومية الكونغولية ومجموعات مسلحة من جهة أخرى، إضافة إلى التصعيد الكلامي المتبادل بين كينشاسا وكيغالي، والذي من شأنه مفاقمة الأوضاع في شرق الكونغو، وكذلك تدخلات جيوش بعض الدول كأوغندا وبورندي بشكل منفرد هناك».
ووفق مصادر إغاثية، فإن الاشتباكات «ما زالت مستمرة بين الجيش ومتمردي حركة (23 مارس) رغم اتفاق وقف إطلاق النار». وأكدت المصادر لـ«رويترز» أن «حركة (23 مارس) شنت هجمات جديدة على مواقع الجيش الكونغولي، واستولت على بلدة وعدة قرى».
في المقابل، قالت حركة «23 مارس» إنها «ملتزمة بالحل السلمي»، لكنها ستواصل الدفاع عن نفسها إذا هاجمها الجيش الكونغولي أو حلفاؤه. وقال لورانس كانيوكا المتحدث باسم الحركة، في بيان، إن «اتفاق وقف إطلاق النار صار سارياً».
وفي ختام جولته الأفريقية، السبت الماضي، من كينشاسا، رجح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن تتوقف أعمال العنف، الثلاثاء المقبل، بعد أن أكد «وجود استعداد لذلك لدى جميع أطراف النزاع». كما أعلن الاتحاد الأوروبي إنشاء جسر جوي إنساني لدعم سكان شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، والإفراج عن مساعدات بقيمة 47 مليون يورو.
وتعتقد ريم أبو حسين، الباحثة المصرية المتخصصة في الشأن الأفريقي، أن هناك «فرصة لنجاح الهدنة في حالة الضغط على جميع الأطراف المتورطة في النزاع، خصوصاً الأطراف الإقليمية، ورواندا بالذات». وقالت أبو حسين لـ«الشرق الأوسط»، إن «النفوذ الفرنسي في دولة رواندا يمثل ورقة ضغط على الحكومة الرواندية في التزام الحياد، والتخلي عن دعم حركة (23 مارس) الكونغولية المتمردة».
ونهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عزز تقرير أممي اتهامات متكررة موجهة إلى رواندا بلعب «دور رئيسي» في النزاع الدامي بشرق الكونغو الديمقراطية. ورصد التقرير، الذي أعده خبراء مفوّضون من الأمم المتحدة «أدلّة جوهرية» تثبت «التدخّل المباشر لقوات الدفاع الرواندية في أراضي الكونغو الديمقراطية»، فضلاً عن «إمداد المتمردين بأسلحة وذخائر».



فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».