احتفاء استثنائي بألبوم كارول سماحة... و«مؤسسة محمود درويش» لن تسكت

الجمهور في وادٍ والنقاد بوادٍ آخر

من أحد فيديوهات الألبوم الذهبي
من أحد فيديوهات الألبوم الذهبي
TT

احتفاء استثنائي بألبوم كارول سماحة... و«مؤسسة محمود درويش» لن تسكت

من أحد فيديوهات الألبوم الذهبي
من أحد فيديوهات الألبوم الذهبي

بعد الضجة التي أثارتها أغنية كارول سماحة «ستنتهي الحرب» من «الألبوم الذهبي» وصدرت منفردة قبل تسعة أيام، وتبين أنها ليست لمحمود درويش كما ادعت صاحبة الأغنية، أبصر الألبوم بأكمله النور يوم الجمعة، في الموعد المحدد له، بأغنياته الـ12 وجميعها من قصائد الشاعر محمود درويش، ليتعمق الخلاف بين سماحة ومؤسسة محمود درويش، وهو ما لم يعبأ به عموم الناس.
وبعد مرور ساعات فقط على نشر الألبوم على صفحة سماحة على «يوتيوب» وباقي المنصات والمتاجر الإلكترونية، تصدّر اسم الألبوم وكذلك صاحبته الترندات في لبنان ومصر وعدد من الدول العربية. وخلال أقل من عشر ساعات كانت أغنيتا «أيها المارون» و«بيروت» قد تجاوزتا المائة ألف مشاهدة.
وجاءت المفاجأة من الإقبال الكثيف ليس على المشاهدة والسماع فقط، بل المديح والتشجيع، والإعجاب الشديد الذي نالته أغنيات الألبوم، رغم أنها جميعها بالفصحى التي تبدو ثقيلة، وليس لها شعبية في العادة، لكن لعب وجود الكلمات مرافقة للفيديو كليبات دون أدنى شك، دوراً كبيراً في إثارة التفاعل السريع والإيجابي، وتقريب الأغنيات من ذائقة الناس.
وواضح أن الاختيار من قبل سماحة جاء للقصائد والمقاطع الأكثر انتشاراً، وهو ربما ما أسهم في تأجيج الحماسة لدى المتابعين وجذب اهتمامهم.
هذا لن يعفي سماحة من النقد، الذي سينهال دون أدنى شك، من قبل المثقفين، حين لا يجدون في الألبوم، ما يمكن أن يقارن مع أداء وألحان مارسيل خليفة، الذي رافق أشعار درويش وأصبح قريناً له، وأحياناً تفوق مارسيل في أدائه المغنى على درويش نفسه في إلقائه الباهر.

سماحة تستقبل من جمهورها بحفاوة كبيرة (صفحة كارول سماحة على تويتر)

أغنيات الألبوم الجديد جميعها من كلمات الشاعر محمود درويش، وموسيقى تيسير حداد، وتوزيع أوركسترالي ألكسندر ميساكيان، كما أن الفيديو كليبات هي من إخراج باسل ناصر. وهذا يمكنه أن يفسر تشابهاً شديداً في الألحان بين عدد لا بأس به من الأغنيات، وكذلك في أجواء التصوير للكليبات.
لكن هذا لم يؤثر على الاستقبال الحافل الذي قوبل به الألبوم. كتب أحدهم يقول: «أغنية (بيروت) تحسسك بالانتماء حتى لو ما كنت لبنانياً. كم أنت عجيبة ومبهرة يا كارول. (الألبوم الذهبي) جواهر كل جوهرة أغلى، وصعب أن تختار بينهم، وتقول هناك أغنية أحلى من الثانية». وكتب آخر: «السياسة فرقتنا وصوت كارول سماحة جمعنا عربياً في (الألبوم الذهبي)، شكراً على هذا الإبداع يلي لمس ما بداخلنا من وجع وجرح وجعلنا نحلم بالأمل من جديد».
المصريون وجدوا أيضاً ما يثير مشاعرهم في الألبوم من خلال أغنية «طيور النيل». وكثيرون سعدوا وهم يستمعون إلى كلمات وقصائد طالما تناقلوها على صفحاتهم الإلكترونية.
اختارت كارول قصائدها من عدة دواوين. وكان لـ«الجدارية» حصة بأغنيتين.
الأغنية الأولى تبدأ بمقطع: «سأحلُمُ، لا لأُصْلِحَ مركباتِ الريحِ، أَو عَطَباً أَصابَ الروحَ،
فالأسطورة اتَّخَذَتْ مكانَتَها - المكيدة، في سياق الواقعيّ. وليس في وُسْعِ القصيدة، أَن تُغَيِّرَ
ماضياً يمضي ولا يمضي. ولا أَنْ تُوقِفَ الزلزالَ، لكني سأحلُمُ».
أما المقطع الثاني، فهو من بين الأكثر فهو يبدأ بالعبارة الشهيرة: «سأَصير يوماً ما أُريدُ. سأَصير يوماً فكرة ً. لا سَيْفَ يحملُها إلى الأرض اليبابِ، ولا كتاب».
ويضم الألبوم أغنية «اعتذار» من ديوان (آخر الليل)، و«لا أنام لأحلم» من ديوان «أثر الفراشة» ومقاطع من قصيدة «بيروت»: «بيروت تفاحة... والقلب لا يضحك... وحصارنا واحة... في عالم يهلك». ومن القصائد التي سبق وغناها مارسيل خليفة في الألبوم: «نحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً» من ديوان (ورد أقل). كذلك في الألبوم هناك قصيدة «إلهي»، و«قطار الساعة الواحدة» و«أيها المارون»، التي سبق وغنتها أصالة نصري في «التغريبة الفلسطينية»، ومن أشهر القصائد المغناة في الألبوم الجديد «فكّر بغيرك»، وهذه أيضاً سبق لمارسيل خليفة أن غناها.
خلال ثمانية أيام فقط، تجاوز عدد مشاهدي أغنية «ستنتهي الحرب»، التي صدرت كتوطئة لبقية أغنيات الألبوم، المليوني مشاهدة، رغم ضعف النص، ورغم تأكيد مؤسسة محمود درويش أن هذه الكلمات ليست للشاعر الكبير، وأن اسمه يجب أن يسحب عنها، وأنه نص منتشر على وسائل التواصل. وبقليل من البحث نجد البعض ينسب بعض مقاطع أغنية «ستنتهي الحرب» إلى جبران خليل جبران أيضاً. لكن مؤسسة محمود درويش والمثقفين والصحافيين في وادٍ، والجمهور في مكان آخر. ويكفي العودة إلى التعليقات، لتتأكد من أن كارول «عظيمة» في عيون جمهورها، وهي «تعبر عن الشعور العربي»، و«تجعلنا نشعر بالانتماء»، و«هي بحاجة لشركة إنتاج قوية كي تعنى بهذا الصوت»، وهي بالطبع «سيدة المسرح»، ومؤسسة محمود درويش كل ما تريده، هو جعل سماحة تدفع حقوق القصائد، وفق ما نقرأ على وسائل التواصل. وكتب أحدهم «يسجل التاريخ أن فن كارول سماحة مدرسة فريدة من نوعها... سيدرسونها يوماً... لنا الفخر أنك نجمتنا».
هذا رأي الجمهور، وهو يستحق تتبعاً وتحليلاً دقيقاً، لفهم إن كان السر هو في عشق اسم محمود درويش وكل ما يمكن أن ينسب إليه؟ أم هي النفحة الحماسية والوطنية في الأغنيات التي حركت المشاعر؟ أم هي كارول سماحة التي لها كل هذا الرصيد؟
بصرف النظر عن نجاح الألبوم الاستثنائي في ساعاته الأولى، كان يمكن لكارول سماحة أن تقدم، أغنيات أرفع وأكثر قرباً من روح محمود درويش وروح القصائد الأصل. إذ يمكن القول إن بعض الأغنيات قدمت وكأنها أشبه باقتباسات غير مدروسة من القصائد، ولا تعكس مضامينها المعنى البعيد الذي رمى إليه الشاعر. وما لم تلتفت له سماحة، أن شعر درويش غنائي موسيقي، يستبطن نغمه في داخله. وهو كشاعر انتقائي ومتقن إلى حدٍ بعيد، واللعب بكتاباته أو اللعب عليها، يحتاج مهرة وموهوبين وعالمين بشؤون الشعر، كي لا تفقد قصيدته سماتها، وروحها بصماته.
وجدير بالذكر أنه بعد اعتراض مؤسسة محمود درويش على نسبة أغنية «ستنتهي الحرب» له، جاء رد كارول سماحة فيه شيء من الاستياء. إذ قال بيان محاميها التالي: «إن كلمات أغنية (ستنتهي الحرب) نسبت في أكثر من مصدر ومرجع إلى الشاعر محمود درويش، كما هو ثابت على المواقع الإلكترونية العديدة ومنذ زمن بعيد، من غير أن يعترض أحد عليها».
وتابع البيان: «إلا أنه وبعد نشر الأغنية وعرضها من قبل الموكلة، انبرى من شكك في صحتها وتحديداً من مؤسسة محمود درويش، الأمر الذي دفعنا إلى البحث والتدقيق والتعمق والمراجعة ليتبين أن كلمات الأغنية المذكورة هي من التراث والملك العام».
وختم: «وعليه، فإن الموكلة ستعمد لاحقاً إلى تصويب الأمر منعاً لأي التباس أو استغلال».
وكانت مؤسسة محمود درويش قد طلبت من كارول سماحة وشركائها في الإنتاج وقف النشر وحذف كل ما يتعلق بنسب كلمات الأغنية لـمحمود درويش، كون الأغنية ليست من أشعاره. وحتى كتابة هذه السطور كانت لا تزال نسخ الأغنية التي تبث تحمل توقيع محمود درويش.
ويبدو أن مؤسسة محمود درويش، والمسؤولة عن إرثه، تستعد للتعامل قضائياً مع قضية كارول سماحة، خاصة أن 12 أغنية تحمل اسمه باتت في الأسواق دون المرور بالمؤسسة.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
TT

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ نجمتين عالميتين تقديراً لمسيرتيهما، هما الأميركية فيولا ديفيس، والهندية بريانكا شوبرا.

واختتم المهرجان عروضه بفيلم «مودي... 3 أيام على حافة الجنون» الذي أخرجه النجم الأميركي جوني ديب، ويروي حكاية الرسام والنحات الإيطالي أميديو موديلياني، خلال خوضه 72 ساعة من الصراع في الحرب العالمية الأولى.

واختير فيلم «الذراري الحمر» للمخرج التونسي لطفي عاشور لجائزة «اليُسر الذهبية» كأفضل فيلم روائي، أما «اليُسر الفضية» لأفضل فيلم طويل، فنالها فيلم «إلى عالم مجهول» للفلسطيني مهدي فليفل، بالإضافة إلى جائزة خاصة من لجنة التحكيم نالها فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» لخالد منصور.