السودان: قوى الثورة لتحديد سقف زمني للاتفاق النهائي وتلوح بإسقاط البرهان

الأمم المتحدة: استخدام الذخيرة ضد المتظاهرين إخلال بالتزامات الخرطوم

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (رويترز)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (رويترز)
TT

السودان: قوى الثورة لتحديد سقف زمني للاتفاق النهائي وتلوح بإسقاط البرهان

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (رويترز)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (رويترز)

تتجه أطراف العملية السياسية السودانية لتحديد سقف زمني تكتمل بنهايته العملية، ويتم توقيع اتفاق نهائي وتشكيل الحكومة الانتقالية المدنية، في مواجهة ما تصفه بـ«العراقيل» التي يتم وضعها تباعاً للحيلولة دون إكمال العملية في الوقت المحدد، وتوعدت بالتخلي عن العملية السياسية والمطالبة بإسقاط قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
في هذه الأثناء، دانت الأمم المتحدة استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين السلميين، واعتبرت مقتل متظاهر برصاص الشرطة إخلالاً بالتزامات السودان بحقوق الإنسان. وقالت مصادر متطابقة لـ«الشرق الأوسط» إن قوى أطراف العملية السياسية وقوى الثورة، توعدت بالانتقال بالعملية السياسية من الاتفاق الإطاري إلى المطالبة بإسقاط قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في حال إصراره على عرقلة تنفيذ الاتفاق وتمسكه بإغراق العملية السياسية بأطراف من النظام المعزول متخفية في تحالفات وواجهات جديدة لدعم مواقفه، وعدم التزامه بالسقف الزمني الذي يجري الاتفاق بموجبه.
وذكرت المصادر أن نقاشاً يجري داخل تحالف القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري بشأن تحديد السقف الزمني المحدد لاكتمال العملية السلمية، تمهيداً للتصعيد، وأن الآراء تراوحت بين شهر رمضان المقبل أو بعد نهايته. وأضافت: «يحاول قائد الجيش وعدد من القادة العسكريين في مجلس السيادة الانتقالي، كسب الوقت والتملص من تنفيذ الاتفاق الموقع، بافتعال مطالب جديدة، وباشتراط دمج قوات الدعم السريع في الجيش المنصوص عليه مسبقاً في الاتفاق الإطاري، وإغراق العملية السياسية بأطراف موالية للنظام المعزول».
من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن الأطراف فرغت من الإعداد لورشتي «إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية، والعدالة الانتقالية»، وينتظر أن يعلن عن مواقيتها في وقت قريب. وقالت المصادر إن ورشة العدالة الانتقالية ستتكون من 6 ورش، تبحث موضوع العدالة الانتقالية في كل من ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وشرق السودان، إضافة إلى تشكيل ورشة سابعة تعمل في العاصمة الخرطوم، دون أن يكون عمل هذه الورش متزامناً، فيما ينتظر أن تشهد «أكاديمية نميري للعلوم العسكرية» أعمال ورشة «إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية، ويشارك فيها قادة الجيش وقادة القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، في وقت لم يتم تحديده بعد».
وفي السياق ذاته، دانت الأمم المتحدة مقتل متظاهر بالرصاص في الخرطوم، واستخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين السلميين، واعتبرته متعارضاً مع التزامات السودان بحقوق الإنسان. وأبدى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان «يونيتامس»، فولكر بيرتس، في بيان أمس، أسفه وإدانته مقتل متظاهر شاب بالرصاص أول من أمس في منطقة شرق النيل في الخرطوم.
وقال بيرتس، في البيان، إن استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين أمر غير مقبول، ويتعارض مع التزامات السودان المتعلقة بحقوق الإنسان. وأشار إلى بيان وزارة الداخلية السودانية الذي تحدث عن تدابير قانونية ضد الضابط المسؤول عن الحادث، ودعا لإجراء تحقيق سريع وشفاف في هذه الوفاة وجميع انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى التي وقعت في سياق الاحتجاجات منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ومحاسبة المسؤولين عنها، مشدداً على أهمية اتخاذ تدابير عاجلة لوقف الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين.
وقتل متظاهر سلمي رمياً بالرصاص أول من أمس في منطقة شرق النيل، وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لعملية القتل، أظهرت أن الضابط وهو برتبة نقيب، أطلق الرصاص على صدر الشاب إبراهيم المجذوب عن قرب، ودون أن يكون هناك تهديد لحياته، ثم انصرف وتركه يسبح في دمائه، قبل أن يسارع المتظاهرون إليه ليفارق الروح بعدها.
وتضاربت بيانات الشرطة بشأن الحادث؛ فقد ذكرت شرطة ولاية الخرطوم أن المتظاهرين اعتدوا على رجالها، وأنها علمت بمقتل مواطن، لكن وزارة الداخلية سارعت إلى القول في بيان لاحق إنها اتخذت الإجراءات القانونية ضد أحد عناصرها الذي لم تحدد هويته، واعتبرت ما تم سلوكاً شخصياً، وقالت إنها تابعت الأحداث و«خاصة الفيديو المتداول بسقوط وإصابة متظاهر بتصرف أحد منسوبينا، والذي تم اتخاذ الإجراءات القانونية حياله فوراً، وهو سلوك شخصي، وتصرف مرفوض ومخالف لتوجيهاتنا بعدم التعقب أو المطاردة أثناء تعامل القوات مع المتفلتين الذين يستغلون الحراك لإحداث فوضى تقود إلى ما لا يحمد عقباه».
وقتل 125 محتجاً سلمياً بالذخيرة الحية واستخدام قنابل الغاز كأسلحة، والدهس بعربات الشرطة، منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي دبره قائد الجيش، ولم يجر تحقيق في أي من أحداث القتل هذه، ودأبت الشرطة على توجيه الاتهام لـ«طرف ثالث» لم تسمه أو تلقي القبض عليه.



مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
TT

مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)

في أول زيارة لوزير خارجية مصر إلى السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، سلم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الذي استقبله في بورتسودان.

ونقل الوزير المصري، إلى البرهان «اعتزاز الرئيس السيسي بالعلاقات التاريخية والأخوية بين مصر والسودان، والعزم على بذل كل المساعي الممكنة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للسودان».

جلسة مباحثات مصرية - سودانية موسعة (الخارجية المصرية)

وأشار عبد العاطي، وفق بيان للخارجية المصرية، إلى أن «الزيارة تأتي للإعراب عن تضامن مُخلص مع السودان في هذا المنعطف التاريخي الخطير، وللوقوف بجانب دولة شقيقة في ظل الروابط العميقة والعلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين».

كما أشار إلى «حرص مصر على الانخراط بفاعلية في الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الاستقرار في السودان الشقيق، بما يصون مصالحه وسيادته ووحدة أراضيه»، منوهاً بـ«جهود مصر لاستئناف السودان لأنشطته في الاتحاد الأفريقي».

وشهدت زيارة عبد العاطي لبورتسودان جلسة مشاورات رسمية بين وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني، علي يوسف الشريف بحضور وفدي البلدين، شدد الوزير المصري خلالها على «دعم بلاده الكامل للسودان قيادة وشعباً، وحرص مصر على بذل الجهود لرفع المعاناة عن الشعب السوداني».

وزير الخارجية السوداني يستقبل نظيره المصري (الخارجية المصرية)

واستعرض، وفق البيان، موقف مصر الداعي لـ«وقف فوري لإطلاق النار والإسراع من وتيرة نفاذ المساعدات الإنسانية، وأهمية التعاون مع مبادرات الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظمات الإغاثة الدولية لتسهيل نفاذ تلك المساعدات».

كما حرص الجانبان على تناول ملف الأمن المائي باستفاضة، في ظل «مواقف البلدين المتطابقة بعدّهما دولتي مصب علي نهر النيل»، واتفقا على «الاستمرار في التنسيق والتعاون الوثيق بشكل مشترك لحفظ وصون الأمن المائي المصري والسوداني».

تضمنت الزيارة، كما أشار البيان، لقاء عبد العاطي مع الفريق إبراهيم جابر، عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، وأكد خلاله الوزير المصري «موقف بلاده الثابت القائم على دعم المؤسسات الوطنية السودانية واحترام وحدة وسلامة الأراضي السودانية».

كما عقد الوزير عبد العاطي لقاء مع ممثلي مجتمع الأعمال السوداني لتعزيز التعاون بين رجال الأعمال من البلدين واستكشاف فرص الاستثمار المشترك والاستفادة من الفرص الهائلة التي يتيحها الاقتصاد المصري، والعمل على مضاعفة التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين. كما التقى مع مجموعة من السياسيين وممثلي المجتمع المدني من السودان، فضلاً عن لقاء مع أعضاء الجالية المصرية في بورتسودان واستمع إلى شواغلهم ومداخلاتهم.

بدورها، نقلت السفارة السودانية في القاهرة، عن وزير الخارجية علي يوسف، تقديمه «الشكر للشقيقة مصر على وقفتھا الصلبة الداعمة للسودان»، في ظل «خوضه حرب الكرامة الوطنية ضد ميليشيا الدعم السريع المتمردة ومرتزقتھا وداعميھا الإقليميين»، على حد وصف البيان.

ولفت البيان السوداني إلى أن الجانبين ناقشا «سبل تذليل المعوقات التي تواجه السودانيين المقيمين في مصر مؤقتاً بسبب الحرب، خاصة في الجوانب الھجرية والتعليمية»، واتفقا على «وضع معالجات عملية وناجعة لتلك القضايا في ضوء العلاقات الأزلية بين الشعبين الشقيقين».