جعجع: سنحرم البرلمان من النصاب لمنع انتخاب مرشح «حزب الله»

قال لـ«الشرق الأوسط» إنه تلقى عرضين للقبول بفرنجية ورفضهما

سمير جعجع (رويترز)
سمير جعجع (رويترز)
TT

جعجع: سنحرم البرلمان من النصاب لمنع انتخاب مرشح «حزب الله»

سمير جعجع (رويترز)
سمير جعجع (رويترز)

لا يرى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع حلولاً في الأفق لأزمة الشغور الرئاسي في لبنان حتى الآن؛ فقد «اعتدنا على تكتيك (حزب الله) في الانتخابات الرئاسية من الماضي وحتى الآن، حيث يترك الحزب الأمور تذهب إلى أسوأ ما يمكن، كي نقبل بما يريده». ويشير إلى أنه «رغم كل ما صار وما حُكي كذباً وزوراً وبهتاناً عن الحوار، لم يتزحزح (حزب الله) مقدار شعرة عن ترشيح (رئيس تيار المردة) سليمان فرنجية، وبالتالي كل الدعوات التي أُطلقت سابقاً للحوار، هي دعوات كاذبة وغشاشة، والهدف منها تضييع الوقت». وخريطة الحل، «مفقودة أيضاً».
ويقول جعجع في حوار مع «الشرق الأوسط»: «(حزب الله) مصرّ على مرشحه، أما نحن كمعارضة فلسنا على استعداد تحت ضغط الأزمة، للذهاب إلى حل يعمق الأزمة. ما نسعى له هو حل الأزمة وليس تعميقها». ويضيف «للأسف، لا مخارج في المدى المنظور. نحن في أزمة كبيرة، يجب أن نقوم بما علينا للخروج منها. بالتالي، لا يمكن أن نأتي بأي رئيس جمهورية لأنه لن يخرجنا من الأزمة، بل سيعمّقها. (حزب الله) مصرّ على فرنجية. وإذا بدّل عن فرنجية، فسيذهب إلى شبيه له. وإذا بدل وجهة نظره عن الشبيه، سيذهب إلى خيار مرشح عاجز عن التغيير. بالتالي، الأزمة الحقيقية أن الحزب لا يريد رئيساً فعلياً للبنان».
ويسجل جعجع تراجعاً عن موقفه السابق بتأمين النصاب لانتخاب الرئيس «حتى لو كان لمرشح (حزب الله)». يقول «نحن في الشهر الرابع بالفراغ الرئاسي، ومرّ شهران من المهلة الدستورية. طوال هذه الفترة نتقيد بكل التفاصيل. لكن عندما يقوم (حزب الله) وحلفاؤه بتخريب كل قواعد اللعبة، فإننا نسعى لحل لمنعهم من أخذ البلد إلى الفراغ. إذا استطاعوا أن يجمعوا 65 صوتاً لمرشحهم، عندها سندخل في عزلة عربية أعمق، والغرب سيشطب لبنان من قائمة أولوياته، وإدارة البلد بالداخل ستكون كما شهدناها في السنوات الست الماضية. عندها، هل سنسكت ونذهب إلى الجلسة؟ لا لن نتصرف على هذا النحو. سنقاطع طبعاً».
ويكشف جعجع عن تواصل تم مع القوات «من طرفين، أحدهما دولي والآخر محلي اقترحا القبول بانتخاب سليمان فرنجية في إطار صفقة ما. قلنا لهما إن المشكلة ليست في انتخاب فرنجية كشخص، بل المشكلة تكمن في أننا نكون قد قمنا بخطوات تزيد الأزمة تأزماً، بدل حلها، وعليه، فإن هذا الخيار ليس وارداً بالنسبة لنا». يفضل جعجع ألا يدخل في أسماء، لكنه يشير إلى أنهما «طرف دولي وطرف محلي طرحا القصة بصيغة سؤال: أليس وارداً بالنسبة لكم أن تقبلوا بفرنجية لننتهي من الأزمة؟ كان الجواب بالرفض منعاً لتعميق الأزمة».
أما ماذا يقصد بخيار فرنجية بمعزل عنه كشخص؟ يقول «أقصد بالخيار كتوجه وتموضع ومشروع سياسي، لأننا رأينا إلى أين وصل البلد. إذا طرحوا شخصية أخرى من التوجه نفسه، تكون سكر زيادة قليلاً أو سكراً أقل، سنرفضها أيضاً. هذه المرة، إذا لم يُنتخب رئيس فعلي للجمهورية، فإن الأزمة ستتعمق وتزداد تأزماً».
وعما إذا كان «القوات» سيقبل برئيس «حل وسط». يقول «إذا كان رئيساً معتدلاً وليناً وعنده علاقة جيدة بكل الأطراف، وفي الوقت نفسه يكون رئيساً فعلياً، فإنه سيكون حلاً وسطاً. أما إذا كان توافقياً بما معناه ألا يمتلك رأياً أو قراراً أو شخصية حاضرة، ويكون ضعيفاً ولا يقوم بأي إنجاز، بالتأكيد لن نقبل».
ولا يتوقف جعجع كثيراً عند ما يطرح في الإعلام المحلي عن مبادرات دولية للحل. ويأسف كيف أن «الكثير من وسائل إعلام لبنان، تخترع الأخبار أو تتلقى أخباراً مغشوشة. ليست الأطراف الدولية من تحدث عن ذلك، بل الصحف! في الواقع، مواقف الأطراف الدولية ليست كما يتم تصويرها في الصحافة المحلية، بدليل أن الأطراف الدولية لا تتحدث عن موقفها».
خيارات المعارضة قليلة. يقول جعجع «نحاول جمع أصوات للنائب ميشال معوض على قدر إمكاناتنا؛ لأن هذا الأمر الوحيد الذي نقدر على القيام به في الوقت الحاضر. وهنا يجب أن نوضح أن لا ميشال معوض متمسك بترشيحه شخصياً، ولا نحن نعتبر أن معوض أو لا أحد. لكن حتى الآن، لم نجد أي خيار انتخابي أو شخصي آخر بالمعنى الحرفي للكلمة، أفضل من معوض. لذلك؛ نواصل العمل لنحشد أصوات إضافية له».
ويقلل جعجع من أهمية أي تواصل مع «حزب الله»، مستدلاً على ذلك بأن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط شخصياً التقى بـ«حزب الله» وقدم طروحات تسوية. كانت النتيجة بقاء الوضع على ما هو عليه. إذا كان هناك تواصل على هذا المستوى ولم يحصل أي خرق، فما بالك بالتواصل الذي يحصل على مستويات أدنى؟ نحن ندور بالحلقة المفرغة نفسها. الحزب يدعو للحوار، والمقصود بذلك التحاور حول ترشيح سليمان فرنجية ولا شيء آخر».
وهل من إمكانية للحوار مع «التيار الوطني الحر» في ظل تباعد رئيس التيار جبران باسيل عن «حزب الله»؟ يجيب جعجع بسرعة «أشك جداً جداً... لأن الممارسة منذ ست سنوات حتى الآن تعطي فكرة عن طبيعة هذه المجموعة كيف تتصرف؟ ما هي منطلقاتها؟ وأين تتجه؟ الأمر الثاني وهو الأهم، صار هناك تبادل للآراء بطريقة غير مباشرة بواسطة بكركي. التيار حتى الآن لم يطرح أي شيء. كل ما طرحه هو الاتفاق، لكن علام نتفق؟ لا شيء. تنتهي القضية عند هذا الحد». ويخلص إلى أنه «عملياً (التيار الوطني الحر) يتمترس في بكركي لتقوية أوراق تفاوضه مع (حزب الله). يحاول توسيع مروحة اتصالاته لتقوية موقعه تجاه الحزب».
ويميز جعجع بين دستورية اجتماع الحكومة أو اجتماع البرلمان في ظل شغور منصب رئيس الجمهورية «دستورياً، تستطيع الحكومة أن تجتمع بصرف النظر عن كل الآراء الأخرى المطروحة... لكن بما أنها حكومة تصريف أعمال، عليها أن تجتمع بالحدود الضيقة لتصريف الأعمال. الجلسة التي عقدت الاثنين، تنطبق عليها المواصفات الدستورية لتصريف الأعمال بالأمور الضيقة والطارئة. عندما تجتمع للأمور الملحة والطارئة، فلا نمانع». لكن فيما يتعلق بالمجلس النيابي، فعلينا احترام الدستور بالحد الأدنى، المادة 73 و74 و75 من الدستور تفرض أن يلتئم المجلس النيابي فوراً في حالة الشغور الرئاسي ويتحول إلى هيئة ناخبة لانتخاب الرئيس. هذا هو دور البرلمان الآن، لكنه يحاول القفز فوق هذا الدور للقيام بتشريع. وهذا أمر لا يصحّ. على البرلمان أن يحترم الدستور بكل النقاط. لا يمكن القفز لجلسة تشريعية. وهو لم يجتمع لانتخاب رئيس؛ لأنه لا يقوم بعمل جدي ولا يُدار المجلس بالشكل المناسب لانتخاب رئيس».
وفي الملف الإقليمي، يكرر جعجع رفضه الانفتاح العربي على النظام السوري. الأمور بالنسبة إليه تنطلق من «موقف أخلاقي، حيث لا وضع في العالم مزرٍ أكثر من وضع سوريا بسبب بشار الأسد. الشعب السوري تبعثر في الجهات الأربع، واللاجئون ملأوا أوروبا والشرق الأوسط ووصلوا إلى أقاصي الأرض... وعذابات لا نهاية لها في مخيمات اللجوء». ويقول «لإعادة سوريا إلى الحضن العربي، يجب أن يكون الأسد قادراً على العودة إلى الحضن العربي. في الوقت الحاضر، ليست هناك دولة ذات سيادة في سوريا قادرة على تنفيذ التفاهمات. قرار دمشق الآن بأحسن حالاته بين روسيا وإيران. بعد تطور العلاقة بين الروس والإيرانيين باتوا متفاهمين أكثر على الملفات ومن ضمنها الملف السوري. وأكبر دليل على ذلك، حين يكون هناك أمر جدي حول سوريا، تتحدث عنه روسيا أو إيران، ويُضاف بالحديث عن الملف السوري كل من تركيا والولايات المتحدة. القرار ليس عند الأسد، ولا حول ولا قوة له. أرى الأمر محزناً جداً أن ينسى بعض المسؤولين مآسي الشعب السوري، ويتطلعون للحوار مع الأسد لإعادة سوريا إلى الحضن العربي في وقت بشار الأسد يجلس بالحضن الإيراني والروسي إلى ما لا نهاية، ولا يمتلك حرية القرار للخروج من هذا الحضن. حتى بالعقل التجاري، لا شيء بيد الأسد في هذا الوقت.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

المشرق العربي «حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

كشف مصدر نيابي لبناني محسوب على «محور الممانعة»، عن أن «حزب الله»، بلسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بادر إلى تلطيف موقفه حيال السجال الدائر حول انتخاب رئيس للجمهورية، في محاولة للالتفاف على ردود الفعل المترتبة على تهديد نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم، المعارضين لانتخاب زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، بوضعهم أمام خيارين: انتخاب فرنجية أو الفراغ.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

شنَّت إسرائيل هجوماً بالصواريخ بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، استهدف مستودعاً للذخيرة لـ«حزب الله» اللبناني، في محيط مطار الضبعة العسكري بريف حمص، ما أدَّى إلى تدميره بشكل كامل وتدمير شاحنات أسلحة. جاء هذا الهجوم في سياق حملة إسرائيلية متصاعدة، جواً وبراً، لاستهداف مواقع سورية توجد فيها ميليشيات تابعة لطهران على رأسها «حزب الله». وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا)، إلى أنَّ إسرائيل استهدفت الأراضي السورية 9 مرات بين 30 مارس (آذار) الماضي و29 (أبريل) نيسان الحالي، 3 منها براً و6 جواً، متسببة في مقتل 9 من الميليشيات وإصابة 15 آخرين بجروح. وذكر أنَّ القتلى 5 ضباط في صفوف «الحرس ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي «حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

«حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

يبدو أن «حزب الله» أعاد النظر بسياسة التصعيد التي انتهجها، الأسبوع الماضي، حين خير القوى السياسية بين مرشحَيْن: رئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، أو الفراغ؛ إذ أقر رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب محمد رعد، يوم أمس، بأنه «لا سبيل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي إلا بتفاهم الجميع». وقال: «نحن دعمنا مرشحاً للرئاسة، لكن لم نغلق الأبواب، ودعونا الآخرين وحثثناهم من أجل أن يطرحوا مرشحهم، وقلنا: تعالوا لنتباحث.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن صواريخ إسرائيلية استهدفت بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، مستودعاً للذخيرة يتبع «حزب الله» اللبناني، في منطقة مطار الضبعة العسكري في ريف حمص، ما أدى لتدميره بشكل كامل، وتدمير شاحنات أسلحة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

قال مستشار الأمن الوطني الإسرائيلي تساحي هنجبي أمس (الجمعة) إن «حزب الله» اللبناني كان وراء هجوم نادر بقنبلة مزروعة على جانب طريق الشهر الماضي، مما أدى إلى إصابة قائد سيارة في شمال إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز». وقال الجيش الإسرائيلي إن قوات الأمن قتلت رجلا كان يحمل حزاما ناسفا بعد أن عبر على ما يبدو من لبنان إلى إسرائيل وفجر قنبلة في 13 مارس (آذار) بالقرب من مفترق مجيدو في شمال إسرائيل. وأوضح مسؤولون في ذلك الوقت أنه يجري التحقيق في احتمال تورط «حزب الله» المدعوم من إيران في الانفجار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)

نفّذت القوات الإسرائيلية أوسع اختراق بري داخل العمق اللبناني منذ بدء الحرب، بوصولها إلى مشارف نهر الليطاني من جهة ديرميماس، ودخلت إلى أطراف البلدة، وذلك في محاولة لفصل النبطية عن مرجعيون، والتمهيد لهجوم على بلدة الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، وتحييد تلة الطيبة التي تشرف شرقاً على سهل الخيام الذي يستعد الجيش الإسرائيلي لتمديد عمليته البرية إليه، في محاولة للسيطرة على مدينة الخيام.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الجيش الإسرائيلي نصب حاجزاً عند مفرق ديرميماس في جنوب لبنان ليفصل بين مرجعيون والنبطية. وقطع الجيش الإسرائيلي الطريق عند المدخل الغربي لبلدة ديرميماس قرب محطة وقود، بالسواتر الترابية، حيث تتمركز آليات تابعة له. وأوردت تقارير إعلامية أن القوات الإسرائيلية منعت دوريات قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والجيش اللبناني من المرور باتجاه مرجعيون.

5 كيلومترات

وقالت مصادر لبنانية مواكبة لتطورات المعركة في الجنوب، إن القوات الإسرائيلية تقدمت من بلدة كفركلا التي تسيطر عليها، باتجاه الغرب عبر حقول الزيتون، لمسافة تصل إلى 5 كيلومترات، مستفيدة من غياب مقاتلي الحزب في تلك المناطق المسيحية، مثل محيط القليعة وبرج الملوك وديرميماس. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الثغرة «مكنت القوات الإسرائيلية من الوصول إلى مشارف نهر الليطاني، للمرة الأولى منذ عام 2006 وفصلت النبطية عن مرجعيون»، علماً بأن المدفعية الإسرائيلية كانت قد قطعت ذلك الطريق مراراً على مدار الأشهر الماضية، كما نفذت مسيّرات عمليات اغتيال عليها.

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

ومهّدت إسرائيل لهذا التقدم، بتغطية نارية. وقالت مصادر أمنية لبنانية في الجنوب إن المدفعية الإسرائيلية «لم تهدأ طوال ليل الخميس - الجمعة في استهداف المرتفعات المطلة على ديرميماس، سواء في قلعة الشقيف، أو أرنون ويحمر ووادي زوطر ودير سريان»، لافتة إلى أن هذا التمهيد المدفعي «يسعى عادة إلى توفير تغطية نارية تواكب تقدم المشاة»، وأكدت المصادر أن التحركات البرية الإسرائيلية «سارت على إيقاع قصف جوي عنيف، وتحليق للمسيّرات، لتأمين القوة المتقدمة». ورجحت أن مسار العبور سلك كفركلا - تل النحاس - برج الملوك باتجاه ديرميماس، وأشارت إلى أن البلدة «شبه خالية من السكان، إذ تضم بضع عائلات فقط، كما لا يحظى (حزب الله) بوجود فيها».

وأطلق «حزب الله» صواريخه باتجاه القوات الإسرائيلية في تلك المنطقة، حسبما قال في ثلاثة بيانات، أكد فيها أنه استهدف التجمعات والآليات الإسرائيلية على تخوم ديرميماس بالصواريخ. وتحدثت وسائل إعلام عن «رشقات صواريخ متتالية استهدفت تجمعات إسرائيلية في الخيام ومحيط تل النحاس وصاروخ موجه استهدف تحركات آلية في كروم الزيتون قرب محطة مرقص في أطراف ديرميماس».

دبابة وجرافة

وانتشرت صورة في وسائل الإعلام اللبنانية لدبابة إسرائيلية تتمركز وراء مرتفع مكشوف من جهة الشرق (بلدة القليعة)، لكنه محمي من جهتي الغرب والشمال. أما من الجهة الجنوبية، فتشرف عليه بلدة ديرميماس التي دخلت إليها القوات الإسرائيلية.

وقال الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد إن الصورة التي تداولتها وسائل إعلام لبنانية وتظهر جرافة تسير وراء دبابة على مثلث القليعة - مرجعيون - ديرميماس «تعني أن قوة مهاجمة من المشاة انتقلت من المنطقة وأمنتها، سواء سيراً على الأقدام أو بآليات مدولبة وسريعة، ودخلت إلى بلدة ديرميماس».

وأفاد رئيس بلدية البلدة، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، بحصول «توغل إسرائيلي بسيط داخل البلدة»، مشيراً إلى أن الجنود الإسرائيليين «توغلوا بين حقول الزيتون من جهة بلدة كفركلا».

ويقول «حزب الله» إنه لم يقم مراكز تجمع عسكري له في أراضي بلدات مسيحية أو درزية في الجنوب، وذلك في ظل رفض من تلك المكونات لوجود الحزب في أراضيهم. ويقول مقربون منه إنه يحجم عن ذلك لسببين؛ أولهما «سبب سياسي، لتجنب السجال مع أبناء الطوائف الأخرى»، وثانيهما «لضرورات أمنية».

مسيرة إسرائيلية تحلق في أجواء الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

مرتفعات الطيبة

وتسعى القوات الإسرائيلية من هذا التقدم إلى الإشراف على مجرى نهر الليطاني، الذي يُعتقد أن جزءاً من منصات الإسناد الصاروخي لـ«حزب الله» توجد فيه، وهي المنصات التي تمنع القوات الإسرائيلية من التقدم في بلدة الخيام. كما تسعى إلى الالتفاف على بلدة الطيبة الاستراتيجية التي تضم مرتفعات مشرفة على نهر الليطاني من الغرب، ومرتفعات مشرفة على سهل الخيام من جهة أخرى. ولم تدخل إليها القوات الإسرائيلية من جهة الشرق بعد، رغم المحاولات للتوغل فيها، ورغم الغارات الجوية التي استهدفتها على مدى أشهر.

وفي حال التوغل من جهة ديرميماس، فإن القوات الإسرائيلية ستفتح مجالاً للتوغل في الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، إضافة إلى محور مركبا - العديسة من الجهة الشرقية، وذلك في محاولة لتحقيق اختراق والتفاف عليها.

«الطيبة» لتأمين التوغل بـ«الخيام»

وتعد بلدة الطيبة أبرز الموانع التي تحول دون افتتاح القوات الإسرائيلية جبهة من الجهة الغربية للتقدم باتجاه مدينة الخيام، كون الدبابات الإسرائيلية «ستكون تحت نيران الصواريخ المضادة للدروع في حال العبور بسهل الخيام»، وهو ما حال دون افتتاح الجيش الإسرائيلي لمحور توغل جديد من الجهة الغربية للتقدم إلى الخيام التي فشل مرتين في السيطرة عليها، الأولى قبل أسبوعين حين توغل من الجهتين الشرقية والجنوبية، والمرة الثانية قبل أيام حين أضاف محوراً جديداً من شمال شرق المدينة قرب إبل السقي، وتمكن في المرتين من الوصول إلى أطرافها الشرقية والجنوبية، وبينها أسفل معتقل الخيام، فيما تعرضت آلياته لاستهداف ناري حين توسعت من المطلة إلى سهل الخيام (جنوب غرب) باتجاه المدينة.

القبة الحديدية تعترض صواريخ أطلقها «حزب الله» باتجاه شمال إسرائيل (إ.ب.أ)

وقال «حزب الله» إنه استهدف تجمعات إسرائيلية 6 مرات على أطراف الخيام الشرقية والجنوبية بالصواريخ، كما أطلق مقاتلوه صواريخ مضادة للدروع باتجاه إحدى الدبابات الإسرائيلية على مشارف الخيام، مما أدى إلى احتراقها.

وتقول المصادر إن القوات الإسرائيلية «تسعى للسيطرة على إحدى مدينتين، إما بنت جبيل وإما الخيام»، وذلك بعد التوغل في عدة قرى، وتفجير المنازل فيها، ومسحها بالكامل. ويعد الدخول إلى بنت جبيل معقداً من الناحية العسكرية، كونها مدينة كبيرة وتتضمن أحياء واسعة ومترامية الأطراف، وقد فشلت محاولات سابقة للتوغل فيها والسيطرة عليها، رغم القتال على أطرافها، خصوصاً الحي الواقع على تخوم عيناثا.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية باشتباكات عنيفة في مدينة الخيام، حيث «تُسمع بوضوح أصوات الانفجارات والاشتباكات بالأسلحة الرشاشة»، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف وغارات على مدينة الخيام.