نتنياهو يرضخ للمستوطنين ويسعى لإلغاء هدم بيتين لهم ويأمر بتدمير منزلين لفلسطينيين

حاولوا إعادة بناء 4 مستوطنات شمال الضفة الغربية هدمت قبل 10 سنوات

قوات الأمن الإسرائيلية في اشتباك مع مستوطنين رفضوا إخلاء المبنيين غير الشرعيين في مستعمرة بيت إيل قرب رام الله  (إ.ب.أ)
قوات الأمن الإسرائيلية في اشتباك مع مستوطنين رفضوا إخلاء المبنيين غير الشرعيين في مستعمرة بيت إيل قرب رام الله (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو يرضخ للمستوطنين ويسعى لإلغاء هدم بيتين لهم ويأمر بتدمير منزلين لفلسطينيين

قوات الأمن الإسرائيلية في اشتباك مع مستوطنين رفضوا إخلاء المبنيين غير الشرعيين في مستعمرة بيت إيل قرب رام الله  (إ.ب.أ)
قوات الأمن الإسرائيلية في اشتباك مع مستوطنين رفضوا إخلاء المبنيين غير الشرعيين في مستعمرة بيت إيل قرب رام الله (إ.ب.أ)

خوفا من أزمة ائتلافية داخل حكومته، رضخ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإرادة المستوطنين، الذين تحصنوا في مستعمرة «بيت ايل» قرب رام الله، لكي يمنعوا تنفيذ قرار محكمة العدل العليا بإزالة مبنيين بنيا على أرض فلسطينية خاصة، بما يتعارض حتى مع القانون الإسرائيلي الاحتلالي. وقد وقف وزراء حزب المستوطنين بقيادة وزير التعليم، نفتالي بنيت، إلى جانب من يدوسون على القانون وهددوا بالانسحاب من الائتلاف الحاكم، ما يعني إسقاط الحكومة.
وكان المستوطنون قد انتهزوا فرصة صدور قرار المحكمة العليا، التي أمرت بإخلاء المبنيين حتى موعد أقصاه 30 الحالي، لكي يدخلوا حكومتهم اليمينية المتطرفة في امتحان. فاحتل قسم منهم المبنيين قبل أيام، وتوجه قسم آخر إلى المستوطنات الأربع المهجورة في شمال الضفة الغربية، التي كان أرئيل شارون قد انسحب منها بموازاة الانسحاب من قطاع غزة قبل عشر سنوات. وقد اقتحموا تخوم مستوطنة «سانور» وحاولوا اقتحام تخوم مستوطنة «حومش»، تمهيدا لإعادة بنائها والاستيطان فيها من جديد.
وقد تقاعس الجيش عن صد المستوطنين في سانور، وحاول إقناعهم بمغادرة المكان، فرفضوا ذلك. لكن الجيش توجه بقوات كبيرة من الجنود والشرطة وحرس الحدود إلى مستعمرة بيت ايل قرب رام الله، في ساعات الفجر الأولى من يوم أمس. وتمكن من إخلاء نحو 300 مستعمر تحصنوا في المبنيين. وعندها تم استدعاء مستعمرين من مناطق أخرى، وحضر وزير التعليم، بنيت، وعدد من نواب كتلته في الكنيست. واشتبك المستوطنون مع الجنود. وتساهل الجنود كثيرا، إذ حضروا بلا أسلحة. وتعاملوا مع المستوطنين بمنتهى الرقة واللين. وقد شجع ذلك المستوطنين على التمادي، فراحوا يعتدون على الجنود. حينئذ، جرى اعتقال 50 مستوطنا، أطلق سراح معظمهم في الصباح.
وهنا بدأت حملة ضغوط سياسية من المستوطنين، الذين راحوا يهددون بالانسحاب من الحكومة. ويعني مثل هذا الانسحاب سقوط حكومة نتنياهو فورا، فهي تستند إلى ائتلاف مهزوز يضم 61 نائبا من مجموع 120. ويكفي انسحاب نائب واحد حتى تسقط. فتراجع نتنياهو، وخرج بتصريح قال فيه إن حكومته تعارض هدم المبنيين في مستوطنة «بيت إيل» اللذين جرى إخلاؤهما الليلة الماضية، بأمر من المحكمة العليا. وأعلن أنه يعمل من أجل تعزيز الاستيطان، و«نفعل ذلك من خلال الانصياع للقانون». وقال إنه توجه إلى المستشار القضائي للحكومة كي يدبر بدائل تمنع هدم المبنيين وتتيح إعطاءهما تصاريح بناء.
المعروف أن المبنيين يقومان على أرض فلسطينية خاصة، وهما جزء من بؤرة استيطانية أضيفت إلى بيت ايل بالبلطجة الاستيطانية والقوة، وبتساهل لا يطاق من السلطات. وقام أصحاب الأرض بتشجيع من منظمة «رجال الدين اليهود المناضلين من أجل السلام»، بالتوجه إلى المحكمة، واستصدروا قرارا يقضي بإخلاء المبنيين وترتيب الأوراق لهدمهما. وقد انتظر وزير الدفاع، موشيه يعلون، حتى الدقيقة التسعين، فأرسل قواته لأخلائهما. وبعد الصدامات التي جرت فجر أمس وتجددت ظهرا، قال يعلون إن «موقفي واضح، وأنا أعارض الهدم، وأعمل من أجل منعه وتعزيز الاستيطان في بيت إيل خصوصا، وفي يهودا والسامرة (الضفة الغربية) عموما». وأضاف أنه «في الأسابيع الأخيرة، نفذت عدة خطوات من أجل وضع بنية تحتية قانونية تمنع الهدم في بيت إيل. والآن أنا بانتظار قرار المحكمة العليا في الموضوع».
وفي أعقاب انتقادات وجهها له وزراء من حزب «البيت اليهودي» الاستيطاني، قال يعلون: «بالأمس أيضا، أوضحت لوزراء من البيت اليهودي، خلال حديثي معهم، أنه لن يجري الهدم قبل بحث الموضوع في المحكمة العليا»، التي تنظر في اعتراض على هدم المبنيين في المستوطنة.
في غضون ذلك، طالبت منظمة «ييش دين» الحقوقية الإسرائيلية التي تمثل أصحاب الأراضي الفلسطينيين، المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشطاين، بالتأكد من تنفيذ قرار المحكمة العليا بهدم المبنيين. وقالت المنظمة في رسالتها إلى فاينشطاين، إنه «بصفتك رئيسا لجهاز تطبيق القانون في دولة إسرائيل، عليك أن تتأكد من ألا يتم الدوس على القانون وعدم الاستخفاف بالمحكمة العليا بسبب تحمس الحكومة لإرضاء اليمين المتطرف». وأكدت «ييش دين» على أن المحكمة العليا أصدرت قرارين بهدم المبنيين في مستوطنة «بيت إيل»، وحذرت من مغبة دوس القانون من طرف وزراء.
وأعلن ثلاثة من أقطاب المعارضة، يتسحاق هيرتسوغ، وتسيبي ليفني من المعسكر الصهيوني، ويائير لبيد من حزب «يوجد مستقبل»، أن الحكومة أنشأت وضعا خطيرا عندما أخذت على عاتقها دوس القانون.
من جهة ثانية، وفي إطار ما يسمى بـ«سياسة التوازن»، قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم غرفة سكنية ومخزنين ومحل تجاري في حي عين اللوزة والعين الفوقا بسلوان، من دون سابق إنذار. وقامت الجرافات بالهدم في أملاك المواطن إياد يونس محمد العباسي، في العين الفوقا، وفي محل تجاري في حي عين اللوزة يعود للمواطن خليل محمد العباسي. وأفاد المواطن إياد العباسي (38 عاما) أنه استيقظ على صوت آليات خفيفة بجانب المنزل، وعندما خرج لرؤية مصدر الصوت فوجئ بقوات الاحتلال الإسرائيلية تحاصر المنزل، وعمالها يحطمون البوابات، من دون سابق إنذار. وأضاف: «لم يسمحوا لي بإخلاء الأغراض الموجودة داخل الغرفة والمخزنين، بل قام عمال بلدية الاحتلال بإخراج الأغراض وهدمها باستخدام حفارة صغيرة وشاكوش ضخم، بحجة أن المكان يعود للحدائق الوطنية». وأشار إلى أن مساحة ما قام به موظفو بلدية الاحتلال من هدم تبلغ 70 مترا مربعا، ومبنية منذ نحو 10 إلى 15 عاما.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.