تباين ليبي بشأن اقتراح تشكيل سلطة تنفيذية جديدة

البعض اعتبره «منطقياً»... وآخرون يرونه «مستبعداً»

رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح (المكتب الإعلامي لصالح)
رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح (المكتب الإعلامي لصالح)
TT

تباين ليبي بشأن اقتراح تشكيل سلطة تنفيذية جديدة

رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح (المكتب الإعلامي لصالح)
رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح (المكتب الإعلامي لصالح)

أثار اقتراح رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، بـ«تشكيل لجنة من 45 عضواً تتولى مهمة تشكيل سلطة تنفيذية موحدة (تحت إشراف دولي)»، تباينات في ليبيا. وبينما اعتبر برلمانيون أن «المقترح منطقي»، رأى سياسيون أن «المقترح مستبعد». ووفق المقترح تتشكل اللجنة من «15 عضواً من مجلس النواب، و15 عضواً من المجلس الأعلى للدولة، ومثلهم من المستقلين والمختصين».
واستبعد زميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة جونز هوبكنز، الليبي حافظ الغويل، أن «يلقى اقتراح عقيلة صالح أي ترحيب أو قبول من قبل واشنطن، أو أي من الدول الغربية المنخرطة بقوة في الملف الليبي»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك اجتماعاً قريباً في واشنطن لعدد من المبعوثين لليبيا، ومن المرجح أن يُسفر عن آلية جديدة تضمن الوصول للانتخابات من دون أن يكون للمجلسين أي سلطة، لذا سارع صالح بطرح هذا المقترح ربما لـ(تشتيت الآراء)»، مستبعداً أن «تنجح محاولة صالح بهذا المقترح».
وشدد عضو ملتقى الحوار السياسي، أحمد الشركسي، على أن «هدف رئيسي مجلسي (النواب) و(الأعلى للدولة) هو تقاسم مناصب السلطة التنفيذية الجديدة». وأشار الشركسي إلى «تطلع عقيلة صالح لأن يتولى رئاسة مجلس رئاسي جديد، وتطلع المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة بدوره لترؤس الحكومة الجديدة أو على الأقل يكون نائباً لصالح، هو ما يعني أن الأمر يتعلق بمكاسب شخصية، لا بإيجاد حكومة جديدة موحدة تشرف على إجراء الانتخابات بعموم البلاد واضطلاعها بالعديد من المسؤوليات كإخراج القوات الأجنبية من البلاد».
وكان صالح قد أكد أن «السلطة الجديدة الموحدة ستعمل على توفير احتياجات المواطنين وحل المشكلات ومساعدة المفوضية لتتمكن من تنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الموعد المتفق عليه، وكذلك إخراج القوات الأجنبية من البلاد، وتوزيع الثروة بين أقاليم البلاد». فيما توقع الشركسي أن «يتخلى صالح عن هذا المقترح سريعاً إذا ما وافقت البعثة الأممية أو واشنطن على تنفيذه مع اشتراط أن تكون الأغلبية في اللجنة للأعضاء المستقلين»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عقيلة صالح سيبقي على الحكومة المكلفة من مجلسه برئاسة فتحي باشاغا كـ(ورقة ضغط) لحين تأكده من مواقف القوى الدولية، وهل ستغير الأخيرة من قناعاتها ومواقفها الراهنة وتقبل بوجود سلطة تنفيذية جديدة من عدمه».
وتتنازع منذ مارس (آذار) الماضي حكومتان على السلطة في ليبيا، الأولى هي حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومقرها العاصمة طرابلس وتحظى باعتراف أممي، والثانية هي حكومة باشاغا ومقرها مدينة سرت.
واستبعد الشركسي أن «يكون هناك أي رد دولي حول مقترح رئيس البرلمان الليبي»، مرجحاً توجه البعثة والمجتمع الدولي «لتشكيل لجنة من خبراء قانونين لوضع القوانين الانتخابية على أن تحال إلى مجلس النواب لإصدارها من دون تعديل وفي إطار زمني محدد».
حول ما يقترحه البعض بترك مهمة الإشراف على الانتخابات لحكومة الدبيبة بعد ضم شخصيات من الشرق وتحديداً من المقربين من قائد الجيش الوطني، خليفة حفتر. قال الشركسي إن «المجتمع الدولي لا يزال منقسماً حول الحكومة التي سوف تشرف على إجراء الاستحقاق بعموم البلاد، فهناك دول منخرطة بقوة في الملف الليبي واستثمرت في حكومة (الوحدة)، وهناك دول أخرى ترفض وبشدة استمرار تلك الحكومة خلال المرحلة المستقبلية في ليبيا».
في المقابل، دافع عضو مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة، عن مقترح رئيس البرلمان، واصفاً إياه بـ«المنطقي» للتخلص من الحكومتين المتنازعتين على السلطة بما يمهد لإجراء الانتخابات، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد من وجود حكومة توافقية يتم اختيارها من الأطراف المتنازعة ولا بد من أن تحظى أيضاً بالقبول الدولي، فالجميع يتذكر أنه تم اختيار حكومة باشاغا، وكانت نتاج توافق ليبي - ليبي؛ لكن تم رفضها من قبل المجتمع الدولي ولم يتم الاعتراف بها، وسرعان ما غير (الأعلى للدولة) موقفه منها».
ويتوقع أوحيدة أن تكون الحكومة الموحدة «حكومة مصغرة من التكنوقراط في حدود 15 حقيبة، لا حكومة محاصصة يكرر فيها سيناريو قيام القوى البارزة بفرض أسماء الوزراء على رئيس الحكومة، كحال أغلب الحكومات التي تعاقبت على حكم البلاد منذ الثورة الليبية». إلا أنه عاد مستدركاً: «ستكون هناك محاصصة جغرافية للدوائر، وربما يرشح البرلمان أو (الأعلى للدولة) أسماء بعض الشخصيات من كل دائرة من الدوائر الـ13 الموجودة بالبلاد، ويقوم رئيس الحكومة بفحص الملفات واختيار الأفضل بتخصصه».
ويرى عضو مجلس النواب أن المدى الزمني لهذه الحكومة، وإن كان صغير نسبياً؛ إلا أنه قد يكون كافياً لتحقيق بعض المهام التي تسهل «إجراء الانتخابات، كتوزيع العوائد النفطية بعدالة لكل الأقاليم»، موضحاً أن «الحكومة القائمة بالعاصمة تقوم بتمويل أطراف بعينها وبشكل غير منضبط ومن دون ميزانية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.