قطاع العقار الروسي يتأقلم بحذر مع «الواقع الجديد»

تراجع أسعار الأصول السكنية 20%... وعقاريون يصفون موقف السوق بـ«المعقد»

القطاع العقاري في روسيا يشهد تراجعاً مع استمرار الحرب على أوكرانيا (أ.ف.ب)
القطاع العقاري في روسيا يشهد تراجعاً مع استمرار الحرب على أوكرانيا (أ.ف.ب)
TT

قطاع العقار الروسي يتأقلم بحذر مع «الواقع الجديد»

القطاع العقاري في روسيا يشهد تراجعاً مع استمرار الحرب على أوكرانيا (أ.ف.ب)
القطاع العقاري في روسيا يشهد تراجعاً مع استمرار الحرب على أوكرانيا (أ.ف.ب)

بعد مرور عام تقريباً على بدء الغزو الروسي على أوكرانيا، تشهد قطاعات الاقتصاد في روسيا مواءمات تعطي تصورات لواقع جديد تضطر الأنشطة الاقتصادية للتأقلم معه، يأتي في مقدمتها قطاع العقار.
واضطر فلاديمير ستيسينكو إلى بيع شقة يملكها في موسكو بسعر أقل بـ20 في المائة من قيمتها، وفق قوله، ما يعكس «الواقع الجديد» لاقتصاد بلاده في ظل العقوبات المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.
يعيش المهندس الميكانيكي السابق البالغ 61 عاماً والعاطل عن العمل حالياً، في تشيكيا منذ عامين مع زوجته وأطفالهما، محافظاً على موطئ قدم في روسيا، وفق وكالة الصحافة الفرنسية، حيث قال: «لم نكن ننوي بيع الشقة التي تمّ تجديدها وتبلغ مساحتها 64 متراً مربعاً في جنوب موسكو... الغزو الروسي لأوكرانيا قبل عام قَلَب الوضع رأساً على عقب».
وعرض فلاديمير شقته المؤلفة من غرفتين للبيع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن لم يُبدِ أحد اهتماماً بشرائها، خصوصاً أن سعرها المرتفع لا يُناسب السوق بعد أن غادر موسكو آلاف ممن لديهم قوة شرائية عالية للعيش في الخارج.
ويضيف: «قررنا تخفيض السعر بما يزيد قليلاً على 20 في المائة، ليصبح سعرها الإجمالي 200 ألف يورو».
من جانبه، وصف الحال بقوله «غير مسبوق»، المؤسس الشريك لشركة العقارات «ريو لاكس» في موسكو فاديم أوريخوف (35 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية، مشيراً إلى أن سوق العقارات أصبحت «معقدة» منذ عام.
ويضيف: «هناك الكثير من العقارات في السوق، ما يخلق تنافساً كبيراً بين البائعين»، ويتابع: «هذا أمر غير مسبوق منذ عامين»، مشيراً إلى أن جائحة «كوفيد – 19» أثّرت بشدّة على سوق العقارات المحلية.
من ناحيتها، تقول أناستاسيا تشيتشيكينا التي تعمل في سوق العقارات منذ مطلع 2022 إن سعر المتر المربّع يبلغ نحو 3200 يورو، مسجلاً تراجعاً بالنسبة للذروة التي بلغتها الأسعار وسط موجة «الهلع» في مارس (آذار) عام 2022، حين هرع الروس إلى الاستثمار بالعقارات عندما بدأت تنهار قيمة الروبل قبل أن تستقر.
أمّا مدير مركز تحليل «مؤشر سوق العقارات» أوليغ ريبتشينكو، فيقارن بين وضع السوق الحالي ووضع السوق «بين 2014 و2015 حين فُرضت العقوبات الأولى» على موسكو، بعد ضمّ شبه جزيرة القرم. وقال: «في الحالتين... انخفضت أسعار العقارات تدريجياً بعد ارتفاعها على مدى قصير»، مستطرداً: «لكن شهد عام 2022 ظاهرة جديدة تمثّلت في ارتفاع هائل في عدد المعاملات بالوكالة».
وبحسب وكالة «إنكوم» للعقارات، كانت نسبة الشقق المبيعة في موسكو عبر وكيل «17 في المائة على الأقل هذا الخريف مقابل أقل من 5 في المائة» قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا.
وبحسب الوكالة الفرنسية، تعكس التطوّرات في سوق العقارات تكيّف روسيا مع «الواقع الجديد»، كما يصفه المسؤولون الروس الحريصون على إظهار أن روسيا «تغلّبت على الموجة الأولى من العقوبات الدولية دون أن تكون معزولة تماماً.
وحلّت علامة تجارية محلية محل شركة «ماكدونالدز» الأميركية للوجبات السريعة، وأفسحت العلامات التجارية الرئيسية للمشروبات الغازية الأجنبية المجال للشركات المحلية.
على المستوى الدولي، حطّمت التبادلات التجارية مع الصين رقماً قياسياً العام الماضي، وبلغت 190 مليار دولار، بحسب الجمارك الصينية.
وأعاد صندوق النقد الدولي تقييم توقعات النمو للاقتصاد الروسي لعام 2023 إلى حد كبير في نهاية يناير (كانون الثاني) من ناقص 2.3 في المائة إلى زيادة طفيفة قدرها 0.3 في المائة على مدار العام.
ويشدّد الكرملين على أن «تحالف دول الغرب» شنّ «حرباً هجينة» متعددة الأوجه، أحدها حرب اقتصادية على روسيا بهدف إضعافها، حسب قوله.
لكن هذه القدرة على المرونة والصمود لا تخفي الصعوبات المستمرة في روسيا، بعد عام من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
ما زالت متاجر العلامات الكبيرة في وسط موسكو مغلقة، فيما يلامس التضخم نسبة 12 في المائة ويقوّض القدرة الشرائية للروس، في وقت اختفى السياح تقريباً، فيما لا تزال بعض المشكلات في العرض قائمة، كما هي الحال في قطاع السيارات مثلاً حيث يؤدي نقص أشباه الموصلات إلى تأخير خطوط التجميع.
في غضون ذلك، يعتزم الاتحاد الأوروبي فرض حزمة عاشرة من العقوبات على روسيا في الأيام المقبلة، على أمل تقييد مداخيل موسكو التي تستخدمها لتمويل هجومها على المدى البعيد.


مقالات ذات صلة

إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

الاقتصاد إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

أعلنت الحكومة الإسبانية أمس (الجمعة) فتح تحقيق في احتمال دخول شحنات من النفط الروسي إلى أراضيها عبر دول ثالثة ودعت إلى بذل جهود أوروبية مشتركة لـ«تعزيز إمكانية تتبع» واردات المحروقات. وقالت وزيرة الانتقال البيئي الإسبانية تيريزا ريبيرا في رسالة: «في مواجهة أي شكوك، من الضروري التحقق» مما إذا كانت «المنتجات المستوردة تأتي من المكان المشار إليه أو من بلد آخر وما إذا كانت هناك أي مخالفة». وأوضحت الوزيرة الإسبانية أن «هذه المخاوف» هي التي دفعت إسبانيا إلى «التحقيق» في إمكانية وصول نفط روسي إلى أراضيها، مذكرة بأن واردات المحروقات «مرفقة نظريا بوثائق تثبت مصدرها».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الاقتصاد موسكو تسيطر على شركتي طاقة أوروبيتين وتهدد بالمزيد

موسكو تسيطر على شركتي طاقة أوروبيتين وتهدد بالمزيد

سيطرت موسكو على أصول شركتين للطاقة، ألمانية وفنلندية، ردا على المعاملة بالمثل لشركات روسية موجودة في أوروبا، وهددت بتوسيع قائمة الشركات الأجنبية المستهدفة بمصادرة «مؤقتة» لأصولها داخل البلاد. وقال الكرملين، أمس الأربعاء، إن تحرك موسكو للسيطرة المؤقتة على أصول مجموعة «فورتوم» الفنلندية للطاقة و«يونيبر» الألمانية التي كانت تابعة لها، جاء ردا على ما وصفه بالاستيلاء غير القانوني على أصول روسية في الخارج. تمتلك «يونيبر»، الشركة الأم، حصة 83.7 في المائة في شركة «يونيبرو»، الفرع الروسي، التي زودت ألمانيا لسنوات بشحنات الغاز الطبيعي. ودخلت الشركة في ضائقة شديدة العام الماضي بسبب قطع إمدادات الغاز الرو

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم الكرملين يهدّد بمصادرة أصول مزيد من الشركات الأجنبية في روسيا

الكرملين يهدّد بمصادرة أصول مزيد من الشركات الأجنبية في روسيا

حذّر الكرملين اليوم (الأربعاء)، من أن روسيا قد توسّع قائمة الشركات الأجنبية المستهدفة بمصادرة مؤقتة لأصولها في روسيا، غداة توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمرسوم وافق فيه على الاستيلاء على مجموعتَي «فورتوم» و«يونيبر». وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين: «إذا لزم الأمر، قد توسّع قائمة الشركات. الهدف من المرسوم هو إنشاء صندوق تعويضات للتطبيق المحتمل لإجراءات انتقامية ضد المصادرة غير القانونية للأصول الروسية في الخارج».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد دراسة تُظهر خروقات واسعة لسقف أسعار النفط الروسي في آسيا

دراسة تُظهر خروقات واسعة لسقف أسعار النفط الروسي في آسيا

قال فريق من الباحثين إنه من المرجح أن سقف أسعار النفط المحدد من جانب مجموعة السبع شهد خروقات واسعة في آسيا في النصف الأول من العام، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية. وقام فريق الباحثين بتحليل بيانات رسمية بشأن التجارة الخارجية الروسية إلى جانب معلومات خاصة بعمليات الشحن، حسبما نقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، اليوم (الأربعاء). وفي ديسمبر (كانون الأول)، فرضت مجموعة الدول الصناعية السبع حداً أقصى على أسعار النفط الروسي يبلغ 60 دولاراً للبرميل، مما منع الشركات في تلك الدول من تقديم مجموعة واسعة من الخدمات لا سيما التأمين والشحن، في حال شراء الشحنات بأسعار فوق ذلك المستوى. ووفقاً لدراسة التجارة وب

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد موسكو تضع يدها على الأصول الروسية لشركتَي طاقة أجنبيتين

موسكو تضع يدها على الأصول الروسية لشركتَي طاقة أجنبيتين

وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً يضع الشركات الروسية التابعة لاثنين من مورّدي الطاقة الأجانب («يونيبر» الألمانية، و«فورتوم أويج» الفنلندية) تحت سيطرة الدولة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وقال المرسوم الذي نُشر أمس (الثلاثاء)، إن هذه الخطوة رد فعل ضروري على التهديد بتأميم الأصول الروسية في الخارج. وهدد المرسوم بأنه في حالة مصادرة أصول الدولة الروسية أو الشركات الروسية أو الأفراد في الخارج، ستتولى موسكو السيطرة على الشركات الناشئة من الدولة الأجنبية المقابلة. وتمتلك «يونيبر» حصة 83.73 في المائة في شركة «يونيبرو» الروسية الفرعية، التي زوّدت ألمانيا لسنوات بشحنات الغاز الطبيعي. ودخلت ا

«الشرق الأوسط» (موسكو)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.