حديث البرهان عن دمج «الدعم السريع» في الجيش يثير جدلاً في السودان

(تقرير إخباري)

البرهان أثناء استقباله وزير الخارجية الروسي لافروف في الخرطوم 9 فبراير (رويترز)
البرهان أثناء استقباله وزير الخارجية الروسي لافروف في الخرطوم 9 فبراير (رويترز)
TT

حديث البرهان عن دمج «الدعم السريع» في الجيش يثير جدلاً في السودان

البرهان أثناء استقباله وزير الخارجية الروسي لافروف في الخرطوم 9 فبراير (رويترز)
البرهان أثناء استقباله وزير الخارجية الروسي لافروف في الخرطوم 9 فبراير (رويترز)

أثارت تصريحات رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، يوم الخميس، الكثير من الأسئلة عن دوافعه ومقاصده، بإصراره على رهن الاستمرار في العملية السياسية بدمج قوات الدعم السريع في الجيش. وعبّر مراقبون عن استغرابهم هذا الإعلان رغم النصوص الصريحة في «الاتفاق الإطاري» على هذا الدمج، وأشاروا إلى أن تصريح البرهان قد يوحي بـ«صراع محتمل» بين القوتين العسكريتين، أو حتى مخاوف مستندة إلى معلومات تتعلق بتصفيات قد تطول قادة القوات المسلحة أو تخويفهم.
وقال البرهان في خطاب جماهيري يوم الخميس إن دمج قوات الدعم السريع في الجيش هو الفيصل لاستمراره في دعم الاتفاق الإطاري، وحذر مما أطلق عليه محاولات «تخويف الجيش»، وتوعد ببقائه جيشاً وطنياً «وإن قتل البرهان أو كل قادة الجيش»، معلناً استعداده للتنحي وبقية القادة إذا كانوا هم المشكلة. وما يجعل من تصريحات الرجل مثار دهشة، هو أن الاتفاق الإطاري نص في بنده الرابع بوضوح على «دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة، وفق الجداول الزمنية، وقوات حركات الكفاح المسلح»، ونص كذلك على قيادة القوات المسلحة لخطط الإصلاح الأمني والعسكري الموصلة لجيش مهني قومي واحد، يدمج فيه الدعم السريع وفق جداول زمنية، وتدمج فيه قوات الحركات المسلحة وفقاً للترتيبات الأمنية التي اتفق عليها في اتفاق جوبا لسلام السودان.
كما أكد الاتفاق أن الدعم السريع يكون بوجود قوات عسكرية تتبع للقوات المسلحة، ويحدد القانون أهدافها ومهامها، ويكون «رأس الدولة» قائداً أعلى لقوات الدعم السريع وللجيش معاً، وأن ينشأ مجلس أمن ودفاع برئاسة رئيس الوزراء يكون القائدان عضوين به. وقال مصدر تحدث لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن تصريحات البرهان تشير إلى احتمال نشوب نزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع، ينتج عن تباين موقف قائدي القوتين من الاتفاق الإطاري الموقّع في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فبينما يدعمه قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي» بقوة، فإن قائد الجيش تأرجحت مواقفه بين القبول المشروط والموافقة المتذبذبة، فهو يدعمه مرة، ثم ما ينفك يطلق تصريحات قد تنسفه.
وقطع المصدر بأن البرهان ليس بحاجة لاشتراط دمج الدعم السريع في الجيش للاستمرار في الاتفاق الإطاري؛ لأن ذلك نص واضح في الاتفاق بدمجه وفقاً لخطة زمنية هو وقوات الحركات المسلحة، وبتأسيس جيش وطني واحد، وأعطى سلطة الإصلاح الأمني والعسكري للقوات النظامية دون تدخل المدنيين أي للبرهان نفسه، وتساءل: «ما الذي دفع البرهان لهذه التصريحات الغاضبة متجاهلاً النصوص الواضحة؟».
لكن مستشار الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية اللواء معتصم عبد القادر الحسن قال لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن قراءة نصوص الاتفاق مع التصريحات السياسية المتعلقة ببناء «جيش وطني واحد»، دون تحديد مَن يُدمج في مَن، ربما تكون قد أثارت مخاوف البرهان من حدوث العكس «دمج الجيش في الدعم السريع»؛ لذلك شدد على الدمج. وأشار اللواء الحسن إلى ما أطلق عليه «تناقضات» في الاتفاق الإطاري، بقوله: «رغم نصوصه الواضحة بتبعية الدعم السريع للجيش، فإنه جعل منه قوة تابعة للقائد الأعلى (مجلس السيادة المدني)»، عادّاً هذه الفقرة «ثغرة» قد تعرقل الوصول لجيش موحد تحت قيادة واحدة.
وأوضح الخبير العسكري والأمني أن المرحلة تستدعي ابتعاد الجيش عن السياسة، والتخلص من الفخاخ الموجودة داخله، بإجراء جراحة دقيقة تستأصل القوى الموروثة من النظام السابق المتغلغلة داخله، وليس فقط إلى دمج الدعم السريع وجيوش الحركات المسلحة وحدها، وهو الأمر الذي لم يتحدث عنه الاتفاق الإطاري بوضوح. وتساءل اللواء الحسن عما إذا كانت إشارة البرهان إلى قوى مدنية بعينها تسعى إلى «تخويف الجيش»، تستند إلى معلومات بأن هناك استهدافاً لقيادات الجيش، انطلاقاً من قول الرجل: «لو قتل البرهان أو قادة الجيش فإن الجيش سيظل»، وما إذا كانت هناك مخاوف مشتركة بينهم كقوى عسكرية بهذا الشأن، وتابع: «ليست لديّ معلومات، لكن التصريحات تحتمل هذا التحليل».
وربط الحسن بين تصريحات البرهان وتسوية مخاوفه مع قوى إقليمية ودولية مؤثرة على الأوضاع في البلاد، وقال: «في نظري تصريحات البرهان لها علاقة بما يحدث في الخارج، وباحتمالات تراجع الدعم الإقليمي الذي كان يجده حميدتي من القوى الإقليمية التي تسعى لتوظيفه في مواجهة الإسلاميين المتغلغلين في القوات المسلحة، وبتطمينات قدمها لهذه الجهات تقول إن الجيش ليس فيه إسلاميون».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
TT

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)

ذكرت وكالة المغرب العربي للأنباء أن الرئيس الصيني شي جين بينغ قام بزيارة قصيرة إلى المغرب في وقت سابق الخميس.

وقالت الوكالة إن ولي العهد الأمير مولاي الحسن يرافقه رئيس الحكومة عزيز أخنوش استقبلا الرئيس الصيني في مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء مشيرة إلى أن الزيارة تعكس روابط الصداقة والتعاون والتضامن القوية بين الشعبين المغربي والصيني. وقام شي بالزيارة بعد حضوره قمة مجموعة العشرين في البرازيل.

كثفت الصين استثماراتها في قطاع البنية التحتية والسكك الحديدية في المغرب في السنوات الأخيرة. ويجذب المغرب مصنعي بطاريات السيارات الكهربائية الصينيين في ظل موقعه الجغرافي بالقرب من أوروبا، واتفاقياته للتجارة الحرة مع أسواق رئيسية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وصناعة السيارات القائمة في المملكة.

وفي يونيو (حزيران)، اختارت شركة "جوشن هاي تك" الصينية لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية المغرب مقرا لأول مصنع ضخم في إفريقيا بتكلفة إجمالية تبلغ 1.3 مليار دولار.