في الصيف الماضي، طالب المدير الفني الجديد لمانشستر يونايتد، إريك تن هاغ، النادي بالتعاقد مع مهاجم جديد. ونظراً لأن المدير الفني الهولندي كان ينوي التخلص من كريستيانو رونالدو، فقد كان يرغب في التعاقد مع مهاجم آخر، وكانت هناك تحفظات واضحة بشأن التعاقد مع اللاعب البرازيلي أنتوني، من بينها بالطبع دفع 100 مليون يورو لضم لاعب لم يسجل سوى 25 هدفاً فقط في الدوري خلال مسيرته الكروية بالكامل، لكن النادي قرر في النهاية دعم تن هاغ وتعاقد مع اللاعب البرازيلي وجعله ثاني أغلى صفقة في تاريخه بعد لاعب خط الوسط الفرنسي بول بوغبا.
وسرعان ما تألق أنتوني بقميص مانشستر يونايتد، حيث سجل هدفاً في أول مباراة له مع «الشياطين الحمر»، وكان ذلك في المباراة التي فاز فيها مانشستر يونايتد على آرسنال بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد في أوائل سبتمبر (أيلول)، ثم تبع ذلك بهدفين آخرين في مرمى مانشستر سيتي وإيفرتون. ورغم المبلغ المالي الكبير الذي دفعه مانشستر يونايتد، فقد أثبت الوافد الجديد في البداية أنه يستحق ذلك. لكن من الواضح للجميع أن اللاعب البالغ من العمر 22 عاماً يعاني بشدة منذ الفوز على إيفرتون بهدفين مقابل هدف وحيد في أوائل أكتوبر (تشرين الأول).
لم يعد أنتوني قادراً على هز الشباك مثلما بدأ مع يونايتد (أ.ب)
لم يعد أنتوني قادراً على هز الشباك. ورغم إصرار تن هاغ على الاعتماد على اللاعب البرازيلي في التشكيلة الأساسية للفريق، فهناك العديد من الأسئلة التي يجب طرحها والوصول إلى إجابات لها. لقد تعرض أنتوني للسخرية بعد حركاته الاستعراضية في المباراة التي فاز فيها مانشستر يونايتد على نادي شريف تيراسبول المولدوفي في بطولة الدوري الأوروبي، لكن القلق الأكبر يتمثل في عدم قدرته على التأثير في نتائج المباريات لصالح فريقه. قد يكون أنتوني لاعباً صغيراً في السن، وهذا هو موسمه الأول في كرة القدم الإنجليزية، لكنه في الحقيقة لا يقدم أي شيء جيد على الإطلاق في الوقت الحالي!
ولحسن حظ أنتوني، فإن مانشستر يونايتد لا يعتمد عليه بشكل كبير هذا الموسم، نظراً لأن ماركوس راشفورد وكريستيان إريكسن وبرونو فرنانديز هم من يسجلون الأهداف التي تحسم المباريات وتحصد النقاط وترفع مانشستر يونايتد في جدول الترتيب بالدوري الإنجليزي الممتاز. لقد سجل راشفورد بالفعل 21 هدفاً هذا الموسم في كل المسابقات، بفارق ثلاثة أهداف فقط عن أكثر حصيلة تهديفية له في موسم واحد. كما صنع إريكسن سبعة أهداف في الدوري، ليأتي في المرتبة الثانية في قائمة صناع الأهداف في الدوري بعد النجم البلجيكي كيفين دي بروين، كما يتألق فرنانديز ويسجل ويصنع الأهداف. لكن مانشستر يونايتد دفع أموالاً طائلة للتعاقد مع أنتوني، وبالتالي كان جمهور النادي يتوقع أن يسهم اللاعب فيما هو أكثر من مجرد ثلاثة أهداف فقط في الدوري، وهو نفس عدد البطاقات الصفراء التي حصل عليها مع الفريق!
لم يصنع أنتوني أي هدف في الدوري الإنجليزي الممتاز حتى الآن، كما لم يكن قط بارعاً في صناعة الفرص، فرغم هيمنة أياكس على الدوري الهولندي الممتاز الموسم الماضي، سجل الفريق 98 هدفاً في طريقه للفوز بالدوري الهولندي، لم يصنع أنتوني سوى أربعة أهداف فقط، ولم يمرر سوى 1.9 تمريرة أساسية (تمريرة تؤدي إلى تسديدة) في المتوسط كل 90 دقيقة. واستمر أنتوني على هذا المنوال هذا الموسم، حيث لم يصنع سوى ثماني فرص فقط للتسجيل في الدوري مع مانشستر يونايتد.
ولكي نضع ذلك في سياقه الصحيح، يجب أن نشير إلى أن فريد صنع 15 فرصة، ولوك شو 17 فرصة، وكاسيميرو 19 فرصة، وديوغو دالوت 22 فرصة! من الواضح أن مانشستر يونايتد يعتمد بشكل كبير على برونو فرنانديز (54 تمريرة رئيسية) وإريكسن (25 تمريرة رئيسية) لاختراق دفاعات الفرق المنافسة. وفي ظل غياب إريكسن عن المباريات حتى أواخر أبريل (نيسان) المقبل على أقرب تقدير بسبب الإصابة، فإن تن هاغ يحتاج من أنتوني أن يملأ هذا الفراغ الكبير الذي تركه اللاعب الدنماركي.
وبدلاً من أن يفكر أنتوني في خلق الفرص لزملائه داخل الملعب، فإن ما يفعله دائماً هو تسلم الكرة ناحية اليمين ثم الدخول إلى عمق الملعب والتسديد بقدمه اليسرى، والدليل على ذلك أنه سجل آخر 19 هدفاً له في الدوري بقدمه اليسرى. لكن حتى هذه الطريقة في اللعب لم تعد فعالة مع مانشستر يونايتد، حيث سدد أنتوني 33 تسديدة في الدوري هذا الموسم، من بينها 14 تسديدة بين القائمين والعارضة، وسجل أهدافاً من 3 تسديدات فقط من هذه التسديدات بنسبة 9 في المائة. وفي المقابل، فإن مواطنه البرازيلي ومهاجم ليفربول روبرتو فيرمينو سدد نفس عدد التسديدات، لكنه سجل سبعة أهداف، بنسبة نجاح تصل إلى 21 في المائة.
وحتى عندما يتعلق الأمر بالمرور من لاعبي الفريق المنافس، فإن أنتوني يعاني أيضاً، حيث تشير الأرقام والإحصائيات إلى أن اللاعب البرازيلي لم يكمل سوى 10 مراوغات ناجحة فقط من بين 31 محاولة، بنسبة نجاح بلغت 32 في المائة، وهو ما يعني أن المدافعين أصبحوا يعرفون طريقة لعبه جيداً. وكما كان الحال مع الجناح الهولندي أريين روبين، فإن المدافعين يعرفون جيداً أن أنتوني يريد الدخول إلى عمق الملعب من أجل التسديد. وبينما كان من شبه المستحيل على المدافعين إيقاف روبين في الكثير من الأحيان رغم أنهم يعرفون طريقة لعبه جيداً، يجد المدافعون الآن سهولة كبيرة في الحد من خطورة أنتوني، وهو ما أدى إلى تراجع مستواه كثيراً بالمقارنة بما كان يقدمه فور انضمامه لمانشستر يونايتد.
ورغم كل ذلك، يواصل تن هاغ الاعتماد على أنتوني على الجهة اليمنى. يعرف المدير الفني الهولندي، أنتوني جيداً من الفترة التي كان يدربه فيها في أياكس، ويأمل أن يقدم مستويات أفضل بمرور الوقت والتأقلم على أجواء اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. لكن ربما كان تن هاغ مضطراً للاعتماد على أنتوني في التشكيلة الأساسية في تلك الفترة، لأن سانشو قضى بعض الوقت بعيداً عن الفريق الأول من أجل العمل على تطوير وتحسين لياقته البدنية، لكنه عاد وشارك أولاً كبديل في المباراة التي فاز فيها مانشستر يونايتد على نوتنغهام فورست ليحجز مكانه في المباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، وبدأ يشارك أساسياً ويقدم أداء جيداً أشاد به تن هاغ.
بالإضافة إلى ذلك، انضم مارسيل سابيتزر لمانشستر يونايتد على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم. ستكون مهمة سابيتزر الأولى هي تعويض غياب إريكسن حتى يعود من الإصابة القوية التي يعاني منها في الكاحل، لكن اللاعب النمساوي يستطيع اللعب أيضاً كجناح أيمن، وهو ما يعني أن أنتوني سيجد منافسة شرسة للغاية على المكان الذي كان يبدو آمناً له في الآونة الأخيرة. والآن، يأمل تن هاغ في أن تكون عودة سانشو والتعاقد مع سابيتزر بمثابة تنبيه لأنتوني حتى يعود إلى تقديم المستويات القوية التي كان يقدمها فور انضمامه للنادي. من الواضح للجميع أن تألق راشفورد وقدرته على إحراز الكثير من الأهداف الحاسمة، إلى جانب عودة برونو فرنانديز إلى مستواه السابق، كل ذلك ساعد في إبعاد الضغوط عن أنتوني الذي يقدم أداء متواضعاً، لكن مع توالي المباريات الصعبة والمكثفة في شهر فبراير (شباط) الجاري، أصبح يتعين على اللاعب البرازيلي أن يبذل قصارى جهده حتى يتمكن من حجز مكان له في التشكيلة الأساسية لمانشستر يونايتد.