دخلت قافلة أممية جديدة أمس (الأحد) إلى سوريا من تركيا محمّلة بمساعدات يحتاج إليها بشدّة الضحايا السوريون للزلزال الذي ضرب البلدين وأوقع أكثر من 35 ألف قتيل، في حصيلة قد «تتضاعف»ـ وفقاً للأمم المتحدة التي حذّرت من إخفاق في إيصال المساعدات إلى الأراضي السورية.
ودخلت عشر شاحنات إلى سوريا من معبر باب الهوى في الشمال الغرب السوري، وفق مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، محمّلة بلوازم للإيواء المؤقت مع خيام بلاستيكية وبطانيات وفُرش وحبال وما إلى ذلك.
وتُنقل المساعدات الإنسانية المخصّصة لشمال غربي سوريا عادة من تركيا عبر باب الهوى، نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن بشأن المساعدات العابرة للحدود.
وأشار وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسّق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث في تغريدة أطلقها إلى أن الوكالة الأممية «خذلت حتى الآن الناس في شمال غربي سوريا. هم يشعرون عن حق بأنهم متروكون»، داعياً إلى «تصحيح هذا الإخفاق بأسرع وقت».
وأعلن مدير منظمة الصحة العالمية من جهته أن رئيس النظام السوري بشار الأسد أبدى استعداداً للنظر في فتح مزيد من المعابر الحدودية لإيصال المساعدة إلى ضحايا الزلزال في شمال غربي سوريا الواقع تحت سيطرة المعارضة. وقال تيدروس أدهانوم غيبرييسوس لصحافيين إن الأسد «أوضح أنه منفتح على فكرة فتح معابر حدودية استجابة لهذا الوضع الملح».
وقال المسؤول في وزارة النقل السورية سليمان خليل إن 62 طائرة محمّلة بمساعدات حطّت حتى الآن في البلاد، ويتوقع هبوط طائرات أخرى في الساعات والأيام المقبلة، خصوصاً من السعودية. والأحد شكر الأسد خلال استقباله وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في دمشق، دولة الإمارات على المساعدات الإنسانية والإغاثية «الضخمة»، التي قدمتها لبلاده منذ الزلزال المدمر.
ووفق آخر التقارير الرسمية، أسفر الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة عن 31643 قتيلا على الأقل في جنوب تركيا، فيما ذكرت الأمم المتحدة أنها تلقت تقارير تفيد بمقتل أكثر من 4300 شخص وإصابة 7600 جراء الزلزال بشمال سوريا.
وحذّر غريفيث من أن حصيلة الزلزال الشديد في تركيا وسوريا «ستتضاعف أو أكثر». وقال متحدثاً لشبكة «سكاي نيوز»: «أعتقد أن من الصعب تقييم (الحصيلة) بدقة لأنّ علينا أن نرى ما تحت الأنقاض، لكنني واثق بأنها ستتضاعف أو أكثر». وأضاف: «لم نبدأ فعلياً تعداد القتلى بعد». وقال غريفيث السبت في فيديو نشر على حسابه على «تويتر»: «قريبا سيخلي الأشخاص المكلفون بعمليات البحث والإغاثة المكان للوكالات الإنسانية التي يقضي عملها بالاهتمام بالعدد الاستثنائي من الأشخاص المتضررين خلال الأشهر المقبلة».
في غازي عنتاب، حيث قضى نحو ألفَي شخص، ينتظر النازحون في طوابير في ظل درجات حرارة دون الصفر لتلقي وجبة ساخنة تقدّم في إطار حملة تضامن أطلقتها مطاعم في المدينة.
ووزّع مطعم برهان تشاداش نحو أربعة آلاف وجبة مجانية للناجين. وقال تشاداش: «يجد موظفونا أنفسهم في وضع صعب جداً. سقط ضحايا من عائلاتهم ودمرت منازلهم». وتنام عائلة برهان تشاداش نفسه في السيارات منذ الاثنين. لكن موجة التضامن أقوى من كل الظروف. وأوضح تشاداش: «نريد المساعدة».
وأكدت الوكالة الحكومية لإدارة الكوارث الطبيعية مشاركة نحو 32 ألف شخص في عمليات البحث والإنقاذ، إضافة إلى أكثر من ثمانية آلاف مسعف أجنبي. كذلك ينتشر أكثر من 25 ألف جندي تركي في المناطق المتضررة، وفقاً لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار.
وانتُشلت امرأة وطفل على قيد الحياة من تحت الأنقاض بأيدي فريق إغاثة سلفادوري الأحد في جنوب تركيا بعد ستة أيام على الزلزال الذي ضرب البلاد، حسبما أعلن الرئيس السلفادوري نجيب بوكيلة.
والأحد وصل وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس إلى تركيا للتعبير عن دعم أثينا لجارتها إثر الزلزال، وقد دعا مع نظيره التركي إلى تحسين العلاقات بين البلدين. وهذه الزيارة هي الأولى لوزير أوروبي إلى تركيا منذ الكارثة التي وقعت الاثنين الماضي. وفُتح السبت معبر بين أرمينيا وتركيا للمرة الأولى منذ 35 عاماً للسماح بمرور مساعدات إنسانية بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة، على ما أفادت وكالة الأناضول التركية الرسمية.
والأحد قالت منظمة إغاثة إسرائيلية إنها علقت عمليات الإنقاذ بعد الزلزال الذي ضرب تركيا وعادت إلى البلاد بسبب تهديد أمني «كبير» لموظفيها. وكان الجيش النمساوي قد علّق السبت عمليات الإنقاذ لساعات قليلة بسبب «الوضع الأمني». واتخذت الوكالة الفيدرالية الألمانية للإغاثة قراراً مماثلاً، وكذلك فعلت منظمة غير حكومية ألمانية متخصصة في مساعدة ضحايا الكوارث الطبيعية. وتمكّن عنصرا إغاثة نمساويان بمساعدة كلبين مدربين من استئناف البحث بعد الظهر «تحت حماية الجيش التركي»، على ما أفاد ناطق باسم الجيش في فيينا.
ويثير انهيار المباني الذي كشف أنها شيدت بطريقة رديئة، غضباً في البلاد. وأوقف السبت نحو 12 مقاولاً في تركيا بعد انهيار آلاف المباني جنوب شرقي البلاد، وبين الموقوفين مقاول في محافظة غازي عنتاب و11 في محافظة شانلي أورفا.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية السبت أن عدد المتضررين من الزلزال في تركيا وسوريا هذا الأسبوع، بلغ نحو 26 مليون شخص. وأطلقت المنظمة التابعة للأمم المتحدة السبت نداءً عاجلاً لجمع 42.8 مليون دولار لمساعدتها في تلبية الحاجات الصحية الطارئة والكبرى.