مباحثات بين بغداد وأربيل بشأن المناطق المتنازع عليها والموازنة الاتحادية

الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد يستقبل وفد كردستان برئاسة وزير داخلية الإقليم ريبر أحمد في قصر بغداد أمس (واع)
الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد يستقبل وفد كردستان برئاسة وزير داخلية الإقليم ريبر أحمد في قصر بغداد أمس (واع)
TT

مباحثات بين بغداد وأربيل بشأن المناطق المتنازع عليها والموازنة الاتحادية

الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد يستقبل وفد كردستان برئاسة وزير داخلية الإقليم ريبر أحمد في قصر بغداد أمس (واع)
الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد يستقبل وفد كردستان برئاسة وزير داخلية الإقليم ريبر أحمد في قصر بغداد أمس (واع)

على وقع استمرار الخلافات بين بغداد وأربيل حول عدد من القضايا المختلَف عليها أو داخل حكومة إقليم كردستان بين الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، فإن وفداً أمنياً من الحكومة الاتحادية وصل إلى أربيل، أمس الأحد، وفي الوقت نفسه وصل وفد من حكومة الإقليم إلى بغداد؛ لمناقشة القضايا العالقة.
وتتمحور زيارة وفد حكومة الإقليم إلى بغداد بشأن أبرز القضايا الضاغطة الآن، وفي مقدمتها الموازنة المالية لعام 2023، وحصة الإقليم المختلَف عليها، فضلاً عن القضايا الأخرى مثل قانون النفط والغاز وقانون الانتخابات. وفي المقابل، تهدف زيارة الوفد الأمني، برئاسة رئيس أركان الجيش الفريق عبد الأمير يار الله، إلى إعادة سياق العلاقة بين المركز والإقليم بشأن المناطق المتنازع عليها. وبالرغم من أن كلاً من الحزبين الكرديين الرئيسيين في الإقليم (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) قطبان رئيسيان في ائتلاف إدارة الدولة الذي يضم القوى الشيعية والسنية والذي شكّل الحكومة الحالية، لكن العلاقة بين الحزبين داخل الإقليم لا تزال في مرحلة القطيعة.
وبينما تخوض أربيل مباحثات مع بغداد بشأن القضايا العالقة، فإن الخلاف بين الحزبين داخل الإقليم، من شأنه أن ينعكس سلباً على استحقاقات مواطني الإقليم، طبقاً لما يراه المراقبون السياسيون في بغداد.
وبسبب هذه الخلافات التي عبّر عنها المتحدث الرسمي باسم نائب رئيس حكومة الإقليم سمير هورامي بأنها الآن في مرحلة المقاطعة لجلسات مجلس وزراء الإقليم، فإن أية مباحثات مع بغداد لن تكون نتيجتها لصالح الكرد؛ كون موقفهم لم يعد موحداً حيال بغداد.
وفي هذا السياق قال سمير هورامي، الناطق الرسمي باسم نائب رئيس حكومة الإقليم، خلال مؤتمر صحافي عقده في السليمانية، أمس الأحد، إن «فريق الاتحاد الوطني الكردستاني في الكابينة التاسعة لحكومة إقليم كردستان قرر مقاطعة جميع اجتماعات مجلس الوزراء، لكنهم مستمرون في تقديم الخدمات للمواطنين».
وأضاف هورامي أن «الفريق لديه ملاحظات وإشكالات حول إدارة الحكومة في إقليم كردستان، وخصوصاً تلك المتعلقة بواقع محافظة السليمانية والمناطق التابعة لها»، كما أشار هورامي إلى أن «الحزبين الرئيسيين في الإقليم (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) عقدا اجتماعاً لبحث وحل تلك المشكلات والملاحظات، لكن حتى الآن لم تكن هناك أي انعكاسات لذلك الاجتماع على أرض الواقع».
وأكد هورامي أن «مشكلتنا مع إدارة الحكم هي حول كيفية تقديم الخدمات للمواطنين، لهذا نحن مستمرون في الوزارات لتقديم الخدمات للمواطنين»، مشيراً إلى أنه «لم يجرِ حتى الآن تحديد موعد للاجتماع المرتقب بين الحزبين لإتمام المناقشات». بدوره، قال الناطق الرسمي باسم حكومة الإقليم جوتيار عادل إن وفداً كردياً رفيع المستوى وصل إلى العاصمة بغداد لاستئناف الحوار حول أبرز الملفات العالقة بين الإقليم والمركز، وأبرزها الموازنة الاتحادية وقانون النفط والغاز.
وقال عادل، في تصريح للموقع الرسمي لحكومة الإقليم، إن «رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني وجّه بتشكيل وفد برئاسة وزير المالية آوات جناب، ووزير الكهرباء والثروات الطبيعية وكالة كمال محمد، ورئيس ديوان مجلس وزراء الإقليم أوميد صباح، إضافة إلى المتحدث الرسمي باسم حكومة الإقليم وعدد من كوادر الوزارات».
وأشار الناطق إلى أن «الوفد سيناقش أولاً آخِر مستجدّات قانون الموازنة الاتحادية وحصة الإقليم فيها، وقانون النفط والغاز، والمادة 140، وتعويض أهالي إقليم كردستان المتضررين من سياسات النظام السابق»، منوهاً بأن «‏الوفد سيبقى في بغداد لعدة أيام لمناقشة هذه الملفات»، مضيفاً: «نأمل أن نتمكن من استحصال استحقاقات إقليم كردستان بالتفاوض مع الحكومة الاتحادية».
من جهته، أكد رئيس ديوان مجلس وزراء الإقليم أوميد صباح، في بيان له، أن زيارة وفد الإقليم إلى بغداد «تأتي في إطار الزيارات الرسمية لحكومة الإقليم إلى بغداد بهدف التوصل إلى اتفاق حول قانون النفط والغاز والموازنة والمستحقات المالية لإقليم كردستان، إضافة إلى عدد من المسائل الأخرى».
يُذكر أن الموازنة المالية كان يُفترض وصولها إلى البرلمان قبل شهر فبراير (شباط) الحالي بغرض مناقشتها وإقرارها، لكن الحكومة أعلنت إعادة النظر فيها بعد القرار الذي اتخذته الحكومة بتخفيض سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي، وبدء مباحثات بين بغداد وإسطنبول وواشنطن مع الإدارة الأميركية لبحث الآليات التي تمكِّن العراق من الانتقال إلى نظام المنصة في التحويلات المالية.
أمنياً، وصل وفد من وزارة الدفاع الاتحادية، برئاسة رئيس أركان الجيش، إلى أربيل؛ لبحث القضايا الأمنية المشتركة بين المركز والإقليم، سواء فيما يتعلق باستمرار محاربة داعش، أو كيفية إدارة المناطق المتنازع عليها، وتزامن ذلك مع إعادة انتشار القطعات العسكرية الاتحادية في عدد من تلك المناطق.
وقالت وزارة الدفاع، في بيان لها، أمس الأحد، إن «رئيس أركان الجيش الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يار الله، ونائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن قيس خلف المحمداوي، وعدداً من كبار القادة العكسريين وصلوا إلى أربيل». وطبقاً للبيان فإن «الزيارة تأتي للاطلاع على الانتشار المشترك بين قوات حرس الحدود والبيشمركة في المناطق الحدودية بالإقليم المحاذية لتركيا وإيران». وكان مسؤول محلي قد أعلن عن إعادة انتشار وتغيير للقطعات الأمنية في عدة مناطق متنازع عليها بين أربيل وبغداد تشهد اضطراباً وتدهوراً أمنياً منذ سنوات عدة.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

TT

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)

تحوّلت العاصمة بيروت إلى هدف أساسي للجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، بعد تحذيرات أطلقها المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، إلى مناطق وأحياء بيروتية للمرة الأولى، ما أثار حالة من الرعب والخوف في أوساط المواطنين الذي خرجوا من منازلهم قبل تنفيذ التهديدات، لا سيما أن المناطق المُحددة مكتظة بالسكان، ومعظمها لا يُعدّ محسوباً على «حزب الله».

وفيما أفادت «القناة 12» الإسرائيلية بأن تل أبيب جهّزت خطة عسكرية كاملة للساعات الأربع والعشرين الأخيرة من الحرب مع لبنان، بدأ استهداف بيروت ظهر الثلاثاء بغارة على منطقة النويري، القريبة من وسط العاصمة، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية بأن غارة «نفذها الطيران الحربي المعادي» استهدفت مبنى «في المنطقة الواقعة بين النويري والبسطة في بيروت». ودمّرت الغارة «مبنى مؤلفاً من 4 طوابق يؤوي نازحين»، وفق الوكالة.

ومن موقع الغارة في النويري، وقفت رولا إلى جانب زوجها وسام جعفر باكية تحتضن ابنها الذي فقد لوقت قصير: «كنا في البيت، وفجأة وقعت الضربة، طرنا، والجدران كلها تناثرت علينا (...) الصدمة كانت صعبة جداً».

وبعد النويري التي استُهدفت دون إنذار، توالت التحذيرات الإسرائيلية لمناطق في العاصمة بيروت، بحيث قال أدرعي إنها تستهدف فروعاً لـ«القرض الحسن». وقال في منشور له على منصة «إكس»: «يواصل الجيش الإسرائيلي العمل بقوة لتفكيك بنى (حزب الله). على المدى الزمني القريب سنقوم بمهاجمة فروع عدة لجميعة (القرض الحسن)؛ حيث تحتوي هذه الفروع على أموال تمويل إيرانية وأخرى من مصادر الدخل لـ(حزب الله) التي تُستخدم في الواقع لإدارة وتخزين مصالح الحزب»، مضيفاً: «هذه الغارات ستُشكل ضربة إضافية لسلسلة التمويل الإيرانية لـ(حزب الله) الذي يستخدم هذه الجمعية لأغراضه العسكرية».

وفي منشورات متلاحقة، حذّر أدرعي السكان الموجودين في مبانٍ محددة على الخرائط في مناطق رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط لإخلائها، إضافة إلى مبانٍ في مدينتي صيدا وصور، علماً بأنها المرة الأولى أيضاً التي يستهدف فيها وسط مدينة صيدا.

وخلال أقل من ساعة على التحذيرات التي جعلت العائلات تخرج من منازلها على وجه السرعة من دون أن تعرف الوجهة التي ستذهب إليها، بدأت الغارات الإسرائيلية باستهداف منطقة النويري مرة ثانية، ومن ثم مارالياس (كانت قد استُهدفت قبل نحو أسبوع)، وبربور والمزرعة وشارع الحمرا، ومناطق أخرى للمرة الأولى.

وفيما أدى هذا الخوف إلى زحمة سير خانقة في كل أحياء وشوارع العاصمة، اضطرت عائلات من بعض المناطق، ولا سيما الفقيرة منها، على غرار منطقة الجناح، للخروج سيراً على الأقدام.

عمليات بحث عن ضحايا تحت أنقاض أحد المباني الذي استهدف في غارة إسرائيلية (أ.ب)

وفي تعليق منه على التصعيد، قال عضو كتلة «حزب الله» النائب أمين شري، بينما كان يتفقد موقع الغارة في بيروت، إن «العدو الإسرائيلي» قبل «التسوية يريد أن ينتقم من كل جمهور المقاومة ومن كل اللبنانيين» مشيراً إلى «عشرات الإنذارات» التي وجهها الجيش الإسرائيلي قبل استهداف ضاحية بيروت الجنوبية، معقل الحزب.