قصف عنيف على مدن أوكرانية... والعالم ينتظر «الهجوم الشامل»

رسالة بوتين أمام الهيئة التشريعية تحدد ملامح التطورات المقبلة

وحدة مقاتلة من حرس الحدود الأوكراني في غرفة العمليات في باخموت (أ.ف.ب)
وحدة مقاتلة من حرس الحدود الأوكراني في غرفة العمليات في باخموت (أ.ف.ب)
TT

قصف عنيف على مدن أوكرانية... والعالم ينتظر «الهجوم الشامل»

وحدة مقاتلة من حرس الحدود الأوكراني في غرفة العمليات في باخموت (أ.ف.ب)
وحدة مقاتلة من حرس الحدود الأوكراني في غرفة العمليات في باخموت (أ.ف.ب)

مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاندلاع المعارك في أوكرانيا، بدا أن التصعيد الميداني المتسارع في الأيام الأخيرة، يسابق تحضيرات طرفي النزاع لإطلاق مرحلة جديدة في الصراع، تتوقع أوساط روسية أن تكون حاسمة، لجهة محاولة رسم خريطة «شبه نهائية» لمناطق النفوذ على الأرض.
وتزامن الإعلان صباح الجمعة عن هجوم صاروخي روسي عنيف على عدة مدن أوكرانية، مع الكشف عن موعد إلقاء الرسالة السنوية للرئيس فلاديمير بوتين أمام الهيئة التشريعية الروسية. وأفاد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأن بوتين سوف يلقي كلمته في 21 فبراير (شباط) الجاري، وهو الموعد الذي يصادف الذكرى السنوية الأولى لإعلان روسيا الاعتراف رسمياً بـ«استقلال» دونيتسك ولوغانسك، قبل أن يتم إطلاق «العملية العسكرية الخاصة» لـ«تحرير» المنطقتين بعد ذلك بثلاثة أيام في 24 فبراير. وقال بيسكوف إن كلمة الرئيس الروسي سوف تخصص لـ«الوضع الراهن»، بما في ذلك «سير العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا والوضع الاقتصادي وغير ذلك من القضايا الاجتماعية».
كان الإعلان عن توقيت الرسالة السنوية للرئيس لافتاً، وكذلك لفت الأنظار أكثر طبيعة المدعوين لحضور هذه المناسبة. وخلافاً للعادة في سنوات سابقة عندما تتم دعوة الدبلوماسيين الأجانب وحكام الأقاليم وكبار مسؤولي الدولة وممثلي الطوائف الدينية إلى جانب أعضاء غرفتي البرلمان (النواب والشيوخ)، فإنه «نظراً لحساسية الوضع هذا العام، سوف تتم دعوة فئات جديدة لحضور خطاب الرئيس، بمن فيهم عدد من المشاركين في العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا».

إذن، ينتظر أن يقدم الرئيس «جردة حساب كاملة» للعمليات العسكرية خلال عام، وأن يكون هذا الموضوع الأبرز، وأن يقدم رؤيته لمسار المعارك في المرحلة المقبلة، فضلاً عن شروطه للتسوية السياسية التي ما زالت بعيدة.
في إطار جردة الحساب سوف يكون على بوتين، كما يقول خبراء، أن يقدم أمام الحضور وأمام الأمة الروسية كلها، رزمة «إنجازات» هذه الحرب التي بدأت قبل عام. يربط بعض الخبراء ذلك باحتدام وتيرة المعارك وتوسيع الهجمات بشكل قوي في منطقة دونباس خلال الأسابيع الماضية. يقول بعضهم إن بوتين «يحتاج لتقديم إنجاز واضح ومحدد»، لأن مجريات القتال خلال عام كامل لم تأتِ بالنتائج المرجوة، إذ لا يزال نصف دونيتسك تحت سيطرة الجيش الأوكراني، وأجزاء مهمة من لوغانسك، وكذلك لم تتقدم القوات الروسية كثيراً في زابوروجيا التي ما زالت تشهد معارك ضارية في محيطها، وفي خيرسون تراجعت موسكو الخريف الماضي تحت ضغط الهجوم الأوكراني المضاد. هذه المناطق الأربع التي ضمتها موسكو قبل أشهر، شكلت أصلاً عنوان العملية العسكرية الرئيسي الذي تمحور حول «إنقاذ دونباس» ومحيطها ومنع التهديد الحاصل على شبه جزيرة القرم انطلاقا من أراضي أوكرانيا.
إذن، مع ربط التصعيد القوي أخيراً بحاجة الكرملين إلى «إنجاز المهمة» أو جزء كبير منها على الأقل، يتوقع خبراء أن تكون المرحلة المقبلة حاسمة لجهة تحديد السقف الأدنى المقبول من جانب الكرملين، الأمر الذي يعني «تحرير الأراضي الروسية الجديدة» نهائياً على الأقل، أو الذهاب نحو معركة شاملة تهدف إلى إجبار الأوكرانيين على «الاستسلام» في حال فشلت هذه المهمة.
في هذا الإطار، جاء تكثيف النشاط العسكري الروسي بالتزامن مع تكثيف تحركات الرئيس فولوديمير زيلينسكي في أوروبا للحصول على أسلحة ومعدات ثقيلة. وقبل عودة الأخير من جولته الأوروبية، كثفت موسكو هجماتها بشكل قوي في مسعى لتوجيه رسالة واضحة إلى الغرب بأن تسليح أوكرانيا لن يغير كثيراً من المعادلات التي رسمها الكرملين على الأرض.
صباح الجمعة، أعلن عن سماع دوي انفجارات ضخمة في كييف وخاركوف، وتم الإعلان عن إنذار غارات جوية في جميع أنحاء البلاد. وفقاً لرئيس بلدية خاركيف، إيغور تيريكوف، في الساعة 11:00 بتوقيت موسكو، كانت هناك ضربة أخرى للبنية التحتية الحيوية للمدينة. كما أفادت وسائل الإعلام الأوكرانية عن انفجارات في منطقتي أوديسا وبولتافا. ووفقاً للسلطات المحلية، تتعرض مناطق دنيبروبتروفسك وكيروفوغراد وأوديسا وفينيتسا وبولتافا وكريفوي روج وكريمنشوك لإطلاق نار. وتم تنشيط عمل الدفاعات الجوية في منطقتي لفيف وإيفانو فرانكيفسك.
هو هجوم جوي شامل تقريباً استهدف كل مناطق أوكرانيا من الشرق في خاركيف إلى أقصى الغرب في أوديسا جنوباً ولفيف شمالاً، ومن كييف إلى كل مناطق الوسط. يتزامن ذلك، مع تسريع وتيرة تطويق أرتيوموفسك (باخموت) كما قال إيغور كيماكوفسكي، مستشار حاكم دونيتسك المعين من جانب موسكو. قال المسؤول إن جميع الطرق بالقرب من أرتيوموفسك (باخموت) تخضع لسيطرة القوات المسلحة الروسية، وتابع: «لقد تم الإعلان بالفعل عن تحرير كراسنايا غورا، ما يعني أننا نقوم بالفعل بقصف جميع الطرق من هذه التلال. ومن الواضح أنه توجد طرق أخرى بخلاف الطرق الرئيسية، حيث يمكنك التحرك على طول أحزمة الغابات، وعلى طول الطرق الترابية، أي أنه ما زالت هناك طرق للإمدادات والتعزيزات والذخيرة، لكن جميع الطرق الآن تخضع لسيطرة نيران القوات المسلحة الروسية». ويرى كيماكوف أن التشكيلات الأوكرانية سوف «تقع في دائرة العمليات قريباً، وسيكون مصيرها تسليم مدينة أرتيوموفسك».
وكان حاكم دونيتسك دينيس بوشيلين قد قال، في وقت سابق، إن القتال بدأ بالفعل في ضواحي أرتيوموفسك، كما ذكرت «بلومبرغ» يوم الخميس، نقلاً عن ممثلين للولايات المتحدة وسلطات الاتحاد الأوروبي، أن الدول الغربية تنصح كييف بمحاولة كسب الوقت، وتجميع قواتها في انتظار وصول دبابات «ليوبارد» الموعودة، من أجل شن الهجوم في الربيع، والتضحية بأرتيوموفسك في المرحلة الحالية.
يتوقع خبراء عسكريون أن سقوط باخموت سوف يعني تقدماً سريعاً في مناطق سهلة ومكشوفة وراء المدينة المحصنة، ما يعني تقريب موسكو من تحقيق هدف «تحرير دونيتسك» بالكامل. في الوقت ذاته، تواصل موسكو شن عمليات قوية في محيط زابوروجيا وعلى أطراف خاركيف. وفي حين أن الأنظار في العالم تتجه نحو استعدادات جارية للسيناريو الآخر الذي يتحدث عن هجوم شامل في الربيع، لم يعد يخفى أن المعركة الأساسية لروسيا قد بدأت بالفعل منذ أسابيع، وفي حال نجحت موسكو في إنجاز أهدافها الحالية لن تضطر إلى الذهاب نحو توسيع المعركة وفقاً لذلك السيناريو. الأمر الآخر المرتبط بهذا الموضوع الذي لن يغيب بالتأكيد عن خطاب بوتين، يتعلق بالتسليح الغربي لأوكرانيا، موسكو تسابق الزمن قبل وصول المعدات الثقيلة والدبابات وربما الطائرات الهجومية أيضاً، لكنها في الوقت ذاته تستعد لرد حاسم وقوي في حال شعرت بتهديد المعدات الغربية على مناطق العمق الروسي، في هذه الحال لم يتردد ديمتري ميدفيديف الذي بات مسؤولاً أخيراً عن المجمع الصناعي العسكري الروسي في تذكير العالم بالقبضة النووية، لأن «الدول العظمى النووية لا يمكن أن تهزم إذا واجهت تهديداً مصيرياً».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.