خبراء يكشفون لـ«الشرق الأوسط» أسباب القوة التدميرية لزلزال تركيا

الموقع الجغرافي يتحالف مع 3 عناصر أخرى

4 عوامل ضاعفت من القوة التدميرية لزلزال تركيا (رويترز)
4 عوامل ضاعفت من القوة التدميرية لزلزال تركيا (رويترز)
TT

خبراء يكشفون لـ«الشرق الأوسط» أسباب القوة التدميرية لزلزال تركيا

4 عوامل ضاعفت من القوة التدميرية لزلزال تركيا (رويترز)
4 عوامل ضاعفت من القوة التدميرية لزلزال تركيا (رويترز)

قبل نحو عام ونصف العام، كانت الولايات المتحدة على موعد مع أقوى زلزال شهدته منذ الستينات، وسابع أقوى زلزال في تاريخها، وهو الزلزال الذي كان مركزه بالقرب من شبه جزيرة ألاسكا، ومع ذلك لم يتسبب هذا الزلزال البالغة قوته 8.2 درجة على مقياس ريختر، في سقوط أي مبنى، ولم تتعدَّ تأثيراته، مجرد حدوث شقوق في بعض الحوائط.
في المقابل، فإن زلزال تركيا وسوريا، الذي كان أضعف بنحو 4 مرات (7.8 بمقياس ريختر)، تسبب في سقوط العشرات من المباني، وخلّف آلافاً من القتلى والجرحى، فكيف يمكن تفسير ذلك؟
يقول خبراء في الزلازل إن حجم التدمير الذي يحدثه الزلزال لا يتوقف على القوة، لكنه يتوقف على أربعة عناصر؛ يأتي في مقدمتها الموقع. تقول سوزان هوغ، عالمة الزلازل في هيئة المسح الجيولوجي الأميركية: «كلما ابتعدت عن مصدر الزلزال، زادت الطاقة المنتشرة في الخارج، وفقد قوته الشديدة».
وفي مقارنة بين الزلزال الأميركي وزلزال تركيا، قالت هوغ، في تقرير نشرته الثلاثاء جريدة «لوس أنجلوس تايمز»، إن زلزال أميركا وقع على بُعد نحو 20 ميلاً تحت قاع البحر قبالة شبه جزيرة ألاسكا، وكانت الموجات الزلزالية عميقة بدرجة كافية، بحيث تبددت طاقتها في الغالب بحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى أقرب مستوطنة بشرية في بيريفيل، وهي قرية تبعد نحو 65 ميلاً، ويبلغ عدد سكانها نحو 100 شخص.
وتوضح هيغ أن «زلزال تركيا لم يحالفه مثل هذا الحظ الجغرافي، حيث إن صدع شرق الأناضول، الذي تسبب في الزلزال، يمتد تحت مناطق مكتظة بالسكان».
ويضيف عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، لما ذكرته هوغ، أن «الأسوأ من ذلك، هو وقوع الزلزال بالقرب نسبياً من السطح، وهو ما يُترجم إلى اهتزاز أقوى على الأرض».
يقول شراقي لـ«الشرق الأوسط»: «وقع الزلزال الرئيسي على بُعد نحو 11 ميلاً (18 كيلومتراً) تحت سطح الأرض، وكان له هزة ارتدادية كبيرة تبلغ 7.5 درجة أقل عمقاً، على بُعد 6 أميال (10 كم)».
وبالإضافة إلى الموقع، كان هناك عنصر آخر، وهو طبيعة التربة، حيث يضرب الزلزال بشكل مختلف اعتماداً على بنية الأرض. ويقول زكريا هميمي، أستاذ الجيولوجيا في جامعة بنها بمصر، إن «الهياكل المبنية على تربة رسوبية أكثر نعومة، مثل تلك الموجودة في المناطق التي حدث فيها الزلزال، ستواجه اهتزازاً أكثر من تلك المثبتة على أرض صلبة».
ويضيف: «إذا كانت هناك رطوبة كافية في التربة، فإن التربة الرسوبية تكون أيضاً، عرضة للإسالة، ويحدث هذا عندما يؤدي الجمع بين الضغط الشديد والاهتزاز إلى فقدان الصخور الرسوبية لشكلها وتصرفها كسائل أكثر من كونها صلبة، والتربة في المنطقة التي ضربها الزلزال كانت معرضة بشكل خاص للإسالة».
ويأتي بعد نوع التربة عامل آخر وهو طبيعة المباني، ويقول هميمي إن «المباني المخالفة لأكواد الزلازل أو تلك التي تكون بارتفاعات غير متوافقة مع الأساس، تكون عرضة أكثر للزلازل». ويوضح أن الزلزال الذي شهدته مصر في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1992 كان من أبرز مشكلاته، وجود كثير من المباني المخالفة لاشتراطات البناء، وهذه المشكلة ظهرت في زلزال تركيا، وأسهمت في تعظيم أثره التدميري.
وبالتطبيق على زلزال تركيا، أشار ويليام إلسورث، أستاذ الجيوفيزياء في جامعة ستانفورد، إلى وجود كثير من المباني المخالفة في تركيا.
وقال إلسورث في التقرير الذي نشرته صحيفة «لوس أنجلوس تايمز»: «أدى الزلزال الذي ضرب شرق تركيا بقوة 7.4 في عام 1999 وأودى بحياة 17000 شخص إلى الدفع باتجاه تبني قوانين بناء زلزالية أكثر صرامة اتبعتها العديد من المدن الكبرى في المباني الجديدة، لكن معظم المباني التي شُيدت قبل أن تصبح القواعد الجديدة سارية المفعول لم يتم تعديلها لتلبي تلك القواعد، ما ترك العديد من الأحياء المكتظة بالسكان معرضة لخطر هذا النوع من الكارثة التي تتكشف الآن».
وأضاف: «تركيا لديها أكواد بناء زلازل جيدة للغاية، ولكن إذا لم يتم بناء المباني وفقاً للقوانين الحديثة، فهي معرضة للخطر».
وبعد الموقع والتربة وطبيعة المباني، يأتي عنصر «التوقيت»، وتوضح مالتسوزان هوغ، عالمة الزلازل في هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، أن «الوقت من اليوم أو العام الذي يضرب فيه الزلزال يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في نجاة شخص ما من الزلزال».
وتشير إلى أن «حدوث الزلزال ليلاً ليس وقتاً جيداً بشكل عام للزلازل»، حيث ضرب الزلزال الأول تركيا نحو الساعة 4:15 صباحاً بالتوقيت المحلي، عندما كان معظم سكان المناطق المتضررة في الداخل نائمين، وهو ما أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا، لأن المباني بالداخل كانت مزدحمة».
وبينما لا يوجد وقت مناسب من العام لزلزال هائل، فقد يكون منتصف الشتاء هو الأسوأ، بحسب هوغ، حيث أبطأت الثلوج والأمطار الغزيرة من عمليات الإنقاذ. ويتفق عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، مع ما ذهبت إليه هوغ، في أن توقيت منتصف الشتاء قد لا يكون جيداً، لكن ذكريات زلزال أكتوبر 1992 بمصر، الذي وقع عصراً، جعلته يختلف معها، فيما ذهبت إليه بخصوص وصف التوقيت الليلي بأنه سيئ.
ويقول: «بالعكس، فإن إحساس الناس بالزلزال عند وقوعه نهاراً يزيد من عمليات التدافع في المباني، وهذا يزيد من حالات الوفاة، بالإضافة للحالات التي تقع نتيجة سقوط المبنى، كما أن تأثيرات الزلزال على وسائل النقل العامة نهاراً، تكون أكبر لأنها تكون مكتظة بالركاب».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».