تركيا وسوريا في «عين الزلزال»... أكثر من 2600 قتيل وآلاف الجرحى والمفقودين

جانب من الأضرار جراء الزلزال في بلدة سرمدا السورية (رويترز)
جانب من الأضرار جراء الزلزال في بلدة سرمدا السورية (رويترز)
TT

تركيا وسوريا في «عين الزلزال»... أكثر من 2600 قتيل وآلاف الجرحى والمفقودين

جانب من الأضرار جراء الزلزال في بلدة سرمدا السورية (رويترز)
جانب من الأضرار جراء الزلزال في بلدة سرمدا السورية (رويترز)

ضرب زلزال عنيف بلغت قوته 7.9 درجة وسط تركيا وشمال غربي سوريا، اليوم (الاثنين)، ما أسفر عن مقتل وجرح آلاف المواطنين، في حين يتواصل البحث عن ناجين محاصَرين تحت الأنقاض. وقالت السلطات في تركيا إن حصيلة الوفيات الناجمة عن الزلزال ارتفعت إلى 1651 قتيلاً و11119 جريحاً، فيما أعلنت وزارة الصحة السورية ارتفاع حصيلة ضحايا الزلزال إلى ألف قتيل على الأقل و2400 إصابة في اللاذقية وحلب وحماة وطرطوس، في حصيلة غير نهائية. وشعر سكان لبنان بالزلزال الذي وقع في وقت مبكر من صباح اليوم، وقد أدى إلى حدوث حرائق، وبعض الأضرار المادية، وحالات هلع بين المواطنين.
* رسائل دعم عربية
توالت رسائل الدعم والمساندة لتركيا وسوريا، وسارعت دول عربية عدة إلى التضامن مع البلدين، وقدّمت وزارة الخارجية بالمملكة العربية السعودية «التعازي والمواساة للأشقاء في سوريا وتركيا، وتمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين». وأوضحت، في بيان، أنها «تتابع عن كثب مجريات الأحداث المؤسفة في كل من تركيا وسوريا».
بدورها قدمت مصر، في بيان لوزارة الخارجية «تعازيها وتضامنها مع كل من تركيا وسوريا في ضحايا الزلزال الذي أصابهما، إلى جانب عدد من دول منطقة الشرق الأوسط». وأعربت، عبر صفحتها على «فيسبوك»، عن تمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين، مؤكدة «استعدادها لتقديم المساعدة لمواجهة آثار تلك الكارثة المروّعة».
كما أعربت سلطنة عمان، في بيان للخارجية، عن «تضامنها مع تركيا وسوريا، وتعازيها لأُسر ضحايا الزلزال وتمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين».
وأجرى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، اتصالاً بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أعرب خلاله عن «تعازيه ومواساته له وللشعب التركي»، وفق بيان للديوان الأميري القطري.
وفي فلسطين، تقدمت وزارة الخارجية، عبر بيان، بالتعازي لتركيا وسوريا في ضحايا الزلزال، مؤكدة «وقوفها الدائم إلى جانب البلدين الشقيقين، وثقتها بقدرتهما على مواجهة آثاره».
* مساندة دولية
وعلى المستوى الدولي توالت ردود الفعل الداعمة للبلدين، وحازت تركيا الشطر الأكبر من رسائل المساندة الدولية، إذ أعرب جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، أن بلاده مستعدّة لتقديم «كل المساعدة اللازمة لتركيا بشأن الزلزال»، لافتاً إلى صدور توجيه من الرئيس جو بايدن في هذا الصدد.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الاثنين)، إن فرنسا «مستعدة لتوفير مساعدة عاجلة للسكان» في تركيا وسوريا. وكتب الرئيس الفرنسي في تغريدة: «تردُنا صور فظيعة من تركيا وسوريا بعد زلزال بقوة غير مسبوقة. نتعاطف مع العائلات التي خسرت أفراداً».
وتعهد المستشار الألماني أولاف شولتس بتقديم مساعدات للمناطق التي ضربها الزلزال. وقال شولتس عبر «تويتر»: «نتابع الأنباء عن الزلزال في المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا وسط حالة من الصدمة... سترسل ألمانيا المساعدة بالتأكيد».
كما أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، اليوم، عن تضامنه، وأعلن الدعم للدولة العضو تركيا بعدما ضربها زلزال مدمر. وكتب ستولتنبرغ عبر «تويتر»: «التضامن الكامل مع الحليف تركيا بعد هذا الزلزال المريع». وأضاف «يحشد حلفاء الناتو الدعم»، مشيراً إلى أنه تواصل مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ووزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو.
وأعلن الاتحاد الأوروبي استعداده لتقديم المساعدات اللازمة لسوريا وتركيا، عقب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا، فجر اليوم، وأودى بحياة المئات.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لنظيريه التركي رجب طيب إردوغان، والسوري بشار الأسد، استعداد روسيا للمساعدة في مواجهة تداعياته. وقال الكرملين، وفق موقع قناة «روسيا اليوم»، إن الرئيس الروسي أعرب، في برقية، عن تعازيه إلى نظيره السوري، مؤكداً استعداد روسيا لتقديم المساعدة لمواجهة تداعيات الكارثة، التي تسببت في مقتل وإصابة المئات، بالإضافة إلى خسائر مادية كبيرة.
تركيا
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن الزلزال هو أكبر كارثة تشهدها البلاد منذ 1939. لافتاً إلى أنه أدى إلى انهيار 2818 مبنى، مما يثير مخاوف من ارتفاع حصيلة القتلى. وأشار الرئيس التركي إلى أن هناك 45 دولة عرضت المساعدة في جهود البحث والإنقاذ. وقال مكتب إردوغان، في بيان، إن الرئيس تحدّث هاتفياً مع حكام ثمانية أقاليم متضررة؛ لجمع معلومات عن الوضع وجهود الإنقاذ.

* سوريا
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن معاون وزير الصحة، الدكتور أحمد ضميرية، قوله إنه تم إرسال أربع شاحنات محملة بالأدوية والمستلزمات الجراحية والإسعافية إلى حلب واللاذقية وحماة، إضافة لإرسال القوافل الطبية من مديريات صحة دمشق وريف دمشق والقنيطرة وحمص وطرطوس إلى محافظات حلب واللاذقية، وإرسال 28 سيارة إسعاف وسبع عيادات متنقلة من دمشق وريف دمشق والقنيطرة وحمص وطرطوس، كمؤازرة إلى حلب واللاذقية.
وأشار ضميرية إلى أن غرفة إدارة الطوارئ في وزارة الصحة تُقيّم الوضع بشكل آني واستباقي، ويتم تنسيق الاستجابة المتواصلة في مختلف المحافظات، موضحاً أن كل المنشآت الصحية العامة والخاصة بحالة استنفار مستمر في جميع المحافظات.
ولفت إلى أن إدارة القوافل الطبية في المحافظات تتم بشكل لحظي، (سيارات إسعاف مجهزة وبكوادرها وعيادات متنقلة مجهزة وبكوادرها، وسيارات إمداد تتضمن المستلزمات والأدوية الإسعافية والجراحية)، وإرسالها إلى المناطق المتضررة.
 



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.