تم حرق جاغندرا سينغ حتى الموت بإيعاز من وزير في الحكومة الفيدرالية في ولاية أوتار براديش. وجريرة سينغ هي أنه كتب سلسلة من الموضوعات الصحافية عن تورط وزراء في عمليات تعدين غير قانونية. ونشر اتهامات للوزير بالفساد على صفحته على موقع «فيسبوك» مدعمة ببعض الوثائق. وفي حالة أخرى، تم اختطاف الصحافي سانديب كوثاري، وتم العثور على جثته بالقرب من قضيب سكة حديد. وكشفت تحقيقات الشرطة أنه تم حرقه حيًا على أيدي عصابات أقطاب المانغنيز والرمل الذين يعملون في ولاية مادهيا براديش.
ولا ينبغي النظر إلى عمليات القتل هذه باعتبارها حوادث فردية، حيث تعرض صحافيون في الهند إلى سلسلة من الهجمات الصادمة على مدى الأسابيع القليلة الماضية. وقال الصحافي ساميودين نيلو، الذي تم استهدافه منذ عدة سنوات: «من الواضح أن الهجمات لم تكن هدفها فحسب إخراس الصحافيين الثلاثة، ومنعهم من كشف تفاصيل عن الأعمال الغامضة المشبوهة التي تزدهر في تلك الولايات، بل تهديد وإرهاب صحافيين آخرين أيضًا». وتم ضرب حيدر خان، ثم تم جره باستخدام دراجة نارية لكتابته عن الاستيلاء على أراضٍ بطريقة غير قانونية ويرقد في المستشفى بين الحياة والموت.
وهاجم أفراد من عصابة أقطاب صناعة الرمل الصحافي التلفزيوني، آشوك نامديف. وأطلق رجال يركبون دراجات نارية النار على ديباك ميشرا لكتابته عن أوكار الميسر. وتم إطلاق النار على براسانتا كومار، صحافي في الريف، وإلقاؤه خارج سيارته، لكنه نجا. وأصيب أرون تشاتورفيدي، رئيس تحرير صحيفة أسبوعية هندوسية، إصابات بالغة في هجوم من قبل مجرمين بإيعاز من صاحب مزرعة ألبان، عندما اعترض تشاتورفيدي على إلقاء القمامة على جانب الطريق. وتمت مهاجمة أسرة الصحافي حافظ سيد الدين بالسلاح الناري عندما كان في مهمة عمل. وفي الوقت الذي تفخر فيه الهند بنظامها الديمقراطي، تعد الهجمات على صحافيين، والتي كانت 90 في المائة منها خلال شهر يونيو (حزيران)، سببا كافيا لإثارة القلق. المثير للاهتمام هو أن أكثر الصحافيين، الذين تم قتلهم أو الهجوم عليهم، من بلدات صغيرة؛ وكتبوا عن حالات فساد. وكثيرا ما يواجه صحافيون مضايقات وإرهابا من قبل الشرطة، وسياسيين، ومسؤولين بيروقراطيين في الهند. وقال سوجات بخاري، أحد كبار المحررين، والذي تم خطفه وضربه في كشمير بسبب تغطيته الإعلامية: «يوضح قتل صحافيين عام 2015 تنامي مكانة وسائل الإعلام المحلية خاصة الصحف المكتوبة باللغة المحلية». ويؤثر هذا النهج بشكل مباشر على حق المواطنين في مسائلة أقطاب، ومؤسسات صناعة التعدين، والنفط، والرمل، وكذلك السياسيون، ومسؤولو الولايات على حد قول سوجات. ويتعرض صحافيون، كشفوا فسادا أو أنشطة لعصابات مافيا خاصة الذين يعملون لدى صحف محلية، لعنف مثل الذي يتعرض له آخرون في بلاد لديها سجل مشين في مجال حرية الصحافة، بحسب ما توضح بيانات جمعتها صحيفة «هندوستان تايمز». وتأتي الهند في المرتبة الـ136 من بين 180 دولة على قائمة حرية الصحافة العالمية لعام 2015. وتشغل الهند المركز الرابع في قائمة الدول الأخطر من حيث حرية الصحافة لعام 2015 طبقا لبيانات لجنة حماية الصحافيين.
وفتح المجلس الهندي القانوني للصحافة، والذي يقوم بدور تنظيمي ورقابي من أجل حماية الصحافيين، عدة تحقيقات في جرائم القتل، والهجوم في نطاق سلطته. وكما هو متوقع، أثارت أحداث العنف الأخيرة ضد صحافيين جدلا بشأن أمن وسلامة الصحافيين. وطالب صحافيون بارزون بوضع «خطة سلامة قومية» خاصة بالكتاب، في حين دعا آخرون إلى تمكين اللجان الصحافية.
ودعا صحافيون هنود بارزون، ومجموعات حقوقية عالمية إلى وضع خطة قومية من أجل حماية الصحافيين وسط قلق من تعرض حرية الإعلام إلى ضغوط جديدة، تمارس بعضه الدولة. وقال تشاندراماولي كومار براساد، رئيس المجلس الهندي القانوني للصحافة: «جرائم القتل صادمة. وأمرنا بفتح تحقيق واستنادا إلى التقارير النهائية، سوف نقدم التوصيات المناسبة للحكومة». وقال رافيش كومار، مذيع أخبار في محطة «إن دي تي في إنديا»: «نحن بحاجة إلى إخبار المجتمع أن حريتنا كصحافيين مهمة من أجل حريتكم». وقالت نيرجا تشودهاري، صحافية بارزة: «تمثل التطورات الأخيرة تحديا مختلفا للصحافيين في الهند، حيث يوجد انتهاك لحقوق وحرية الصحافة». وأوضحت أن الهجمات طريقة لإخبار الصحافيين بضرورة الالتزام بالموضوعات الآمنة البعيدة عن الصحافة الاستقصائية. وهناك هجمات على صحافيين شجعان في بلاد مثل باكستان، وأفغانستان، والفلبين، لكن «من المؤسف أن بلادنا تتجه بقوة نحو هذا الوضع. مرتكبو الجرائم من الأشخاص النافذين الذين يتمتعون بحصانة، ويعلمون جيدا أنهم سيفلتون بفعلتهم». وأشارت إلى عدم اتخاذ أي فعل ملموس واضح حتى يمثل مرتكبو الجرائم أمام العدالة نظرا لتورط شخصيات تتمتع بسلطة ونفوذ. وأضافت قائلة: «استجابة الحكومة لهذه القضية بطيئة جدا». ما لم يكون هناك اعتراض شعبي، فالحكومة «لن تصغي». ولا تعد الهجمات على الصحافيين بالأمر الجديد، فبحسب المجلس الهندي للصحافة، تم قتل 79 في المائة من الصحافيين على مدى الـ25 عاما الماضية، ويعد هذا الرقم كبير جدا بالنسبة إلى دولة ديمقراطية، وبلد لا يقع ضمن نطاق منطقة حرب. خلال تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الثانية، شهدت الهند عملية إخراس للكثير من الصحافيين في مناطق تشهد إرهاب، وصراع مثل البنجاب، وكشمير، والولايات التي تقع شمال شرقي الهند، وولاية تشاتيسغار، التي تشهد عنفا. وكان مرتكبو أكثر جرائم القتل من مؤيدي الجماعات الإرهابية. مع ذلك خلال عامي 2011 و2012 بدأت أشكال أخرى تظهر. وتعرض صحافيون إلى هجوم بسبب كتابة موضوعات عن مافيا الأراضي، والمخدرات، والتعدين. وشهد عام 2013 مقتل أحد عشر صحافيا في مختلف أنحاء الهند. وشبهت الصحافية المخضرمة أنيتا جوشوا هذا الوضع بالوضع في سوريا، حيث لقي 16 صحافيا حتفهم في العام نفسه، وبباكستان حيث فقد تسعة صحافيين حياتهم. وانخفض عدد القتلى عام 2014، رغم أن الصحافيين، الذين فقدوا حياتهم، قد قتلوا لأسباب مماثلة.
الهند: هجمات صادمة ضد الصحافيين بسبب حملاتهم ضد الفساد
وسط قلق من تعرض حرية الإعلام إلى ضغوط جديدة تمارس بعضها الدولة
الهند: هجمات صادمة ضد الصحافيين بسبب حملاتهم ضد الفساد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة