تصاعد جرائم الحوثيين في إب... وتركيز على نهب الأراضي

تقرير حقوقي يتهم الميليشيات بارتكاب 6 آلاف انتهاك خلال عام

أحد باعة الأرصفة في مدينة إب اليمنية يفترش الأرض منتظراً مرور زبائنه (الشرق الأوسط)
أحد باعة الأرصفة في مدينة إب اليمنية يفترش الأرض منتظراً مرور زبائنه (الشرق الأوسط)
TT

تصاعد جرائم الحوثيين في إب... وتركيز على نهب الأراضي

أحد باعة الأرصفة في مدينة إب اليمنية يفترش الأرض منتظراً مرور زبائنه (الشرق الأوسط)
أحد باعة الأرصفة في مدينة إب اليمنية يفترش الأرض منتظراً مرور زبائنه (الشرق الأوسط)

أفاد حقوقيون في محافظة إب اليمنية (192 كيلومتراً جنوب صنعاء) بأن الميليشيات الحوثية صعَّدت من جرائمها بحق السكان، خلال الأسابيع الأخيرة، إلى مستويات غير مسبوقة، وسط تركيز على نهب الأراضي، بمباركة من كبار قادة الجماعة في المحافظة.
تصاعد الجرائم الحوثية في محافظة إب، تزامن مع اتهام تقارير حقوقية للميليشيات بارتكاب أكثر من 6 آلاف انتهاك، تنوعت بين القتل والإصابة والسطو على الممتلكات.
وكان محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الميليشيات، قد زار المحافظة أخيراً، وأطلق يد قادة الجماعة وأتباعها للاستيلاء على مزيد من الأراضي والعقارات، وتشديد القبضة الأمنية، بالاعتماد على عصابات مسلحة، وفق ما ذكرته تقارير محلية.
وفي الوقت الذي تعددت فيه أشكال الانتهاكات الحوثية، بين القمع والتنكيل والاعتداء والقتل والخطف وفرض الحصار والسطو على أراضي وممتلكات الدولة والمواطنين؛ أكدت مصادر حقوقية أن السكان في مركز محافظة إب و22 مديرية تابعة لها، قد ذاقوا الأمرَّين بسبب تصاعد الانتهاكات.
وتحدثت المصادر عن أن منسوب الجرائم التي يقوم بها عناصر نافذون في الجماعة الانقلابية، ارتفع في الفترة الأخيرة في إب إلى أضعاف ما كان عليه في السابق، إذ سعت الميليشيات جاهدة منذ انقلابها إلى ارتكاب مختلف التعسفات، وإحداث فوضى أمنية واجتماعية عارمة.
آخر انتهاكات الميليشيات تمثل باستيلاء القيادي الحوثي، المدعو عيسى صالح الصايدي، قبل يومين، بقوة السلاح، على مساحة أرض زراعية مملوكة لشخص مغترب خارج البلاد، يدعى معين الصايدي.
وذكر الضحية في تغريدة على حسابه بموقع «تويتر» أن القيادي في الجماعة عيسى الصايدي، اعتدى على أرض زراعية يملكها بمديرية الشعر جنوب شرقي إب، وأنه استعان بنحو 40 مسلحاً لحماية عملية تجريف الأراضي الزراعية.
وسبقت ذلك بيومين حادثة أخرى تمثلت بسطو نافذ حوثي على مساحة واسعة من مجرى السيل في مدينة إب، الممتد من جبل بعدان، والمؤدي إلى وادي السحول، وذلك تحت مرأى ومسمع من الأجهزة الأمنية والمحلية الخاضعة للميليشيات في إب؛ حسب تأكيد مصادر محلية.
وكان قيادي حوثي آخر قد أقدم مطلع الشهر الجاري على الاعتداء على نساء بمنطقة خنوة في مديرية ذي السفال جنوب إب، وذلك بعد محاولتهن حماية أرض مملوكة لهن من جريمة السطو عليها.
وتزامن ذلك السلوك الإجرامي مع قيام الميليشيات الحوثية منذ أكثر من أسبوع بقمع وحصار أسرة شخص يدعى منصور نعمان المزحاني، الذي قتل قبل فترة برصاص الميليشيات بمنطقة المزاحن في مديرية فرع العدين، جنوب إب. ويشكو سكان محافظة إب من تصاعد موجة الانتهاكات الحوثية ضدهم، ومن تعدد غير مسبوق لجرائم القتل والسلب والسرقات والخطف التي لا يزال يشهدها كثير من مناطقهم.
ويشير السكان الذين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» إلى أن محافظتهم «باتت تعد من المحافظات الأكثر حضوراً، في قائمة التعسفات التي ارتكبتها وترتكبها الميليشيات الحوثية». وفي هذا السياق، أحصى تقرير حقوقي صادر عن منظمة «رصد» للحقوق والحريات، وقوع أكثر من 6296 جريمة وانتهاك في محافظة إب الخاضعة لسيطرة الميليشيات، خلال العام المنصرم.
وذكر رئيس المنظمة عرفات حُمران، أن تلك الجرائم تنوعت بين القتل والإصابة والاختطاف والنهب والاقتحام والسطو على الممتلكات العامة والخاصة، وغيرها من الجرائم.
ووثق التقرير 241 جريمة قتل، و310 حالات شروع في القتل، ورصد وفاة 6 حالات لمختطفين في سجون الجماعة بفعل التعذيب، كما رصد 85 جريمة اقتحام ودهم حوثي للمؤسسات والمرافق الحكومية والخاصة والمنازل، إضافة إلى 22 جريمة نهب نفذتها عناصر الميليشيات.
ولفت التقرير إلى مصادرة الجماعة عشرات الممتلكات الخاصة والمنازل، بواقع 34 حالة خلال تلك الفترة، منها مستشفيات وجامعات ومؤسسات أهلية، ومنازل مواطنين ومعارضين للانقلاب. وسجلت المنظمة نحو 9 حالات سطو مسلح حوثي على أراضي مواطنين، قُدرت بمئات الملايين من الريالات، كما وثقت نهب وسرقة وإحراق 49 سيارة بمختلف الموديلات، بعضها بسبب مواقف أصحابها الرافضة للميليشيا، وأخرى لأسباب مجهولة.
ووثق التقرير اختطاف الجماعة 1216 مواطناً، منهم 487 من الأمناء الشرعيين في إب (موثقو العقود)؛ حيث شنت الجماعة ذاتها حملات مسعورة ضدهم، لإجبارهم على العمل لصالحها أو إحلال آخرين موالين لها.
وسجل التقرير نحو 29 جريمة عنف أسري، و33 حالة انتحار، و8 حالات دهس بسيارات وأطقم حوثية، وثلاث حالات تهريب سجناء من قبل عناصر حوثية، و11 حالة قمع وسجن لناشطين وصحافيين، في الوقت الذي رصد فيه 443 حالة اعتداء، و742 حادثة سرقة، بالإضافة إلى 15 حالة لاقتحام مساجد وتغيير خطباء وخطف بعضهم، بينما تم توثيق إقالة 15 مديراً في عدد من مدارس المحافظة، و12 حالة اقتحام لمدارس، وتهديد معلمين ومديري مجمعات دراسية.
ووثق تقرير «رصد» تعرض آلاف الموظفين لعقوبات وخصميات من النصف راتب الذي تدفعه الميليشيات من وقت لآخر، كما تعرض آخرون لعمليات فصل من الوظيفة بتهم ملفقة من قبل الجماعة التي مارست ولا تزال الفصل الوظيفي، كعقوبة لمن يعارضها أو يرفض العمل ضمن توجيهاتها.
وأشار التقرير الحقوقي إلى أن هذه الإحصائيات هي ما تم رصده وسط القبضة الحديدية لميليشيا الحوثي. وقال إن الأرقام المرصودة قد تكون أقل من الواقع الفعلي لحقيقة ما يجري في المحافظة.
وأكد أن الميليشيات فرضت الجبايات على التجار والمواطنين في مناسبات مختلفة أقامتها طوال العام، وأنها أغلقت العشرات من المحال واختطفت تجاراً لإجبارهم على دفع إتاوات بقوة السلاح.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

انقلابيو اليمن يستقطبون عشرات السجناء في الحديدة للقتال

سجناء في الحديدة أُفرج عنهم مقابل الالتحاق بالجبهات (فيسبوك)
سجناء في الحديدة أُفرج عنهم مقابل الالتحاق بالجبهات (فيسبوك)
TT

انقلابيو اليمن يستقطبون عشرات السجناء في الحديدة للقتال

سجناء في الحديدة أُفرج عنهم مقابل الالتحاق بالجبهات (فيسبوك)
سجناء في الحديدة أُفرج عنهم مقابل الالتحاق بالجبهات (فيسبوك)

استقطبت الجماعة الحوثية عشرات السجناء على ذمة قضايا مختلفة في محافظة الحديدة اليمنية (226 كيلومتراً غرب صنعاء) وألحقتهم ببرامج تعبوية ودورات عسكرية، وذلك قبل الإفراج عنهم في مقابل القتال في صفوف الجماعة.

وكشفت مصادر مطلعة في الحديدة لـ«الشرق الأوسط»، عن تعليمات أصدرها القيادي الحوثي محمد الديلمي، المُعيّن من قبل الجماعة في منصب النائب العام، إلى القيادي الآخر هادي عيضة المُعيّن في منصب رئيس نيابة الاستئناف بالحديدة، تحضُّ على بدء تنفيذ زيارات ميدانية إلى سجون المحافظة؛ للإفراج عن السجناء مقابل إلحاقهم بجبهات القتال.

ونصّت التعليمات الحوثية على سرعة تشكيل ما تسميها الجماعة «لجنة الإفراج الشرطي» وتُشرف عليها قيادات قضائية وأمنية بارزة للقيام، بالتعاون مع إدارات السجون في الحديدة، لتكثيف حملات التعبئة والحشد في أوساط السجناء؛ لتسهيل مهمة إطلاقهم مقابل التجنيد.

وجرت عملية الإفراج الحوثية الأخيرة عن السجناء في الإصلاحية المركزية والسجن الاحتياطي وسجون أخرى تتبع إدارة المباحث الجنائية واستخبارات الجماعة بمدينة الحديدة.

الحوثيون جنَّدوا مئات السجناء في المحافظات اليمنية الخاضعة لهم (فيسبوك)

وأكدت المصادر أن المُفرَج عنهم هم من المحتجزين تعسفياً وعلى ذمة قضايا جنائية، وأبدوا موافقتهم على الالتحاق بصفوف الجماعة والخضوع لتلقي برامج تعبوية ودورات عسكرية.

ويتزامن ذلك مع تحركات ميدانية مماثلة تقوم بها حالياً القيادات الحوثية إلى السجون في صنعاء وريفها ومحافظات ذمار وريمة والمحويت وإب؛ بغية الإفراج عن أكبر عدد من السجناء من أجل تجنيدهم.

تعذيب الرافضين

تحدّث «جميل.ع»، وهو مقرب من أحد المعتقلين في السجن المركزي بالحديدة لـ«الشرق الأوسط»، عن ممارسات تعذيب وحشية تقوم بها الجماعة بحق قريبه وسُجناء آخرين؛ بسبب رفضهم مقايضة الإفراج عنهم مقابل الانخراط في الجبهات.

ويشير جميل إلى استمرار الجماعة منذ نحو شهرين في اعتقال قريبه على خلفية رفضه دفع إتاوات غير قانونية، ما دفع عناصر الجماعة لاعتقاله والزج به في السجن، وإغلاق متجره الصغير المخصص لبيع أكسسوارات الهواتف الجوالة وسط المدينة.

وناشد قريب السجين، المنظمات الدولية والمحلية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان كافة، التدخل للضغط على الجماعة الحوثية للإفراج الفوري عن قريبه ومعتقلين آخرين دون إخضاعهم لأي مقايضات.

الجماعة الحوثية تجبر المعتقلين على المشاركة في فعاليات تعبوية وقتالية (إعلام حوثي)

في السياق نفسه، ذكرت وسائل إعلام حوثية أن القيادي منصور الحسني المُعيّن مديراً للسجن المركزي في مدينة الحديدة والعضو فيما تُسمى «لجنة الإفراج الشرطي» أكد، خلال اجتماع لهم، الاستمرار في عملية الإفراج عن السجناء للمرحلتين الثانية والثالثة وصولاً إلى الرابعة في سجون المحافظة كافة.

جاء ذلك في وقت تنفِّذ فيه الجماعة حملات تعبئة وتجنيد واسعة تستهدف فئات المجتمع كافة، في عموم المناطق تحت سيطرتها؛ من أجل إلحاقهم بجبهات القتال بزعم «نصرة القضية الفلسطينية» ومواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

وسبق للحوثيين أن أفرجوا قبل أشهر عن نحو 164 معتقلاً من سجونهم في محافظة الحديدة، وسط اتهامات حقوقية للجماعة بأنها لم تفعل ذلك قبل ضمان موافقتهم وأُسرهم على الالتحاق بفصائلها العسكرية.

وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي أفرجت الجماعة عن 275 سجيناً من محافظة إب، و136 سجيناً من محافظة عمران، و82 معتقلاً من السجون في محافظة حجة، و81 سجيناً من محافظة الحديدة، و38 من ريف صنعاء، ضمن حملة تجنيد واسعة أطلقتها الجماعة في أوساط المحتجزين.