ترقب لـ«موجة غلاء» جديدة في مصر بعد ارتفاع الدولار

رغم تعهد الحكومة «ضبط» الأسعار

وزير التموين المصري خلال افتتاح أحد معارض «أهلاً رمضان» (وزارة التموين)
وزير التموين المصري خلال افتتاح أحد معارض «أهلاً رمضان» (وزارة التموين)
TT

ترقب لـ«موجة غلاء» جديدة في مصر بعد ارتفاع الدولار

وزير التموين المصري خلال افتتاح أحد معارض «أهلاً رمضان» (وزارة التموين)
وزير التموين المصري خلال افتتاح أحد معارض «أهلاً رمضان» (وزارة التموين)

عقب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه في مصر، بات جل المصريين يتخوفون من «موجة غلاء» جديدة تضرب البلاد، وسط تعهدات حكومية بـ«ضبط» الأسعار والسيطرة على الأسواق.
وبلغ سعر الدولار، أمس السبت، 27.15 جنيه مصري، وهو السعر الذي بات يطالعه المصريون يومياً بكل اهتمام؛ لقناعتهم بأنه المحرك الأول لأسعار السلع الاستهلاكية. وعلى الرغم من أن هناك بعض السلع يُصنع في مصر، فإن بعضاً من التجار يبرر ارتفاع أسعارها المتسارع بجملة «الدولار ارتفع».
ويترقب الشارع المصري تغيرات الأسعار بعد انخفاض الجنيه الأخير أمام الدولار. ويتزامن ذلك مع مساعي الحكومة المصرية للحد من زيادة الأسعار، عبر التركيز على افتتاح معارض السلع الاستهلاكية المخفضة، وتحذير التجار من أي رفع للأسعار، في حين تربك التوقعات الإعلامية بشأن «موجة الغلاء» المرتقبة أي تحركات حكومية.
وتوقع الإعلامي المصري عمرو أديب «انخفاضاً جديداً للجنيه المصري هذا الأسبوع»، ورجح خلال برنامج «الحكاية»، عبر قناة «إم بي سي مصر»، مساء الجمعة «حدوث موجة ارتفاع جديدة في الأسعار قد تشهدها الأسواق المصرية مع منتصف الأسبوع الحالي».
من جانبها، تسعى الحكومة المصرية إلى «تخفيف حدة الأزمة، وتوفير السلع الاستهلاكية بأسعار أقل نسبياً».
وفي هذا الصدد، افتتح وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، الدكتور علي المصيلحي، معارض «أهلاً رمضان»، وكشفت وزارة التموين، في بيان صحافي أول من أمس، أن «المنافذ متوفرة بالمحافظات المصرية جميعاً، بنسب تخفيضات تتراوح بين 25 في المائة و30 في المائة، فضلاً عن نشاط منافذ بيع السلع الثابتة على غرار (المواطن أولاً) التابع لمبادرة (معاً ضد الغلاء)».
كما أعلنت محافظتا القاهرة والجيزة الانعقاد الدائم لغرف عمليات مديريات التموين، في محاولة لـ«ضبط» الأسواق، وتوفير السلع بأسعار مناسبة، بينما كلف رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، الوزارات المعنية جميعها ومختلف الأجهزة الرقابية، «متابعة الأسواق، والتعامل بمنتهى الحسم مع التجار غير الملتزمين»، حسب ما قاله في اجتماع الحكومة الأخير، كاشفاً عن «جهود الحكومة في الإفراج عن البضائع المكدسة في الموانئ المصرية»، معلناً «إتمام الإفراج عما قيمته أكثر من 6.8 مليار دولار، بأولوية للسلع الغذائية ومستلزمات الإنتاج، وكذلك الأدوية».
وعلى الرغم من مساعي الحكومة لخفض الأسعار، فإن أستاذ الاقتصاد والاستثمار والتمويل الدولي في مصر، الدكتور رشاد عبده، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الغلاء سوف يشتد أكثر خلال الفترة المقبلة»، معللاً ذلك بأن «مسببات ارتفاع الأسعار ما زالت قائمة، فالحرب الروسية - الأوكرانية تتأزم، كما تتجه مؤشرات الاقتصاد العالمي نحو العام الأسوأ... إذا كنا بصدد عام قاسٍ اقتصادياً على العالم، فإن مصر بشكل خاص لها نصيب من الأزمة».
كما ثمن عبده جهود الحكومة المصرية لمواجهة ارتفاع الأسعار، قائلاً إن «الأسواق الموازية خطوة مهمة. يجب أن تنتشر على نحو أكبر وتمتد طيلة العام، حتى يرى الوضع الاقتصادي بعض الاستقرار». كما توقع أن يكون هناك «تضافر بين جهود القطاعين الخاص والعام لصالح المواطن، من خلال شراكات واتفاقيات، ولو مؤقتة، لحين الانفراجة».
يشار إلى أنه في الوقت الذي أعلنت فيه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، أول من أمس، أن الأسعار العالمية للمنتجات الغذائية واصلت تراجعها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بنسبة 1.9 في المائة، تشهد الأسواق المصرية «ارتفاعاً جديداً في أسعار السلع الغذائية، ليصل سعر كرتونة البيض إلى 85 جنيهاً، وفي بعض الأسواق إلى 95 جنيهاً، بزيادة تراوحت بين 5 و7 جنيهات على الأسبوع الماضي، كما ارتفعت أسعار الدواجن بنسبة تتراوح بين 3 و 5 جنيهات في الكيلو الواحد». بيد أن أزمة سعر الصرف لن تلقي بظلالها على أسعار السلع فحسب، بل قد تمتد إلى قطاع السياحة أيضاً، حيث كشف الخبير السياحي المصري، أشرف شيحة، عن أن بعض شركات السياحة توقف عن «حجز العمرة لشهري شعبان ورمضان؛ لأن أسعار الصرف غير ثابتة».


مقالات ذات صلة

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.