«سيرة الشعراوي» تُفجر مزيداً من الجدل في مصر

علاء نجل الرئيس الأسبق مبارك يدخل على الخط

«سيرة الشعراوي» تُفجر مزيداً من الجدل في مصر
TT

«سيرة الشعراوي» تُفجر مزيداً من الجدل في مصر

«سيرة الشعراوي» تُفجر مزيداً من الجدل في مصر

بثلاثة بلاغات للنائب العام المصري وآلاف التغريدات، احتدمت «معركة سيرة الشعراوي» بين تيار يرفض تقديم مسيرته في عمل مسرحي اعتراضاً على بعض آرائه، وتيار آخر أعلن عن «نصرة» الداعية الراحل، خلال هذه المعركة التي ما زالت تتصدر المشهد في مصر منذ نحو أسبوع.
وبدأت هذه المعركة الكلامية عقب إعلان «البيت الفني للمسرح» التابع للدولة تقديم سيرته ضمن خطة أطلقتها وزارة الثقافة تضم مجموعة من الرموز والمؤثرين، لكن النائبة فريدة الشوباشي، عضو مجلس النواب، علقت على الخبر بغضب، وتقدمت بطلب إحاطة بشأن ضعف أداء وزارة الثقافة، مستنكرة «تقديم عمل فني لسيرة الشعراوي». ثم دخل الإعلامي إبراهيم عيسى على خط الهجوم الذي شنه عدد من المثقفين وبعض النقاد.
ووجه عيسى عدة اتهامات للشيخ الراحل، من بينها أنه «متطرف»، مرتكزاً على آراء الشعراوي حول المرأة، وقال في برنامجه «حديث القاهرة»، على فضائية «القاهرة والناس»، إن الشعراوي «وضع الرجل في مكانة أعلى من المرأة، كما حلل ضربها، ومنعها من العمل»، مضيفاً أنه «تحدث عن تحريم التبرع بالأعضاء، وهذا يعد رأيا متطرفا ضد العلم وضد الدين» على حد تعبيره.
حدث ذلك قبل دخول نجل الرئيس المصري الأسبق علاء مبارك على الخط بتغريدة عبر «تويتر»، قائلاً: «تطاول غير مقبول ما الهدف من هذا التشويه ولماذا الآن؟».
في المقابل، دافعت مؤسسة الأزهر عن الشيخ الراحل، بشكل ضمني ومباشر، إذ نشرت عدة منشورات بشأنه عبر حساباتها الرسمية بمواقع التواصل ومطبوعاتها الدورية، على غرار صحيفة «صوت الأزهر»، والتي هدفت إلى الاحتفاء بدوره في تفسير «القرآن الكريم». وقال الأزهر في أحد منشوراته الداعمة للشيخ الراحل على حسابه الرسمي على «فيسبوك»: «إن الشعراوي وهب حياته لتفسير كتاب الله، وأوقف عمره لتلك المهمة، فأوصل معاني القرآن لسامعيه بكل سلاسة وعذوبة، وجذب إليه الناس من مختلف المستويات، وأيقظ فيهم ملكات التلقي».
غير أن المناهضين لآراء الشعراوي لم يكفوا عن الانتقاد، ليزداد المشهد سخونة بتقديم ثلاثة بلاغات للنائب العام ضد إبراهيم عيسى، والناقد الفني طارق الشناوي، وكذلك الناقدة ماجدة خير الله، وقال المحامي سمير صبري، المتقدم بالبلاغات بناء على طلب من أسرة الشعراوي، إن ما وقع يعد ضمن «جرائم الخطر» وقد تصل عقوبته إلى الحبس 5 سنوات وغرامة 300 ألف جنيه (الدولار الأميركي يساوي نحو 27 جنيها)، حسب قانون جرائم الإنترنت. بحسب وصفه.
ورغم نفي وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني «إقرار تقديم سيرة الشعراوي في عمل مسرحي»، مبررة ذلك بأنه «شخصية محفوفة بالتحفظات»، فإن انتقاد الوزارة والداعية الراحل لم يتوقف.
وبررت النائبة البرلمانية فريدة الشوباشي سبب رفضها لتقديم عمل مسرحي يتضمن سيرة الشعراوي، قائلة إن «الشيخ شوه مفهوم الوطن»، وأضافت أن «خلافي مع الشعراوي سياسي ووطني، لا علاقة له بالفقه والتفسير».
وترى الشوباشي أن «آراء الشعراوي تحتاج إلى كثير من التنقيح والمراجعة، لاسيما ما يخص مفهوم الوطن، إذ اعتبر الشعراوي من يموت في سبيل الوطن ليس بشهيد، فما هي معايير الاستشهاد لديه» وفق وصفها.
على الجهة الأخرى من المشهد، يقف عدد من رجال الأزهر مستنكرين ما طال سيرة الشعراوي. أبرزهم عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف السابق، الذي كتب عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»: «مثلهم كأطفال أرادوا إتلاف ثمار نخلة عالية فسقطت أحجارهم فوق رؤوسهم». في إشارة لمهاجمي الشيخ الراحل. كذلك، كتب الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، وأحد علماء الأزهر الشريف، عبر صفحته على «فيسبوك» «إن الإمام الشيخ محمد متولي الشعراوي رمز العلم والوطنية والعطاء المصري لكل العالم العربي والإسلامي، لكن البعض لهم ثأر مع الإمام الشعراوي لسبب مجهول».
كما اعتبرت الدكتورة إلهام شاهين الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية لشؤون الواعظات، الهجوم على الشعراوي ما هو إلا «سوء فهم من قبل البعض لتفسيراته، وربما تأويل»، وتقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» «الشيخ الجليل كان وسطيا، وجه حديثه للبسطاء وساعدهم على فهم القرآن باعتدال، وادعاء البعض أنه يحط من قدر المرأة غير صحيح»، وفق تعبيرها.
كما تقدم النائب كريم طلعت السادات، بطلب إحاطة بشأن التطاول على «الرموز» ومن بينهم الشعراوي. ويقول السادات لـ«الشرق الأوسط»: «ما يحدث هو هجوم ممنهج وغير مُبرر، لا سيما وأن الشعراوي له مكانة خاصة في قلوب المصريين، حيث أثرى بعلمه المجتمع الإسلامي كله». بحسب وصفه.
وفي مقابل موجة «الدفاع» الكبيرة عن سيرة الشيخ الشعراوي، يجد نقاده في موقفه من هزيمة يونيو (حزيران) 1967 ذريعة لانتقاده، اتكاء على ما صرح به قبل سنوات طويلة بأنه «سجد لله شكرا» لعدم انتصار المصريين «وهم في أحضان الشيوعية»، كما تقول الشوباشي.



«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
TT

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة»، ووصل الأمر إلى تقدم نائبة مصرية ببيان عاجل، طالبت خلاله بوقف عرض المسلسل.

وأثار العمل منذ بداية بثه على قنوات «ON» جدلاً واسعاً؛ بسبب تناوله قضايا اجتماعية عدّها مراقبون ومتابعون «شائكة»، مثل الخيانة الزوجية، والعلاقات العائلية المشوهة، وطالت التعليقات السلبية صناع العمل وأداء بطلاته.

وقالت النائبة مي رشدي، في البيان العاجل: «إن الدراما تعدّ إحدى أدوات القوة الناعمة في العصر الحديث، لما لها من دور كبير ومؤثر في رسم الصورة الذهنية للمجتمعات والشعوب سلباً أو إيجاباً لسرعة انتشارها، وهي انعكاس ومرآة للمجتمع».

وأضافت: «هناك عمل درامي (وتر حساس) يُعرَض هذه الأيام على شاشات القنوات التلفزيونية، يحتاج من المهمومين بالمجتمع المصري إلى تدخل عاجل بمنع عرض باقي حلقات هذا المسلسل؛ لما يتضمّنه من أحداث تسيء للمجتمع المصري بأسره؛ فهو حافل بالعلاقات غير المشروعة والأفكار غير السوية، ويخالف عاداتنا وتقاليدنا بوصفنا مجتمعاً شرقياً له قيمه الدينية».

وتدور أحداث المسلسل، المكون من 45 حلقة، حول 3 صديقات هن «كاميليا» إنجي المقدم، وابنة خالتها «سلمى» صبا مبارك، و«رغدة» هيدي كرم، وتقوم الأخيرة بإرسال صورة إلى كاميليا يظهر فيها زوجها «رشيد»، محمد علاء، وهو برفقة مجموعة فتيات في إحدى السهرات، في حين كانت «كاميليا» تشك في زوجها في ظل فتور العلاقة بينهما في الفترة الأخيرة.

صبا مبارك ومحمد علاء في مشهد من المسلسل (قناة ON)

بينما تغضب «سلمى» من تصرف «رغدة» وتؤكد أنها ستكون سبباً في «خراب بيت صديقتهما»، وعند مواجهة كاميليا لزوجها بالصورة ينكر خيانته لها، ويؤكد لها أنها سهرة عادية بين الأصدقاء.

وتتصاعد الأحداث حين يعترف رشيد بحبه لسلمى، ابنة خالة زوجته وصديقتها، وتتوالى الأحداث، ويتبدل موقف سلمى إلى النقيض، فتبلغه بحبها، وتوافق على الزواج منه؛ وذلك بعد أن تكتشف أن كاميليا كانت سبباً في تدبير مؤامرة ضدها في الماضي تسببت في موت زوجها الأول، الذي تزوجت بعده شخصاً مدمناً يدعى «علي»، وأنجبت منه ابنتها «غالية».

وتعرف كاميليا بزواج سلمى ورشيد، وتخوض الصديقتان حرباً شرسة للفوز به، بينما يتضح أن الزوج الثاني لسلمى لا يزال على قيد الحياة، لكنه كان قد سافر للخارج للعلاج من الإدمان، ويعود للمطالبة بابنته وأمواله.

ويتعمّق المسلسل، الذي يشارك في بطولته لطيفة فهمي، ومحمد على رزق، وأحمد طارق نور، ولبنى ونس، وتميم عبده، وإخراج وائل فرج، في خبايا النفس الإنسانية، وينتقل بالمشاهدين إلى قضايا اجتماعية مثل فكرة الانتقام، والتفريط في الشرف، وتدهور العلاقات بين الأقارب، وصراع امرأتين على رجل واحد.

وتعليقاً على التحرك البرلماني ضد المسلسل، عدّ الناقد المصري محمد كمال أن «الأمر لا يستدعي هذه الدرجة من التصعيد». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن العمل بالفعل مليء بالعلاقات المشوهة، التي لا تقتصر على الخيانة الزوجية، وإنما تمتد إلى خيانة علاقة الأقارب والأصدقاء فيما بينهم؛ فيظهر معظم أبطال العمل غير أسوياء، فالشخصية الرئيسة الثالثة في العمل (رغدة) تخون أيضاً صديقتيها سلمى وكاميليا، وكل ما تسعى وراءه هو جني المال، والإساءة إليهما!».

ويتابع كمال: «فاجأتنا الأحداث كذلك بأن طليق سلمى، ووالد ابنتها كان ولا يزال مدمناً، وكان قد عقد اتفاقاً معها في الماضي بتزوير أوراق تفيد بوفاته؛ كي يثير شفقة والده، ويكتب ثروته بالكامل لابنته غالية، ويسافر هو للعلاج، مع وعدٍ بأنه لن يرجع، وهو جانب آخر من الأفعال المنحرفة».

كاميليا وسلمى... الخيانة داخل العائلة الواحدة (قناة ON)

ويتابع: «وهكذا كل شخوص المسلسل باستثناءات قليلة للغاية، فهناك مَن اغتصب، وسرق، وخان، وقتل، وانتحر، لكن على الرغم من ذلك فإني أرفض فكرة وقف عمل درامي؛ لأن المجتمعات كلها بها نماذج مشوهة، والمجتمع المصري أكبر مِن أن يمسه أي عمل فني، كما أن الجمهور بات على وعي بأن ما يراه عملٌ من خيال المؤلف».

ويرى مؤلف العمل أمين جمال أن «المسلسل انعكاس للواقع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن قضية احتدام الصراع أصبحت سمة غالبة على علاقات البشر عموماً، وموجودة في العالم كله، ولا يمكن أن تنفصل الدراما عن الواقع».

وتابع: «المسلسل يأتي في إطار درامي اجتماعي مشوق، لذلك نجح في أن يجتذب الجمهور، الذي ينتظر بعد عرض كل حلقة، الحلقة الجديدة في شغف، ويظهر ذلك في تعليقات المشاهدين على (السوشيال ميديا)».

وأشار إلى أنه «بالإضافة لتقديم الدراما المشوقة، في الوقت نفسه أحرص على تقديم رسائل مهمة بين السطور، مثل عدم الانخداع بالمظهر الخارجي للعلاقات؛ فقد تكون في واقع الأمر علاقات زائفة، على الرغم من بريقها، مثل تلك العلاقات التي تجمع بين أفراد العائلة في المسلسل، أو العلاقة بين الصديقات».

من جهتها، هاجمت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله المسلسل، وتساءلت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا هذا الحشد لذلك الكم الكبير من الخيانات بين الأزواج والأصدقاء والأقارب؟»، وقالت: «لست ضد أن تعرض الدراما أي موضوع أو قضية من قضايا المجتمع، على أن تقدم معالجة فنية بها قدر من التوازن بين الأبعاد المختلفة، لا أن تقتصر على جانب واحد فقط».

وعن القول إن العمل يقدم الواقع، تساءلت ماجدة: «هل هذا هو الواقع بالفعل؟ أم أن الواقع مليء بأشياء كثيرة بخلاف الخيانات وانهيار العلاقات بين الناس، التي تستحق مناقشتها في أعمالنا الدرامية، فلماذا يختار العمل تقديم زاوية واحدة فقط من الواقع؟».

وعدّت «التركيز على التشوهات في هذا العمل مزعجاً للغاية، وجعل منه مسلسلاً مظلماً».