بعد أشهر من المواجهات المسلحة في جنوب اليمن، باتت مدينة عدن، كبرى مدن الجنوب، مدينة شبه محررة من الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، التي غزت المدينة في مارس (آذار) الماضي، وذلك في محاولة منهم، حينها، للسيطرة على المدينة والقبض على الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي.
أثمر التعاون والتنسيق الكامل بين القوات الموالية للرئيس هادي والمقاومة الشعبية في عدن، من جهة، وقوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، من جهة أخرى، تحقيق هذا الانتصار الكبير والسريع والخاطف الذي توج باندحار تلك الميليشيات التي لم يتبق من أفرادها سوى العشرات، ما زالوا يتحصنون كجيوب في بعض أحياء المدينة.
وتمثل عدن بالنسبة لليمنيين، والجنوبيين بصورة خاصة، رمزا للنضال ضد الاستعمار البريطاني وعاصمة لدولة الجنوب السابقة على مدى ثلاثة عقود، تقريبا، بعد استقلالها عن بريطانيا (30 نوفمبر - تشرين الثاني 1967)، كما تمثل عدن أنموذجا للتعايش السلمي بين أتباع الديانات وأبناء المناطق اليمنية قاطبة، حتى قبل قيام الوحدة اليمنية عام 1990، فقد تعايش المسلمون والمسيحيون واليهود وغيرهم من أتباع الديانات والقوميات في عدن لعقود طويلة، وما زالت آثار ذلك شاهدة، حتى اللحظة، إضافة إلى أنها تمثل رمزا للمدنية، في بلد معظم محافظاته ومناطقه قبلية وعشائرية وعصبوية.
وتعد عدن مركزا اقتصاديا هاما في اليمن، ففيها ثاني ميناء في البلاد (ميناء عدن) الذي يحتوي على المنطقة الحرة، وكان ميناء عدن، إبان الاستعمار البريطاني، ثاني ميناء في العالم، من حيث الأهمية، بعد نيويورك، إضافة إلى مصفاة النفط في البريقة، وهي من أقدم مصافي النفط في المنطقة وتعد رافدا كبيرا للاقتصاد اليمني.. وخلال العقود التي تلت الاستقلال مرورا بقيام الوحدة اليمنية وحتى اليوم، شهدت عدن صراعات دامية بين فرقاء الحياة السياسية، وبعد الوحدة بنحو عامين فقط، باشر المخلوع علي عبد الله صالح التحضير لحربه على عدن والجنوب التي توجت بانتصاره في صيف عام 1994، على شركائه في قيام الوحدة اليمنية، الحزب الاشتراكي اليمني بزعامة الرئيس علي سالم البيض، حينها، ومنذ ذلك الحين، والجنوبيون يعتبرون عدن والجنوب محتلين من سلطات صنعاء، وقد احتضنت عدن مطلع عام 2007، تأسيس «الحراك الجنوبي» الذي يطالب باستعادة الدولة الجنوبية.
وتوجد في مدينة عدن قيادة المنطقة العسكرية الرابعة في الجيش اليمني، وفقا للتقسيم الأخير الذي جرى في ضوء عملية إعادة هيكلة الجيش اليمني، بعد تنحي المخلوع صالح، وبالقرب من عدن، توجد «قاعدة العند» العسكرية الاستراتيجية في المنطقة، ويسعى أبناء عدن والجنوب واليمن، بشكل عام، إلى إعادة عدن إلى مكانتها الطبيعية بين المدن المماثلة في المنطقة وتفعيل دورها السياسي والاقتصادي، إلى جانب دورها الثقافي، وهي المدينة التي شهدت المسرح قبل أكثر من 100 عام وفن السينما، وله ينتمي رواد بارزون في مجالات العلم والثقافة.
عدن.. درة الجنوب اليمني.. محررة من الميليشيات
تعاني من الصراعات الدموية منذ ما يزيد على 4 عقود
عدن.. درة الجنوب اليمني.. محررة من الميليشيات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة