اختلاف حاسة الشم بين الإنسان القديم والمعاصر

اختلاف حاسة الشم بين الإنسان القديم والمعاصر
TT

اختلاف حاسة الشم بين الإنسان القديم والمعاصر

اختلاف حاسة الشم بين الإنسان القديم والمعاصر

قادت أبحاث السويدي سفانتي بابو، الحاصل على «نوبل» للطب وعلم وظائف الأعضاء عام 2022، إلى معرفة المزيد عن التطور البشري، لا سيما بعدما أسهم في تأسيس علم جينوم أشباه البشر المنقرضة وتحديد تسلسل جين الإنسان البدائي.
وعلى هذا المرتكز خرجت دراسة جديدة توضح الاختلافات في حاسة الشم بين النوعين المنقرضين من البشر، النياندرتال ودينيسوفان، مقارنةً بسمات الإنسان المعاصر.
«إذا كانت جيناتك تأثرت بالإنسان القديم فربما أنت محظوظ، لأنك لن تشم رائحة البول والعرق مثلاً»، هذا ما قاله فريق بحثي من جامعة «ديوك» الأميركية، خلال دراسة رصدت الاختلافات في حاسة الشم بين الإنسان القديم والمعاصر. وتمكن الباحثان كلير دي مارش، وهيرواكي ماتسونامي، من مقارنة قدرات الشم لدى ثلاثة أنواع من البشر. واعتمدا على تقنية مُطورة تسمح باختبار حساسية مستقبلات الرائحة.
وحسب مجلة «آي سيانس iScience» التي نشرت نتائج الدراسة، فإن الباحثين اعتمدا على «قواعد البيانات الخاصة بالجينوم التي جمعها بابو، والتي ساهمت في تمييز مستقبلات كل نوع من الأنواع البشرية الثلاثة من خلال النظر في الجينات ذات الصلة».
وقال دي مارش: «كانت لدينا جينومات مستقبلات الرائحة من إنسان نياندرتال ودينيسوفان ويمكننا مقارنتها بالإنسان العصري، وتحديد ما إذا كانت نتجت عن بروتين مختلف». وأظهرت الاختبارات المعملية أن «المستقبلات البشرية القديمة والحديثة كانت في الأساس تتعرف على نفس الروائح، لكن حساسيتها اختلفت».
ووفق نتائج الدراسة فإن إنسان دينيسوفان، الذي عاش قبل 30 ألف عام إلى 50 ألف عام، «أقل حساسية للروائح التي ينظر إليها البشر في الوقت الحاضر على أنها أزهار، لكنه أفضل أربع مرات في استشعار الكبريت وثلاث مرات أفضل في البلسم، وشديد الحساسية تجاه العسل».
بينما إنسان نياندرتال، الذي كان موجوداً منذ ما يقرب من 40 ألف عام، ويقارب البشر المعاصرين في عدد من الصفات، أقل استجابة بثلاث مرات للروائح الخضراء والزهرية والتوابل.
وتوصل الباحثون في الدراسة إلى أن «مستقبلات الرائحة للإنسان البدائي، هي في الغالب مماثلة للإنسان المعاصر، غير أن ثمة اختلافات طالت الاستجابة أو حساسية الرائحة وفقاً للاحتياجات البيئية والغذائية».


مقالات ذات صلة

تطبيق ذكي لإبطاء التدهور المعرفي لدى المسنين

يوميات الشرق التطبيق الذكي يقدّم إرشادات فردية من اختصاصي نفسي سريري (جامعة تكساس إيه آند إم)

تطبيق ذكي لإبطاء التدهور المعرفي لدى المسنين

أعلن باحثون من جامعة تكساس إيه آند إم الأميركية عن ابتكارهم لتطبيق ذكي يوفر تدريبات معرفية وتمارين ذهنية أثبت فاعليته في إبطاء التدهور الإدراكي لدى المسنين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق يعتقد خبراء جامعة جورجيا أن أولئك الذين وُلدوا في النصف الأول من القرن الـ20 قد يصبحون من كبار السن الذين يحطمون الأرقام القياسية لطول العمر (متداولة)

دراسة: أشخاص وُلدوا في سنوات معينة قد يعيشون 120 عاماً أو أكثر

تشير دراسة أجرتها جامعة جورجيا إلى أن الأشخاص الذين وُلدوا في العقود بين 1900 و1950 قد يكونون في طريقهم إلى حياة طويلة بشكل غير عادي تحطم الأرقام القياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الزيوت النباتية تُسهم في تحسين صحة القلب والأوعية الدموية (جامعة هارفارد)

الزيوت النباتية تُقلل وفيات السرطان

استخدام الزيوت النباتية مثل زيت الزيتون، وزيت الصويا، بدلاً من الزبدة في النظام الغذائي يمكن أن يسهم في تقليل خطر الوفاة الناجمة عن السرطان وأمراض القلب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك يبرز الأرق بسرعة كمشكلة صحية عالمية (متداولة)

نصيحة مهمة للتغلب على الأرق بعد سن الستين

أشارت دراسة لجامعة ماهيدول في تايلاند إلى أن تمارين القوة قد تكون الأكثر فاعلية في تحسين جودة النوم لدى كبار السن الذين يعانون من الأرق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك كشف العلماء عن الآلية التي قد يقلل بها دواء الأسبرين من انتشار بعض أنواع السرطان ما يفتح آفاقاً جديدة لمنع تفشي الخلايا السرطانية في الجسم (متداولة)

هذا الدواء يمنع انتشار أنواع سرطان في جسم الإنسان

اكتشف علماء أنه يمكن لدواء الأسبرين منع انتشار أنواع من السرطان في جسم الإنسان.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مسرح المرأة... خشبةٌ تصرخ نيابةً عن النساء الصامتات

غالبية المسرحيات التي تُنتجها ميشيل فنيانوس تعالج قضايا المرأة وهواجسها (صور فنيانوس)
غالبية المسرحيات التي تُنتجها ميشيل فنيانوس تعالج قضايا المرأة وهواجسها (صور فنيانوس)
TT

مسرح المرأة... خشبةٌ تصرخ نيابةً عن النساء الصامتات

غالبية المسرحيات التي تُنتجها ميشيل فنيانوس تعالج قضايا المرأة وهواجسها (صور فنيانوس)
غالبية المسرحيات التي تُنتجها ميشيل فنيانوس تعالج قضايا المرأة وهواجسها (صور فنيانوس)

ليست العلاقة بين ميشيل فنيانوس والمسرح قديمة العهد ولم تنشأ عن سابق تصوّر وتصميم، لكن فيها من الصلابة ما يدفع بهذه السيدة اللبنانية إلى الوقوف في بهو المسرح لاستقبال الجمهور، قبل كل عرضٍ من عروض المسرحيات التي تُنتجها.

فنيانوس آتيةٌ من عالم العلاقات الدولية والدبلوماسية، لكنّ الشغف غلب التخصّص. يوم اطّلعت من الممثلة وفاء حلاوي عام 2022 على قصة مسرحية «مفروكة»، قررت الانغماس بما اعتبرته قضيّة ثقافية واجتماعية وليست مغامرة فنية فحسب.

المنتجة اللبنانية ميشيل فنيانوس (صور فنيانوس)

«مفروكة»

اليوم، وبعد 4 مسرحيات أنتجتها و3 سنواتٍ في المجال، بات يُنظر إلى فنيانوس كإحدى الأيادي الفاعلة في تحريك عجلة المسرح اللبناني، لا سيّما ذلك الذي يرفع لواء حقوق المرأة.

أولى خيبات فنيانوس النسائية أنها لا تستطيع أن تمنح جنسيتها لأولادها، بما أنها لبنانية متزوّجة من أجنبي. «كلنا ضحايا غياب قانون للأحوال الشخصية خاص بالنساء»، تقول لـ«الشرق الأوسط». هكذا كانت الحال بالنسبة إلى بطلة «مفروكة» التي تَحوّل طلاقها إلى كابوس، فقط لأنها امرأة. «تعاطفتُ مع قصتها وتولّيت الإنتاج التنفيذي للمسرحية، ومنذ ذلك الحين كرّت سبحة المسرحيات».

الممثلات وفاء حلاوي ومروى خليل وسيرينا الشامي في مسرحية «مفروكة» (إنستغرام)

«شو يا قشطة»

جاءت الخيبة النسائية الثانية على هيئة تحرّشٍ لفظيّ تعرّضت له فنيانوس. تزامنَ ذلك مع تجربة مشابهة حصلت مع حلاوي. تمخّضت عن الصدمة مسرحيةٌ جديدة هي «شو يا قشطة»، عُرضت في 2024 ويتجدّد عرضُها حالياً. كان ذاك العنوان الجذّاب كافياً ليضاعف أعداد المشاهدين. لكن ما إن أبصروا ملامح المسرحية، حتى فهموا ألّا ترفيه هنا ولا مزاح.

تشرح فنيانوس كيف أنّ «الجرأة بلغت مداها في (شو يا قشطة)، بما أن العمل طرح قضايا التحرّش والاغتصاب والعنف الأسَري والزوجي والسطوة الذكوريّة». تذكر أنّ كثيراتٍ ممّن شاهدن المسرحية لم يتحمّلن وطأتها إلى درجة البكاء، «لأنها أيقظت لديهنّ صدماتٍ مؤلمة سبق أن تعرّضن لها». أما معظم الرجال من بين الجمهور، فصُدموا بما لم يكونوا يعرفونه عن معاناة المرأة.

بلغت مسرحية «شو يا قشطة» ذروة الجرأة في طرح قضايا المرأة (صور فنيانوس)

تقول فنيانوس إنها تتعمّد دعوة وزراء، ونوّاب، وقضاة، ومحامين، وممثلين عن الأجهزة الأمنية إلى المسرحيات التي تنتجها؛ «بأيديهم قرار التغيير. صحيح أننا نحن أهل المسرح غير قادرين على التشريع ولا على سنّ القوانين ولا على تبديل مجتمع بأكمله، لكننا على الأقلّ نضيء على المشكلة ونقوم بواجبٍ توعويّ».

«24 ساعة من حياة امرأة»

منذ «مفروكة»، مروراً بـ«شو يا قشطة»، وصولاً إلى «24 ساعة»، تحوّل المسرح الذي تبنّته ميشيل فنيانوس إلى خشبةٍ تصرخ نيابةً عن النساء الصامتات.

الصرخة الثالثة تُطلقها مسرحية «24 ساعة» المقتبسة عن الرواية الشهيرة للكاتب النمساوي ستيفان زفايغ «24 ساعة من حياة امرأة». انطلق عرض المسرحية باللغتَين الفرنسية والعربية في مسرح «لو مونو» (Le Monnot) في بيروت قبل أيام. تتولّى البطولة المنفردة الممثلة اللبنانية الفرنسية جوانا خلف، أما الإخراج فللصينيّة الفرنسية جي تشِن.

«تقول هذه المسرحية إنّ حياة المرأة لا تنتهي بوفاة زوجها أو انفصالها عنه»، توضح فنيانوس. على طريقتهما، وبكثيرٍ من السلاسة والأنوثة والسينوغرافيا الشبيهة بالتطريز، تُحطّم الممثلة والمخرجة المحرّمات المرتبطة بالمرأة الأرملة. «تضيء المسرحية الجديدة على حق المرأة في الحب وفي التعبير عن إحساسها، حتى في الوقت الذي لا يحلّل لها المجتمع ذلك»، تشرح فنيانوس. «لكنها تغوص في المقابل بالخسائر التي قد تتعرّض لها المرأة بسبب الطرف الآخر».

الوجع يتحدّث...

كمُنتجة، أول ما يَنده فنيانوس هو النص المسرحي. «أكثر ما لفتَني في عمل جوانا خلف هو تعريبُها الوفي والمحترف للنص الفرنسي». تحرص المنتجة، ومهما بلغت جرأة مسرحياتها، على عدم قطع ذاك الخيط الرفيع بين الصراحة والابتذال. تؤكّد: «لا أتهاون في هذا الموضوع، خصوصاً أن القضايا المطروحة في مسرحِنا دسمة ودقيقة جداً. هدفُها إنسانيّ توعويّ ولا يتحمّل الاستخفاف». تذهب أبعد لتقول: «بما أنّ المسرحيات كلها نابعة من معاناة واقعية، فليس الإبداع وحدَه مَن يتحدّث فيها، بل الوجع كذلك».

بالتعاون مع فريقها، تتابع فنيانوس عملية الإنتاج خطوةً بخطوة؛ من اختيار عنوان المسرحية، مروراً بتصميم الملصق والحملة التسويقية، وليس انتهاءً بتأمين الميزانية الإنتاجية والإشراف على المبيع.

تنغمس ميشيل فنيانوس بكل تفصيلة من العملية الإنتاجية للمسرحية (صور فنيانوس)

بالحديث عن الميزانيات والأرقام، كانت تعرف فنيانوس مسبقاً أنّ «الإنتاج المسرحي في لبنان ليس مشروعاً مربحاً ولا يؤمّن الاستدامة»، وقد تأكدت من الأمر مع مرور المسرحيات. تعلّق بالقول: «كلّما كانت القضايا المطروحة أكثر دسامةً وجدّيّة، صار التحدّي الجماهيري أكبر. لكن رغم الصعوبات، لديّ إصرار على الاستمرار والاستثمار».

نساءٌ ملهمات

تُلهمها فناناتٌ مثل بيتّي تَوتل، وزينة دكّاش، وأنجو ريحان سردنَ حكاياتهنّ وحكايات نساءٍ صامتات فوضعن حجراً أساساً في «مسرح المرأة»، وساهمنَ مثلَها في النهضة المسرحية التي تشهدها بيروت مؤخّراً. بنظرِها، فإنّ «مسرح المرأة» أصبح واقعاً في لبنان، إلا أنه ما زال «يحتاج إلى لفتةٍ من وزارة الثقافة لعلّه يسلك درب المهرجانات الدوليّة».

ممثلات رائدات في مسرح المرأة: بيتّي توتل زينة دكّاش وأنجو ريحان (إنستغرام)

على قائمة الملهِمات كذلك، والدتها «التي حطّمت محرّمات كثيرة ولم تُشعرني يوماً بأنني غير متساوية مع الرجل». تنضمّ إلى القصص المؤثّرة في حياتها، سيرة الأديبة اللبنانية مي زيادة التي امتزج فيها الإبداع بالتراجيديا. وفق فنيانوس فإنّ «تلك الحكاية تعبّر عن حالنا كنساءٍ عربيات، فمهما بلغت قدراتنا العقلية والإبداعيّة ستبقى مُسيّجة بإطار من الظلم».

لكن في يوم المرأة العالمي، تأخذ فنيانوس إجازة من سرديّات الظلم اللاحق بالمرأة، فتحدّث نفسها قائلةً: «لا تنظري إلى الخلف. واصلي السير. ستصلين يوماً ما». المحطة المقبلة على روزنامة المشوار الطويل مع المسرح الهادف، عملٌ يحمل طابعاً وطنياً من المقرر أن يُعرض في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.