ليو جونيور: بيليه كان ملكاً لم يتصرف مثل الملوك

النجم البرازيلي السابق يصف «الأسطورة» بأنه كان متواضعاً وودوداً وقريباً دائماً من الآخرين

إحدى المعزيات تلتقط صورة لقطع قماش مطبوع عليها صور رمزية للراحل بيليه (أ.ف.ب)
إحدى المعزيات تلتقط صورة لقطع قماش مطبوع عليها صور رمزية للراحل بيليه (أ.ف.ب)
TT

ليو جونيور: بيليه كان ملكاً لم يتصرف مثل الملوك

إحدى المعزيات تلتقط صورة لقطع قماش مطبوع عليها صور رمزية للراحل بيليه (أ.ف.ب)
إحدى المعزيات تلتقط صورة لقطع قماش مطبوع عليها صور رمزية للراحل بيليه (أ.ف.ب)

في المقالة التالية، يتحدث ليو جونيور، اللاعب الدولي البرازيلي السابق، عن الأسطورة الراحل بيليه الذي توفي يوم الخميس عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع سرطان القولون. يصف جونيور «الجوهرة السوداء» بأنه كان صبوراً ومتواضعاً وودوداً وقريباً دائماً من الآخرين. ويؤكد أنه كان يستحق أن ينادى بلقب «ملك»، لأنه كان ملكاً بالفعل، لكنه لم يكن يتصرف كملك، بل كان متواضعاً للغاية، ولم يتعالَ أبداً على أي شخص.
وصفني بيليه ذات مرة بأنني مثله الأعلى. كان ذلك في اليوم الذي لعبت فيه معه - كانت هذه المرة الوحيدة التي ألعب معه - وكانت أكثر اللحظات التي شعرت فيها بالسعادة. كان ذلك في مباراة ودية نُظمت لجمع الأموال للأعمال الخيرية على ملعب ماراكانا الشهير في أبريل (نيسان) عام 1979، وجاء لمشاهدة المباراة 140 ألف متفرج بعد الفيضانات التي ضربت ولاية ميناس غيرايس. وكانت هذه المباراة بين ناديي فلامنغو وأتلتيكو مينيرو. لقد وصفني بيليه آنذاك بأنني «مثله الأعلى»، وهو ما يعكس شخصيته الجميلة وروح الدعابة التي كان يتحلى بها، وقدرته على دعم واحتضان الآخرين دائماً. لقد لعب معنا - كنت أنا وزيكو في فريق فلامنغو - وكان اللعب معه بمثابة حلم، خصوصاً عندما مررت له الكرة.

جونيور وصف بيليه بأنه كان ودوداً وقريباً من الآخرين (أ.ف.ب)

كان بيليه هو الأعظم بالنسبة للجميع من جيلنا. ومن الصعب التعبير عما كان يعنيه بالنسبة لنا. لقد كان الأفضل بالنسبة لي منذ سن مبكرة، وعندما أفكر فيه فإنني أتذكر على الفور جدتي. لقد كان نادي سانتوس يلعب مبارياته الكبيرة على استاد ماراكانا وليس في ساو باولو، وأعني بذلك المباريات أمام أندية مثل بوتافوغو بقيادة غارينشا، أو ميلان. لكن جدتي كانت مغرمة بسانتوس وبيليه، وأينما ذهبا إلى أي مكان كانت جدتي تأخذني لمشاهدتهما. كنت أشعر بأنني في حفل بكل مرة أذهب فيها لمشاهدة بيليه وهو يلعب مع سانتوس. وما زلت أتذكر مباراة ميلان على وجه التحديد. لقد كانت هناك دائماً بعض الشكوك حول قدرة بيليه على التألق أمام المدافعين الأوروبيين الأقوياء، كأنه كان بحاجة إلى أن يثبت شيئاً ما للآخرين، وكان في كل مرة يثبت للجميع أنه فعلاً بهذه الجودة الاستثنائية والمهارة الفذة.
وعندما ترى لقطات سابقة لبيليه ترى الملاعب السيئة التي كان يلعب عليها، وكيف كانت الأحذية والكرات، وكم كانت القمصان ثقيلة! لقد فعل كل ذلك في تلك الظروف الصعبة. لقد كان يملك قدمين ساحرتين قادرتين على القيام بأشياء لا يمكن تصديقها. وعلاوة على ذلك، كان يستطيع القفز عالياً، ولم يكن بإمكان المدافعين أن يسقطوه أرضاً، ويمكنك أن ترى ذلك بوضوح في الفيلم الوثائقي الذي يُظهر له لقطات وهو في السابعة عشرة من عمره. وبعد ذلك، ذهب إلى المكسيك وقاد البرازيل للفوز بكأس العالم بعدما لعب بهذه الطريقة الرائعة.
كان عمري 16 عاماً في عام 1970 وكنت قد بدأت للتو اللعب على المستوى الاحترافي. وكان أكثر ما أثار إعجابي بشأن بيليه آنذاك هو الاحترافية الشديدة التي كان يتحلى بها، واستعداده للتضحية. قالوا إنه كان يعاني من مشاكل في العين، وأي لاعب آخر كان سيعاني بشدة من ذلك، لكنه كان قوياً للغاية من الناحية الذهنية. وعلى أرض الملعب، كان يرسم الابتسامة على وجهه دائماً، ويبدو كأنه أسعد شخص في العالم. لقد كان ينثر السعادة في أي مكان يذهب إليه.

كان 1970 عاماً صعباً للغاية على البرازيل من الناحية السياسية، لكن كان هناك شيء في المنتخب البرازيلي أعاد الناس إلى جوهر كرة القدم، وبدا الأمر كأن أي شيء آخر غير مهم. لقد شاهدت كأس العالم عام 1970 في منزل أحد أصدقائي في كوباكابانا. وحسبما أتذكر، فإن والده كان يعمل في سفارة الولايات المتحدة وكان لديه جهاز تلفزيون ينقل الصورة بالألوان. وكان جميع أصدقائنا، نحو 20 شخصاً، يتجمعون هناك لمشاهدة المباريات. واشتركنا معاً واشترينا سيارة قديمة كنا نتجول بها في الشوارع احتفالاً بفوز البرازيل. لم تكن السيارة بالطبع قادرة على أن تحمل 20 شخصاً، لذلك كان 10 أشخاص يستقلون السيارة، والعشرة الآخرون يركضون حولها، ثم نتبادل الأدوار بعد فترة.
وكان بيليه يمتعنا بلمحات من مستودع موهبته الذي لا ينفد، ولم تكن هذه اللحظات تتعلق بالأهداف فقط. لقد أحرز هدفاً جميلاً بضربة رأس قوية ومتقنة في المباراة النهائية ضد إيطاليا، لكنه أيضاً سدد تلك الكرة الذكية والجميلة من منتصف ملعب فريقه باتجاه مرمى تشيكوسلوفاكيا، وراوغ حارس مرمى أوروغواي بطريقة عجيبة، ولعب كرة رائعة بالرأس أنقذها غوردون بانكس. ربما كانت تلك المباراة أمام المنتخب الإنجليزي هي الأصعب، لكنها كانت أجمل مباراة لعبتها البرازيل، وانتهت تلك المباراة بالصورة الشهيرة التي احتضن فيها بيليه بوبي مور. إنها صور أيقونية، تعكس حقيقة أن الفن يجب أن يكون من أجل المتعة في المقام الأول، وليس من أجل تحقيق هدف معين، وهذا هو ما يمكن قوله أيضاً عن منتخب البرازيل في كأس العالم عام 1982 عندما قدم كرة قدم جميلة وممتعة، لكنه لم يفُز بالبطولة. لكن في النهاية لا يذكر التاريخ سوى الفريق الفائز!
لكن في عام 1970 تمكن المنتخب البرازيلي من أن يجمع بين كرة القدم الجميلة والفوز بالبطولة معاً، وهذا هو الهدف العظيم الذي يسعى لتحقيقه كل المديرين الفنيين. لقد نجح بيليه في الفوز بكأس العالم ثلاث مرات. وفي المكسيك، أشرك المدير الفني للسيليساو، ماريو زاجالو، أربعة صناع لعب في الفريق نفسه، وهو الأمر الذي يبدو مستحيلاً من الناحية العملية. ثم في عام 1982 كان لدينا خط وسط رهيب يضم فالكاو وسقراط وزيكو، وكان من الصعب أن يلعب هؤلاء الثلاثة معا أيضاً في الفريق نفسه. كان اللاعبون يلعبون بحرية كبيرة، وربما هذا هو السبب في أن منتخب البرازيل لعام 1982 ترك بصمة كبيرة في تاريخ كرة القدم العالمية، على الرغم من عدم فوزه باللقب في نهاية المطاف. أي شخص يعشق كرة القدم لا يمكنه إلا أن يعشق ما قدمه راقصو السامبا في مونديال 1982.
لقد كان مونديال 1970 هو مصدر الإلهام للجميع بعد ذلك، لكن لا يمكننا المقارنة بين كرة القدم في عصر بيليه وكرة القدم حالياً. لقد فعل بيليه كل ما فعله في عصر مختلف، حيث نشأ وأصبح لاعباً محترفاً قبل ظهور التلفزيون، ودون الاتصالات الموجودة الآن، ودون وسائل التواصل الاجتماعي. لك أن تتخيل إلى أي مدى كان سيصل إليه بيليه لو كان موجوداً حالياً! وعندما يقارن الناس بين منتخبي 1970 و1982، فيمكنني أن أقول إن منتخب 1982 هو نفسه منتخب 1970 لكن من دون بيليه، الذي كان قادراً على حسم الأمور في الأوقات الصعبة.
وفي وقت لاحق، كنت محظوظاً للغاية لأنني عملت مع بيليه محللاً للمباريات على قناة «أو غلوبو تي في» مع المعلق البرازيلي الشهير غالفاو بوينو. لقد كان العمل مع بيليه سهلاً وسلساً للغاية. لم نكن نناديه ببيليه، ولكننا كنا نناديه بالملك، لأنه كان ملكاً بالفعل. لكنه لم يكن يتصرف أبداً كملك، بل كان متواضعاً للغاية، ولم يتعالَ أبداً على أي شخص.
كان لي الشرف أن أتعرف على بيليه من الناحية الشخصية. كان يقضي كثيراً من الوقت مع الناس، ويوقع كثيراً من الأوتوغرافات، ويساعد ويدعم الجميع. لقد كان صبوراً للغاية، ومتعاطفاً مع الآخرين، ومتواضعاً، وودوداً وقريباً من الجميع. ما زلت أتذكر عندما سافرت معه إلى كأس العالم 2010، ورد فعله عندما اكتشف أن معه على الطائرة نفسها اللاعب الأوروغوياني السابق ألسيديس غيغيا، الذي سجل هدف الفوز على البرازيل في كأس العالم 1950 على ملعب ماراكانا وحرم البلد المضيف من الفوز بالمونديال، في أكبر صدمة في تاريخ البرازيل الرياضي.
لقد أدى هذا الهدف إلى بكاء والد بيليه، دوندينيو، وجعل بيليه يتعهد له بالفوز بكأس العالم حتى لا يضطر إلى البكاء مرة أخرى. وبعد ستين عاماً، سمع بيليه أن غيغيا على متن الطائرة، فنهض من مكانه وذهب إليه واحتضنه بشدة!


مقالات ذات صلة

الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

الرياضة الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

أصدرت محكمة في نابولي حكماً بالسجن، في حق مُدافع فريق «مونتسا» الدولي أرماندو إيتزو، لمدة 5 أعوام؛ بسبب مشاركته في التلاعب بنتيجة مباراة في كرة القدم. وقال محاموه إن إيتزو، الذي خاض 3 مباريات دولية، سيستأنف الحكم. واتُّهِم إيتزو، مع لاعبين آخرين، بالمساعدة على التلاعب في نتيجة مباراة «دوري الدرجة الثانية» بين ناديه وقتها «أفيلينو»، و«مودينا»، خلال موسم 2013 - 2014، وفقاً لوكالات الأنباء الإيطالية. ووجدت محكمة في نابولي أن اللاعب، البالغ من العمر 31 عاماً، مذنب بالتواطؤ مع «كامورا»، منظمة المافيا في المدينة، ولكن أيضاً بتهمة الاحتيال الرياضي، لموافقته على التأثير على نتيجة المباراة مقابل المال.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
الرياضة الدوري «الإسباني» يتعافى «مالياً» ويرفع إيراداته 23 %

الدوري «الإسباني» يتعافى «مالياً» ويرفع إيراداته 23 %

أعلنت رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم، اليوم (الخميس)، أن الأندية قلصت حجم الخسائر في موسم 2021 - 2022 لأكثر من ستة أضعاف ليصل إلى 140 مليون يورو (155 مليون دولار)، بينما ارتفعت الإيرادات بنسبة 23 في المائة لتتعافى بشكل كبير من آثار وباء «كوفيد - 19». وأضافت الرابطة أن صافي العجز هو الأصغر في مسابقات الدوري الخمس الكبرى في أوروبا، والتي خسرت إجمالي 3.1 مليار يورو، وفقاً للبيانات المتاحة وحساباتها الخاصة، إذ يحتل الدوري الألماني المركز الثاني بخسائر بقيمة 205 ملايين يورو. وتتوقع رابطة الدوري الإسباني تحقيق صافي ربح يقل عن 30 مليون يورو في الموسم الحالي، ورأت أنه «لا يزال بعيداً عن المستويات قب

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الرياضة التعاون يوقف قطار الاتحاد... ويمنح النصر «خدمة العمر»

التعاون يوقف قطار الاتحاد... ويمنح النصر «خدمة العمر»

منح فريق التعاون ما تبقى من منافسات دوري المحترفين السعودي بُعداً جديداً من الإثارة، وذلك بعدما أسقط ضيفه الاتحاد بنتيجة 2-1 ليلحق به الخسارة الثانية هذا الموسم، الأمر الذي حرم الاتحاد من فرصة الانفراد بالصدارة ليستمر فارق النقاط الثلاث بينه وبين الوصيف النصر. وخطف فهد الرشيدي، لاعب التعاون، نجومية المباراة بعدما سجل لفريقه «ثنائية» في شباك البرازيلي غروهي الذي لم تستقبل شباكه هذا الموسم سوى 9 أهداف قبل مواجهة التعاون. وأنعشت هذه الخسارة حظوظ فريق النصر الذي سيكون بحاجة لتعثر الاتحاد وخسارته لأربع نقاط في المباريات المقبلة مقابل انتصاره فيما تبقى من منافسات كي يصعد لصدارة الترتيب. وكان راغد ال

الرياضة هل يكرر الهلال إنجاز شقيقه الاتحاد «آسيوياً»؟

هل يكرر الهلال إنجاز شقيقه الاتحاد «آسيوياً»؟

يسعى فريق الهلال لتكرار إنجاز مواطنه فريق الاتحاد، بتتويجه بلقب دوري أبطال آسيا بنظامها الجديد لمدة عامين متتاليين، وذلك عندما يحل ضيفاً على منافسه أوراوا ريد دياموندز الياباني، السبت، على ملعب سايتاما 2022 بالعاصمة طوكيو، بعد تعادل الفريقين ذهاباً في الرياض 1 - 1. وبحسب الإحصاءات الرسمية للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فإن فريق سوون سامسونغ بلو وينغز الكوري الجنوبي تمكّن من تحقيق النسختين الأخيرتين من بطولة الأندية الآسيوية أبطال الدوري بالنظام القديم، بعد الفوز بالكأس مرتين متتاليتين موسمي 2000 - 2001 و2001 - 2002. وتؤكد الأرقام الرسمية أنه منذ اعتماد الاسم الجديد للبطولة «دوري أبطال آسيا» في عا

فارس الفزي (الرياض)
الرياضة رغد النعيمي: لن أنسى لحظة ترديد الجماهير اسمي على حلبة الدرعية

رغد النعيمي: لن أنسى لحظة ترديد الجماهير اسمي على حلبة الدرعية

تعد الملاكمة رغد النعيمي، أول سعودية تشارك في البطولات الرسمية، وقد دوّنت اسمها بأحرف من ذهب في سجلات الرياضة بالمملكة، عندما دشنت مسيرتها الدولية بفوز تاريخي على الأوغندية بربتشوال أوكيدا في النزال الذي احتضنته حلبة الدرعية خلال فبراير (شباط) الماضي. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قالت النعيمي «كنت واثقة من فوزي في تلك المواجهة، لقد تدربت جيداً على المستوى البدني والنفسي، وعادة ما أقوم بالاستعداد ذهنياً لمثل هذه المواجهات، كانت المرة الأولى التي أنازل خلالها على حلبة دولية، وكنت مستعدة لجميع السيناريوهات وأنا سعيدة بكوني رفعت علم بلدي السعودية، وكانت هناك لحظة تخللني فيها شعور جميل حينما سمعت الج


مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».