مصر للتنقيب في المتوسط بعد ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا

ضمن خطة للبحث عن الغاز في 12 منطقة

عمليات تنقيب عن الغاز في حقل «ظهر» المصري (الرئاسة المصرية)
عمليات تنقيب عن الغاز في حقل «ظهر» المصري (الرئاسة المصرية)
TT

مصر للتنقيب في المتوسط بعد ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا

عمليات تنقيب عن الغاز في حقل «ظهر» المصري (الرئاسة المصرية)
عمليات تنقيب عن الغاز في حقل «ظهر» المصري (الرئاسة المصرية)

أظهرت مصر تمسكاً عملياً بالمضي في مسار ترسيم حدودها البحرية مع ليبيا في البحر المتوسط؛ إذ طرحت للمرة الأولى منذ إعلانها الترسيم، مزايدة للبحث والتنقيب عن الغاز والزيت في مناطق مختلفة بالبلاد، من بينها المتوسط. وتتضمن المزايدة المطروحة عالمياً خطة للبحث عن الغاز الطبيعي والزيت الخام في 12 منطقة بالبحر المتوسط ودلتا النيل في مصر، وهي الأولى بعد أقل من أسبوعين على ترسيم حدود مصر البحرية مع ليبيا، الذي أثار اعتراضاً ليبياً.
وأعلن وزير البترول المصري، طارق الملا، في بيان اليوم (الثلاثاء)، أن المزايدة التي طرحتها «الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية» (إيجاس) لعام 2022، «تأتي امتداداً لاستراتيجية عمل الوزارة التي بدأتها عام 2016 لزيادة جذب الاستثمارات للبحث عن الغاز والبترول في المناطق الواعدة، وفي مقدمتها البحر المتوسط، استثماراً لما تمتلكه من احتمالات مهمة». وأشار إلى أن الاستراتيجية «توفر فرصاً لجذب شركات عالمية جديدة للعمل في مصر، علاوة على تشجيع الشركات العاملة على زيادة استثماراتها والتوسع في مناطق عملها».
وتابع الوزير، أن تلك الجهود «تخدم توجه الدولة المصرية لتكثيف أنشطة البحث والاستكشاف لمواردها من الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط، في ظل السعي من دول المتوسط لتكثيف أعمال البحث من أجل تحقيق الاكتشافات الغازية وزيادة الإنتاج، لما يمثله الغاز الطبيعي من أهمية متزايدة لمزيج الطاقة العالمي في الوقت الحالي».
وكانت مصر طرحت في فبراير (شباط) 2021 مزايدة عالمية للتنقيب عن البترول والغاز في 24 منطقة بخليج السويس والصحراء الغربية وشرق وغرب البحر المتوسط، لكنها أرست في أبريل (نيسان) من العام الحالي 8 مناطق فقط على شركات عدّة، من بينها «إيني» الإيطالية و«بي بي» البريطانية، بحد أدنى للاستثمارات في فترات البحث، تُقَدَّر بنحو 250 مليون دولار، وذلك لحفر 33 بئراً.
ونفذت مصر خلال السنوات الست الماضية، 27 مشروعاً لتنمية حقول الغاز باستثمارات تُقَدَّرُ بنحو 21 مليار دولار، مما أدى إلى وصول متوسط إنتاج مصر إلى 6.5 مليار قدم مكعب من الغاز يومياً، كما بدأت خطة تستمر حتى منتصف 2025 لحفر 45 بئراً للبحث عن الغاز.
واعتبر الدكتور أحمد قنديل، رئيس «برنامج دراسات الطاقة» في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أن إعلان مصر عن طرح مناطق جديدة في البحر المتوسط ودلتا النيل، «تأكيد لمساعي مصر من أجل الاستفادة من ارتفاع أسعار الغاز الحالية، نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية»، لافتاً إلى أن هذا الارتفاع «يوفر فرصة جاذبة للشركات العالمية للتنقيب في مياه البحر المتوسط، وهي عمليات عالية الاستثمار؛ لأنها تجري في المياه العميقة، إلا أن ارتفاع أسعار الطاقة في الفترة الراهنة يشجع تلك الشركات على مباشرة العمل في هذه المناطق التي تشير التقديرات إلى توافر احتياطات هائلة من الغاز بها».
وأضاف قنديل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «مصر يُنظر إليها حالياً كمركز إقليمي للطاقة، لا سيما بعد نجاح تجربة التعاون بين دول المنطقة تحت مظلة (منتدى غاز شرق المتوسط) الذي تستضيفه القاهرة، وهو ما يعزز من جاذبيتها بالنسبة لشركات الطاقة العالمية، فضلاً عما تحظى به عمليات التنقيب عن البترول والغاز في المنطقة من دعم أميركي وأوروبي، وهو ما يشجع الشركات الكبرى على تكثيف التنقيب في تلك المنطقة».
وحول ما إذا كان الطرح المصري للتنقيب عن الغاز والنفط في البحر المتوسط، له علاقة بقرار ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، وما أثاره من اعتراض من جانب حكومة عبد الحميد الدبيبة (منتهية الولاية)، وبعض لجان البرلمان الليبي، قال قنديل إن مصر «باتت تمتلك حدوداً بحرية متوافقة مع قواعد القانون الدولي، وهذا يوفر بيئة أكثر جاذبية لأعمال التنقيب من جانب الشركات العالمية»، لافتاً إلى أن التحفظ الليبي عن قرار مصر ترسيم الحدود البحرية، «لا أثر له على عمل مصر في مياهها الإقليمية».
وأضاف قنديل أن «تصوّر ليبيا عن مسألة الحدود البحرية، لا تأثير له على أرض الواقع».
وكانت مصر أعلنت منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحال، ترسيم حدودها البحرية مع ليبيا، وفقاً لما يقرره القانون الدولي، وهو ما أرجعه مراقبون وقتها، إلى «توجّه مصر لاستغلال ثرواتها الطبيعية داخل حدودها البحرية».
وعقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بعد أسبوع من قراره ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، اجتماعاً ناقش خلاله جهود الدولة للبحث والاستكشاف عن الغاز الطبيعي والبترول. وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية عقب الاجتماع، بأن أنشطة البحث والاستكشاف التي تقوم بها مصر في البحر المتوسط، «تتم وفقاً لمبادئ وأعراف القانون الدولي واتفاقيات الأمم المتحدة الحاكمة للأنشطة، وإدارة الدول لمواردها الطبيعية أعالي البحار».


مقالات ذات صلة

 «صندوق النقد» يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعة الرابعة

الاقتصاد أرشيفية لمواطن داخل أحد محلات الصرافة في القاهرة يستبدل الجنيه بالدولار (رويترز)

 «صندوق النقد» يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعة الرابعة

توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة بموجب اتفاق تسهيل ممدد مع مصر، وهو ما قد يتيح صرف 1.2 مليار دولار بموجب البرنامج.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد حصَّادة تحصد القمح في حقل زراعي (رويترز)

روسيا تسعى لخفض التكاليف المتعلقة بمدفوعات القمح لمصر

قال رئيس اتحاد منتجي ومصدري الحبوب في روسيا إدوارد زرنين، إن مصدّري الحبوب الروس سيقترحون سبلاً لخفض تكاليف المعاملات المتعلقة بسداد أسعار تصدير القمح لمصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد وزير البترول والثروة المعدنية المصري خلال استقباله بندر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي والوفد المرافق له في القاهرة (الشرق الأوسط)

مصر للاستفادة من خبرات السعودية في قطاع التعدين

تسعى مصر لتعظيم الاستفادة من قطاع التعدين خلال الفترة المقبلة، وذلك عبر علاقتها الوطيدة بالسعودية التي تمتلك خبرة كبيرة في هذا القطاع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )

مقتل 69 مهاجراً في غرق قارب قبالة المغرب

قوات حرس الحدود في جزر الكناري أثناء إنقاذ قارب كان يقل 57 مهاجراً سرياً (إ.ب.أ)
قوات حرس الحدود في جزر الكناري أثناء إنقاذ قارب كان يقل 57 مهاجراً سرياً (إ.ب.أ)
TT

مقتل 69 مهاجراً في غرق قارب قبالة المغرب

قوات حرس الحدود في جزر الكناري أثناء إنقاذ قارب كان يقل 57 مهاجراً سرياً (إ.ب.أ)
قوات حرس الحدود في جزر الكناري أثناء إنقاذ قارب كان يقل 57 مهاجراً سرياً (إ.ب.أ)

قالت السلطات في مالي إن 69 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم بعد انقلاب قارب قبالة المغرب، بينما كان متجهاً من غرب أفريقيا إلى جزر الكناري في 19 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في حين أظهرت بيانات أن عدد وفيات المهاجرين، الذين يحاولون الوصول إلى إسبانيا، عبر السواحل المغربية، ارتفع لأعلى مستوى على الإطلاق في 2024.

وكان نحو 80 شخصاً على متن القارب عندما انقلب، بحسب ما ذكره تقرير لوكالة «رويترز»، الجمعة.

وذكرت وزارة شؤون المغتربين الماليين في بيان، بعد جمع معلومات عن الحادث، أنه لم ينجُ سوى 11 شخصاً.

وأضافت أنه تم تشكيل وحدة أزمة لمتابعة الوضع.

وشهدت طريق الهجرة من ساحل غرب أفريقيا إلى جزر الكناري الإسبانية في المحيط الأطلسي، التي عادة ما يسلكها المهاجرون الأفارقة، الذين يحاولون الوصول إلى إسبانيا، ارتفاعاً كبيراً في عدد الوافدين هذا العام؛ إذ وصل 41425 مهاجراً في الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، ليتجاوز العدد بالفعل الرقم القياسي المسجل العام الماضي، والذي بلغ 39910 مهاجرين.

ومن بين الأسباب التي تدفع المهاجرين إلى محاولة عبور هذه الطريق الصراع المستمر منذ سنوات في منطقة الساحل، التي تضم مالي، والبطالة، وتأثير تغير المناخ على المناطق الزراعية.

وذكرت منظمة الصليب الأحمر أن شخصاً واحداً توفي من بين 300 وصلوا على متن ستة قوارب، الجمعة، إلى جزيرة إل ييرو في جزر الكناري.

ووفقاً لمنظمة «ووكينج بوردرز»، المعنية بحقوق المهاجرين، فإن الطريق الأطلسية التي تشمل نقاط هجرة في السنغال وجامبيا وموريتانيا والمغرب هي الأكثر فتكاً في العالم.

وفي تقريرها السنوي، الذي أصدرته هذا الأسبوع، قالت المنظمة إن 9757 مهاجراً لقوا حتفهم في البحر في عام 2024 أثناء محاولتهم الوصول إلى الأرخبيل الإسباني من ساحل المحيط الأطلسي في أفريقيا. ووفقاً للتقرير ذاته، فقد قتل 10457 شخصاً، أو ما يقرب من 30 شخصاً يومياً، وهم يحاولون الوصول إلى إسبانيا هذا العام من جميع الطرق.

وكانت الطريق المنطلقة من موريتانيا، التي استخدمها المهاجرون المغادرون من منطقة الساحل بشكل خاص هذا العام، هي الأكثر فتكاً؛ إذ شهدت وفاة 6829 مهاجراً.

وتقول منظمة «ووكينج بوردرز» إن السبب في زيادة الوفيات في البحر هو التقاعس عن عمليات الإنقاذ، أو تنفيذها بشكل عشوائي وتجريم المهاجرين، متهمة الحكومات «بإعطاء الأولوية للسيطرة على الهجرة على الحق في الحياة».