الأرض على موعد مع عصر جليدي قصير بعد 15 عامًا

لأول مرة منذ قرون

الأرض على موعد مع عصر جليدي قصير بعد 15 عامًا
TT

الأرض على موعد مع عصر جليدي قصير بعد 15 عامًا

الأرض على موعد مع عصر جليدي قصير بعد 15 عامًا

قال علماء إن العالم سيشهد «عصرا جليديا مصغرا» في عام 2030، وأكدوا أنهم غير قادرين على التنبؤ بالدورات الشمسية بدقة أكبر من ذي قبل، وذلك بسبب نموذج جديد يظهر عدم انتظام ما يعرف بالنبضة الشمسية التي تستغرق 11 عاما.
ويظهر النموذج الجديد إن النشاط الشمسي سيتراجع بنسبة 60 في المائة بين عامي 2030 و2040، مما سيسبب «عصرا جليديا مصغرا»، وفق ما ذكرته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية.
ويقول العلماء إن هذه الظروف المتوقعة لم تحدث منذ آخر عصر جليدي مصغر، والذي استمر من عام 1645 وحتى 1715، ويعرف باسم «Maunder Minimum».
وقدمت البروفسورة فالنتينا زاركوفا نتائج الدراسة لمؤتمر الفلك القومي في خلنددنو بويلز.
وفي عام 1843، اكتشف العلماء أولا أن نشاط الشمس يتنوع على مدار دورة تستمر من 10 إلى 12 عاما، وكان صعبا التنبؤ بالتقلبات خلال تلك الدورة على الرغم من توصل العديد من علماء فيزياء الشمس إلى أن التنوع يرجع إلى حركة عميقة داخل الشمس.



عمره 415 ألف سنة... علماء يعثرون على أقدم دليل لإشعال الإنسان النار

موقع تنقيب عن رواسب بركة عمرها 400 ألف عام في بارنهام يظهر فيه أقدم موقد (أ.ب)
موقع تنقيب عن رواسب بركة عمرها 400 ألف عام في بارنهام يظهر فيه أقدم موقد (أ.ب)
TT

عمره 415 ألف سنة... علماء يعثرون على أقدم دليل لإشعال الإنسان النار

موقع تنقيب عن رواسب بركة عمرها 400 ألف عام في بارنهام يظهر فيه أقدم موقد (أ.ب)
موقع تنقيب عن رواسب بركة عمرها 400 ألف عام في بارنهام يظهر فيه أقدم موقد (أ.ب)

اكتشف علماء أقدم دليل معروف حتى الآن على إشعال النار على يد إنسان ما قبل التاريخ في مقاطعة سوفوك الإنجليزية، حيث عثروا على موقد يبدو أن إنسان نياندرتال صنعه منذ نحو 415 ألف سنة، مما يكشف عن أن هذا الحدث المفصلي في سلالتنا التطورية حدث قبل وقت كبير من المعروف سابقاً، وفق «رويترز».

وفي حفرة طينية قديمة لصنع الطوب قرب قرية بارنهام، عثر الباحثون على قطعة من الطين المتفحم وبعض الفؤوس المصنوعة من الحجر الصوان والمحطمة بفعل الحرارة وقطعتين من البيريت الحديدي، وهو معدن يحدث شرارات عند ضربه بالحجر الصوان لإشعال المواد القابلة للاشتعال، ووصفوا ذلك الاكتشاف بأنه موقد نار استخدم مراراً.

ويقع الموقد قرب مسطح مائي صغير كان أولئك البشر يخيمون عنده. وقال عالم الآثار نيك أشتون، القيم على مجموعات العصر الحجري القديم في المتحف البريطاني في لندن وقائد فريق البحث المنشور اليوم (الأربعاء) في دورية (نيتشر) العلمية: «نعتقد أن البشر جلبوا البيريت إلى الموقع بقصد إشعال النار. وهذا له تبعات هائلة، إذ يدفع إلى الوراء تاريخ أقدم إشعال متعمد للنار».

موقد نار قديم في موقع أثري بالقرب من قرية بارنهام في إنجلترا (رويترز)

وحتى الآن، فإن أقدم دليل معروف على إشعال النار يعود إلى نحو 50 ألف سنة مضت في موقع في شمال فرنسا، وينسب أيضاً إلى إنسان نياندرتال.

وكان استخدام النار بشكل يخضع للسيطرة حدثاً مفصلياً في تاريخ السلالة البشرية، ليس فقط من أجل الطهي والحماية من الحيوانات المفترسة، بل أيضاً لتوفير الدفء الذي مكن الصيادين من العيش في البيئات الأكثر برودة. وقال روب ديفيس عالم الآثار في المتحف البريطاني وأحد المشاركين في الدراسة: «في أماكن مثل بريطانيا، على سبيل المثال»، مشيراً إلى أنها من المناطق ذات البيئات الباردة.

ومن خلال الطهي، تمكن أسلافنا من القضاء على مسببات الأمراض في اللحوم والسموم في الجذور والدرنات الصالحة للأكل. وجعل الطهي هذه الأطعمة أكثر طراوة وأسهل هضماً، ما أتاح للجسم توفير قدر من الطاقة في الجهاز الهضمي لتغذية تطور الدماغ.

ويعود تاريخ موقع بارنهام المنتمي للعصر الحجري القديم إلى ما قبل أقدم الحفريات المعروفة للإنسان العاقل (هومو سابينز) في أفريقيا. ويعتقد الباحثون أن أفراد إنسان نياندرتال، الأقرب تطورياً للبشر المعاصرين، هم من أشعلوا النار وهو دليل آخر يظهر ذكاء وبراعة هؤلاء البشر القدماء خلافاً للصورة النمطية المشوهة عنهم في الثقافة الشعبية.

وقال كريس سترينجر المتخصص في علم دراسة الإنسان القديم والباحث المشارك في الدراسة إنهم لم يعثروا على بقايا أحافير بشرية في موقع بارنهام.

لكن سترينجر أشار إلى العثور في منتصف القرن العشرين على أجزاء من جمجمة بشرية عمرها نحو 400 ألف سنة تحمل سمات إنسان نياندرتال على بعد أقل من 160 كيلومتراً إلى الجنوب.

وقال سترينجر إن أجزاء الجمجمة المكتشفة تتطابق مع أحافير إنسان نياندرتال من موقع يسمى سيما دي لوس هويسوس، أي «حفرة العظام»، قرب بورجوس في إسبانيا، ويعود تاريخها إلى نحو 430 ألف سنة. وأضاف سترينجر: «لذا فمن المرجح جداً أن مشعلي النار في بارنهام كانوا من أوائل إنسان نياندرتال، مثل سكان سوانسكومب وسيما».

وانقرض إنسان نياندرتال منذ ما يقرب من 39 ألف عام بعد فترة ليست طويلة من اجتياح الإنسان العاقل للأراضي الأوروبية التي كانوا يعدونها وطناً لهم. لكن إرثه باق في الجينات الوراثية لمعظم البشر على الأرض، بفضل التزاوج بين الإنسان العاقل وإنسان نياندرتال قبل انقراضه.


«اﻟﻮﻟﻴﻤﺔ» في الرياض... الاحتفاء بهوية اﻟﻤﺎﺋﺪة اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ

موروث ﺛﻘﺎفي ﻣﺘﻨوع ﻳﻤﺜﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻨﺎطق السعودية الـ13 (هيئة فنون الطهي)
موروث ﺛﻘﺎفي ﻣﺘﻨوع ﻳﻤﺜﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻨﺎطق السعودية الـ13 (هيئة فنون الطهي)
TT

«اﻟﻮﻟﻴﻤﺔ» في الرياض... الاحتفاء بهوية اﻟﻤﺎﺋﺪة اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ

موروث ﺛﻘﺎفي ﻣﺘﻨوع ﻳﻤﺜﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻨﺎطق السعودية الـ13 (هيئة فنون الطهي)
موروث ﺛﻘﺎفي ﻣﺘﻨوع ﻳﻤﺜﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻨﺎطق السعودية الـ13 (هيئة فنون الطهي)

يحتفي ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﻮﻟﻴﻤﺔ، الذي احتضنه مدينة الرياض، بهوية اﻟﻤﺎﺋﺪة اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ، ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ موروثاً ﺛﻘﺎﻓﻴاً ﻣﺘﻨﻮﻋاً ﻳﻤﺜﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻨﺎﻃﻖ السعودية اﻟـ13، وبتجارب رواد ورائدات أعمال سعوديين، حوّلوا قصصهم الخاصة إلى مشاريع ناجحة وفريدة في حكاياتها ومنتجاتها.

احتضنت جامعة الملك سعود النسخة الخامسة من مهرجان الوليمة للطعام السعودي، الذي هو من تنظيم هيئة فنون الطهي التابعة لوزارة الثقافة، ويهدف إلى إبراز تنوع المائدة السعودية، حيث ضمّت فعاليات المهرجان 13 قسماً رئيسياً للأطباق المحلية، بمشاركة أكثر من 200 جهة دولية، وجاءت دولة تايلاند ضيفاً رئيسياً، ضمن جناح مخصص يعكس هوية وثقافة المطبخ التايلاندي التقليدي.

تحتضن جامعة الملك سعود النسخة الخامسة من مهرجان الوليمة للطعام السعودي (هيئة فنون الطهي)

من مزرعة عائلية إلى مصنع يصدّر العطور

وضمن المهرجان، استعرض مشروع «بيت الورد الطائفي» حكاية سعودية، امتدت من أرض زراعية محدودة إلى مشروع صناعي متكامل، ينتج أحد أغلى الزيوت العطرية في العالم، حيث يصل سعر لتر دهن الورد الطائفي إلى 120 ألف ريال.

بدأت الحكاية عند سفوح مدينة الطائف، حيث نشأ نايف الخالدي وأسرته في مزرعة عريقة اشتهرت بزراعة الورد الطائفي، وتحدث الخالدي لصحيفة «الشرق الأوسط» عن ملامح رحلة نجاح «بيت الورد الطائفي»، وقال: «كنا نملك مزرعة تقليدية في الطائف، نهتم بزراعة الورد الطائفي، ومنذ ولادتي وأنا أرى والدي يزرع الورد ويعتني به»، ويمثل ذلك للخالدي هويته وإرثه العائلي؛ إذ تربت الأسرة على هذه الأرض منذ الصغر، واصفاً المشروع بأنه «مسؤولية تجاه إرث عائلي، وليس مجرد تجارة»، مستحضراً جانباً من بداياته: «وُلدت في المزرعة وفي ظروف بسيطة، حيث كانت الأسرة تقضي معظم وقتها في العمل بالأرض».

«بيت الورد الطائفي» حكاية سعودية امتدت من أرض زراعية محدودة إلى مشروع صناعي متكامل (الشرق الأوسط)

وأضاف الخالدي: «مع مرور الوقت طوّرنا آليات العمل في المزرعة، وتوسع نشاطنا لنؤسس مصنع التقطير لاستخراج الزيوت العطرية والمياه المركزة المخصصة لمستحضرات التجميل، وذلك عام 2018. ثم انتقلنا إلى استخراج زيت بذور التين الشوكي، إلى أن أصبح لدينا مصنع لمستحضرات التجميل ومصنع للعطور داخل المزرعة نفسها».

وأكد الخالدي أن الجهات الحكومية قدّمت دعماً كبيراً، أسهم في انتقال المشروع من مزرعة إلى مصنع متكامل، موضحاً: «وزارة الصناعة وقفت معنا وقدمت تسهيلات مهمة، إلى جانب الدعم المقدم من هيئة الدواء والغذاء بمعايير صارمة، ويمثل وجود مختبرات معتمدة داخل المزرعة مصدر ثقة وفخر لنا».

ويمتد عمر المزرعة لأكثر من 50 عاماً، بينما تمتد خبرة العائلة في زراعة الورد الطائفي لأكثر من 100 عام، ويعدّ تأسيس المصنع عام 2018 استثماراً للتسهيلات الحكومية وبداية مرحلة جديدة من التصنيع الاحترافي.

وأشار الخالدي إلى أن نقطة التحول بدأت مع «رؤية السعودية 2030»، حيث كانت المصانع تتركز في المدن، لكن المزرعة حصلت على تصريح خاص لتصبح أول مصنع في الطائف يحصل على اعتماد إنتاج مستحضرات التجميل، تحت إشراف وزارة الصناعة وهيئة الدواء والغذاء، داخل الأرض نفسها.

وأضاف: «وصلنا اليوم إلى مرحلة التصدير لدول الخليج، وسنبدأ التوجه نحو أوروبا الشرقية وآسيا والولايات المتحدة، فهناك اهتمام لافت بالعطر السعودي، وتركيزنا الأول حالياً على الأسواق الخليجية، إلى جانب سعينا نحو المشاركة في (إكسبو 2030)».

مهرجان الوليمة للطعام السعودي منصة تجمع بين التراث والابتكار في المطبخ المحلي (هيئة فنون الطهي)

من طلب مريض السكري إلى مصنع شوكولاتة

قصة أخرى تبرز وسط أجنحة «مهرجان الوليمة» للطعام السعودي؛ إذ لفتت فاطمة السالم، صانعة الشوكولاتة وخريجة حاضنة «كون» لفنون الطهي والأكاديمية العالمية لفنون الطهي، الأنظار بعلامتها «سمراء شوكولاتة» ومشروعها الذي بدأ من مطبخ المنزل، قبل أن يتحول إلى مصنع متكامل، مخصص لإنتاج شوكولاتة صحية مصنوعة من الصفر، وجاءت البداية حين طلب أحد أفراد عائلتها، الذي يعاني من السكري، شوكولاتة مناسبة لحالته الصحية، في وقت تمتلئ فيه السوق بمنتجات عالية بالسكر المكرر والمواد الحافظة.

ووجّهت فاطمة السالم تساؤلاتها في التعلم والتجربة، مشيرةً إلى أن تحول المادة السائلة إلى شوكولاتة صلبة أثار فضولها، وفي ذلك الوقت صنعت أول وصفة مخصصة لمرضى السكري، واصفةً بأنها «فرحة لا تقدر... وزادت ثقتي بنفسي وبقدراتي»، وبدأت صناعة الشوكولاتة من بداية حبوب ثمرة الكاكاو باستخدام بدائل صحية مثل سكر التمر، وموضحةً صعوبة البدايات ومراحل التعلم حتى طوّرت عملها من آلة إذابة بسيطة إلى معدات طحن وتعديل حرارة الشوكولاتة متخصصة داخل طابق كامل في منزلها، لتؤسس مصنعاً صغيراً يلبي الطلب المتزايد.

«سمراء شوكولاتة» مشروع بدأ من مطبخ المنزل قبل أن يتحول إلى مصنع متكامل لإنتاج شوكولاتة صحية (الشرق الأوسط)

وكشفت السالم، خلال حديثها لصحيفة «الشرق الأوسط»، عن أن «الإقبال نحو الشوكولاتة الصحية جعلني أدرك تجاوز مرحلة التجربة ليكون نشاطاً تجارياً حقيقياً، حيث شريحة واسعة من مرضى السكري والمهتمين بالخيارات الصحية ظلوا يشكلون جزءاً كبيراً من عملائي».

ونتيجةً للوعي المتنامي، صارت المنتجات الصحية عاملاً مهماً في توسع المشروع، وخاصةً بعد مشاركتها في نسخة سابقة من مهرجان الوليمة.

وأضافت: «أهدف إلى رفع الوعي والذائقة بالشوكولاتة الحرفية، من المهم أن يتعرف المستهلك على الشوكولاتة الحقيقية المصنوعة من الصفر، حيث سعيتُ لإنتاجها بنكهات سعودية لاقت إعجاب الزوار، مثل الورد الطائفي مع جناش الفانيليا، ونكهة الكليجة المميزة».

ويعدّ مهرجان الوليمة للطعام السعودي منصة تجمع بين التراث والابتكار في المطبخ المحلي، يمنح رواده تجربة متنوعة تشمل الأطعمة التقليدية، والأسواق التراثية، والحرف اليدوية، والعروض الموسيقية والفلكلورية، ومتحف العسل، ويسهم في تمكين الهوية الوطنية وإبراز الموروث الغذائي السعودي، كما يعزز التبادل الثقافي مع ضيوف الدول المختلفة، ويُعرّف بالمطبخ السعودي على الخريطة الدولية، من خلال إقامة ورش تعليمية وتفاعلية لجميع الفئات العمرية.


القفطان المغربي على قائمة «اليونيسكو»... اعتراف دولي بتراث عابر للحدود

صورة من حساب القنصلية المغربية بباريس على «إكس»
صورة من حساب القنصلية المغربية بباريس على «إكس»
TT

القفطان المغربي على قائمة «اليونيسكو»... اعتراف دولي بتراث عابر للحدود

صورة من حساب القنصلية المغربية بباريس على «إكس»
صورة من حساب القنصلية المغربية بباريس على «إكس»

أدرجت اللجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، اليوم الأربعاء، القفطان المغربي ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية، وذلك خلال اجتماعها المنعقد في نيودلهي بالهند.

ويأتي هذا القرار ليمنح أحد أعرق رموز الهوية المغربية حضوراً رسمياً في السجل العالمي للتراث، تقديراً لقيمته التاريخية والجمالية والاجتماعية.

وقد تقدّمت المملكة المغربية بملف متكامل ضمن المسار الرسمي للترشيح، شاركت في إعداده وزارة الثقافة والشباب والتواصل والمندوبية الدائمة للمغرب لدى «اليونيسكو» في باريس.

صورة من وزارة الثقافة والشباب والرياضة المغربية - قطاع الثقافة - مديرية التراث الثقافي

وتضمّن الملف وفق ما ورد في وثائق التسجيل المنشورة على موقع المنظمة (رقم الملف: 02077) معطيات دقيقة تسلط الضوء على تطور القفطان المغربي عبر القرون، وغناه الجمالي والتقني، ووظائفه الاجتماعية التي تجعله أكثر من مجرد لباس احتفالي، بل موروثاً حياً يعكس مسارات حياة وثقافة مجتمع بأكمله.

ويكشف الملف عن الدور المحوري للحرفيين والصناع التقليديين المغاربة، الذين حافظوا على استمرارية هذا الفن عبر توارث تقنيات النسيج، والتطريز، والزخرفة، وصياغة الأشكال التي جعلت من القفطان تحفة فنية متجددة.

ويمثل هذا الاعتراف العالمي تأكيداً على المكانة التي يحتلها القفطان المغربي باعتباره أكثر من مجرد لباس احتفالي؛ فهو موروث ثقافي حيّ ساهم في نقل قيم اجتماعية وتقاليد عريقة، ورافق مناسبات محلية ودينية وعائلية، وظل عنصراً حاضراً في لحظات الذاكرة الجماعية للمجتمع المغربي. كما أتاح هذا الزي مجالاً واسعاً للإبداع، سمح بمزج التأثيرات الأمازيغية والعربية والأندلسية والعثمانية، ما جعل القفطان نموذجاً فريداً لتعددية الهوية الثقافية للمغرب.

صورة من وزارة الثقافة والشباب والرياضة المغربية - قطاع الثقافة - مديرية التراث الثقافي

ولم يبقَ تأثير القفطان محصوراً داخل المغرب؛ إذ شهد خلال العقود الأخيرة انتشاراً عالمياً لافتاً، جعله خياراً أنيقاً تتوجه إليه نساء من مختلف دول العالم، من فنانات عالميات إلى أميرات وشخصيات بارزة، اللاتي وجدن فيه رمزاً للأناقة الشرقية، وقطعة تستحضر جماليات الماضي بروح معاصرة.

صورة من حساب القنصلية المغربية بباريس على «إكس»

وقد أسهم ظهوره المتكرر في المناسبات الدولية على غرار المهرجانات ووسائل الإعلام وفي عروض الموضة العالمية في تعزيز مكانته كأحد أبرز أزياء التراث العربي في العالم.

الاعتراف الأممي ينسجم مع توجّه عالمي متزايد نحو إبراز التراث غير المادي في المنطقة العربية وشمال أفريقيا، بوصفه رصيداً مشتركاً يعكس حيوية المجتمعات وقدرتها على الإبداع في سياقات متغيرة. فالقفطان، بما يحمله من تنوع في تقنياته وأساليبه، يشكّل جزءاً من منظومة إقليمية أوسع من فنون الخياطة والنسيج والتطريز التي ازدهرت عبر قرون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأسهمت في صياغة هوية جمالية مشتركة ذات امتداد حضاري طويل.

صورة من وزارة الثقافة والشباب والرياضة المغربية - قطاع الثقافة - مديرية التراث الثقافي

ويؤكد إدراج القفطان ضمن قائمة التراث العالمي غير المادي أهمية الحفاظ على ممارسات ثقافية تتجاوز بعدها المحلي لتصبح عناصر فاعلة في بناء جسور بين الشعوب. كما يعزز هذا الاعتراف مكانة الصناعات التقليدية في الاقتصادات الإبداعية، ويفتح المجال لبرامج تعاون إقليمي ودولي تُعنى بصون التراث وتنمية الحرف المرتبطة به.

القفطان المغربي خلال عرض أزياء أفريقي بمقر «اليونيسكو» بباريس

وبذلك يواصل القفطان مسيرته من فضاءات التاريخ إلى منصات العالمية، مستمراً في تجسيد تنوع المنطقة وثقافاتها وفرادة إبداعها، ومؤكداً أن التراث، حين يُصان ويُحتفى به، يمتلك القدرة على أن يتحول إلى لغة مشتركة تجمع بين الشرق والغرب، وتُقرب بين الأزمنة والأجيال.