يتوجه أكثر من تسعة ملايين ناخب تونسي، اليوم (السبت)، إلى مكاتب الاقتراع لاختيار برلمان تونسي، مكون من 161 نائباً برلمانياً، يتم اختيارهم عبر التصويت على الأفراد وليس على قائمات انتخابية، كما كان الأمر خلال المحطات الانتخابية الماضية.
وتُجرى هذه الانتخابات في ظل مقاطعة معظم الأحزاب السياسية ذات الثقل الانتخابي، على غرار حركة النهضة وعدد كبير من الأحزاب اليسارية، علاوة على الانتقادات الكثيرة التي وجهت لهيئة الانتخابات من ناحية، وللنظام السياسي الذي أقصى أكبر الأحزاب من الترشح من ناحية ثانية. وستكون نسبة المشاركة في هذه الانتخابات، حسب عدد من المراقبين، المحك الأبرز لخريطة الطريق السياسية، التي وضعها الرئيس قيس سعيد قبل نحو عام، وراهن على نجاحها شعبياً، وأبرز التحديات التي سيواجهها.
وفتحت منذ الصباح الباكر أبواب 11.485 مكتب اقتراع داخل تونس، أمام ملايين الناخبين. فيما تأمل هيئة الانتخابات، بحسب تصريح رئيسها فاروق بوعسكر، ألا يقل عدد المقترعين عن 2.8 مليون ناخب، وهو نفس عدد الناخبين الذين شاركوا في الاستفتاء الذي جرى في 25 يوليو (تموز) الماضي حول دستور 2022. ويتوزع الناخبون المسجّلون على 50.8 في المائة من النساء، و49.2 في المائة من الرجال، وتمثل نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و45 سنة، نحو 55 في المائة من إجمالي الجسم الانتخابي. كما تعرف هذه الانتخابات تقدم عشرة مرشحين للبرلمان الجديد دون منافس، من بينهم سبعة في الداخل، وثلاثة في الخارج، ويعد هؤلاء فائزين قبل التصويت حتى لو حصلوا على صوت واحد، وهي حالة نادرة لم ينتبه لها القانون الانتخابي الجديد، الذي أعده الرئيس قيس سعيد بنفسه. كما أن هناك سبعة مكاتب في الخارج لم تسجل أي مرشح، وهو ما أدى إلى تعليق مسارها الانتخابي.
وسيختار الناخبون في هذه الانتخابات نواباً في برلمان قلّص الدستور الجديد الكثير من صلاحياته، ومنعه من مراقبة أنشطة الحكومة، وإمكانية سحب الثقة منها. علاوة على مراقبة أداء مؤسسة رئاسة الجمهورية. ووفق الدستور التونسي الجديد، سيعين الرئيس سعيد بنفسه رئيس وزراء، وذلك في مخالفة تامة للنظام السابق الذي منح البرلمان دوراً محورياً في اختيار رئيس الحكومة. ويرى مراقبون أن نسبة التصويت في هذه الانتخابات ستكون أبرز التحديات التي سيواجهها الرئيس سعيد، وأنها ستعزز نظاماً سياسياً جديداً، بعد أن حل البرلمان السابق، بزعامة حركة النهضة. كما أنه، وخلافاً للمحطات الانتخابية الماضية، فإن الانتخابات البرلمانية الحالية لا تثير الكثير من الحماس في أوساط السياسيين والناخبين على حد سواء، وهم يعانون من تبعات أزمة سياسية متفاقمة، ومن صعوبات اقتصادية واجتماعية تنسيهم الاهتمام بمن سيدخل أروقة البرلمان الجديد.
كما أن هيئة الانتخابات، ومن ورائها المسار السياسي للرئيس التونسي، تواجه انتقادات داخلية وخارجية، حيث كشف البرلمان الأوروبي عن عدم مساندته للتوجه السياسي والانتخابي في تونس، رافضاً مراقبة الانتخابات البرلمانية كما فعل خلال انتخابات 2011 و2014 و2019. وقال: «لن نراقب هذه العملية الانتخابية، وبالتالي لن نعلق عليها، ولا على نتائجها».
من ناحيتها، وصفت شبكة «مراقبون» (منظمة حقوقية مستقلة) الحملة الخاصّة بالانتخابات التشريعية، التي انتهت فعالياتها أول من أمس، بـ«الباهتة»، معتبرة أنّ نسق الحملة ضعيف، وأنّه طغى عليها الجانب الجهوي. كما وصفت الشبكة أداء هيئة الانتخابات بـ«المرتبك»، وقالت إن قراراتها «لم تكن مستقلة، واتبعت نفسا تشدديا... والمسار الانتخابي عرف عدة إخلالات»، متوقعة أن تكون نسبة حضور المرأة في البرلمان المقبل «ضعيفة إن لم تكن غائبة تماماً»، بالنظر إلى أن نسبة ترشّح الإناث تُقدر بـ12 في المائة فقط من إجمالي 1058 مترشحاً. وفي هذا السياق، قالت منظمات نسوية إن حضور المرأة سيكون هامشياً في البرلمان الجديد، بسبب إلغاء شرط التناصف بين الجنسين، بعد أن كانت نسبة حضورها 34 في المائة في برلمان 2014، و26 في المائة في برلمان 2019.
بدورها، قالت منظمة «بوصلة» (حقوقية غير حكومية) إنها ستقاطع المجلس التشريعي الجديد، لاعتقادها أنه سيكون «أداة للرئيس لتمرير القوانين التي يريدها».
في السياق ذاته، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس ائتلاف «جبهة الخلاص»، المناهض لقرارات الرئيس سعيد، إن هذه الانتخابات بمثابة «مهزلة، وهي تواجه مقاطعة واسعة»، معتبراً أنها «خطوة أخرى تعمق الأزمة السياسية الحادة... ولا يبدو أن النتيجة سيكون لها أي تأثير على سياسات الحكومة»، على حد قوله.
«نسبة المشاركة»... أكبر تحدٍّ لسعيّد في انتخابات البرلمان التونسي
«نسبة المشاركة»... أكبر تحدٍّ لسعيّد في انتخابات البرلمان التونسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة