التزام أميركي بالاستثمار في «مستقبل أفريقيا»

بايدن يدعو لتمثيل دولي أفضل للقارة السمراء

بايدن يتحدث خلال القمة الأميركية - الأفريقية في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
بايدن يتحدث خلال القمة الأميركية - الأفريقية في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
TT

التزام أميركي بالاستثمار في «مستقبل أفريقيا»

بايدن يتحدث خلال القمة الأميركية - الأفريقية في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
بايدن يتحدث خلال القمة الأميركية - الأفريقية في واشنطن أمس (أ.ف.ب)

وعد الرئيس الأميركي جو بايدن العشرات من الزعماء الأفارقة المجتمعين في واشنطن بأن تستثمر الولايات المتحدة «في مستقبل أفريقيا»، عبر تخصيص المليارات من الدولارات كتمويل حكومي من واشنطن، علاوة على استثمارات خاصة في مجالات الصحة العامة والأمن الغذائي والبنية التحتية والأعمال والتكنولوجيا.
وكان الرئيس الأميركي يتحدث قبيل ختام القمة الأفريقية - الأميركية في واشنطن، وقال إن «الولايات المتحدة ملتزمة بدعم كل جانب من جوانب النمو في أفريقيا»، مقدماً رؤيته لكيف يمكن للولايات المتحدة أن تكون حافزاً حاسماً في مستقبل تلك البلدان، باعتبارها شريكاً موثوقاً لتعزيز الحياة الديمقراطية ودفع النمو في الصحة العامة ومصادر الطاقة، انطلاقاً من تقديم 55 مليار دولار من الاستثمارات على مدى السنوات الثلاث المقبلة، التي كان أعلنها في مستهل القمة.
إلى ذلك، أعلن بايدن أنه يخطط لزيارة دول في أفريقيا جنوب الصحراء، في رحلة ستكون الأولى لرئيس أميركي منذ 2015.
كما دعا الرئيس الأميركي إلى دور أكبر لأفريقيا على الساحة الدولية، معرباً عن دعمه لحصول الاتحاد الأفريقي على مقعد دائم في مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى، وكذلك في مجلس الأمن الدولي. ويقول مسؤولون أميركيون إنهم على اتصال بالهند، مضيفة قمة مجموعة العشرين لعام 2023، بشأن ضم الاتحاد الأفريقي.
من جهة أخرى، ناشد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مساعدة الولايات المتحدة للضغط على إثيوبيا من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن «سد النهضة».
...المزيد



تأثير التطورات الإقليمية على العراق... تغييرات طفيفة أم تحولات جذرية؟

رفع علم المعارضة على مبنى السفارة السورية في بغداد بعد سقوط نظام بشار الأسد 11 ديسمبر الحالي (رويترز)
رفع علم المعارضة على مبنى السفارة السورية في بغداد بعد سقوط نظام بشار الأسد 11 ديسمبر الحالي (رويترز)
TT

تأثير التطورات الإقليمية على العراق... تغييرات طفيفة أم تحولات جذرية؟

رفع علم المعارضة على مبنى السفارة السورية في بغداد بعد سقوط نظام بشار الأسد 11 ديسمبر الحالي (رويترز)
رفع علم المعارضة على مبنى السفارة السورية في بغداد بعد سقوط نظام بشار الأسد 11 ديسمبر الحالي (رويترز)

يتداول العراقيون، على المستويين السياسي والشعبي، في هذه الأيام، إمكانية تأثير التطورات الإقليمية، خصوصاً في سوريا، على العراق، وما قد ينجم عن ذلك من ارتدادات وتغيرات محتملة. وبينما يتحدث بعضهم عن احتمال حدوث تغييرات جذرية في النظام السياسي وشخصياته، ترى الأغلبية أن التغييرات ستكون طفيفة، وتقتصر على تعزيز جهود مكافحة أنشطة الجماعات والفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الحكومة.

براغماتية شيعية

في ظل التكهنات الكثيرة حول الارتدادات المحتملة للأزمة الإقليمية على العراق وطبيعتها ومدى تأثيرها، يرى مسؤول مقرب من الحكومة العراقية أن «شيعة السلطة يتصرفون اليوم، ولأول مرة، بطريقة براغماتية واضحة».

ويشرح المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «لقد فضلت القوى الشيعية هذه المرة مصالحها ومصالح البلاد على الانخراط في محور الممانعة، وبالتالي تجنبت ضربة إسرائيلية قد تطال العراق».

ويضيف المسؤول أنه قبل نحو أسبوعين، «أصدرت تنسيقية المقاومة بياناً في اجتماع لقوى الإطار التنسيقي، وأسندت مهمة التعامل مع التحديات الحالية إلى الحكومة، كما كفّت تماماً عن استهداف إسرائيل. لقد تعاملوا مع الوضع ببراغماتية واضحة».

وحول الطريقة التي يمكن من خلالها تجنب البلاد أي ضربة أو تغيير محتمل، يؤكد المسؤول أن «أمیركا وإسرائيل وجدتا أن صراع الشرق الأوسط لا يمكن حله إلا بنهاية أذرع إيران، لذا ضغطت واشنطن على إسرائيل لعدم ضرب العراق بناءً على طلب من بغداد، وفي المقابل طلبت إسرائيل إيقاف عمليات الفصائل ضدها».

ويشير المسؤول إلى أن «واشنطن تدخلت لردع الفصائل، لكنها ليست على صلة مباشرة بها أو بمرجعية النجف، حيث طلبت من الأمم المتحدة عبر ممثلها في العراق التدخل، وكان اللقاء المعروف بين الممثل الأممي والمرجع الديني الأعلى، الذي أكد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة».

ويؤكد المسؤول أن حكومة السوداني تحدثت مع قوى الإطار التنسيقي بشكل «صريح»، وأبلغتهم «حرفياً» أن «الحديدة حامية تماماً»، داعية إياهم إلى «التروي والتفكير الجدي في مسألة تفادي ضربة إسرائيلية».

قوات سورية تعبر الحدود إلى العراق عبر البوابات في القائم 7 ديسمبر الماضي (رويترز)

تغير علاقات القوة

ويعتقد الباحث والمحلل، يحيى الكبيسي، أن التغيير أو «التهديد المحتمل ليس نتيجة فعل خارجي، بل هو نتاج التغيرات في علاقات القوة التي اجتاحت المنطقة بأسرها».

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يرى الكبيسي أن «النظام السياسي العراقي الذي تشكل في عام 2003 لم يعد سوى شكل فارغ، وأصبحت علاقات القوة هي العنصر الحاكم. لذا، عندما يحدث تغيير في علاقات القوة على مستوى المنطقة، ستكون لهذا التغيير ارتدادات حتمية في العراق».

ويعتقد الكبيسي أن «التغيير الذي حدث في سوريا، والضغط الذي قد تتعرض له إيران مع وصول إدارة أميركية جمهورية، واحتمالات وصول قطع أذرع إيران إلى الميليشيات في العراق، كل ذلك سيفرض شروطه في النهاية».

من جانبه، يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، إياد العنبر، إلى أن موضوع التغيير في العراق أصبح يشغل حيزاً كبيراً من النقاشات، بناءً على التحولات في المنطقة، وما ترتب عليها من تغييرات في النفوذ الإيراني، خصوصاً بعد ما حدث في لبنان وسوريا.

صعوبة التكهن

يقول العنبر لـ«الشرق الأوسط» إن «المعطيات الحالية على الأرض لا تثبت أو تنفي الحديث عن التغيير وأساسياته، لكن القضية الأساسية تكمن في المتغير الإيراني، ومن خلال هذا المتغير يمكن فتح نقاش حول هذا الموضوع، خصوصاً أن النخب الشيعية السياسية في العراق مرتبطة مصالحياً وسياسياً بالنفوذ الإيراني».

ويعتقد العنبر أن هناك عدة سيناريوهات يمكن التفكير بها، مثل «حدوث انقلاب بنيوي داخل السلطة في العراق، حيث تتخذ الحكومة إجراءات لإعادة هيكلة مؤسساتها الأمنية، بما يسمح بإلغاء ثنائية وجود الفصائل والحشد وسلاح موازٍ».

سوريون يرفعون علم المعارضة في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق 8 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

كما يشير العنبر إلى «إمكانية تأثير الأزمة الاقتصادية على العراق، خصوصاً فيما يتعلق بالنفط، الذي قد يصبح مهدداً بالعقوبات الأميركية في المستقبل، لتضيق الخناق على العراق، وبالتالي إيران بهدف فك ارتباطه، مما قد يؤدي إلى أزمة مالية خطيرة واحتجاجات شعبية قد تفضي إلى انتخابات تخرج الميليشيات من السلطة». ويؤكد أن «الغرب يسعى إلى رؤية العراق دولة بعيدة عن النفوذ الإيراني، وهي نقطة أساسية في مجالات التغيير».

ومع ذلك، يرى العنبر أن «أدوات التغيير وحدودها وطبيعتها لا تزال غير واضحة حتى الآن، لكن الأطراف الشيعية تدرك أنها الجبهة الأخيرة ضمن محور النفوذ الإيراني. وبالتالي، فإن ارتباط هذه الجماعات بهذا المحور قد يكون عرضة للتغيير، لكن من الصعب التكهن بكيفية حدوث ذلك».

خشية داخلية

ويتفق الباحث والكاتب سليم سوزة على أن «من المبكر القول إن هناك تغييراً سياسياً كبيراً سيحدث في العراق نتيجة لما جرى في سوريا، فالوضع في العراق مختلف عن سوريا». ومع ذلك، يضيف سوزة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «التطورات الأخيرة في سوريا ستكون لها تداعيات كبيرة على المنطقة والعراق، فضعف الدور الإيراني في المنطقة نتيجة لخسارته (حزب الله) ونظام بشار الأسد سيفرض واقعاً جديداً على الإيرانيين».

ويتابع قائلاً: «لقد تحول الهم الإيراني من قلق إقليمي إلى قلق داخلي محلي، تحاول حكومة ولاية الفقيه من خلاله ترتيب أوضاعها الداخلية وتقوية الجبهة الداخلية استعداداً لفترة ترمب. لن يكون بمقدور الإيرانيين هذه المرة مساعدة الطبقة السياسية العراقية في حال تعرضت لهزات اجتماعية أو سياسية أو أمنية كبيرة في الفترة المقبلة».

ويرى سوزة أن انحسار الدور الإيراني وسحب الجيش الأميركي من سوريا، إن حدث، «سيضع العراق أمام مهمة معقدة وصعبة في الدفاع عن سيادته أمام هذه التيارات المتطرفة. قد تؤثر هذه التطورات على الواقع العراقي، لكن يبقى التغيير الشامل صعباً في دولة مثل العراق التي تتمتع بمراكز نفوذ متعددة، ما لم يتحرك الشعب نفسه».

ويضيف سوزة: «أكبر تهديد للسلطة الحالية الآن ليس العدو الخارجي، بل الشعب نفسه، فغياب القوة الإيرانية قد يترك السلطة في موقف صعب إذا اندلعت تظاهرات شعبية واسعة».