حل لغز السمكة التي تمشي على قدمين

بعد بناء جينوم كامل لـ«المزلجة الصغيرة»

سمكة «المزلجة الصغيرة» (iStock)
سمكة «المزلجة الصغيرة» (iStock)
TT

حل لغز السمكة التي تمشي على قدمين

سمكة «المزلجة الصغيرة» (iStock)
سمكة «المزلجة الصغيرة» (iStock)

على الرغم من أن «المزلجة الصغيرة» هي سمكة، فإنها معروفة باستخدام زعانفها مثل الأرجل للمشي، على غرار الفقاريات الأرضية.
ووفقاً لدراسات سابقة فإن شبكة الأعصاب الحركية التي تشارك في مشي الزلاجات الصغيرة ورباعيات الأرجل متشابهة، ولكن كان من الصعب دراسة الآلية الجزيئية لكيفية تطور هذه الشبكة العصبية الحركية بسبب عدم وجود جينوم كامل عالي الجودة لهذه السمكة، التي تعد أحد الأعضاء المهيمنين في مجتمع الأسماك القاعية شمال غربي المحيط الأطلسي، ويُعتقد أنها قد تباعدت عن سلف مشترك مع رباعيات الأرجل الأرضية منذ نحو 470 مليون سنة.
وفي دراسة نشرتها دورية (إي لايف)، أمس (الأربعاء)، قام فريق بحثي من معهد «دايجو جيونجبوك للعلوم والتكنولوجيا» بكوريا الجنوبية، ببناء جينوم كامل عالي الجودة لهذه السمكة باستخدام أحدث تقنيات تحليل الجينوم، ويبلغ حجم الجينوم الكامل المشيد حديثاً لها 2.13 غيغابايت، وهو ما يمثل 93 في المائة من حجم الجينوم المتوقع، وهو عبارة عن جينوم كامل عالي الجودة يحتوي على 17 ألفاً و230 جيناً يشفّر البروتينات.
إلى جانب ذلك، أجرى فريق البحث تحليلاً مقارناً مع الحيوانات الأرضية، وتم إجراء تحليل مقارن للخلايا العصبية الحركية الصغيرة عند الاثنين، باستخدام الجينوم الكامل عالي الجودة للسمكة، وبناءً على هذه النتائج، تم اكتشاف الجينات المعبَّر عنها بشكل مشترك والجينات المعبَّر عنها بشكل تفاضلي في الخلايا العصبية الحركية.
وفي سمكة «المزلجة الصغيرة»، تشارك 10 عضلات في المشي بالزعانف، بينما في رباعيات الأرجل، تشارك 50 عضلة في تحريك الأطراف، ومن خلال مقارنة النوعين، اقترح فريق البحث آلية جزيئية لكيفية ظهور نمط المشي البسيط والحركات المعقدة التي شوهدت في رباعيات الأرجل الأرضية في أثناء التطور.
وتكمن أهمية هذا البحث في أنه قدم الآلية الجزيئية لتطور شبكات الأعصاب الحركية المرتبطة بالمشي من خلال تجميع قدرات بحثية متخصصة في مجالات علم الأحياء المقارن وعلم الجينوم وعلم الأعصاب.
ويقول البروفسور بايك ميونغ، من قسم علوم الدماغ بمعهد «دايجو جيونجبوك للعلوم والتكنولوجيا» بكوريا الجنوبية في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد، بالتزامن مع نشر الدراسة: «هناك أشكال بسيطة ومتطورة من المشي، وهذا اكتشاف رائد يقترح الآلية الجزيئية لكيفية ظهور هذه الأشكال في عملية التطور الطويلة».



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».