لماذا فشلت «مبادرات التوافق» بين قيادات «إخوان مصر» في الخارج؟

خبراء يتحدثون عن 6 محاولات آخرها اختيار قائم بأعمال المرشد

محمد بديع (أرشيفية – رويترز)
محمد بديع (أرشيفية – رويترز)
TT

لماذا فشلت «مبادرات التوافق» بين قيادات «إخوان مصر» في الخارج؟

محمد بديع (أرشيفية – رويترز)
محمد بديع (أرشيفية – رويترز)

كتبت مبادرة أخيرة أطلقها عناصر تنظيم «الإخوان في الخارج» لـ«التوافق» بين قيادات «إخوان مصر» في الخارج، سطوراً جديدة في مسلسل خلافات وانقسامات (قيادات الخارج). المبادرة دعت جبهتي «لندن» و«إسطنبول» عقب وفاة إبراهيم منير، القائم السابق بأعمال مرشد (الإخوان)، للتوافق على شخصية تقود التنظيم بدلاً من وجود قائمين بالأعمال، أحدهم في «لندن» والآخر في «إسطنبول». لكن بحسب خبراء «باءت هذه المبادرة بالفشل كغيرها، حيث أطلق التنظيم 6 مبادرات منذ تعمق الخلافات بين (قيادات الخارج) وجميعاً لم يكتب لها النجاح».
وما زال خلاف منصب القائم بأعمال المرشد يعمق الخلافات داخل «الإخوان»، وداخل «جبهة لندن» التي كان يقودها منير، وانتهت المهلة التي حددها محيي الدين الزايط، القائم (المؤقت) بأعمال مرشد تنظيم «الإخوان»، لاختيار قائم بأعمال المرشد العام بشكل دائم خلفاً لمنير، من دون حدوث أي «إجراءات جديدو»، الأمر الذي يثير تساؤلاً حول أسباب تعثر «مجموعة لندن» في اختيار «خليفة منير».
وقال الزايط (وهو نائب رئيس «الهيئة العليا» بتنظيم «الإخوان» والتي تقوم بمهام «مكتب الإرشاد») بعد رحيل منير، في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إنه «سيتولى المهام الإدارية للتنظيم (مؤقتاً) لحين انتخاب قائم بأعمال المرشد». وأوضح حينها أن «المسؤولين في التنظيم حددوا أقل من شهر لإنهاء الإجراءات الإدارية».
في المقابل سارعت «جبهة إسطنبول» إحدى الجبهات المتصارعة على قيادة التنظيم. وأعلنت عقب وفاة إبراهيم منير، تعيين محمود حسين كقائم بأعمال المرشد. واستند «مجلس الشورى العام» (التابع لجبهة إسطنبول) في ذلك القرار إلى أن اللائحة تنص على أنه «في حال حدوث موانع قهرية»، حسب وصفها، تحول دون مباشرة المرشد لمهامه، «يحل محله نائبه الأول، ثم الأقدم فالأقدم من النواب، ثم الأكبر فالأكبر من أعضاء (مكتب الإرشاد)».
ووفق الخبير في شؤون الحركات الإسلامية بمصر، عمرو عبد المنعم، فإن «هناك 6 مبادرات انطلقت للتوافق بين (قيادات الإخوان في الخارج) على مدار الأشهر الماضية، كان آخرها مبادرة (لم الشمل) التي أطلقت بعد وفاة إبراهيم منير، ودعت إلى تجميد أي قرارات تخص (جبهة محمود حسين)، واختيار شخصية توافقية من قبل الطرفين بديلاً عن منير، فضلاً عن وقف التراشقات الإعلامية، لكن هذه المبادرة لم تخرج بأي جديد حتى الآن، رغم مرور أكثر من شهر على إطلاقها».
وتابع: «المبادرة الأخيرة سبقها 5 مبادرات أطلقت خلال الأشهر الماضية، الأولى العام الماضي، حينما دعا 10 أعضاء من (شورى التنظيم) إلى احترام (مجلس الشورى) وقرارته كسلطة أعلى، والحفاظ على أن يظل إبراهيم منير قائماً بأعمال المرشد، وفشلت. والثانية حينما طالب قياديان من (مجموعة منير)، (مجموعة إسطنبول) بالاعتذار لمنير، خلال لقاء في منزل محمود حسين بتركيا، وفشلت. أما المبادرة الثالثة وكانت مطلع العام الجاري حينما طالب 5 أعضاء من (مكتب إسطنبول) محسوبين على محمود حسين بـ(وحدة الصف)، واعتبار (مجلس الشورى العام في تركيا) هو مرجعية التنظيم، وتعيين نائب (أو أكثر) للقائم بالأعمال من بينهم مصطفى طلبة، وفشلت». في حين اقترحت المبادرة الرابعة في فبراير (شباط) الماضي عبر خالد حمدي أن يلتقي محمود حسين ومنير للنقاش وحل الأزمة، وتم التواصل مع محمود حسين ووافق؛ لكن منير اشترط اعتذار محمود حسين بشكل علني، وانتهت المبادرة من نتائج. أما الخامسة حينما تقدم 5 من عناصر التنظيم بالخارج بمبادرة لحسم الخلاف، بتأكيد أن المسؤول عن التنظيم هو منير، وله أن يصدر من القرارات ما يراه لصالح التنظيم، وأن يكون (مجلس الشورى العام في إسطنبول) هو المرجعية العليا في اتخاذ كافة القرارات، وقبلها محمود حسين، لكن رفضها منير».
صراع «قيادات الخارج» بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» شهد تصعيداً خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير بحل المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقام بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن مكتب إرشاد «الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن» لـ«مجلس شورى جديد»، وإعفاء أعضاء مجلس «شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين من مناصبهم.
حول خلافات «جبهة لندن» على (خليفة منير)، يشير الخبير في شؤون الحركات الإسلامية بمصر، إلى أنه «منذ وفاة منير ومجموعته مجتمعة سواء فعلياً أو عبر الاجتماعات الافتراضية لاختيار مسؤول يحل محل منير، فعندما لم يتفقوا قرروا الإبقاء على الزايط لمدة مؤقتة حتى يتفقوا، وأبرز المرشحين المحتملين، أسامة سليمان، وهو من جيل الشباب، ومنذ وفاة منير غاب تماماً عن المشهد، رغم أنه كان المتحدث الرسمي للتنظيم. ومحمد الدسوقي، أحد معاوني منير ونائبه الأول، لكنه لا يرد أن يخلف منير - على حد قوله للمقربين منه - . ومحمد البحيري، الذي يعد مرشحاً بقوة لكونه أحد الشخصيات التاريخية للتنظيم، لكنه ليس شخصية قيادية، وحالته الصحية لا تسمح له بالتحرك كثيراً. وكذا حلمي الجزار، النائب الثاني الذي عينه إبراهيم منير، يتمتع بشعبيه لدى فئة الشباب فقط وفي الفريق المنشق عن التنظيم فقط وله حضور في النشاط السياسي الخارجي، فضلاً عن الزايط، الذي يدير شؤون (مجموعة إبراهيم منير) الآن بشكل مؤقت، لكنه لا يلقى قبولاً لدى الشباب، ولا يلقى قبولاً لدى (مجموعة محمود حسين)، وعلى خلاف مع (مجموعة حلمي الجزار). بالإضافة إلى صلاح عبد الحق الذي تردد بقوة أنه الأنسب في المرحلة الحالية لمنصب القائم بالأعمال، ما يرى البعض أن اختياره محاولة (هادئة) لاختيار شخص لا اعتراضات عليه ومقبول من الأطراف كافة».
عن التوافق بين الجبهتين خلال الفترة المقبلة، استبعد الخبير في شؤون الحركات الإسلامية بمصر ذلك، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «سوف تدخل (مجموعة لندن) الأربعة عشر قيادياً في حالة من الفراغ التنظيمي ولن تستطيع كسب الجولة مع (مجموعة إسطنبول)، ولن تفلح أي محاولات للصلح أو الهدنة بين المجموعتين لعمق الخلاف؛ لكن هناك إمكانية لحل جزئي للخلاف شريطة تدخل أطراف إقليمية تضغط على الجميع».
وبحسب مراقبين فإن «(جبهة لندن) إزاء تحركات (مجموعة إسطنبول)، تعيش حالة (ارتباك)، وعدم وجود قيادات كاريزمية بنفس ثقل منير لخلافته على رأس الجبهة؛ فالأسماء المرشحة لخلافة منير تعاني من إشكالات تحول دون تأديتها الأدوار نفسها التي كان يقوم بها إبراهيم منير».
وهنا يرى عبد المنعم أن «(مجموعة محمود حسين) في تركيا هي الأكثر حضوراً وفاعلية بين القواعد الإخوانية، أما (مجموعة لندن) فتعاني من الخلافات بسبب عدم وجود إجماع على الزايط حتى من صفوف جبهته»، لافتاً إلى أن «مجموعة (محمود حسين) ترى أن (مجموعة لندن) تريد فصل الدعوى عن السياسة، وأن منير، والزايط، الدسوقي، والجزار والبحيري ينفذان هذه السياسية بالتدريج... أما (جبهة لندن) فترى أن (جبهة إسطنبول) لا تريد التغيير، وأن محمود حسين يسيطر على جميع مقدرات التنظيم المالية والإدارية ويقف حجر عثرة لأي تطوير في اللائحة التنظيمية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».