ليبيون يطالبون بحل الميليشيات المسلحة وتوحيد الجيش

تحذيرات دولية لعدم إفلات الجناة من العقاب بالبلاد

عبد الله باتيلي خلال حوار رقمي مع عدد من الليبيين (حساب باتيلي على «تويتر»)
عبد الله باتيلي خلال حوار رقمي مع عدد من الليبيين (حساب باتيلي على «تويتر»)
TT

ليبيون يطالبون بحل الميليشيات المسلحة وتوحيد الجيش

عبد الله باتيلي خلال حوار رقمي مع عدد من الليبيين (حساب باتيلي على «تويتر»)
عبد الله باتيلي خلال حوار رقمي مع عدد من الليبيين (حساب باتيلي على «تويتر»)

طالب ليبيون التقتهم البعثة الأممية «افتراضياً»، بضرورة إصلاح القطاع الأمني، وحل الميليشيات المسلحة، وتوحيد الجيش، في وقت حثت فيه مجموعة العمل الدولية المعنية بالقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان المنبثقة عن لجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا، على ضرورة «أن تكون حقوق الإنسان بالبلاد في صميم العملية السياسية».
وكشفت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، عن نتائج الحوار الرقمي الذي أجراه رئيسها عبد الله باتيلي، الجمعة الماضي، بشأن «حقوق الإنسان» وضم ما يزيد على 300 مشاركة ومشارك من جميع أنحاء البلاد.
وأوضحت البعثة في بيان، مساء السبت، أن غالبية المشاركين أعربوا عن «قلقهم إزاء الحالة الأمنية السائدة، والتدهور الجسيم الذي طال الخدمات الأساسية، بما في ذلك الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والسكن والطاقة الكهربائية، كما طالبوا أيضاً بإجراء الانتخابات».
وقالت البعثة إن الليبيين المشاركين ينشدون الديمقراطية والحرية والسلام والحياة الكريمة لبلادهم، مشيرة إلى أن من بين المخاوف والتوصيات التي اشتركوا فيها بشأن حقوق الإنسان: «دور المجموعات المسلحة والميليشيات، بمن فيهم الأطراف الفاعلة المسلحة المتحكمة في الأجهزة الأمنية وغيرها من القائمة على إنفاذ القانون».
ونقل المشاركون في الحوار الرقمي، أن هذه الأطراف «ترتكب انتهاكات على نطاق واسع للقانون الإنساني وحقوق الإنسان، وتنعم بالإفلات من العقاب»، لافتين إلى أن «إصلاح القطاع الأمني مهم للتخفيف من وطأة سيطرة المجموعات المسلحة وحل الميليشيات، وإعداد جيش موحد، وتحقيق الأمن والاستقرار».
وتحدث المشاركون عن «تدهور ظروف المعيشة في البلاد، وتراجع توفير الخدمات الأساسية بشكل جسيم خلال العام المنصرم، الأمر الذي يؤثر بشكل يومي على حياتهم»، كما أثاروا في الحوار -على وجه الخصوص- التحديات التي تواجه الحصول على القدر الكافي من الرعاية الصحية والطاقة الكهربائية والغذاء والإسكان. كما اشتكوا من تدني المرتبات «مما حال دون تمكن المواطنين من تلبية أبسط احتياجاتهم».
ونوهت البعثة إلى أن نتائج الحوار الرقمي أظهرت «أن استشراء الإفلات من العقاب وغياب المساءلة أديا إلى مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان»؛ حيث سلط المشاركون الضوء على الاحتجازات التعسفية التي طالت آلاف الأفراد «كونها من أشد الانتهاكات».
ورأوا أن «مسألة الإفلات من العقاب، ينبغي أن تُواجه بإصلاح نظم العدالة وتقويتها، بالإضافة إلى اللجوء إلى وسائل أخرى، كفرض العقوبات على سبيل المثال».
وبينما شددت الغالبية العظمى من المشاركين في الحوار على ضرورة وضع حد للأزمة السياسية، وضرورة ضمان حقوقهم السياسية، طالبوا بالتوصل إلى توافق بشأن الإطار الدستوري للانتخابات.
ودعا المشاركون إلى أنه «ينبغي معالجة العنف تجاه النساء والفتيات، بما في ذلك انعدام الأمن والقيود المفروضة على دور المرأة في المجتمع، وما تسمى (جرائم الشرف)، وارتفاع كم المضايقات عبر الإنترنت، وخطاب الكراهية والتهديدات»، منوهين إلى إمكانية «إدماج الآليات التي تراعي النوع الاجتماعي ضمن السياسات العامة والبرامج الوطنية، ووضع القوانين الكفيلة بحماية المرأة وحقوقها».
وركز المشاركون في حوارهم على حرية التعبير والرأي، وتكوين الجمعيات باعتباره حقاً أساسياً. ونقلت البعثة أن «ما يزيد على 60 في المائة من المشاركين لا يشعرون بالأمان للتعبير بحرية عن آرائهم»، مطالبين برفع القيود المفروضة على المجتمع المدني، بما في ذلك المنظمات، كونها «تمثل مدى قوة المجتمع الليبي وتنظيمه».
وشكَّل الحوار الرقمي الذي أجرته البعثة الأممية جزءاً من سلسلة الحوارات الجامعة التي تنظمها مجموعة العمل المعنية بالقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، ويشارك في رئاستها كل من هولندا وسويسرا، وقسم حقوق الإنسان التابع للبعثة.
وتهدف هذه الحوارات -وفقاً للبعثة- إلى «تلمس آراء الليبيات والليبيين، بمن فيهم الفاعلون في المجتمع المدني والمجموعات النسوية، بشأن الوضع الحالي لحقوق الإنسان». وقد شارك في هذه الحوارات الرقمية بشأن حقوق الإنسان قرابة 500 ليبية وليبي؛ سواء عبر الإنترنت، أو بشكل مباشر، خلال الأشهر الماضية.
في السياق ذاته، ناشد الرؤساء المشاركون بمجموعة العمل المنبثقة عن مسار برلين، تزامناً مع «اليوم العالمي لحقوق الإنسان»: «جميع الأطراف والجهات الفاعلة الليبية، لضمان إدراج حقوق الإنسان في صلب عملية السلام القائمة».
وقالت مجموعة العمل إنها تضم صوتها «للملايين في جميع أنحاء العالم، ويقفون وقفة واحدة لمؤازرة حقوق الإنسان، والمطالبة بالكرامة والحرية والعدالة للجميع»، معتبرة «استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا بلا هوادة، واستشراء إفلات الجناة من العقاب، حتى وإن كانوا قد ارتكبوا جرائم شنيعة، يجعل السلام المستدام أملاً بعيداً عن متناول الليبيين».
وفي سياق حقوق الإنسان، أكد الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء «التزامهم التام بدعم ليبيا في تحقيق الاستقرار وترسيخ السلام»، وقال إن «الانتقال من الصراع إلى المصالحة الوطنية رحلة يجب على الليبيين مواصلة السير فيها معاً».
وعبَّر الاتحاد الأوروبي في بيان نقلته بعثته بليبيا، مساء السبت، عن جاهزيته «لمواكبة جهود الليبيين باتخاذ إجراءات ملموسة للنهوض بالعدالة الجنائية، واستعادة الثقة في مؤسسات الدولة».
وقال إن «انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، تزيد من صعوبة عملية التعافي، ولهذا، فإن معالجة الإفلات من العقاب، ومنع الانتهاكات في المستقبل، وضمان حقوق السكان المدنيين، بمن فيهم المهاجرون، في الحماية من العنف المسلح، تعتبر خطوات حاسمة في الطريق لبناء السلام».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.