أحمد الدراجي لـ«الشرق الأوسط»: عشت في «مكب نفايات»

المخرج العراقي قال إن فيلمه «جنائن معلقة» صنع بأياد وطنية

المخرج العراقي أحمد ياسين الدراجي
المخرج العراقي أحمد ياسين الدراجي
TT

أحمد الدراجي لـ«الشرق الأوسط»: عشت في «مكب نفايات»

المخرج العراقي أحمد ياسين الدراجي
المخرج العراقي أحمد ياسين الدراجي

وصف المخرج العراقي أحمد ياسين الدراجي عرض فيلمه الروائي الطويل الأول «جنائن معلقة» بمهرجان البحر الأحمر السينمائي بأنه «فرصة عظيمة» ليتعرف على رأي الجمهور السعودي والنقاد والسينمائيين العرب، مؤكداً، في حواره مع «الشرق الأوسط»، أن الفيلم يعرض لجيل ما بعد الاحتلال الأميركي للعراق، كاشفاً أنه عمل مثل بطل الفيلم أسعد في مكب للنفايات، وأن الفيلم صُنع بأياد عراقية مائة في المائة.
وعرض فيلم «جنائن معلقة» ضمن مسابقة البحرالأحمر، وتدور أحداثه من خلال الشقيقين طه وأسعد اللذين يحاولان كسب لقمة عيش من خلال جمع المعادن والبلاستيك من مكبّ النفايات الشهير باسم «جنائن بابل المعلّقة» في بغداد. يلفت انتباههما مكبّ نفايات الجيش الأميركي، الذي يعثر فيه أسعد على دمية جنسية مطاطية مهملة، ويقرر إحضارها إلى المنزل، وتختبر الدمية علاقة الأخوين مما يفجر الأزمات بينهما.
وعبّر المخرج العراقي عن سعادته بعرض الفيلم في مهرجان البحر الأحمر، قائلاً: «سعيد لعرضه بين ناسي وأهلي، فالمنطقة العربية مرتبطة ببعضها بطريقة أو بأخرى، وأتعجل معرفة انطباع الجمهور السعودي عنه، وكذلك النقاد العرب في هذا المهرجان الكبير؛ نظراً لحساسية القصة إلى حد ما، لكن الذي فاجأني أن جمهوراً من أكثر من بلد عربي بالمهرجان قالوا لي إن قصتك تشبهنا بطريقة أو بأخرى، وهذا الشيء أسعدني جداً، فأنا أحكي قصة عراقية، لكن الهم يكاد يكون واحداً وإن تباينت التفاصيل».
وابتعد الدراجي، في فيلمه، عن مشاهد الحرب المعتادة، ليتجه أكثر صوب الإنسان العراقي: «أنا مهتم بالأنثروبولوجيا أو (علم الإنسان) وبالحياة الاجتماعية في العراق، بعدما قدَّم الإعلام الغربي بلادنا كآلة حرب جهنمية، لكننا بشرٌ لدينا مشكلاتنا، ونظراً لأنني عشت الحرب وجرى اختطافي مرتين في بغداد، كما تعرضت للاعتقال عشرة أيام بسجن أميركي، كل ذلك لأنني كنت أحمل الكاميرا لأصور أفلاماً وثائقية».

لقطة من فيلم «جنائن معلقة»

وكتب الدراجي الفيلم مثلما يكتب عادةً أفلامه منذ بداية مشواره الذي يقول عنه: «علاقتي بالسينما بدأت منذ لحظة الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وقبل ذلك كنت صغيراً فعمري الآن 35 عاماً، وأعتقد أننا كعراقيين، شئنا أم أبينا، لا بد أن نقول حكاياتنا الخاصة، وأن نوصلها للعالم، بدلاً من أن يأتي الغرب ويقدموا رؤيتهم الظالمة عنا، لقد عشت معركة بيني وبين نفسي في رحلة كتابة الفيلم؛ لحساسية القصة التي قد تضعني في دائرة الاستشراق، وقد سيطرت عليّ فكرة الفيلم لأستدعيها من واقعة حدثت عام 2006، حينما كنت أنتظر صديقي عند الجامعة وجاء ممسكاً شنطة سوداء وبداخلها دمية جنسية ليخبرني أنه عثر عليها داخل مكبّ للنفايات الخاصة بالجيش الأميركي».
وبشأن مدى قلقه من أن يُساء فهم الفيلم عند عرضه بالعراق، قال الدراجي: «لا أعتقد ذلك لأن (جنائن معلقة) هي حكاية جيل ما بعد 2003 الذي أنتمي له، وهو جيل عاش كل التفاصيل، وبالمناسبة فإن كل حدث بالفيلم وقع بالفعل، وقد رصدت مشاهد واقعية لا مكان فيها للخيال، لقد عشت في هذه الأحياء وأنا مثل (أسعد) بطل الفيلم، فقد عملت في جمع النفايات مثله، وفي النهاية أعتقد أن الثمن الذي دفعناه كعراقيين كان غالياً وفادحاً، دفعنا ثمن احتلال البلد وتدميره والفساد الذي استشرى، لكن المكسب الوحيد الذي جنيناه هو حرية التعبير وأن يستعيد العراقيون بلادهم، نحن نمرُّ الآن بمرحلة انتقالية، ومثلما يقولون (العراق يمرض لكنه لا يموت)».
وحمل الفيلم الكثير من الرموز التي بدت غير مفهومة للبعض، معللاً ذلك بقوله: «نظراً لحساسية القصة أردت ألا أكون مباشراً، وتعمدت أن أترك للمشاهد تأويل كل شيء بوجهة نظره، وأعتقد أن الفيلم أبعد من أن يكون فيلماً سينمائياً فقط، بل محاولة للخوض فيما حدث».
واعتبر الدراجي إدخال الدمية للعراق من أصعب مراحل الفيلم، حيث حصل على تصاريح رسمية للتصوير بها، كما كانت هناك صعوبة في العثور على طفل ليؤدي دور الشقيق الأصغر، حيث رفضت بعض الأُسر ذلك، إلى أن عثر على الطفل محمد حسين الذي قدم أداء طبيعياً مذهلاً، وفقاً لوصفه.
وأشار الدراجي إلى أن فيلم «جنائن معلقة» صُنع بأياد عراقية تماماً، مؤكداً «ليس عندنا أي تمويل أجنبي، ولا طلبنا ذلك، بل إن المنتجة العراقية هدى الكاظمي رهنت بيتها للبنك لنحصل على قرض لتصوير الفيلم الذي يسعى لفهم التصادم الثقافي بين ما جاء به الأميركيون إلى بغداد وبين ثقافة العراقيين».
يُذكر أن أحمد ياسين الدراجي كاتب ومخرج عراقي حاصل على درجة الماجستير في الإخراج من كليّة لندن للسينما، وقد عرفه الجمهور بأفلامه القصيرة ، ومنها «أطفال الله» (2013)، و«ضالّ» (2018) الذي حاز على جائزة المُهر لأفضل فيلم عربي قصير، وجائزة فابريشي، وجائزة مهرجان جورو العالمي لأفلام الأطفال عن أفضل فيلم قصير.


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

حبس سعد الصغير يجدد وقائع سقوط فنانين في «فخ المخدرات»

المطرب الشعبي سعد الصغير (حسابها على «فيسبوك»)
المطرب الشعبي سعد الصغير (حسابها على «فيسبوك»)
TT

حبس سعد الصغير يجدد وقائع سقوط فنانين في «فخ المخدرات»

المطرب الشعبي سعد الصغير (حسابها على «فيسبوك»)
المطرب الشعبي سعد الصغير (حسابها على «فيسبوك»)

جدد حبس المطرب المصري سعد الصغير الحديث عن وقائع مشابهة لسقوط فنانين في «فخ المخدرات»، وكانت محكمة جنايات القاهرة قضت، الاثنين، بالحكم على الصغير بالسجن المشدد 3 سنوات، وتغريمه 30 ألف جنيه (الدولار يساوي 49.65 جنيه مصري).

الحكم بسجن سعد الصغير وتغريمه جاء على خلفية اتهامه بحيازة «سجائر إلكترونية» تحتوي على مخدر «الماريوانا»، بعد تفتيش حقائبه أثناء عودته من أميركا «ترانزيت» عبر أحد المطارات العربية، عقب إحياء حفلات غنائية عدة هناك.

وكشف الصغير خلال التحقيقات التي جرت أمام الجهات المختصة بمصر، أنه لم يكن على دراية بأن المادة الموجودة في «السجائر الإلكترونية» ضمن المواد المحظور تداولها، مؤكداً أنها للاستخدام الشخصي وليس بهدف الاتجار، وأرجع الأمر لعدم إجادته اللغة الإنجليزية.

الفنانة المصرية برلنتي فؤاد التي حضرت جلسة الحكم، على الصغير، أكدت أن الحكم ليس نهائياً وسيقوم محامي الأسرة بإجراءات الاستئناف، كما أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «حالة سعد النفسية ليست على ما يرام»، لافتة إلى أنه «بكى بشدة خلف القضبان بعد النطق بالحكم، كما أنه يعيش في توتر شديد نتيجة القضية».

وقبل سعد الصغير وقع عدد من الفنانين في «فخ المخدرات»، من بينهم الفنانة دينا الشربيني، التي تعرضت للسجن سنة مع الشغل وغرامة 10 آلاف جنيه لإدانتها بتعاطي «مواد مخدرة».

الفنان أحمد عزمي (حسابه على «فيسبوك»)

وكذلك الفنان المصري أحمد عزمي الذي تم القبض عليه مرتين ومعاقبته بالحبس في المرة الثانية بالسجن 6 أشهر، بينما أعلن مقربون من الفنانة شيرين عبد الوهاب وقوعها في الفخ نفسه، مما جعلها تختفي عن الأنظار حتى تتعافى، كما أن طبيبها المعالج طالب جمهورها بدعمها. وحُكم على الفنانة منة شلبي بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ وتغريمها 10 آلاف جنيه، في مايو (أيار) الماضي، في قضية اتهامها بـ«إحراز جوهر الحشيش بقصد التعاطي في أماكن غير مصرح لها باستخدامها».

وقبل أشهر قضت محكمة الاستئناف بمصر بقبول معارضة الفنان المصري أحمد جلال عبد القوي وتخفيف عقوبة حبسه إلى 6 أشهر بدلاً من سنة مع الشغل وتغريمه 10 آلاف جنيه، بتهمة حيازة مواد مخدرة بغرض التعاطي.

«ليس كل مشهور مدمناً»

من جانبها، أوضحت الاستشارية النفسية السورية لمى الصفدي أسباب وقوع بعض المشاهير في «فخ المخدرات» من الناحيتين النفسية والاجتماعية، وأثره على المستوى المهني.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «التعميم على جميع المشاهير أمر خاطئ، فليس كل مشهور مدمناً أو خاض تجربة الإدمان»، موضحة أن «ذلك ينطبق أحياناً على بعض الفئات التي حصلت على الشهرة والمال والمعجبين لكنهم في الوقت نفسه يطالبون بامتيازات أكثر».

وأشارت إلى أن «الفكرة تكمن في أن المخدرات ربما تساهم بطريقة أو بأخرى في زيادة مستويات هرمون (الدوبامين) الخاص بالسعادة، وهذا جزء نفسي يدفع البعض للسقوط في فخ المخدرات».

الفنانة منة شلبي (حسابها على «فيسبوك»)

وتستكمل الصفدي: «ربما الوقوع في هذا الفخ نتيجة رفاهية أكثر أو البحث عن المزيد والسعي للمجهول أو الأشياء المتوفرة عن طريق السفر أو الوضع المادي».

واختتمت الصفدي كلامها قائلة إن «هذا الأمر لا يخص الفنانين وحدهم، لكنه يتعلق أيضاً بالكثير من المهن والتخصصات، لكن المشاهير يتم تسليط الضوء عليهم أكثر من غيرهم».