قال معارضون سوريون في مدينة حمص لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن القوات الحكومية السورية «منعت عائلات مسيحية من الخروج من مدينة حمص القديمة»، مشيرة إلى أن عددا من العائلات «حاولت النزوح عن طريق الخروج الجماعي، قبل أن يعيدها حاجز للجيش إلى الحي الذي خرجت منه»، بموازاة إعلان جهات حقوقية سورية أن عناصر من «جبهة النصرة» خطفت راهبا بعد استدعائه من مقر إقامته في دير بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا.
وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي لـ«الشرق الأوسط»، إن «نظام الرئيس السوري بشار الأسد فرض الحصار على 400 عائلة مسيحية في حمص القديمة، حيث لا يسمح لهم بمغادرة أحيائهم التي يسكنونها منذ وقت طويل، وصمدوا فيها رغم الحرب التي طالت مدينة حمص وأحيائها القديمة وانتهت منتصف العام الماضي».
من جهته، أوضح المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»، أن أحد حواجز النظام على مدخل حمص القديمة «منع حالة خروج جماعي لعائلات مسيحية قررت الخروج من المنطقة»، مشيرًا إلى أن عناصر الحاجز «منعوهم من المغادرة وأجبروا العائلات على العودة إلى منازلها». وأضاف: «لا أعرف ما إذا كان منع العائلات من الخروج ناتجا عن قرار من القيادة، أو قرار من الحاجز، لكن حادثة المنع وقعت بالتأكيد، ونحاول الحصول على معلومات إضافية».
ويقول ناشطون سوريون، إن 400 عائلة مسيحية ما زالت تقيم في أحياء حمص القديمة التي حاصرتها القوات الحكومية لمدة عامين، قبل أن تتوصل مع قوات المعارضة إلى اتفاق قضى بخروج المقاتلين المعارضين من أحياء حمص القديمة إلى الريف الشمالي للمحافظة، وذلك في مايو (أيار) 2014. وبرز خلال فترة الحصار كاهن مسيحي من أصل إيطالي، قُتِل في ما بعد، وكان يدعو لإدخال المساعدات إلى أحياء حمص القديمة.
وقال عبد الكريم ريحاوي لـ«الشرق الأوسط»، إن تلك العائلات، البالغ عددها 400 عائلة، لا تزال في منازلها منذ بدء الأزمة السورية، وشاركت جيرانها من الطوائف الأخرى الحصار والمعاناة إبان محاصرة أحياء حمص القديمة، مشيرًا إلى أنهم «يقيمون إلى جانب السنّة منذ وقت طويل قبل أن تنزح عائلات علوية باتجاه تلك المنطقة، وقد رفضوا الخروج من أحيائهم في الحميدية والسفصافة وغيرهما، بعد توقيع الاتفاقية بين قوات المعارضة والنظام».
وأضاف: «يطبق النظام عليهم الحصار كإجراء عقابي على مواقفهم المؤيدة للثوار السوريين، ومساندتهم لهم إبان فترة الحصار، لذلك يرفض السماح لهم بالخروج، حتى لشراء حاجاتهم الأساسية». وأعرب عن تخوفه أن يكون «تضييق الخناق» وسيلة «لتهجريهم من حمص».
ولم تُعرف الأسباب الحقيقية وراء منعهم من الخروج. ويقول أبو زيد إن النظام «يمنع العائلات المسيحية من الخروج كي يبقى محافظًا على ورقة الأقليات بيده، ويدّعي أمام المجتمع الدولي بأنه حامي الأقليات». وأعرب عن توقعاته أن قرار تلك العائلات المسيحية للخروج «لا يعني أنهم كانوا عازمين على الخروج إلى منطقة أخرى في سوريا، بل بالتأكيد إلى خارجها»، لافتًا إلى أن قرار الخروج «قد يكون صادرا عن منظمات دولية أو دول أجنبية، بهدف إنقاذ المسيحيين من الخطر في تلك المنطقة، في حال تجددت المعركة».
وفي شمال غربي سوريا، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» و«منظمة آشورية» اختطاف كاهن مسيحي في إدلب، إذ أكد المرصد أن «جبهة النصرة» «تستمر في احتجاز القس ضياء عزيز العراقي الجنسية الذي خطفته السبت من قرية اليعقوبية الواقعة في ريف مدينة جسر الشغور».
وذكر مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن «أمير جبهة النصرة في المنطقة، وهو مصري الجنسية استدعى عزيز للتشاور معه السبت»، مضيفا أن هذا الأخير «ذهب ولم يعد حتى اللحظة».
وأوضح المرصد الآشوري لحقوق الإنسان في بيان نشره على صفحته على «فيسبوك» أمس (الثلاثاء)، أن جبهة النصرة خطفت الأب ضياء عزيز (41 عامًا) «من مكان إقامته في (دير الحبل بلا دنس) في قرية اليعقوبية ذات الغالبية المسيحية».
وقال أحد العاملين في المرصد، إن «عزيز هو كاهن رعية الطائفة اللاتينية في اليعقوبية التي يقطنها لاتين وأرثوذكس وأرمن، وهو من الرهبنة الفرانسيسكانية ويتبع لحراسة الأراضي المقدسة التي تتخذ من القدس مقرا لها». وقال المرصد الآشوري إن خطف عزيز ومن قبله عدد من المطارنة والكهنة «يهدف إلى ضرب الوجود المسيحي» في سوريا.
ويشكل المسيحيون خمسة في المائة من إجمالي عدد السكان في سوريا، لكن عددا كبيرا منهم نزح منذ بدء النزاع منتصف مارس (آذار) 2011 وتصاعد نفوذ التنظيمات المتطرفة.
وخطف عدد من رجال الدين المسيحيين بينهم مطرانا حلب للروم الأرثوذكس بولس يازجي وللسريان الأرثوذكس يوحنا إبراهيم، اللذان فقدا في أبريل (نيسان) 2013، ولا يزال مصيرهما مجهولا.
قوات النظام تمنع عائلات مسيحية من الخروج من حمص.. ومخاوف من تجدد معاركها
«جبهة النصرة» تواصل احتجازها لكاهن من أصل عراقي في إدلب
قوات النظام تمنع عائلات مسيحية من الخروج من حمص.. ومخاوف من تجدد معاركها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة