أطلس للسرطان وخرائط لانتشار الأمراض في السعودية

باحثو «كاوست» يطوعون البيانات الضخمة لرصد النقاط الساخنة

يعكف باحثو «كاوست» على وضع خرائط انتشار الأمراض
يعكف باحثو «كاوست» على وضع خرائط انتشار الأمراض
TT
20

أطلس للسرطان وخرائط لانتشار الأمراض في السعودية

يعكف باحثو «كاوست» على وضع خرائط انتشار الأمراض
يعكف باحثو «كاوست» على وضع خرائط انتشار الأمراض

في مواجهة التحديات الصحية المختلفة، يطرح علم الإحصاءات الجغرافية المكانية «geospatial statistics» - المعروف بسرعة تطوره - رؤى جديدة تتنوع؛ من رصد النقاط الساخنة للخلايا السرطانية، إلى مشكلات تلوث الهواء، وانتشار فيروس كورونا (كوفيد-19). ومن المتوقع أن تؤتي الجهود المبذولة من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست» ومؤسسات متخصصة في المملكة، ثمارها في سبيل فهم أفضل لأسباب الأمراض وكيفية مكافحتها؛ من أجل تحسين الأحوال الصحية. ولن يعود هذه الأمر بالفائدة فحسب على السعودية، وإنما على كل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

علم جديد
تمخّض عن علم الإحصاءات الجغرافية المكانية ومجال المراقبة الصحية بروز مجال علمي جديد يحمل اسم «GeoHealth»، الذي يجمع بين علوم الأرض والبيئة والصحة بهدف الإجابة على الأسئلة العلمية المهمة لصحة البشر وكوكبنا. بشكل عام، يمكن القول إن هذا العلم يسعى لفهم العلاقات بين الأشخاص، والمكان أو الموقع، والبيئة، والوقت، والصحة.
ويستخدم هذا المجال العلمي الصاعد قواعد بيانات من مصادر متعددة بهدف إنشاء خرائط تتبع أمراض كل منطقة جغرافية، ومن ثم يعمل تقديم المعلومات بهذه الطريقة الإحصائية على تمكين صُناع السياسات من معرفة أماكن الأمراض وكيفية انتشارها، وبذلك يصبح لدى المختصين معرفة بأسباب المرض، والقدرة على توزيع الموارد بشكل أكثر فعالية.


د. باولا موراغا ( أناستازيا سيرين)

وخلال العقد الماضي، ظهر تطوران أسهما في لفت الأنظار إلى مجال «GeoHealth» لوضعه في المقدمة. يكمن التطور الأول في البيانات الرقمية المستنبطة من عدد غير مسبوق من المصادر؛ من بينها السجلات الحكومية، وصور الأقمار الصناعية، والمسوحات الميدانية، بالإضافة إلى بيانات شبكة الإنترنت والهاتف، فيما يأتي التطور الآخر عبر حواسيب قوية قادرة على معالجة البيانات.
وعن هذه الجهود توضح عالمة الإحصاء بـ«كاوست» الدكتورة باولا موراغا، التي تتولى قيادة الفريق البحثي: «إن الخوارزميات الأساسية المتضمنة تُعدّ حوسبةً مكثفة جداً، ففي السابق كان إعداد خريطة انتشار المرض يستغرق شهرين، أما الآن فالمهمة تُنجَز في غضون 5 دقائق». وأضافت: «لقد مكّنتنا الحواسيب التي تتميز بالسرعة الفائقة من تطوير نماذج وأساليب جديدة».
وكانت موراغا قد استخدمت تقنيات «GeoHealth» قبل انضمامها لـ«كاوست» في عام 2020؛ بهدف تقييم فعالية طرق الوقاية من مرض الملاريا في ملاوي، وكذلك التوصل إلى أفضل طرق مكافحة داء «البريميات»؛ وهو مرض بكتيري ينتقل عبر الجرذان، وينتشر في الأحياء البرازيلية الفقيرة، كما قامت بتصميم أطلس السرطان الأسترالي؛ وهو عبارة عن خريطة تفاعلية عبر الإنترنت تكشف بدقة عالية حجم التباين في عبء المرض في جميع أنحاء البلاد.

رصد السرطان والتلوث
> أطلس السرطان. علاوةً على ذلك، تعمل موراغا مع متخصصين في كل من «كاوست»، ومستشفى الملك فيصل التخصصي، ومركز الأبحاث في الرياض، لإنشاء أطلس لمرض السرطان للمملكة العربية السعودية. ورغم أن معدل الإصابة بالسرطان منخفض نسبياً وسط فئة الشباب داخل المملكة، فإن تشخيص المرض غالباً لا يتم إلا في مرحلة متأخرة، لذا فإن المعلومات المتوفرة حول «النقاط الساخنة» لانتشاره، والأنماط الأخرى، ستمدّ يد العون لعلماء الأوبئة.
> مكافحة التلوث. كما تضطلع موراغا بمهمة أخرى تكمن في المساهمة في الحدّ من الآثار الصحية الناجمة عن تلوث الهواء من خلال تثبيت أجهزة تنقية الهواء في مساكن وقع عليها الاختيار. بعدها يقوم الفريق بفحص الحالة الصحية للمقيمين في هذه المساكن كل 3 أشهر، ومن ثم تجري مقارنتها مع المجموعات التجريبية، مثل الأشخاص الذين يعملون خارج المنزل، أو من لا يمتلكون أجهزة لتنقية الهواء داخل المنزل.

فيروس «كورونا»
يُشار إلى أن عالِمة الإحصاء باولا موراغا حصلت على منحة مقدَّمة من صندوق «ويلكم»؛ وهو مؤسسة خيرية عالمية لتمويل الأبحاث، وتحسين صحة الإنسان والحيوان، لكي يُتاح لها دراسة فيروس كورونا (كوفيد-19) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويتمثل التحدي الرئيسي أمام هذا المشروع الطموح، في تصميم شبكة تكون مصدراً للبيانات الموحدة من جميع البلدان المعنية، وهو ما يتطلب تدريب الأطباء والمسؤولين المشاركين على عملية تحديد وجمع معلومات معينة.
ومن المحتمل أن تشكل عملية جمع بيانات عالية الجودة 90 % من جهود مجال «GeoHealth»، وهو ما تؤكده موراغا بقولها: «لديّ القدرة على تغذية النموذج الإحصائي من خلال استخدام البيانات، ولكن تكمن الصعوبة في عملية الحصول على البيانات نفسها».
ومع ذلك، فبمجرد بدء الدراسة والعمل على الشبكة التي تعتمد عليها، ستظهر الفوائد التي تعود على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما ستلعب «كاوست» دوراً رائداً في تحقيق منفعة عامة تهمّ العالم العربي بأكمله.
وتأمل موراغا أن يسهم عملها مستقبلاً في تعزيز ثقافة حفظ السجلات بشكل شامل، وفي هذا الصدد تقول: «يمكن تحديد جودة النموذج بناء على قدر البيانات التي يعتمد عليها». وتضيف: «بمجرد أن يرى الناس قيمة مثل هذه المعلومات، فإنهم سيُولون أهمية أكبر لوضعها».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

استكشاف القمر.. كنز بيانات حديثة في متناول العلماء

التقطت  "بلو غوست" ا صورة ذاتية لنفسها مع وجود كوكب الأرض في الخلفية
التقطت "بلو غوست" ا صورة ذاتية لنفسها مع وجود كوكب الأرض في الخلفية
TT
20

استكشاف القمر.. كنز بيانات حديثة في متناول العلماء

التقطت  "بلو غوست" ا صورة ذاتية لنفسها مع وجود كوكب الأرض في الخلفية
التقطت "بلو غوست" ا صورة ذاتية لنفسها مع وجود كوكب الأرض في الخلفية

أسفر نجاح سفينة شركة «فايرفلاي إيروسبيس» في الهبوط على سطح القمر عن كنز من البيانات التي سوف يبحث فيها العلماء لسنوات.

رهانات «ناسا»: خيبة ونجاح

لقد راهنت وكالة الطيران والفضاء الأميركية «ناسا» قبل بضع سنوات على أن الشركات التجارية قادرة على إجراء التجارب العلمية على سطح القمر بميزانية أقل مما تستطيعها الوكالة نفسها. وكان ذلك رهاناً خاسراً في العام الماضي. فقد أخطأت أول سفينة فضائية ممولة من ناسا الهبوط على القمر كليةً. وهبطت السفينة الثانية، لكنها سقطت.

ولكن في شهر مارس (آذار) الماضي، نجحت سفينة هبوط آلية تسمى «بلو غوست» Blue Ghost ، من إنتاج شركة «فايرفلاي إيروسبيس» في سيدار بارك، بولاية تكساس، من البداية إلى النهاية.

في 16 مارس (آذار)، كان المزاج العام في مقر عمليات مهمة «فايرفلاي» خارج مدينة أوستن عبارة عن مزيج من السعادة والكآبة. لم يكن هناك ما يدعو للقلق، ولم يكن هناك ما يمكن فعله، باستثناء احتمال مشاهدة السفينة الفضائية للشركة وهي تموت.

وعلى بعد ربع مليون ميل، كانت الشمس قد غربت بالفعل على «ماري كريسيوم»، وهو سهل الحمم البركانية القمرية، حيث جمعت سفينة «بلو غوست» الملاحظات العلمية على مدى أسبوعين.

وبالنسبة للسفينة الفضائية التي تعمل بالطاقة الشمسية، كانت الساعات المتبقية معدودة وقليلة.

وقال راي ألينسوورث، مدير برنامج المركبات الفضائية في شركة «فايرفلاي» بعد ظهر ذلك اليوم: «أعتقد أن المزاج العام رائق». وأضاف: «أعتقد أن الناس متحمسون ويشعرون بنوع من الارتياح لرؤية مدى نجاح المهمة ويقضون بعض الوقت في الاستمتاع بالساعات القليلة الأخيرة مع سفينة الهبوط».

وفرة من البيانات الجديدة

وبعد سنوات من الجهود والاستثمار لم يحصل العلماء على الكثير من وضع حمولاتهم العلمية في المهمات القمرية التجارية الأخرى، إذ انتهى بهم الأمر بالقليل أو لا شيء. أما أولئك الذين كلفتهم ناسا بمهمة «بلو غوست»، فقد خرجوا بوفرة من البيانات الجديدة للعمل عليها. وأقر روبرت غريم، العالم في معهد ساوث ويست للأبحاث في بولدر، بولاية كولورادو، الذي أشرف على إحدى حمولات الأجهزة العلمية، بحسن حظه.

كانت إحدى تجارب ناسا قد جمعت البيانات في الوقت الذي هبطت فيه سفينة «بلو غوست». فقد التقطت أربع كاميرات مناظر من زوايا مختلفة لعادم محركات الدفع في السفينة الفضائية في أثناء قذفها للغبار القمري وحفرها فوهة صغيرة.

وقال بول دانيهي، أحد العلماء الذين يعملون في المشروع المعروف باسم «الكاميرات المجسمة لدراسات سطح القمر» (SCALPSS)، إن «هذا يمنحنا القدرة باستخدام هذه الكاميرات على قياس الأشكال الثلاثية الأبعاد».

مخاطر الغبار القمري

ويريد المهندسون فهم هذه الديناميكيات لمنع الكوارث المحتملة عندما تهبط مركبات فضائية أكبر وأثقل، مثل سفينة الفضاء «ستارشيب» التابعة لشركة «سبيس إكس» برواد الفضاء على سطح القمر. وإذا أقامت ناسا موقعاً أمامياً على القمر، فمن شأن المركبات الفضائية العودة إلى ذلك الموقع أكثر من مرة. ويمكن أن تؤدي الصخور المتطايرة لأعلى إلى تعطيل محرك السفينة الفضائية الهابطة أو إلحاق الضرر بالهياكل القريبة.

وفي نظرة مبكرة إلى الصور، كانت إحدى المفاجآت هي أن عمود العادم من محركات الدفع بدأ في قذف الغبار القمري عندما كانت سفينة «بلو غوست» لا تزال على ارتفاع نحو 50 قدماً فوق سطح القمر، أي بارتفاع أعلى مما كان متوقعاً. ومن المقرر أن يقوم نظام الكاميرا هذا نفسه، الذي سيوضع في سفينة للهبوط أكبر بكثير، وهي «بلو مون مارك 1» بتسجيل سحابة الغبار، وهي السفينة التي تخطط شركة «بلو أوريجين»، شركة الصواريخ التابعة لجيف بيزوس، لإرسالها إلى القمر في وقت لاحق من العام الحالي.

لا ترغب ناسا في فهم الغبار القمري أو الحطام الصخري المتراكم على سطح القمر فحسب، وإنما أيضاً كيفية التخلص منه. يمكن أن تكون هذه الجسيمات حادة وكاشطة مثل شظايا الزجاج، ما يشكل خطراً على الآلات وعلى رواد الفضاء. وقد وظفت تجربة أجريت على سفينة «بلو غوست» تُسمى «درع الغبار الكهروديناميكي» / مجالات كهربائية بهدف تنظيف الغبار من الأسطح.

اظهر جهاز "لونار بلانيت فاك" تقنية مبسطة لجمع الصخور والغبار
اظهر جهاز "لونار بلانيت فاك" تقنية مبسطة لجمع الصخور والغبار

تجربتان على باطن القمر

وقد جمعت تجربتان معلومات من شأنها أن تلقي الضوء على باطن القمر. وكانت حمولة الدكتور غريم هي المسبار القمري المغناطيسي، الذي كان أول مسبار من نوعه يتم نشره على سطح عالم آخر.

ولنشر المسبار، قامت قاذفات مزودة بنابض بقذف أربعة مسابر بحجم علب الحساء في أربعة اتجاهات مختلفة. تعمل المسابر - الموصولة بكابلات إلى سفينة الهبوط - مثل أجهزة قياس فرق الجهد الكهربائي (الفولتميتر) كبيرة الحجم. أما المكون الثاني، المرفوع فوق سارية يبلغ ارتفاعها ثمانية أقدام، فكان يقوم بقياس المجالات المغناطيسية.

وتكشف هذه القراءات مجتمعة عن الاختلافات التي تحدث بشكل طبيعي في المجالات الكهربائية والمغناطيسية، ما يخبرنا عن مدى سهولة تدفق التيارات الكهربائية في أعماق الأرض، وهذا يخبرنا بشيء ما عما يوجد في الأسفل. فعلى سبيل المثال، تكون خاصية التوصيل أقل ما تكون في الصخور الأكثر برودة.

كما نشرت سفينة «بلو غوست» مثقاباً هوائياً، باستخدام رشقات من غاز النتروجين لحفر التراب. واستخدمت إبرة في طرف الجهاز في قياس درجة الحرارة ومدى سهولة تدفق الحرارة عبر المادة. وبسبب وجود صخور في الطريق، نزل المثقاب لعمق نحو ثلاث أقدام فقط، وليس عشر أقدام كما كان مأمولاً.

وقال كريس زاكني، نائب رئيس قسم أنظمة الاستكشاف في شركة «هانيبي روبوتيكس» التي صنعت المثقاب: «يمكنك أن ترى في مقاطع الفيديو الصخور المتطايرة والشرر».

وأضاف الدكتور زاكني أن عمق ثلاث أقدام كان كافياً لإجراء القياسات العلمية. يمكن أن تقدم البيانات المستقاة من المثقاب وجهاز سبر العمق المغناطيسي تلميحات حول كيفية تشكل القمر والعوالم الصخرية الأخرى، أو لماذا يبدو الجانب القريب من القمر مختلفاً للغاية عن الجانب البعيد.

يقول الدكتور غريم: «إنه في الحقيقة سؤال أساسي حول جيولوجيا القمر الذي نحاول الإجابة عنه».

كما قامت شركة «هانيبي»، وهي جزء من شركة «بلو أوريجين»، ببناء جهاز ثانٍ يُسمى «بلانيت فاك» لإظهار تقنية مبسطة لجمع العينات. ويستخدم هذا الجهاز غازاً مضغوطاً لتحريك الحطام الصخري في إعصار صغير وتوجيهه إلى حاوية.

وسوف تُستخدم هذه التقنية في مهمة فضائية روبوتية يابانية تُعرف باسم «استكشاف أقمار المريخ»، التي سوف تجلب عينات من «فوبوس»، وهو أحد أقمار المريخ.

وقال الدكتور زاكني: «حقيقة نجاح هذه التقنية على سطح القمر يمنحنا الثقة بأنها ينبغي أن تنجح على قمر فوبوس أيضاً».

لم تركز تجربة براين والش على سفينة «بلو غوست» على دراسة القمر، بل على دراسة الأرض. وقال الدكتور والش، وهو أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة بوسطن: «إنها نقطة مراقبة ممتازة حقاً».

يهتم الدكتور والش بالفقاعة المغناطيسية للأرض التي تُحرف مسار جسيمات الرياح الشمسية. وقد سجّل تلسكوبه الأشعة السينية المنبعثة عندما تصطدم الجسيمات العالية السرعة من الشمس بالذرات في الغلاف الجوي العلوي للأرض. ويشابه الحد الفاصل بين المجال المغناطيسي للأرض والرياح الشمسية، مصارعي سومو يتدافعان ضد بعضهما. ومن المفترض أن يساعد النظر من بعيد العلماء على معرفة ما إذا كان هذا الحد يتغير ببطء أو بوثبات مفاجئة.

وهذا أمر مهم لأنه يؤثر على مدى قدرة المجال المغناطيسي للأرض على حمايتنا من القذفات العرضية الهائلة من الجسيمات المشحونة التي تقصف الكوكب في أثناء العواصف الشمسية.

يقول الدكتور والش: «نحن نحاول فهم كيف تُفتح تلك البوابة وكيف تتسرب الطاقة من خلالها».

وقد تركت سفينة «بلو غوست» بالفعل انطباعاً دائماً لا يُنسى. وقالت ماريا بانكس إنها عندما كانت تغادر مركز عمليات المهمة كل ليلة، كانت تنظر إلى القمر المعلق في السماء. وأضافت: «إنه الأمر الذي كان يوقفني بالأساس في كل يوم. لا أعتقد أنني سوف أرى القمر كما كان من قبل مرة أخرى، لأن مسبار فايرفلاي وأجهزتنا هناك سوف تكون هناك لبقية حياتي».