«إيرينا» تحذّر في قمة المناخ: تحوُّلات الطاقة لا تزال بعيدة عن الأهداف

من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب27» في شرم الشيخ (أ.ف.ب)
من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب27» في شرم الشيخ (أ.ف.ب)
TT

«إيرينا» تحذّر في قمة المناخ: تحوُّلات الطاقة لا تزال بعيدة عن الأهداف

من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب27» في شرم الشيخ (أ.ف.ب)
من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب27» في شرم الشيخ (أ.ف.ب)

تؤكد التهديدات المناخية، إلى جانب التطورات الجيوسياسية المؤثرة في المناخ العالمي، الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية لتعزيز انتشار الطاقة المتجددة، واستخدامها عنصراً أساسياً في مزيج الطاقة؛ من أجل خفض الانبعاثات، وزيادة أمن الطاقة وتحسين القدرة على تحمُّل التكاليف، وضمان الوصول الشامل إلى طاقة موثوقة بأسعار معقولة. ويترافق هذا مع تعزيز الكفاءة واعتماد تقنيات أنظف في استخدامات مصادر الوقود التقليدية، مثل التقاط الكربون والميثان؛ بهدف إعادة الاستعمال أو التخزين السليم.
وبينما تمثّل مصادر الطاقة المتجددة المحور الأساسي للتحوُّلات التي تتوافق مع أهداف اتفاقية باريس المناخية، فإن 12 دولة فقط من بين الدول الأطراف في الاتفاقية حددت لنفسها نسباً مئوية محددة للطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة الإجمالي الخاص بها، وفق ما هو وارد في وثائق التزاماتها المحددة وطنياً لخفض الانبعاثات.
ويناقش تقرير جديد، صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغيُّر المناخ (كوب27) في شرم الشيخ، مستوى طموح وأهداف الطاقة المتجددة في التعهدات المناخية الوطنية، في مقابل الهدف المناخي العالمي بالحدّ من ارتفاع درجة حرارة الكوكب إلى نطاق 1.5 درجة مئوية.
ويخلص التقرير، الذي جاء تحت عنوان «أهداف الطاقة المتجددة في 2022، دليل للتصميم»، إلى أن المستوى الجماعي لتحوُّلات الطاقة لا يزال غير كافٍ حتى الآن، ولا ينسجم مع ما تم التوافق عليه في ميثاق قمة غلاسكو (كوب26) حول تحديث الأهداف المناخية الوطنية لعام 2030.
ويعتمد تحقيق الهدف المناخي، بمحصلة انبعاثات صفرية سنة 2050، على تطبيق إجراءات كافية وفعّالة بحلول سنة 2030، بحيث تكون السنوات الثماني المقبلة حاسمةً لتسريع التحول القائم على مصادر الطاقة المتجددة. وعلى الرغم من بعض التقدم، فإن تحولات الطاقة لا تزال بعيدة عن المسار الصحيح للحدّ من احترار الكوكب.
ويسعى عدد من البلدان للوصول إلى منشآت طاقة إجمالية باستطاعة 5.4 تيراواط من المصادر المتجددة، بحلول 2030.
في المقابل، ترى «إيرينا» ضرورة مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة المستهدفة في 2030 إلى 10.8 تيراواط؛ لتحقيق الأهداف المناخية، والوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050.
وتعدّ الكهرباء القائمة على الطاقة المتجددة أرخص خيار لتوفير الطاقة في معظم المناطق حالياً، من دون احتساب تكاليف التخزين، خصوصاً البطاريات.
وخلال الأعوام بين 2010 و2020، انخفض متوسط التكلفة الموزونة العالمية للكهرباء من مشروعات الطاقة الشمسية الكهرضوئية على نطاق المرافق العامة بنسبة 85 في المائة.
وبلغت التخفيضات المقابلة في تكلفة الطاقة الشمسية المركزة 68 في المائة، وفي تكلفة طاقة الرياح البرية 56 في المائة، وفي تكلفة طاقة الرياح البحرية 48 في المائة. ونتيجةً لذلك، أصبحت مصادر الطاقة المتجددة هي الخيار الافتراضي للتركيبات الجديدة في قطاع الطاقة لجميع البلدان تقريباً، وهي تهيمن على الاستثمارات في هذا القطاع حالياً.
ويُعتبر نزع الكربون عن الاستخدامات النهائية هو الهدف التالي. ويشمل تبني عدد من الخيارات كإحلال الكهرباء بدلاً من حرق الوقود، مثل استخدام المحركات الكهربائية ضمن وسائط النقل، وتوظيف الهيدروجين الأخضر الذي يأتي من مصادر نظيفة حاملاً للطاقة، إلى جانب الاستخدام المباشر لمصادر الطاقة المتجددة من دون عمليات نقل أو تخزين، بالإضافة إلى التقاط الكربون وتدويره.
ولا تزال العمليات الصناعية والتدفئة المنزلية تعتمد بشكل كبير على الغاز الأحفوري. وفي قطاع النقل، لا يزال الوقود الأحفوري هو المسيطر. ويمكن أن يلعب التوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة في هذه القطاعات، والتوسع في إحلال الكهرباء، وتحسين كفاءة الطاقة، دوراً حاسماً في تسريع التحوُّل.
ويعدّ القطاع الصناعي ثاني أكبر مصدر لانبعاثات غازات الدفيئة بعد توليد الطاقة، حيث تصل مساهمته في الانبعاثات العالمية الناتجة عن النشاط البشري إلى 30 في المائة، بينما يستحوذ على 40 في المائة من استهلاك الطاقة العالمي. ومن دون تعزيز جهود الحدّ من الانبعاثات داخل القطاع الصناعي، يظل هدف الإقلال من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية بعيد المنال.
وكانت «إيرينا» أطلقت تحالفاً دولياً من أجل إزالة الكربون في الشركات الصناعية خلال منتدى «مجموعة العشرين» الذي عُقد في مدينة بالي الإندونيسية خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. ويهدف التحالف إلى دعم الجهود المبذولة لإزالة الكربون من سلاسل القيمة الصناعية، وتعزيز اعتماد الصناعة الحلول القائمة على مصادر الطاقة المتجددة، والمساعدة في تحقيق هدف صافي انبعاثات صفرية خاص لكل بلد.
وعقد التحالف اجتماعه الأول خلال يوم «إزالة الكربون» الخاص، في قمة «كوب27» في شرم الشيخ، حيث أكّد عدداً من ركائز وعوامل تمكين في تحولات الطاقة، هي مصادر الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، والطاقة الحيوية مع التقاط الكربون، واستخدام وتخزين الكربون الملتقط، وتحسين العمليات الحرارية، ورأس المال البشري، والتمويل. والمُلاحظ أن عمليات الكربون الدائري، أي التدوير والتخزين، أصبحت جزءاً أساسياً في جميع خطط التحوُّل الطاقوي الجادة.
وتمثّل المشروعات التي أعلنتها السعودية أخيراً نموذجاً متقدماً من المبادرات التي تدعم التحوُّل نحو الطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات. فبالإضافة إلى وضع أهداف طموحة للطاقة المتجددة، تشمل هذه المشروعات إنشاء مركز ضخم لالتقاط الكربون وتخزينه، هو الأكبر من نوعه في منطقة الشرق الأوسط باستطاعة أولية تبلغ 9 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وذلك في إطار سعي المملكة لالتقاط وتخزين 44 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً بحلول 2035.
ويهدف المركز، الذي سيُقام في مدينة الجبيل الصناعية، إلى المساهمة في تنمية الاقتصاد العالمي للهيدروجين النظيف والأمونيا النظيفة. كما أطلقت السعودية مبادرة الوقود النظيف لتوفير الغذاء ومواجهة فقر الطاقة.
وفي الإمارات، أعلنت أبوظبي هدفاً استراتيجياً يتمثّل في توليد 60 في المائة من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2035. وتهدف المبادرة إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة وتعزيز التنمية المستدامة من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، لا سيما الطاقة الشمسية، وبدرجة أقل من طاقة الرياح، فضلاً عن توظيف الهيدروجين الأخضر والأزرق حاملاً للطاقة.
وكانت الإمارات أعلنت، العام الماضي، هدفها تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، وهي تبني حالياً اثنتين من كبرى محطات الطاقة الشمسية في العالم. كما تم خلال «كوب27» إطلاق مشروعات كبرى للطاقات المتجددة في مصر والمغرب وتونس والجزائر والأردن.
ويتطلب تحقيق الأهداف الدولية للمناخ والتنمية إعادة تخصيص ضخمة لرأس المال نحو التقنيات المنخفضة الكربون، مما يستدعي ضخ 131 تريليون دولار في منظومة الطاقة بحلول 2050، مع إعطاء الأولوية للتكنولوجيا المتوافقة مع مسار خفض الانبعاثات.


مقالات ذات صلة

مؤتمر المناخ يصل إلى محطته الأخيرة دون توافق في نسخة «كوب 30»

الاقتصاد جانب من الجلسات في اليوم الختامي لمؤتمر المناخ «كوب 30» المنعقد في مدينة بيليم البرازيلية (أ.ب)

مؤتمر المناخ يصل إلى محطته الأخيرة دون توافق في نسخة «كوب 30»

دخل مؤتمر المناخ «كوب 30»، المنعقد في مدينة بيليم البرازيلية وسط غابات الأمازون، يومه الأخير على وقع توتر غير مسبوق.

«الشرق الأوسط» (بيليم (البرازيل))
أميركا اللاتينية انتشر الدخان داخل وخارج المكان الذي يستضيف مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (أ.ف.ب)

علاج 13 شخصاً بعد استنشاق الدخان إثر حريق بمقر مؤتمر المناخ «كوب 30»

قال منظمون، في بيان، إن 13 شخصاً تلقوا العلاج من استنشاق الدخان الناجم عن حريق اندلع في المقر الذي ينعقد فيه مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ (كوب 30).

«الشرق الأوسط» (بيليم (البرازيل))
تحليل إخباري الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا يصافح نائب رئيس الوزراء الصيني دينغ شيويه شيانغ قبل مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في بيليم (رويترز)

تحليل إخباري الصين تتربع على عرش «كوب 30» وتملأ الفراغ الأميركي

لأول مرة منذ 3 عقود، تغيب أميركا عن قمة الأمم المتحدة للمناخ، تاركة الباب مفتوحاً أمام الصين لتتصدر المشهد قائدةً جديدة في مكافحة الاحتباس الحراري.

«الشرق الأوسط» (بيليم (البرازيل))
أميركا اللاتينية قارب مهجور يرقد في خزان مائي جفّ بفعل الجفاف على مشارف صنعاء (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: أزمة المناخ أكبر تهديد في عصرنا

رغم الحروب والنزاعات الكثيرة في أنحاء العالم، عدّت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنالينا بيربوك، أزمة المناخ «أكبر تهديد في عصرنا».

«الشرق الأوسط» (بيلم (البرازيل))
أميركا اللاتينية اشتبك متظاهرون مع قوات الأمن في محاولة لاقتحام مقر مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 30» في بيليم بالبرازيل (إ.ب.أ) play-circle 00:37

متظاهرون من السكان الأصليين يشتبكون مع الأمن في قمة المناخ بالبرازيل (صور)

اشتبك عشرات المتظاهرين من السكان الأصليين مع حراس أمن، الثلاثاء، في قمة المناخ (كوب 30) في بيليم البرازيلية، في حدث نادراً ما يحصل في مؤتمر المناخ السنوي.

«الشرق الأوسط» (بيليم (البرازيل))

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
TT

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024، حيث ارتفعت درجات الحرارة بوتيرة تزيد بمقدار المثلين عن المتوسط العالمي في العقود الأخيرة.

وأصبحت الموجات الحارة في المنطقة أطول وأكثر حدة، وفقاً لأول تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يركز على المنطقة.

وقالت سيليست ساولو الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «ترتفع درجات الحرارة بمعدل مثلي المتوسط العالمي، مع موجات حرّ شديدة ومرهقة للمجتمع إلى أقصى الحدود».

وخلص التقرير إلى أن متوسط درجات الحرارة في عام 2024 تجاوز متوسط الفترة من 1991 إلى 2020، بمقدار 1.08 درجة مئوية، فيما سجّلت الجزائر أعلى زيادة بلغت 1.64 درجة مئوية فوق متوسط الثلاثين عاماً الماضية.

وحذّرت ساولو من أن الفترات الطويلة التي زادت فيها الحرارة عن 50 درجة مئوية في عدد من الدول العربية كانت «حارة للغاية» بالنسبة لصحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصاد.

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

وأشار التقرير إلى أن موجات الجفاف في المنطقة، التي تضم 15 بلداً من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه، أصبحت أكثر تواتراً وشدة، مع اتجاه نحو تسجيل موجات حرّ أكثر وأطول في شمال أفريقيا منذ عام 1981.

وخلص التقرير إلى أن مواسم الأمطار المتتالية، التي لم يسقط فيها المطر، تسببت في جفاف في المغرب والجزائر وتونس.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أكثر من 300 شخص في المنطقة لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الظواهر الجوية القاسية، ولا سيما موجات الحر والفيضانات، في حين تضرر ما يقرب من 3.8 مليون شخص.

وأكّد التقرير الحاجة الماسة للاستثمار في الأمن المائي، عبر مشروعات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للحدّ من مخاطر الظواهر الجوية. ويمتلك نحو 60 في المائة من دول المنطقة هذه الأنظمة حالياً.

ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 5 درجات مئوية، بحلول نهاية القرن الحالي، في ظل مستويات الانبعاثات الحالية، استناداً إلى التوقعات الإقليمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.


دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
TT

دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

تعيش مع البشر مئات الملايين من القطط في جميع أنحاء العالم، سواء أكانت سيامية أو فارسية أو من سلالة ماين كون أو غيرها. لكن على الرغم من شعبيتها كحيوانات أليفة، ظلّ تاريخ استئناسها وتربيتها بالمنازل سرّاً صعباً يستعصي على العلماء.

وتقدم دراسة جينية جديدة نظرة في هذه المسألة، من خلال تحديد التوقيت الزمني لمرحلة رئيسية في تدجين القطط، عندما استُقدمت القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا.

ووجد الباحثون أن القطط الأليفة وصلت إلى أوروبا منذ ما يقرب من ألفي عام، في أوائل عصر الإمبراطورية الرومانية، ربما من خلال التجارة البحرية.

ويحتمل أن يكون البحارة قد جلبوا بعض هذه القطط لاصطياد الفئران على متن السفن التي كانت تجوب البحر المتوسط حاملة الحبوب من حقول مصر الخصبة إلى الموانئ التي تخدم روما والمدن الأخرى في الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف.

تتناقض هذه النتائج مع الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن الاستئناس حدث في عصور ما قبل التاريخ، ربما قبل 6 إلى 7 آلاف سنة، حينما انتقل المزارعون من الشرق الأدنى والشرق الأوسط القديم إلى أوروبا لأول مرة، حاملين القطط معهم.

قطة (أ.ف.ب)

وقال عالم الجينات كلاوديو أوتوني، من جامعة روما تور فيرجاتا، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت اليوم (الخميس)، في مجلة «ساينس»: «أظهرنا أن أقدم جينومات للقطط المنزلية في أوروبا تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية وما بعدها»، بداية من القرن الأول الميلادي.

استخدمت الدراسة بيانات جينية من بقايا القطط من 97 موقعاً أثرياً في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأدنى، وكذلك من قطط تعيش في الوقت الحاضر. قام الباحثون بتحليل 225 عظمة من عظام القطط، الأليفة والبرية، التي ترجع إلى نحو 10 آلاف سنة مضت إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وأنتجوا 70 جينوماً قديماً للقطط.

ووجد الباحثون أن بقايا القطط من مواقع ما قبل التاريخ في أوروبا تنتمي إلى القطط البرية، وليس القطط الأليفة القديمة.

كانت الكلاب هي أول حيوان مستأنس من قبل البشر، إذ انحدرت من فصيلة ذئاب قديمة مختلفة عن الذئاب الحديثة. وجاءت القطط الأليفة في وقت لاحق، منحدرة من القط البري الأفريقي.

قال ماركو دي مارتينو، عالم الحفريات بجامعة روما تور فيرجاتا، والمؤلف المشارك في الدراسة: «دخول القطط الأليفة إلى أوروبا مهم لأنه يمثل لحظة مهمة في علاقتها طويلة الأمد مع البشر. فالقطط ليست مجرد نوع آخر وصل إلى قارة جديدة. إنها حيوان أصبح مندمجاً بعمق في المجتمعات البشرية والاقتصادات حتى المعتقدات».

وحدّدت البيانات الجينية مرحلتين لدخول القطط إلى أوروبا من شمال أفريقيا. فمنذ ما يقرب من 2200 سنة، جلب البشر القطط البرية من شمال غربي أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، التي تنحدر قططها البرية الحالية من تلك القطط المهاجرة.

لكن هذه القطط لم تكن أليفة. فهناك هجرة منفصلة من شمال أفريقيا بعد نحو قرنين من الزمان، شكّلت الأساس الجيني للقطط المنزلية الحديثة في أوروبا.

تشير نتائج الدراسة إلى أنه لم تكن هناك منطقة أساسية واحدة لترويض القطط، بل لعبت عدة مناطق وثقافات في شمال أفريقيا دوراً في ذلك، وفقاً لعالمة الآثار الحيوانية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، بيا دي كوبير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية.

وقالت دي كوبير: «يتزامن توقيت الموجات الوراثية لإدخال القطط من شمال أفريقيا مع الفترات التي تكثفت فيها التجارة حول البحر المتوسط بقوة. ومن المرجح أن القطط كانت تسافر لصيد فئران على متن سفن الحبوب، لكن ربما أيضاً كحيوانات ذات قيمة دينية ورمزية».

كانت القطط مهمة في مصر القديمة، وكان ملوك مصر يحتفظون بقطط أليفة، وأحياناً يحنطونها لدفنها في توابيت أنيقة.

ولعب الجيش الروماني القديم، الذي انتشرت مواقعه العسكرية في جميع أنحاء أوروبا، وحاشيته، دوراً أساسياً في انتشار القطط الأليفة في جميع أنحاء القارة، وتشهد على ذلك بقايا القطط التي اكتشفت في مواقع المعسكرات الرومانية.

ويرجع تاريخ أقدم قط مستأنس في أوروبا تم تحديده في الدراسة، وهو قط مشابه وراثياً للقطط المنزلية الحالية، إلى ما بين 50 قبل الميلاد و80 ميلادية من بلدة ماوترن النمساوية، وهي موقع حصن روماني على طول نهر الدانوب.

ومع ذلك، لم تكشف الدراسة عن توقيت ومكان التدجين الأولي للقطط.

قال أوتوني: «تدجين القطط أمر معقد، وما يمكننا قوله حالياً هو توقيت دخول القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا. لا يمكننا أن نقول الكثير عما حدث قبل ذلك، وأين حدث».


إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
TT

إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات المحلية في إسطنبول، اليوم (الاثنين)، مرسوماً يقضي بحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة في المستقبل، وكذلك منع وجودها في الأماكن العامة بالمدينة.

وقالت السلطات إنه سيتم منع الكلاب الضالة من الوجود على الأرصفة، والمرافق الصحية والتعليمية، والمطارات، ودور العبادة، والمتنزهات، وذلك بهدف منع انتشار الآفات والتلوث البيئي.

ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول العقوبات المحتملة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتهدف الإجراءات الجديدة أيضاً إلى تسريع عملية الإمساك بالكلاب التي لا مالك لها وتعقيمها، وإيوائها في ملاجئ الحيوانات. وستكون البلديات مسؤولة عن تنفيذ القواعد الجديدة.

وأصبحت هذه القضية محل جدل كبيراً منذ صدور قانون العام الماضي، يسمح في حالات معينة بإعدام الكلاب الضالة. ويمكن الآن إلزام البلديات بإمساك الحيوانات الضالة وإيوائها في ملاجئ خاصة.

وتقوم هذه الملاجئ بالبحث عن مالكين جدد للاعتناء بهذه الحيوانات.