أضرار البنى التحتية في أوكرانيا تجاوزت 100 مليار دولار

أوروبا تواصل تجميد الأصول الروسية وموسكو تحذّر من «أكبر سرقة في التاريخ»

جنود أوكرانيون في دونيتسك (أ.ب)
جنود أوكرانيون في دونيتسك (أ.ب)
TT

أضرار البنى التحتية في أوكرانيا تجاوزت 100 مليار دولار

جنود أوكرانيون في دونيتسك (أ.ب)
جنود أوكرانيون في دونيتسك (أ.ب)

حمل إعلان وزير المالية الأوكراني سيرغي مارشينكو، الجمعة، عن حصيلة أولية لحجم الأضرار التي تكبدتها البنى التحتية الأوكرانية جراء العمليات العسكرية خلال الأشهر التسعة الماضية، إشارة مباشرة إلى الشروع في وضع تقديرات مالية للتعويضات التي قد تُمنح إلى كييف من الأموال الروسية التي جمدها الغرب. وتتهم موسكو الأوروبيين بإطلاق «أكبر عملية نهب» للأصول الروسية مع تواصل عمليات تجميد الأصول التي تملكها الدولة الروسية في أوروبا.
وقال الوزير الأوكراني لوكالات أنباء غربية، الجمعة، إن حجم «التعويضات» التي سيكون على روسيا دفعها جراء الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الأوكرانية منذ فبراير (شباط) الماضي يمكن أن تقدر بنحو 100 مليار دولار. وشدد على أن حجم الأضرار الفعلية «قد يكون أكبر بكثير من هذا الرقم».
وزاد الوزير «من الصعب تقييم جميع الأضرار؛ لأن الهجمات على البنية التحتية مستمرة».
وأشار مارشينكو إلى أن عجز الميزانية الأوكرانية يبلغ حالياً، خمسة مليارات دولار شهرياً، لكنه لفت إلى أمل السلطات في تقليص هذا العجز خلال العام المقبل إلى ثلاثة مليارات دولار شهرياً.
وكانت موسكو أطلقت منذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) هجوماً واسعاً استهدف مرافق البنى التحتية في أوكرانيا. وقال الجيش الروسي، إنه وجه «ضربات بأسلحة دقيقة بعيدة المدى على أهداف القيادة العسكرية وأنظمة الاتصالات والطاقة في أوكرانيا». واستهدفت الضربات مواقع ومنشآت حساسة في قطاع الطاقة وأنظمة الاتصال في المدن الرئيسية من خاركيف وكييف في الشرق والوسط إلى لفيف وإيفانو فرانكيفسك غرباً. وأعلن الرئيس فلاديمير بوتين، آنذاك، أن التطور المرافق لاستهداف البنى التحتية شكّل رداً على «الهجوم الإرهابي على جسر القرم الذي نظمته كييف وهجمات أخرى على أهداف مدنية في روسيا».
بدوره، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مطلع الشهر، إن نحو 40 في المائة من البنية التحتية للطاقة في البلاد قد تضررت بشكل بالغ.
وأعاد التذكير بحجم الأضرار الأوكرانية الأولية إلى الواجهة نقاشات حول مصير الأصول الروسية التي جمدها الغرب وبلغت قيمتها الإجمالية، وفقاً لمعطيات موسكو، نحو 330 مليار دولار، يضاف إليها تجميد الاتحاد الأوروبي أصولاً روسية جديدة بقيمة 68 مليار يورو، بحسب ما جاء في تقرير نشرته الجمعة صحيفة «بوليتيكو» نقلاً عن وثيقة صادرة عن المفوضية الأوروبية. ويوضح التقرير، أن الجزء الأعظم من هذه الأموال تم تجميده في بلجيكا التي بلغت قيمة الأصول الروسية فيها نحو 50 مليار يورو، وتأتي بعد ذلك لوكسمبورغ التي جمدت أصولاً بقيمة 5.5 مليار يورو. وأشارت تقديرات المفوضية الأوروبية، وفق التقرير، إلى أن نحو 33.8 مليار يورو من هذه الأموال تعد احتياطات وطنية لروسيا، لكن التقرير أقر بأن المبالغ ما زالت تخضع للتقديرات النهائية.
وعموماً، تبلغ الأصول الروسية المجمدة في أوروبا نحو نصف احتياطات روسيا من الذهب والعملات الأجنبية. وفي وقت سابق، وصفت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا التحركات الغربية في هذا الشأن بأنها «أكبر سرقة في تاريخ العلاقات». ولفتت إلى أن الاتحاد الأوروبي «يتخذ العديد من القرارات غير المشروعة وغير المعقولة لتجميد ممتلكات المواطنين والشركات الروسية منذ عام 2014».
في الوقت نفسه، ينظر الاتحاد الأوروبي في إمكانية مصادرة الأموال الروسية المجمدة وتحويلها لتمويل أوكرانيا، وهذا أمر تمت مناقشته خلال جلسة خاصة للأمم المتحدة أخيراً. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن «هذه أعمال غير قانونية على الإطلاق وتتعارض مع القانون الدولي وتشكل تعدياً على الممتلكات، الحكومية والخاصة؛ مما يقوض أسس النظام القائم للعلاقات الاقتصادية في العالم».
وطالبت موسكو خلال الجلسة الأممية أخيراً واشنطن بتعويض البلدان التي شنّت فيها عمليات عسكرية وعلى رأسها العراق وأفغانستان وليبيا وبلدان أخرى. في حين تحدث برلمانيون روس عن توجه إلى حصر الأضرار التي تسببت فيها العمليات العسكرية في منطقة دونباس ومطالبة أوكرانيا بدفع تعويضات لروسيا عنها.
وأعلن نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، أن آلية جمع «التعويضات» من روسيا، التي ينوي الغرب تمريرها من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، تهدف إلى إضفاء الشرعية على مصادرة الأصول الروسية المجمدة.
وقال الدبلوماسي الروسي، إن «السبب الكامن وراء المبادرة الغربية مرئي بالعين المجردة، حيث يحاول شركاؤنا الغربيون السابقون من خلال الجمعية العامة إضفاء بعض مظاهر الشرعية على محاولاتهم للاستيلاء على الأصول الروسية المجمدة في الغرب، أو بالأحرى سرقتها. وسيفعلون ذلك على المستوى الوطني، مشيرين إلى (إرادة المجتمع الدولي) التي يُزعم أنه تم التعبير عنها في الجمعية العامة».
وأكد، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة لا تملك سلطة إنشاء آلية لتحصيل «التعويضات» من روسيا، على النحو الذي اقترحه القرار الغربي للمناقشة في 14 نوفمبر (تشرين الثاني). كذلك، وصف نائب أمين مجلس الأمن الروسي ألكسندر فينيديكتوف، في وقت سابق، تجميد الغرب للأصول الروسية بأنه «إحدى أعظم السرقات في التاريخ».


مقالات ذات صلة

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في صورة مع أحد الجنود الأوكرانيين الذين أصيبوا في الحرب (د.ب.أ)

شولتس في كييف بعد طول غياب... واتهامات باستغلاله الزيارة لأغراض انتخابية

زار المستشار الألماني أوكرانيا بعد عامين ونصف العام من الغياب وفي وقت تستعد فيه بلاده لانتخاب عامة مبكرة، واتهمته المعارضة باستغلال الزيارة لأغراض انتخابية.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله إلى أوكرانيا (حسابه عبر منصة إكس)

شولتس في زيارة مفاجئة لأوكرانيا... ويعلن عن مساعدات عسكرية جديدة

وصل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى أوكرانيا، الاثنين، في زيارة لم تكن معلنة مسبقاً للتأكيد على دعم برلين لكييف في حربها ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».