إسرائيل تنتقد واشنطن وترفض التعاون مع التحقيق بخصوص أبو عاقلة

الفلسطينيون وعائلتها يرحبون بالتغيير الدراماتيكي في الموقف الأميركي

الزميلة الراحلة شيرين أبو عاقلة (أ.ف.ب)
الزميلة الراحلة شيرين أبو عاقلة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تنتقد واشنطن وترفض التعاون مع التحقيق بخصوص أبو عاقلة

الزميلة الراحلة شيرين أبو عاقلة (أ.ف.ب)
الزميلة الراحلة شيرين أبو عاقلة (أ.ف.ب)

رفضت إسرائيل التعاون مع تحقيق قررت الولايات المتحدة فتحه في قضية مقتل الصحافية الفلسطينية التي تحمل الجنسية الأميركية شيرين أبو عاقلة، وقضت في مايو (أيار) الماضي في جنين.
ورأى وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس القرار الأميركي فتح تحقيق في مقتل أبو عاقلة أنه «خطأ فادح»، وقال في بيان إن «الجيش الإسرائيلي أجرى تحقيقاً مستقلاً ومهنياً عُرض على الأميركيين، وتم إطلاعهم على التفاصيل».
وأضاف: «أوضحت للممثلين الأميركيين أننا نقف وراء الجنود الإسرائيليين، ولن نتعاون مع أي تحقيق خارجي، ولن نسمح بأي تدخل في الشؤون الإسرائيلية». وكان غانتس يرد على قرار وزارة العدل الأميركية الذي أبلغته لإسرائيل، بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي، قرر فتح تحقيق في مقتل أبو عاقلة التي كانت تعمل في قناة «الجزيرة» وقُتلت بالرصاص خلال عملية للجيش الإسرائيلي في مخيم جنين بالضفة الغربية في مايو المنصرم.
وقُتلت أبو عاقلة (51 عاماً)، في أثناء ارتدائها سترة وُضعت عليها علامة «صحافة» واضحة، وخوذة، برصاص قناص في رأسها، خلال مداهمة جنود إسرائيليين مخيم جنين في شمال الضفة الغربية، وسط حملة عسكرية أوسع.
واتهمت السلطة الفلسطينية إسرائيل بقتل أبو عاقلة عمداً، لكنّ إسرائيل نفت ذلك وأعلنت أن تحقيقاً أجراه الجيش الإسرائيلي توصل إلى أنها «أُصيبت برصاصة يُرجح أن يكون أطلقها جندي إسرائيلي عن طريق الخطأ».
وفاجأ القرار الأميركي إسرائيل، لأنه يعد تحولاً دراماتيكياً، بعد أن أكدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لفترة طويلة، أنها لن تفتح تحقيقاً خاصاً في حادثة قتل أبو عاقلة، رغم الضغوط الشديدة التي مارستها السلطة وعائلة أبو عاقلة وجهات أخرى وأعضاء ديمقراطيون في الكونغرس، بما في ذلك الكثير من المشرّعين المعتدلين نسبياً المعروفين بدعمهم القوي للعلاقات الأميركية - الإسرائيلية، مثل السيناتور روبرت مينينديز، والسيناتور كوري بوكر.
وكان سبعة وخمسون (57) عضواً في الكونغرس من الحزب الديمقراطي قد طالبوا في شهر مايو الماضي، وزارة الخارجية في واشنطن ومكتب «FBI»، بالتحقيق في ملابسات وفاة أبو عاقلة لأنها تحمل الجنسية الأميركية أيضاً.
وليس جديداً أن يعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي إجراء تحقيقات في الوفيات أو الإصابات غير الطبيعية لمواطنين أميركيين في الخارج، لكن ذلك غير مسبوق تقريباً في دولة حليفة للولايات المتحدة مثل إسرائيل التي أعربت عن «أسفها» سابقاً لمقتل شيرين، وعدّتها «مأساة وقعت وسط حادثة إطلاق نار كثيف من مسلحين».
وهذه ليست أول مواجهة بين إسرائيل والولايات المتحدة في هذا الشأن بعدما رفضت إسرائيل في السابق، طلباً أميركياً لإعادة النظر في قواعد الاشتباك العسكرية بعد مقتل أبو عاقلة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد قد رد في سبتمبر (أيلول) المنصرم، على الطلب الأميركي قائلاً إنه لن يسمح بمحاكمة أي جندي إسرائيلي «ولا أحد يملي علينا تعليمات إطلاق النار».
وفيما رفضت إسرائيل التحقيق الأميركي وأعلنت أنها لن تتعاون معه، رحب الفلسطنيون وعائلة أبو عاقلة بالقرار الأميركي. وأكد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، «أن هذا القرار دليل إضافي على عدم مصداقية رواية سلطات الاحتلال لجميع حالات القتل المتعمد التي تنفذها قواتها بحق أبناء شعبنا». وشدد على ضرورة «محاسبة القتلة على جرائمهم، وعدم السماح لسلطات الاحتلال بالتمادي في قتل أبناء شعبنا».
واستهجن الناطق باسم الرئاسة ردة الفعل الإسرائيلية، مؤكداً أن السياسة الإسرائيلية «تتحدى القانون الدولي، باستخفافها العلني بالقرارات الدولية والأممية، وتعنتها في الامتثال لها».
كما رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بالقرار الأميركي، وقالت إن «هذا القرار وإن جاء متأخراً إلا أنه يعكس تولّد قناعة لدى الجانب الأميركي بغياب أي تحقيقات إسرائيلية جدّية وعدّها شكلية ولا تعدو كونها محاولات للتغطية على المجرمين والقتلة».
وأشادت عائلة أبو عاقلة بالتحقيق الأميركي. وجاء في بيان صدر عنها أن «هذه خطوة مهمة». وأعربت العائلة عن أملها في إجراء «تحقيق مستقل بالفعل وذي مصداقية وشامل». ولفتت أسرة الصحافية إلى أنها تطالب بتحقيق أميركي «منذ البداية».
وأضافت أن السلطات الأميركية تتحمّل مسؤولية إجراء تحقيق «عندما يُقتل مواطن أميركي في الخارج، خصوصاً عندما تتم عملية القتل بأيدي جيش أجنبي، كما هو الحال بالنسبة لشيرين».
وصرحت عائلة أبو عاقلة وزملاء لها لمحققي الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، بأنها استُهدفت عمداً كجزء من «حرب إسرائيل واسعة النطاق» على الإعلاميين الفلسطينيين، ودعوا إلى المساءلة والعدالة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».