تركيا تكثّف غارات الطائرات المسيّرة في شمال سوريا

مقتل مسؤول عسكري كردي كبير... و27 آخرين خلال 7 شهور

تظاهرة كردية في القامشلي قبل أيام استنكاراً للغارات التركية (أ.ف.ب)
تظاهرة كردية في القامشلي قبل أيام استنكاراً للغارات التركية (أ.ف.ب)
TT

تركيا تكثّف غارات الطائرات المسيّرة في شمال سوريا

تظاهرة كردية في القامشلي قبل أيام استنكاراً للغارات التركية (أ.ف.ب)
تظاهرة كردية في القامشلي قبل أيام استنكاراً للغارات التركية (أ.ف.ب)

أعلنت تركيا قصف أهداف تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» التي تشكل «وحدات حماية الشعب الكردية» غالبية قوامها، في ظل تصعيد متواصل منذ الأسبوع الماضي على مواقع سيطرتها في شمال وشمال شرقي سوريا.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، الأحد، إن طائرات مسيّرة تابعة لقواتها في سوريا رصدت ما سمّته «مجموعة إرهابيين من وحدات حماية الشعب الكردية» تستعد لشن هجوم على المنطقة المعروفة بمنطقة عملية «نبع السلام» الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» المُوالي لأنقرة في شمال شرقي سوريا، وأن القوات التركية العاملة في المنطقة ضربت على الفور «الأهداف الإرهابية» بالمنطقة.
جاء ذلك بعد ساعات من إعلان الوزارة، في بيان آخر، ليل السبت - الأحد، مقتل 8 من عناصر الوحدات الكردية في المنطقة المعروفة بـ«درع الفرات» التي تسيطر عليها القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني» المُوالي في محافظة حلب شمال سوريا، وذلك بعد إطلاقهم «نيراناً استفزازية» على المنطقة.
وقال البيان إن «النيران الاستفزازية» كان ثمنها باهظاً على الإرهابيين (مسلَّحي الوحدات الكردية التابعين لقسد)».
وصعّدت القوات التركية، منذ الأسبوع الماضي، قصفها على مناطق سيطرة «قسد» في شمال وشمال شرقي سوريا، مستهدفة بالتحديد محيط مدينة تل رفعت، وقرية عين عيسى في ريف حلب، وبلدة أبو راسين، وعدد من القرى الواقعة بريف الحسكة الشمالي الغربي، وعين عيسى في ريف الرقة الشمالي، بالمدفعية الثقيلة وبضربات الطائرات المسيّرة.
في هذا الإطار، أعلنت المخابرات التركية مقتل قيادي عراقي في «وحدات حماية الشعب الكردية»، في عملية نفّذتها في بلدة عين عيسى شمال، يُدعى قيس برهوسوليف، وكان يحمل اسماً حركياً هو أزاد، وعُرف بأنه مسؤول الوحدات الكردية في منطقة عين عيسى شمال الرقة، وانخرط في صفوف «حزب العمال الكردستاني»، الذي تصنِّفه أنقرة تنظيماً إرهابياً، وتعتبر «وحدات حماية الشعب الكردية» امتداداً له في سوريا، عام 2013 في منطقة سنجار العراقية، ثم انتقل إلى منطقة تل تمر في سوريا، وكان مسؤول الأسلحة الثقيلة بمحافظة الحسكة الخاضعة لسيطرة «قسد»، وشارك في «عمليات إرهابية» ضد الجيش التركي أثناء عملية «نبع السلام» عام 2019، وفقاً لما أعلنته مصادر أمنية تركية.
كما قُتل قيادي من «قسد» وسائق كان برفقته، وأصيب 3 مدنيين، بينهم أطفال، بجروح خطيرة، جراء استهداف طائرة مسيَّرة تركية لسيارة على طريق الحزام الغربي بمدينة القامشلي في ريف الحسكة.
وصعّدت تركيا، بالتوازي مع تهديداتها بشنّ عملية عسكرية ضد «قسد» في منبج وتل رفعت، مايو (أيار) الماضي، من استهدافاتها قيادات الوحدات الكردية عبر الطيران المسيَّر، ونفّذت عدداً من العمليات النوعية التي استهدفت القيادات والعناصر البارزة على وجه الخصوص.
ووسّعت القوات التركية نطاق الاستهدافات، التي أصبحت تنفَّذ بشكل شبه يومي عقب القمة الثلاثية للدول الضامنة لمسار أستانة (روسيا وتركيا وإيران) في طهران، خلال يوليو (تموز) الماضي.
ووفق إحصاء لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بلغ عدد الاستهدافات الجوية التي نفّذتها طائرات تركية مسيّرة على مناطق نفوذ «قسد» في شمال وشمال شرقي سوريا، خلال الأشهر الـ7 الأولى من العام الحالي، 39 استهدافاً، تسببت بسقوط 29 قتيلاً، منهم 27 من مسلَّحي «قسد»، بينهم 10 نساء، إضافة إلى طفلين، وإصابة أكثر من 76 شخصاً بجروح متفاوتة.
كما أودت الضربات التركية بحياة مدنيين. ووثّقت منظمة «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة» مقتل 34 شخصاً، منهم 13 مدنياً، وإصابة 18 من المدنيين حتى يوليو الماضي.
ولم يستبعد خبراء عسكريون أن تكون تركيا قد حصلت، خلال قمة طهران في يوليو الماضي، على ضوء أخضر من روسيا وإيران بالتغاضي عن استهدافاتها قيادات «قسد»، وربما على تعاون فيما يتعلق بتبادل المعلومات، مقابل التخلي عن القيام بالعملية العسكرية التي يعارضها البلدان، إلى جانب رفضها من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأكدوا أن الطائرات المسيّرة أصبحت سلاحاً مهماً في يد القوات التركية، في ظل سيطرة روسيا على المجال الجوي في شمال سوريا، وأن ذلك خدَمَ أهدافها الرامية إلى إضعاف قوة «قسد» في ظل الدعم الأميركي والغربي الكبير المقدَّم للوحدات الكردية، برصفه حليفاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، حيث وجدت تركيا في ذلك وسيلة لتحقيق أهدافها بأقل التكاليف البشرية والعسكرية، إضافة إلى إضعاف قدرات «قسد» وتهديداتها للحدود التركية.
في غضون ذلك، وافقت إسبانيا على تمديد فترة عمل نظام الدفاع الصاروخي «باتريوت» التابع لها على الأراضي التركية لمدة 6 أشهر، اعتباراً من نهاية العام الحالي حتى يونيو (حزيران) المقبل.
ونشرت إسبانيا بعض بطاريات الـ«باتريوت» في ولاية أضنة، جنوب تركيا، على مقربة من الحدود مع سوريا، منذ مطلع عام 2015، بعد أن تسلمت تلك المهمة من هولندا التي كانت قد نشرت النظام نفسه في المنطقة مطلع يناير (كانون الثاني) 2013، لدعم جهود حلف شمال الأطلسي «ناتو» لحماية أجواء تركيا من تهديدات محتملة قادمة من الجانب السوري، حيث لا تمتلك تركيا أية بطاريات من هذا النوع.
وقالت مصادر، لوكالة «الأناضول» التركية، الأحد، إن صلاحية عمل نظام «باتريوت» كانت مقرَّرة حتى نهاية العام الحالي، وإن إسبانيا مدّدت عمله، وكذلك عمل جنودها القائمون على تشغيله، 6 أشهر حتى يونيو المقبل. وعبّر وزير الدفاع خلوصي أكار عن شكره لنظيرته الإسبانية مارغريتا روبلس؛ على دعم بلادها لتركيا «بما يتماشى مع روح التضامن تحت مظلة الناتو».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.