السوداني: الأمن خط أحمر

استمرار الغموض في حادثة مقتل أميركي في بغداد

رجل أمن عراقي يقفل بوابة البنك المركزي العراقي إثر حريق نشب في بعض أجزائه (غيتي)
رجل أمن عراقي يقفل بوابة البنك المركزي العراقي إثر حريق نشب في بعض أجزائه (غيتي)
TT

السوداني: الأمن خط أحمر

رجل أمن عراقي يقفل بوابة البنك المركزي العراقي إثر حريق نشب في بعض أجزائه (غيتي)
رجل أمن عراقي يقفل بوابة البنك المركزي العراقي إثر حريق نشب في بعض أجزائه (غيتي)

في الوقت الذي تواصل السلطات العراقية التحقيقات الخاصة بالكشف عن ملابسات مقتل مواطن إغاثة أميركي وسط العاصمة العراقية بغداد (الاثنين)، حذر رئيس الوزراء محمد السوداني أي طرف يريد اختبار حكومته في ملف الأمن، عادّاً إياه بمثابة «اختبار فاشل». السوداني الذي اعتبر أن «توقيت جريمة قتل المواطن الأميركي في بغداد فيه علامات استفهام» تعهد في الوقت نفسه بملاحقة القتلة، معتبراً أنه وبينما تواصل جهات التحقيق العراقية جهودها لكشف ملابسات الحادث بأسرع وقت ممكن، فإنه باستثناء ما عبّر عنه زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم غير المشارك في الحكومة من قلق، فإنه لا توجد ردود فعل من قِبل القوى السياسية العراقية حيال ما حصل، وهو أمر لم يكن مألوفاً في حالات كثيرة سبقت ذلك، سواء كانت عمليات اغتيال أو قصفاً بالصواريخ للسفارة الأميركية أو للمواقع التي كانت تشتبه الجهات المسلحة بأنها تضم جنوداً أميركيين. الحكيم وفي تغريدة له على موقع «تويتر»، حذر من انعكاس اغتيال المواطن الأميركي ستيفن إدوارد ترويل ببغداد قبل يومين، على «المناخ الآمن» في العراق. وقال، إن «اغتيال المواطن الأميركي ستيفن ترول وسط بغداد فعل مدان ومستنكر»، معرباً عن «عميق أسفنا لما حصل». وحث الحكيم، «الجهات الأمنية المسؤولة على الإسراع بكشف ملابسات الجريمة وإطلاع الرأيين المحلي والعالمي على تفاصيلها، وتشخيص ما إذا كانت دوافعها جنائية أم سياسية»، مشدداً على «عدم السماح بأن ينعكس ذلك سلباً على المناخ الآمن الذي يسود العراق أو على علاقاته الخارجية».
من جهتها، فإن واشنطن التي بدت متحمسة لبدء صفحة جديدة من العلاقة مع الحكومة التي تعود في معظم وزرائها إلى قوى الإطار التنسيقي الشيعي تصرفت حتى الآن طبقاً للمراقبين السياسيين في بغداد بحذر وترقب دون أي نبرة تهديد. وفي حين يرى هؤلاء المراقبون والمتابعون، أن من الصعب على أي من أطراف قوى الإطار التنسيقي يمكن أن تتورط في عملية الاغتيال؛ كونها إما مشاركة في الحكومة الحالية أو أن الحكومة طالما لم يشكلها خصمهم العنيد مقتدى الصدر فهي قريبة منها، فإن الشبهات تبقى تدور حول أطراف موازية لا تريد للسوداني أن يذهب بعيداً في العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية عقب سلسلة لقاءات أجرتها السفيرة الأميركية آلينا رومانوسكي معه بعد توليه مسؤولياته. وطبقاً للتوقعات نفسها، فإن عملية تصفية المواطن الأميركي على يد جهة مجهولة وإن أطلقت على نفسها «أهل الكهف» يراد منها بعث رسالة بأنه أياً تكن العلاقات بين العراق والولايات المتحدة على المستوى السياسي، فإن الأطراف العقائدية لا تنسى ما تعتقد أنه عملية ثأر مستمرة من الأميركان بسبب اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس. وفي سياق استمرار الدعم لحكومة السوداني، أعلنت السفيرة الأميركية في بغداد آلينا رومانوسكي، أمس (الأربعاء)، التزام بلادها وقوات «ناتو»، بتقديم المشورة والمساعدة لقوات الأمن العراقية لضمان الهزيمة الدائمة لـ«داعش». وقالت رومانوسكي في تغريدة على «تويتر»، إن «قائد قوات (ناتو) بالعراق الفريق جيوفاني يانوتشي وأنا ملتزمان بتقديم المشورة والمساعدة لقوات الأمن العراقية لضمان الهزيمة الدائمة لـ(داعش)». وأضافت «عراق آمن ومستقر وخالٍ من تهديد (داعش) سيسمح بتحقيق نمو اقتصادي أكبر وتقديم الخدمات لشعب العراق». وفي هذا السياق، يقول اللواء الركن المتقاعد الدكتور عماد علو، رئيس مركز الاعتماد للدراسات الأمنية والاستراتيجية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «عملية اغتيال المواطن الأميركي في بغداد ستكون لها بالتأكيد تداعيات على أسلوب تعاطي رئيس الوزراء مع الملف الأمني بشكل عام والسلاح المنفلت بشكل خاص». وأضاف، أن «ما حصل في الواقع هو رسالة من أطراف لا ترغب في تحسين العلاقات بين بغداد وواشنطن، أو هي رسالة السوداني بعدم التعاطي بإيجابية في علاقته مع الأميركان، وهو لا يتفق مع توجهات الإطار الذي عقد الآمال على نجاح حكومة السوداني في هذه المرحلة»، مبيناً أن «ما حصل ربما يؤشر إلى وجود خلافات بين بعض الفصائل المسلحة التي تتبنى مشروع المقاومة». وبشأن «تنظيم أهل الكهف» الذي أعلن مسؤوليته عن الحادث، يقول اللواء علو، إن «هذا التنظيم غير معروف، وسبق له أن أعلن مسؤوليته سابقاً عن عمليات عدة في بغداد أو أربيل، بينما لم تعلن أي جهة من الجهات السياسية أن لها علاقة مع هذا التنظيم الوهمي حتى الآن رغم أن هناك بعض الخبراء والمراقبين القريبين من أجواء الفصائل المسلحة سبق أن تعاطوا بإيجابية مع بعض العمليات التي قام بها هذا التنظيم». أما رئيس مركز التفكير السياسي في العراق الدكتور إحسان الشمري، فيقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «التقارب الذي بدا واضحاً بين واشنطن من جهة ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء، من جهة أخرى أعتقد أنه استفز بعض الجهات الداخلية، خصوصاً أن هذه الجهات تنظر إلى الولايات المتحدة الأميركية بأن لها أجنداتها الخاصة في الداخل العراقي، ومن ثم تريد أن تقطع طريق أي تصاعد في مستوى العلاقة إيجابياً». وأضاف الشمري، أن «مقتل المواطن الأميركي هو في الواقع رسالة من هذه الجهات بأنها قادرة على إعادة التحكم بالعلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، وأن على السوادني ألا يتخطى الحدود المرسومة للعلاقة مع واشنطن، فضلاً عن التأكيد أن هذه القوى تريد أن تقول إنها قادرة على إرباك الوضع الأمني في التوقيت الذي تختاره، وبالتالي وضع محددات أمام السوداني».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
TT

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

وردّاً على قوله إن إيران قصفت مدينة حلبجة (شمال العراق) بالسلاح الكيماوي نهاية الثمانينات، أصدرت حكومة إقليم كردستان بيان تكذيب، شدّدت فيه على أن «ما قاله صهر الديكتاتور العراقي السابق (صدام حسين) ملفق، وعارٍ عن الصحة».

رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (إعلام حكومي)

وجاء في بيان لمكتب رئيس حكومة كردستان، مسرور بارزاني، أنه «في مقابلة مع صحيفة (الشرق الأوسط) أطلق شخص يُدعى جمال مصطفى التكريتي، صهر الديكتاتور العراقي السابق، ادعاءً يُنكر فيه الهجوم الكيماوي الذي اقترفه النظام البعثي السابق على حلبجة، وتمادى في ادعائه، ناسباً تصريحاً باطلاً لرئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، بأن (طائرتين إيرانيتين قصفتا حلبجة)».

وقال مكتب بارزاني: «إن رئيس حكومة الإقليم لم يسبق أن أدلى بمثل هذا التصريح»، وشدد البيان على أن «مرتكبي الهجوم الكيماوي على حلبجة هو النظام العراقي السابق نفسه، وكل الأدلة تُثبت قطعاً أنه مَن اقترف هذه الجريمة».

وكان جمال مصطفى قد قال في المقابلة التي أجراها مع رئيس تحرير «الشرق الأوسط»، غسان شربل، إن «إيران هي مَن قصفت حلبجة»، والشاهد على ذلك قبل فترة غير بعيدة، مسرور بارزاني، رئيس وزراء كردستان الذي أعلن «أن طائرتين إيرانيتين قصفتا حلبجة قبل دخول الإيرانيين إليها».

وتعرضت حلبجة في 16 مارس (آذار) 1988، إلى القصف بالأسلحة الكيماوية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 5 آلاف من مواطنيها، وإصابة ضعف هذا العدد، كثير منهم يعاني حتى اليوم من تأثيرات الغازات السامة، وفقاً لمؤسسات حكومية ومدنية في كردستان.

وفي يناير (كانون الثاني) 2010 حُكم بالإعدام على علي حسن المجيد، الملقب بـ«علي الكيماوي»، ابن عم صدام حسين، ونفذ فيه الحكم لمسؤوليته عن «مجزرة» حلبجة.

جمال مصطفى مع رئيس التحرير غسان شربل خلال المقابلة

وتفاعل مدونون في مواقع التواصل الاجتماعي مع تصريحات صهر صدام عن زعيم حزب «السيادة»، خميس الخنجر.

وقال مصطفى، إن المحققين (خلال فترة احتجازه) حاولوا تلفيق تهمة، مفادها أنه «أعطى قبل الاحتلال، خميس الخنجر، مائتين وخمسين مليون دولار، وقالوا له: إذا لم تعترف بذلك ستبقى في السجن طيلة عمرك».

وأكد صهر صدام، أن هذا «الادعاء لا أساس له من الصحة، رغم أنه كان على علاقة بالخنجر» بحكم «اهتمامه بملف العشائر».

واستعاد مدونون الجدل حول محاكمة أركان النظام السابق، في حين شكك عدد منهم في تصريحات جمال مصطفى حول تلك الحقبة.

وجمال مصطفى التكريتي، ضابط برتبة مقدم في الجيش العراقي، وعُيّن في جهاز حماية صدام، ومسؤول عن ملف شؤون القبائل والعشائر، وهو زوج «حلا»، الابنة الصغرى لصدام حسين.