«رسالة فنية» من المُهددين بالانقراض في «كوب27»

جانب من أعمال النحات المصري وليد الشربيني في مؤتمر المناخ بشرم الشيخ (الشرق الأوسط)
جانب من أعمال النحات المصري وليد الشربيني في مؤتمر المناخ بشرم الشيخ (الشرق الأوسط)
TT

«رسالة فنية» من المُهددين بالانقراض في «كوب27»

جانب من أعمال النحات المصري وليد الشربيني في مؤتمر المناخ بشرم الشيخ (الشرق الأوسط)
جانب من أعمال النحات المصري وليد الشربيني في مؤتمر المناخ بشرم الشيخ (الشرق الأوسط)

فضّل النحات المصري وليد الشربيني، أن تكون رسالته لمؤتمر المناخ «كوب27»، الذي يستضيفه منتجع شرم الشيخ، على ساحل البحر الأحمر، مجسدة بصرياً، من خلال حيوانات توشك على الانقراض، ونفايات تمثّل عبئاً على البشرية وتحدياً عظيماً.
ففي «المنطقة الخضراء (Green zone)» التي خُصصت بمحيط المركز الدولي للمؤتمرات، أطلّت حيوانات الباندا والخرتيت وآكل النمل، التي صنعها النحّات المصري، من الخامات المُعاد تدويرها، لتقدم رسالة إلى العالم عبّر عنها في حديثه إلى «الشرق الأوسط» بأنها بمثابة رسالة فنية، لما تشكله هذه النفايات من خطورة على حياة عموم البشر.

وقال الشربيني: «أسهمتُ بأربعة أعمال فقط، من بين إسهامات مهمة لباقي الفنانين، وهي تماثيل لحيوانات مُعرضة للانقراض، استخدمت فيها خامات أًعيد تدويرها»، لافتاً إلى أنه صنع الخرتيت من الحديد والصاج المستعمل، أما آكل النمل، وهو من الحيوانات المنقرضة، «فصنعته من الكرتون المستعمل بحجم بلغ سبعة أمتار».
وجسّد الشربيني حيوان الباندا من زجاجات المياه والمشروبات الغازية البلاستيكية القديمة، بالإضافة لعبوات زيوت الطعام والسيارات. أما العمل الرابع، بحسب الشربيني، فيتمثل في «الشِّباك» التي يستخدمها الصيادون «شِراكاً» لجمع الأسماك من البحار والمحيطات، وهنا نوّه النحات المصري، إلى خطورة هذه الشباك الملقاة في البحار أو المحيطات، بالنظر إلى تأثيرها في الأحياء البحرية.

وتحدث النحات المصري، عن شباك ينصبها الصيادون، أو السفن العملاقة المعنية بالصيد، ويبلغ طول الواحدة أحياناً، 3 كيلومترات، وتنصب بين مركبين لتمشيط المياه. ولفت إلى سقوط أجزاء من تلك الشباك في البحار، ما يجعلها تمثل خطورة على الكائنات الحية، ويتسبب الأمر في نفوقها سواء كانت الأسماك، أو حتى السلاحف البحرية، وبالتالي انقراضها.

وأضاف الشربيني: «نحن نستهدف بهذه الأعمال تسليط الضوء على هذه الحيوانات المعرضة للانقراض، ونجسدها بخامات أُعيد تدويرها؛ كي تكون هناك فكرتان في العمل»، لافتاً إلى أن «ضيق الوقت منعه من لفت الأنظار إلى حيوانات أخرى معرضة للانقراض». ولفت إلى أنه مفتونٌ منذ 15 عاماً بعملية تدوير الخامات، وإعادة توظيف ما انتهى عمره الافتراضي منها، وكذلك الأشياء المستخرجة من القصور والفيلات والمنازل القديمة التي تُهدم، من بينها الأبواب والشبابيك القديمة، والبلاط الملون والأسوار الحديدية، وقال: «أشتري هذه المواد وأفككها وأعيد توظيفها مجدداً في أغراض مختلفة؛ حفاظاً على البيئة من التلوث».
وسبق للشربيني، وهو خريج كلية الآثار، قسم ترميم، المشاركة في «منتدى شباب العالم» بشرم الشيخ عام 2018 بأربع قطع نحتية تُمثل الحضارات القبطية والإسلامية والعربية والبحر المتوسط، ضمن الأعمدة السبعة للشخصية المصرية، وهي الفكرة التي استند إليها منتدى شباب العالم.



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».